الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة25 أبريل 2021 23:57
للمشاركة:

صحيفة “كيهان” الأصولية – لا تنفقوا المصالح الوطنية في فيينا على الحملات الانتخابية

تناولت صحيفة "كيهان" الأصولية، في تقرير لها، علاقة المفاوضات في فيينا بالانتخابات الرئاسية. حيث رأت الصحيفة أن إصرار الحكومة الغريب على التوصل إلى اتفاق قبل الانتخابات الرئاسية المُقبلة يّظهر أن هذه العملية لا تساعد في رفع العقوبات بل على العكس تؤدي لاستمرارها.

بعد حوالي ثماني سنوات من تعليق جميع قدرات الدولة ومنشآتها إثر مفاوضات الاتفاق النووي الفاشلة التي وبعد التحذيرات والتوصيات المتكررة من القائد الأعلى للثورة بأن “مفتاح حل المشاكل الاقتصادية ليس في نيويورك ولوزان وجنيف وكلمة سر العقوبات والتهديدات تكمن في الالتفات للداخل والاعتماد على الشباب وإزالة العقبات أمام الانتاج وإلى ما هنالك”. ولكن للأسف ما زلنا هذه الأيام نشهد أن حكومة الحكمة والأمل في الأيام الأخيرة لها لم تفقد الأمل في الغربيين المخادعين وناكثي العهود، وهذه المرة يسعون في سراب مفاوضات فيينا خلف مفتاح حل المشاكل الاقتصادية.

حيث أن النقطة التي يجب مراعاتها في هذا الصدد هي تحسس النهج الانتخابي للحكومة في الجولة الجديدة من مفاوضات اللجنة المشتركة للاتفاق النووي ويأتي هذا كذلك في هذه اللحظة الحاسمة والحساسة في البلاد، وعلاوة على ذلك فلهذا التيار باع طويل في استغلال المحافل السياسة الخارجية من أجل المصالح الحزبية والفئوية وبالنظر إلى تجربة الاتفاق النووي وإصرار الحكومة على اتباع مسار مماثل لخطة العمل المشتركة الشاملة في الأيام المقبلة، يبدو أن الحكومة قررت تحقيق أقصى استفادة من المحافل السياسة الخارجية من أجل الانتخابات الرئاسية في أقل من ثلاثة أشهر قبل بدايتها.

وعلى ما يبدو، تتوق الحكومة والإعلام السياسي الذي يدعمها للتفاوض لتحقيق إنجاز عبر طريق خاطئ، حتى وإن كان بتعليق جزئي وانتقائي للعقوبات ومرة أخرى بخداع الرأي العام وبيع الوعود للشعب، فإنهم سيعدون المجال لانتصار المرشح الموالي للغرب في الانتخابات المقبلة.

وعلى الرغم من أن الحكوميين حاولوا في الأيام الأخيرة من مختلف المحافل نفي النهج الانتخابي لمحادثات فيينا، متهمين النقاد بوجود نية انتخابية لانتقاد هذا النهج الحكومي الخطير والمضر، ولكن التعبير عن هذه المواقف هو في حد ذاته اعتراف غير مقصود من قبل الحكومة بالطبيعة الانتخابية لمحادثات فيينا.

على سبيل المثال، في نهاية اجتماع مجلس الوزراء الأخير، اعتبر روحاني “أن وضع العصي بالدواليب في مسألة رفع العقوبات متعلق بالانتخابات الرئاسية وهو خيانة”. وقد قال: “في حال قام فرد أو جماعة برمي الحجارة في طريق رفع العقوبات لأي سبب والسبب اليوم هو الانتخابات المُقبلة فإن هذا العمل هو خيانة كبيرة للتاريخ والأمة الإيرانية”.

وقال روحاني في بيان غير مسبوق، إن وضع العراقيل أمام رفع العقوبات “خيانة كبيرة لتاريخ إيران وشعبها، وسيظل وصمة عار أبدية لذلك الفصيل والشخص”، ولكنه في إشارة إلى الأفراد والفصائل التي تمنع رفع العقوبات لم يعتبرهم “أقلية”.

وكذلك قبل يومين قال وزير الخارجية محمد جواد ظريف إن حكومة جو بايدن يجب أن تتحرك بسرعة من أجل إحياء الاتفاق النووي، وإلا فلن يكون هناك تغيير حتى أواخر العام المقبل مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المُقبلة.

وقال روحاني في اجتماع لمجلس الوزراء في السابع من أبريل نيسان في بيان من أجل تبييض وجح حكومة بايدن دون الإشارة إلى السلوك الأميركي الذي استنتج منه ذلك: “الولايات المتحدة مستعدة اليوم للجلوس ومناقشة تنفيذ الاتفاق النووي والعودة إلى التزاماتها. والعودة إلى الالتزام معناه التوبة. وأميركا أتت من أجل التوبة وقالت أريد أن أتوب وتقول “أريد أن أعود إلى الاتفاق النووي”.

من ناحية أخرى فإن الدلالة الواضحة على نهج الحكومة الانتخابي في مسألة المفاوضات النووية هي إلحاح فريق ظريف لإجراء محادثات غير مباشرة مع الولايات المتحدة في فيينا.

وكان روحاني قد ادعى في 31 آذار/مارس، من أجل تمهيد الطريق للتطورات القادمة: “يجب أن نصبح أكثر نشاطًاً. ويجب أن نسعى للتفاوض ورفع العقوبات بشكل يومي. والآن لا أحد يتهمنا بأننا في عجلة من أمرنا. وفي اليوم التاسع عشر من شباط/فبراير، في حال ذهبنا، فكان من الممكن أن يقولوا لماذا العجلة؟ ولو ذهبنا بعد عشرة ايام، فكان من الممكن أن يقولوا أسرع؟ وقد انتهى التسرع في شباط/فبراير. ولا أحد يستطيع أن يقول أنه بعد شهر من الاندفاع، فقد أصبحت فرصة ضائعة. ومن نيسان/أبريل فصاعداً، فهي فرص ضائعة”.

وإذا لم يكن نهج الحكوميين في المفاوضات النووية انتخابياً ومتسرعاً، لكان بإمكانهم الانتظار حتى تتنازل حكومة بايدن وترفع العقوبات، ومن ثم تشرع في التفاوض. حيث إن التسرع في المفاوضات من قبل روحاني وظريف أمر له تاريخ.

في 10 نيسان \ أبريل، قال عباس عراقتشي، رئيس فريق التفاوض الإيراني في محادثات فيينا في مقابلة مع Press TV: “أعتقد أن جميع أعضاء الاتفاق النووي لديهم هذا الفهم والذي هو أنه يجب أن نتوصل إلى نتيجة قبل أن نصل لموقف صعب. طبعاً الانتخابات في إيران ستزيد من هذه الصعوبة!”.

وكذلك في 14 نيسان/أبريل، انتقد الرئيس أولئك الذين يتحدثون بأن العودة إلى الاتفاقية يجب أن تتم بكامل صلاحيتها وبعيداً عن الاندفاع الذي كان في الاتفاق النووي والذي تسبب في فشلها، حيث قال: “لماذا تخافون من فيينا؟ لماذا أنتم قلقون من رفع العقوبات قبل الانتخابات”.

من ناحية أخرى وفي نفس وقت محادثات فيينا، قامت بعض وسائل الإعلام التي تدعي الإصلاح في خطوة غير مسبوقة بعناوين مثل “انخفاض أسعار العملات مع تقدم محادثات فيينا”، “العملات على وشك هبوط حاد”، وما إلى ذلك حيث وضعوا مرة أخرى لعبة وسائل الإعلام على جدول أعمالهم من أجل التلميح للرأي العام أن مسار الانفتاح الاقتصادي للبلاد يمر هذه المرة عبر محادثات فيينا.

وفي وقت سابق من آب/أغسطس 2016، عندما كانت العقوبات سارية وكان ترامب يتحدث فقط عن التفاوض مع إيران، انخفض سعر الدولار في السوق، وقامت وسائل الإعلام المتسلسلة في ذلك الوقت بتغطية القضية والتطبيل لها.

والنقطة الملفتة للانتباه هي أن أجواء السلسلة الإعلامية تأتي في حين أن الجانب الأمريكي صرّح بشكل واضح أنه لن يرفع العقوبات المفروضة على إيران. وعليه فإن هذا العمل يضر بمدّعي الإصلاح وليس سوى ربط للاقتصاد واللعب بمعيشة الناس.

والمثير للدهشة أن روحاني لم يتعلم من التجربة المريرة للثقة بالأميركيين على مدى السنوات الثماني الماضية. حيث أخبر وزير الخارجية الأميركية المراسلين مؤخراً أن جزءاً فقط من العقوبات المفروضة على إيران مدرج على جدول أعمال المفاوضات وأن رفع العقوبات المفروضة في عهد ترامب هي عملية معقدة. كما وقال إن العقوبات المتعلقة بأنشطة إيران الصاروخية وحقوق الإنسان لا يمكن رفعها إطلاقاً!

في غضون ذلك تشير التقارير من فيينا إلى أن قضية “رفع” العقوبات ما زالت غير مطروحة على جدول أعمال المفاوضات، وكان الحديث فقط حول “تعليق” جزء من العقوبات خلال فترة تتراوح بين 90 وحتى 120 يوماً.

على أي حال فإن الإصرار الغريب لروحاني والفريق المفاوض على التوصل إلى اتفاق قبل الانتخابات المُقبلة، من خلال الأخبار التي تم نشرها، يدل على أن هذه العملية لا تساعد فقط في رفع العقوبات، بل تشكل أيضاً عقبة رئيسية، وتؤدي لاستمرار العقوبات، وضياع الوقت والفرصة، وتوقف التقدم الإيراني في المجال النووي وربما يتم منح المزيد من التنازلات للغرب.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “كيهان” الأصولية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: