الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة26 أبريل 2021 21:10
للمشاركة:

صحيفة “وطن امروز” الأصولية في وصف وزير الخارجية محمد جواد ظريف بعد التصريحات المسربة له: حقير

شنّت عدد من الصحف المحسوبة على التيار الأصولي في إيران، حملة قاسية على وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بعد تصريحاته المسرّبة. ومن بين هذه الصحف، صحيفة "وطن امروز"، التي عنونت في مقال لـ"كميل نقي بور" بكلمة "حقير"، في وصفها لظريف، معتبرة أنه اتضح للجميع أن أصل طلب الأميركيين المستمر للحوار حول قوة إيران الإقليمية وقدرتها الصاروخية كان متزامناً مع دعم وطلب الفريق الإيراني التفاوضي.

قوبلت تصريحات وزير الخارجية محمد جواد ظريف الغريبة ضد فيلق القدس وقائده الشهيد الحاج قاسم سليماني بردود فعل عديدة. حيث كرّس ظريف حوالي 70 دقيقة من محادثته التي استمرت 190 دقيقة لوصف نفسه فدائي للدبلوماسية من أجل الميدان. حيث كان محور خطابه في هذا القسم التركيز على حقيقة أن الدبلوماسية كانت دائماً في خدمة المقاومة خلال وزارته، أو بتعبيره “الميدان”، ولم يكن الشهيد سليماني راضياً أبداً عن استخدام الميدان لخدمة الدبلوماسية.

إن تصريح ظريف المزعوم مشوه وغير دقيق بالطبع، وذلك لأن التجربة الموضوعية تُظهر أنه على عكس تصريحات وزير الخارجية، فإن دعم مباحثاته، وبمعنى أوسع سمعة الجمهورية الإسلامية تأثرت بعناصر قوة الجمهورية الإسلامية والتي كان أحد ركائزها القوة في الميدان والتي كانت من خلال المجاهدين وقائدهم الشهيد.

وفي غضون ذلك، يدّعي ظريف أنه وضع إنجازات أو قدرات التفاوض والدبلوماسية في خدمة “الميدان”، حيث في الأساس، يجب أن تكون قدرة الدبلوماسية في اتجاه زيادة قوة النظام. وبعبارة أخرى الدبلوماسية بالمعنى الحقيقي للكلمة، هي إحدى أدوات تقوية سلطة الحكومات. بعبارة أخرى فإن زيادة القوة الإقليمية لإيران، والتي تعني بشكل عام زيادة قوة الجمهورية الإسلامية، تؤدي لتعزيز مكانة إيران وصورتها على الصعيد الدولي ومن ثمار استقرار أو تعزيز موقع القوة الإيراني هو أن يكون لها يد عليا في المعادلات الدولية وفي النهاية تعزيز الجهاز الدبلوماسي للبلد. وفي الواقع فإن خدمات الدبلوماسية والميدان في شكلهم الصحيح والمبدئي هي في إطار عجلة حيث تؤدي فيها زيادة القوة في الميدان إلى زيادة القوة في الدبلوماسية. ويمكن للدبلوماسية أيضاً أن تزيد من قوة الجمهورية الإسلامية بالاستعانة بالقدرات في هذا المجال.

وهذا واضح لدرجة أن نائب ظريف، عباس عراقتشي، كتب في مذكرة حول الأثر الإيجابي للمقاومة على الدبلوماسية: “ليس الأمر أن التفاوض سينتج المنافع للبلد من “لا شيء”، ولكن القدرات الوطنية هي التي تنتج وتعيد إنتاج وتحمي المصالح الوطنية؛ القدرات التي قد تكون مختلفة في كل بلد. دولة لديها قوة عسكرية، ودولة أخرى لديها قوة اقتصادية، ودولة لديها قوة ثقافية أو إعلامية جيدة، وقد يكون لدولة أخرى قوة خطابية عالية. وأصول بعض البلدان هي مزاياها الطبيعية والهبات التي وهبها الله، مثل الجغرافيا الجيدة، ومداخل العبور، والموارد الجوفية وما إلى ذلك وهناك دول لديها مزيج من هذه القدرات. ومن الواضح أنه سيُظهر درجة القوة التفاوضية في تدفق المُعطى والمأخوذ. والفاعلية متناسبة مع القوة العالية، مما يقلل الممنوح ويزيد المأخوذ. وفي بعض الحالات إذا كان أحد الكيانات السياسية مدركاً الضعف المطلق لكيان سياسي آخر (أو يخلق مثل هذا التصور عنه)، فقد يتخلى عن الرغبة في التفاوض ويسعى لتحقيق أهدافه من خلال ممارسة السلطة. وإذا تم خلق فكرة أنه يمكن من خلال الحرب يمكن تحقيق المزيد من المكاسب بشكل أسهل من التفاوض، فسيحل الخيار العسكري مكان التفاوض وستحل معادلة الربح والخسارة (صفر ومائة) مكان معادلة الفوز- الفوز.”

و في جزء آخر من المذكرة، أكّد عراقتشي صراحةً أن الوضع الحالي للجهاز الدبلوماسي للبلاد مرتبط ويعتمد على جوانب القوة التي تم اكتسابها من خلال تيار المقاومة. وهو يعتبر هذا التأثير قوياً لدرجة أنه يسمي محور الدبلوماسية للبلاد بمحور المقاومة الدبلوماسية للبلاد وفي تعريف “دبلوماسية محور المقاومة” يقول: تشكل “دبلوماسية محور المقاومة” أساس السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، و “محور المقاومة” ليس سوى أحد أبعادها. حيث تستند هذه الدبلوماسية على القدرات الوطنية والمحلية، ومن أهم سماتها: القدرة الدفاعية القائمة على الصواريخ، والتواجد القوي في الخليج، وخطاب المقاومة في أطراف المنطقة، والحكمة على الساحة الدولية، والمقاومة الحكيمة أمام نظام الهيمنة؛ و ذكرى واسم القائد سليماني باقية.

وعلى الرغم من أن أدوات الدبلوماسية والعمل العسكري تتفاعل مع بعضها البعض فهما الأداتان الرئيسيتان لإدارة السلطة ويجب أن تعملا معاً لتوطيد أو تعزيز السلطة وعلى الأقل خلال السنوات الثماني الماضية كان هذا التفاعل على عكس ادعاء ظريف بأنه كان تفاعلاً أحادي الجانب من جانب الدبلوماسية، بل كان تفاعلاً أحادي الجانب في الميدان، وذلك لأنه في السنوات الأخيرة، خاصة منذ تولي حكومة روحاني السلطة وتولى ظريف وزارة الخارجية، لم تنجح الدبلوماسية أبداً في اكتساب أو تعزيز قوة الجمهورية الإسلامية، ولكن نتيجة جهاد المجاهدين وعلى رأسهم الشهيد سليماني زادت إيران من قوتها وهذه القوة عززت بالنهاية مكانة وموقع الجهاز الدبلوماسي للبلاد في التفاعلات الدولية، ومع ذلك وبسبب النهج الخاطئ لظريف وروحاني، كانت دبلوماسية الحكومتين الحادية عشرة والثانية عشرة مكلفة وغير فعالة وصاخبة. وكانت النتيجة الملموسة لجهاز دبلوماسية روحاني هي الاتفاق النووي؛ وهو اتفاق قضى على عناصر القوة في المجال النووي، وبحسب الحاكم السابق للمصرف المركزي، لم يجلب “أي شيء تقريباً” لإيران.

و في المقابلة المُسربة، يستشهد ظريف بمحادثاته ولافروف حول بعض القضايا الإقليمية، بما في ذلك المسألة الروسية، كمثال على استخدام الدبلوماسية في الميدان، لكن ظريف كرئيس للجهاز الدبلوماسي لم ينجح في استخدام قدرات هذا المجال في خدمة تعزيز القوة الإقليمية لإيران وحتى في مجال الدبلوماسية، فقد حمل الحاج قاسم سليماني على أكتافه تقاعس وكسل وزارة الخارجية، ومن الأمثلة الواضحة على ذلك زيارة الشهيد سليماني لموسكو ولقائه ببوتين من أجل الاستفادة من القدرات العسكرية لهذا البلاد ضد التيار التكفيري. في الواقع دخل الحاج قاسم سليماني إلى الساحة عندما رأى أن الجهاز الدبلوماسي غير قادر على تحقيق الأهداف الضرورية للمصلحة الوطنية، وكان ناجحاً في هذا المجال أيضاً.

على الرغم من أن ظريف لم يستطع استخدام القدرة الدبلوماسية لخدمة الميدان، ولكنه استخدم قدرة الميدان لتعزيز صورته ومشروعه التفاوضي على أكمل وجه. وبعد تصريحات ظريف، اتضح للجميع أن أصل طلب الأميركيين المستمر وغير المتغير للحوار حول قوة إيران الإقليمية وقدرتها الصاروخية كان متزامناً مع دعم وطلب الفريق الإيراني التفاوضي.

لكن ليس فقط تسخير قدرة الميدان في خدمة الدبلوماسية، بل أيضاً استهداف رجل الميدان واستشهاده على يد الإرهابيين الأميركيين كان نتيجة السياسات السلبية لحكومة روحاني.

روحاني، الذي انتهج منذ البداية سياسة التسامح مع الغرب، وبالتالي كلف محمد جواد ظريف بوزارة الخارجية، واستبعد أي عمل قد يراه الغرب على أنه خلق للتوتر من جانب إيران.

نتيجة لهذه السياسة السلبية، لم تلب حكومة روحاني ووزير خارجيتها حتى أدنى التوقعات من نتيجة دبلوماسيتهما مع الدول الغربية. ومن الأمثلة الواضحة على ذلك الاتفاق النووي والذي نتيجة لتنفيذ هذه الاتفاقية، أوفت حكومة روحاني بالتزاماتها من عام 2015 وحتى الأشهر القليلة الماضية، ولكنها لم تكن مستعدة لتقليص التزاماتها أمام خيانة الطرف المقابل أو إجبار الطرف المقابل على الوفاء بالتزاماته.

في الواقع، كانت الصورة التي رسمها حسن روحاني ومحمد جواد ظريف عن الحكومة الإيرانية هي صورة حكومة سلبية ليست لديها القدرة أو الإرادة للرد أو إلحاق تكاليف بالطرف الآخر، وهذه السياسة السلبية تسببت في ضربات أمنية كبيرة لإيران خلال العامين الماضيين.

حيث أن أكبر ضربة وجهها العدو لإيران في هذه الفترة كانت اغتيال الشهيد الحاج قاسم سليماني؛ قائد محور المقاومة الذي جعل إيران خلال 20 عاماً من السعي والجهاد قوة رئيسية في المنطقة. وإدارة وقيادة القائد سليماني في ساحة الجهاد والسياسة كانت بطريقة بحيث أُطلق عليه رجل الشرق الأوسط، ولكن قادة البيت الأبيض، وبناءً على حساباتهم للسلوك السلبي لحكومة روحاني في تفادي التوتر، وضعوا اغتيال الحاج قاسم سليماني على جدول الأعمال ، الذي استشهد في الثالث من كانون الثاني (يناير) 2020 عندما القائد سليماني إلى العراق في مهمة.

بعبارة أخرى، لم تفشل الحكومة السلبية والجهاز الدبلوماسي غير الفعال لهذه الحكومة خلال سنواتها الثماني في لعب دورها في تعزيز سلطة الجمهورية الإسلامية فحسب، ولكن مع سياسة الاسترضاء والتسامح سمحت للعدو في ضرب عناصر قوة الجمهورية الاسلامية والقضاء عليها بما في ذلك قائد ميدان المقاومة، ولذا لم يقضوا فقط القدرات الميدانية فحسب، ولكن أيضاً على قائد الميدان فيما اعتبروه فرصة للدبلوماسية.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “وطن امروز” الأصولية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: