الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة17 أبريل 2021 22:16
للمشاركة:

صحيفة “جهان صنعت” الاقتصادية – التفاهم الجديد في فيينا

ناقشت صحيفة "جهان صنعت" الاقتصادية، في مقابلة مع الخبير في الشأن الدولي مهدي مطهرنيا، المباحثات الجارية في فيينا بين إيران ومجموعة الـ4+1. حيث رأى مطهرنيا أن الأميركيين مروا بأزمة في تطبيق المفاهيم الإيرانية، والآن وبناء على هذه الأزمة، فإنهم يفكرون في العودة إلى الاتفاق النووي ضمن إطار تعريف غامض في أدبياتهم السياسية في ظل إدارة بايدن.

في أعقاب الهجوم الإرهابي النووي الإسرائيلي على موقع نطنز والتخريب الذي أسدل بظلاله على محادثات فيينا، لا تزال اجتماعات اللجنة المشتركة لإحياء الاتفاق النووي وإعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاق تعقد بحضور أعضاء مجموعة 4 + 1 وممثلي إيران والولايات المتحدة. ومع ذلك، فقد أثار هذا الإجراء رد فعل صانعي القرار في البلاد ودفع الجمهورية الإسلامية لرفع نسبة تخصيب اليورانيوم لـ60٪؛ حيث نُظر إلى قرار جو بايدن على أنه مخالف للاتفاق النووي، ولكن في جزء آخر من خطابه أعرب عن ارتياحه لانضمام إيران إلى المحادثات النووية غير المباشرة. وبالتالي، تشير بعض التحليلات إلى أن بايدن مستعد لمنح تنازلات لإيران كخاتمة لمحادثات فيينا.

وفي تقرير لقناة CNN أمس عن مؤتمر صحفي مشترك لجو بايدن مع رئيس الوزراء الياباني في البيت الأبيض، زعمت القناة أن بايدن يعتبر تخصيب إيران لليورانيوم بنسبة 60% يخالف الاتفاق الاتفاق النووي وأنه لا يساعد في محادثات فيينا. وقال في الوقت نفسه: “ومع ذلك، يسعدنا أن إيران استمرت في التفاوض معنا بشكل غير مباشر والتحدث مع شركائنا حول كيفية المضي قدماً وما هو مطلوب لعودتنا إلى الاتفاق (النووي). لذلك نحن جزء من هذا الاتفاق مرة أخرى.” ورغم أن إسرائيل والسعودية والإمارات في الشرق الأوسط وبعض الجمهوريين والديمقراطيين داخل الولايات المتحدة يعارضون تنازل إدارة بايدن لإيران كاختمة لمحادثات فيينا وإحياء للاتفاق النووي ولكن يبدو أن لبايدن وجهة نظر مختلفة، وقد أظهر هذا الخلاف من خلال انتقاده لإسرائيل بعد التخريب الذي طال منشأة نطنز النووية.

وأفادت وسائل الإعلام الصهيونية أن حكومة بايدن غير راضية عن الإجراء التخريبي الذي قامت به إسرائيلي وطال منشأة نطنز ودعت في الأيام الأخيرة مسؤولي الكيان إلى الامتناع عن التعليق فيما يخص إيران. ووفقاً لصحيفة جيروزاليم بوست، ذكرت إحدى قنوات التلفزة الإسرائيلية يوم الجمعة أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن طلبت مراراً وتكراراً من المسؤولين الإسرائيليين التوقف عن التعليق فيما يخص إيران في الأيام الأخيرة، وذلك لأن هذه الأمور أعاقت المحادثات بين طهران وواشنطن بشأن الصفقة النووية الجديدة المحتملة.

ويمضي التقرير ليقول إن حكومة بايدن غير راضية عن التخريب الأخير الذي قام به الكيان الإسرائيلي على منشأة نطنز النووية ووصف تصريحات المسؤولين الإسرائيليين حول الهجوم بأنها “خطيرة” و “مخزية”. وكما ذكرت القناة 12 التليفزيونية الصهيونية أن الولايات المتحدة أرسلت الرسالة هذه عدّة مرات. ووفقاً لصحيفة أورشاليم بوست يبدو أن المسؤولين الإسرائيليين قلقون بشأن رد الفعل هذا ويدركون أن الوضع قد يضغط على الولايات المتحدة. ولهذه الغاية، من المقرر أن يجتمع مجلس الوزراء الأمني للكيان الصهيوني اليوم لأول مرة منذ شهرين لمناقشة القضايا الأخيرة المتعلقة بإيران.

بالطبع، بصرف النظر عن موقف بايدن من الإجراء الصهيوني في نطنز، وكذلك اعتبار أن إيران تخالف الاتفاق النووي من خلال زيادة نسبة تخصيب اليورانيوم لـ60%، فقد وصفت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين بساكي أن زيادة تخصيب اليورانيوم بنسبة 60% في إيران بأنه استفزازي وقالت إنه أمر مثير للقلق الشديد بالنسبة لحكومة الولايات المتحدة.

ولكن النقطة التي يبدو أن المسؤولين الأميركيين قد تغاضوا عن أهميتها، هي تصريحات القائد الأعلى بشأن محادثات فيينا، بالإضافة إلى التأكيد على موقف الجمهورية الإسلامية السابق القائم على وجوب رفع الولايات المتحدة لجميع العقوبات والتحقق من ذلك من قبل إيران ومن ثم العودة إلى التزاماتها بالاتفاق النووي، وقد ذكّر المفاوضين الداخليين بالحرص بأن لا تصبح عملية التفاوض “متآكلة. لذلك، على الأميركيين أن يعلموا أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لا تمزح مع أحد حول حقوقها ومبادئها، ووفقاً للمرشد الأعلى فإن هذه المفاوضات، هي لإظهار الصواب والخطأ. لذلك فإن زيادة تخصيب اليورانيوم بنسبة 60٪ بعد العملية الإرهابية الإسرائيلية ليس سوى رد صغير على الاستفزازات الإسرائيلية.

من هذا المنطلق، حذّرت بعض وسائل الإعلام الأميركية، بما في ذلك نيويورك تايمز، في تقرير عن المحادثات الخاصة بعودة واشنطن إلى الاتفاق النووي، من فشل الدبلوماسية وقالت: “يجب على الولايات المتحدة أن تقرر في أسرع وقت ممكن بشأن رفع العقوبات وتقديم خارطة طريق ذات مصداقية لإحياء الاتفاق النووي مع إيران.”

لذلك يبدو أن بايدن يدرك أهمية القضية ويسعى للعودة إلى الاتفاق النووي. ولهذا السبب، كلف روبرت مالي المندوب الأميركي الخاص في الشأن الإيراني بوضع خارطة طريق لتحقيق معادلة مقبولة للطرفين بطريقة ترضي إيران ولا تعرض حكومة بايدن للنقد الداخلي والمعارضين الأمريكيين للاتفاق النووي.

وبالطبع، لا ينبغي أن ننسى أن بايدن الذي يعتبر وفقاً للخبراء تركيبة من أوباما وترامب، ولديه رغبة في العودة للاتفاق النووي الذي هو مفتاح لاتفاق نووي مُحدّث للتفاوض بشأن ملف الصواريخ وحقوق الإنسان والقضايا الإقليمية وكذلك الحفاظ على كل أنواع عقوبات ترامب لكسب التنزلات من إيران.

ولكنه في الوقت نفسه يخشى أن تقترب إيران من الصين وروسيا، وليس من المستبعد أن يقدم تنازلات لإيران من أجل إحياء الاتفاق النووي واستئناف المحادثات. حيث أثارت هذه القضية معارضة شديدة من إسرائيل والسعودية والمعارضين في الداخل الأمريكي للاتفاق النووي.

في هذا السياق، أوضح الخبير في الشأن الدولي مهدي مطهرنيا، أن “ما يجب ملاحظته في محادثات فيينا بشأن إيران والولايات المتحدة هو أن الولايات المتحدة تعيد تأكيد موقفها من تحقيق أهدافها المحددة في المفاوضات وكما تسعى إيران أيضاً إلى خلق مناخ يمكنها من خلاله تحقيق أهدافها في هذا الصدد. ولكنهم يواجهون أزمة وغموض بهذا الصدد، وتعريف كل منهما للعودة إلى الاتفاق النووي مختلف عن الآخر”.

وتابع خبير الشؤون الدولية: “لذلك، فإن العودة إلى الاتفاق النووي، في التعريف العملياتي الأميركي، هو العودة إلى مجموعة 5 + 1 من أجل إعادة النظر في هدف الاتفاق النووي المتمثل في الدخول باتفاق نووي مُحدّث، وكما تسعى إيران وراء معانيها الخاصة في هذا الصدد.”

وأضاف مطهر نيا: “الأميركيون مروا بأزمة في تطبيق المفاهيم الإيرانية، والآن وبناء على هذه الأزمة، فإنهم يفكرون في العودة إلى الاتفاق النووي ضمن إطار تعريف غامض في أدبياتهم السياسية في ظل إدارة بايدن”.

وقال محلل الشؤون الدولية موضحاً أنه في إيران، صانع القرار النهائي بشأن الاتفاق النووي هو القائد الأعلى، مضيفاً “في خطاب القائد الأعلى الأخير بهذا الصدد، اعتبر أن العلامة المركزية للتفاوض هي الصواب والخطأ، وذكر في المفاوضات أنه يجب فصل الحق عن الخطأ. لذلك، وبالنظر لهذا، فإن الولايات المتحدة تسعى إلى خلق جو يمكن أن يشكل مفاوضات جديدة مع إيران في التعريف الأمريكي للتفاوض. وتبحث إيران أيضاً عن مساحة تمكنها من الحصول على تنازلات لتستفيد منها.”

وقال هذا الأستاذ الجامعي: “الانسحاب من البروتوكولات الإضافية، والاقتراب من بكين، وزيادة تخصيب اليورانيوم، والحديث عن تمديد الاتفاقية الاستراتيجية مع روسيا، ومحاولة كسر الحصار الدبلوماسي على إيران، والاقتراب من دول أخرى رغم الضغوط الأمريكية في الوضع الراهن، وكذلك تجنب المواجهة يظهر أن إيران، ضمن سلة امتيازاتها في المفاوضات غير المباشرة مع الولايات المتحدة في فيينا، تسعى إلى خلق بيئة يمكن أن تغير بها نموذج لا للحرب ولا للمفاوضات، وقد نجحت إلى حد ما”.

ورداً على احتمال تقديم تنازلات أمريكية لإيران ، قال مطهر نيا: “على الرغم من بدء المحادثات غير المباشرة في فيينا، فإن ما يسمى بتنازلات أمريكية لإيران لم تظهر علاماته بعد، والتحرك الوحيد من قبل الأمريكيين هو سحب آلية فض النزاع من مجلس الأمن الدولي وزيادة الحضور الدبلوماسي الإيراني في الأمم المتحدة. ولكن من الناحية العملية، لم يتم رفع أي عقوبات، ولا توجد مؤشرات إيجابية سوى عودة الولايات المتحدة إلى مجموعة 5 + 1 والوجود غير المباشر للدبلوماسيين الأمريكيين في هذا المجال”. وشدد على أن: “روبرت مالي وجيك سوليفان مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض صرحوا، مراراً وتكراراً بأن الولايات المتحدة ستجلس مرة أخرى إلى طاولة المفاوضات مع إيران لإحياء الاتفاق النووي عندما تعود إيران إلى التزاماتها بالاتفاق النووي، ولكن في الوقت ذاته، كان هنالك حديث حول طرح ملفات أخرى في المفاوضات المحتملة، والتي هي خطوة نحو بدء الاتفاق النووي المُحدّث”.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “جهان صنعت” الاقتصادية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: