الجادّة: طريقٌ في اتجاهين

القصة القصيرة: رفيق لصادق تشوبك

للمشاركة:

جاده ايران- ترجمة/ ديانا محمود

صادق تشوبك ( ١٩١٦ _١٩٩٨ م) من رواد القصة القصیرة فی إیران، حصلت أعماله الأولى على شهرة مميزة جداً، نقل عبر قصصه ورواياته جوانب من الجنوب الإيراني ومدينته “بوشهر”، وانتقد تشوبك العادات والتقاليد البالية وسطوة رجال الدين على المجتمع مما أدى إلى منع العديد من كتبه حتى في أيام الشاه البهلوي، عمل على دراسات آداب إيران وقدم مؤلفات بحثية خلال عمله الأكاديمي في جامعات غربية، لازالت بعض آثار تشوبك ممنوعة من النشر إلا إن قلمه احتل مكانة خاصة في المكتبة الإيرانية المعاصرة عبر القصة القصيرة والرواية.

رفيق

عند مغيب الشمس هبط الذئبان من شدة الجوع والبرد من أعلى الجبل نحو السهل حيث غطى الجليد القاسي كل المكان، ذرات العاصفة الثلجية تتضارب فيما بينها، كل شيء اندثر تحت الثلج العالي والمنخفض، لا أحد سوى هذين الذئبين الضعفين المشردين في البراري يبحثان عن شيء يقتاتان به، يضعان رأسهما في الثلج علهما يجدان شيئاً يمكن أكله، يخرج الذئب رأسه ليمضغ شيئا بين فكيه.
على الطريق تبدو بقايا رأس غزال قديمة تحت الثلج حولها بقع سوداء وقطع من عظام الرأس والأرجل والقفص الصدري مغروسة في الثلج، لم يكن يعرف الذئبان إلى أين يتجهان، برد العاصفة والجوع أجبرهما على المسير دون وجهة، ضباب العاصفة اغلق الطريق لكن جوعهم كان أقوى فقد خوت أمعائهم من كل شيء وعظامهم بدأت ترتجف من البرد، تارة يلتصقان ببعضهما وتارة يختبئان في حفرة من شدة الرياح ثم يكملان طريقهما لكن دون جدوى فلا نهاية تلوح في الأفق.
مضى الذئبان معاً حتى وصلا إلى جذع شجرة سرو جذورها خرجت من الأرض وجذعها محروق يصدح بأغصان خالية نحو السماء، علقت قدم أحدهما في الثلج وبدأ جسده يهتز من الصقيع وعظامه ترتجف أكثر وأكثر حتى علق في مكانه عاجزاً عن الحراك.
أسرع رفيقه نحوه طامعاً، تجول حوله بحث هنا وهناك ولم يجد سوى التعجب في عيون رفيقه.
ظهرت على الذئب الحائر علامات الخوف وارتجف في مكانه واستجمع كل طاقته ليفتح عيونه الهزيلة المتعبة فرأى رفيقه يتربص به دون أن يقدم على مساعدته، فجأة غاب عن الوعي أمام عيون رفيقه وتكورت قدماه وسقط.
ذلك الذي على قدميه كان مملوءاً بالشر والطمع يحدق بوجهٍ كانت تظهر عليه ملامح الحزن سابقاً ولكنه الآن مرمي على الأرض تغطي عينيه ندف الثلج، متعطشاً للدماء يقف الرفيق ، متأملاً، يعوي من الجوع.
ذاك المرمي على الأرض حاول ما استطاع ليرفع ظهره قليلاً دون جدوى، غطى جسده المرتجف الثلج الابيض وغرق تحته أكثر، فاتحاً عينيه وفمه للموت.
ذلك الذي على قدميه، فتح فمه الفارغ لتظهر لثته الزرقاء وأضراسه المسنونة ثم غرسها في عنق رفيقه ليمتص دماءه المتجمدة من عروقه ويغير لون الجليد المتفسخ لأحمر دموي نَضر.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: