الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة14 أبريل 2021 16:13
للمشاركة:

هل تنجح إسرائيل في التأثير على مسار المفاوضات النووية؟

ما زالت إسرائيل تسعى لبذل كافة الجهود لتعطيل مسار التفاوض النووي مع إيران، تتكاثف هذه الجهود في ضربات معاكسة لمسار فيينا الذي بُدء بين إيران والترويكا الأوروبية والصين وروسيا من جهة، وأميركا من جهة ثانية، لبحث أزمة الملف النووي الإيراني.

لكن تختلف هذه الاستهدافات عن سابقتها في سياق متباين عن التوتر التقليدي في الصراع الإسرائيلي – الإيراني، خاصة وأنها في جبهة جديدة للحرب الخفية فيما بينهم وهو المجال البحري، وفي سياقها الزمني مع بدء المفاوضات النووية في فيينا.

وفي ضوء تصاعد التوتر المتبادل بين الطرفين أعلنت وسائل إعلام إسرائيل الثلاثاء عن استهداف سفينة شحن إسرائيلية في ميناء الفجيرة قبالة سواحل الإمارات، وبحسب قناة “كان” العامة الإسرائيلية التي نشرت تفاصيل الهجوم فهو جرى بواسطة صاروخ من سفينة أو طائرة بدون طيار. كما اعتبر محللون إسرائيليون أن الهجوم يأتي في إطار الرد الإيراني على حادثة تفجير مفاعل نطنز النووي، واستهداف سفينة “ساويز” الإيرانية في البحر الأحمر.

لكن الرد الايراني لم يقف عند هذا الحد، بل جاء بالتوازي مع إعلان طهران رفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 60%، وتزويد مفاعل نطنز بألف جهاز طرد مركزي واستبدال الأجهزة المتضررة جراء الهجوم على المنشأة قبل أيام، وقد أوضحت إيران ذلك في رسالة أرسلتها لوكالة الطاقة الذرية عبر مساعد وزير الخارجية عباس عراقتشي.

تأتي خطوة زيادة تخصيب اليورانيوم في إطار قانون” رفع العقوبات وصيانة المصالح الوطنية” الذي أصدره مجلس الشورى الإيراني، حيث كان التخصيب ورقة ضغط قوية لدى إيران في إطار خفض التزاماتها بالاتفاق النووي على حد تعبير الباحثة في مركز الجزيرة للدراسات فاطمة صمادي في تغريدة لها عبر توتير.
واعتبرت صمادي أن إيران اليوم ترسل رسائل عكسية لإسرائيل، خاصة وأن التحليلات الإسرائيلية الأمنية كانت تقول إن الهجوم على نطنز ألحق أضرارًا جسيمة جردت إيران من أوراق المساومة في مفاوضاتها مع الولايات المتحدة الأميركية.

https://twitter.com/AlsmadiFatima/status/1382035273769488389?s=19

بدوره قال حسن احمديان أستاذ دراسات الشرق الأوسط في جامعة طهران في حديث له مع “جاده إيران” إنه على الرغم من علم إيران بالنوايا الاسرائيلية، إلا أنها تسعى لتوظيف تلك الحوادث في سياق الضغط على الجانب الأميركي وزيادة أوراقها التفاوضية على الطاولة، موضحا أن “المسارين النووي والإقليمي لا يجتمعان بالنسبة إلى إيران، بينما ترغب إسرائيل في الجمع بينهما لذلك سيكون الرد الإيراني ضمن التقليد الاستراتيجي الإيراني المبني على عدم ترك المعتدي دون معاقبته بصورة رادعة.” وذكّر أحمديان أن أمورا مشابهة وقعت في السابق وتكررت طريقة التعامل الإيرانية والتي تهدف “لتفويت الفرصة على اسرائيل في تأزيم المواقف مع الأطراف في المفاوضات النووية وجر الملفات الإقليمية إلى المفاوضات النووية، خاصة وأن الصراع اليوم يأخذ طابعاً أمنياً ولا تريد طهران إخراجه من هذا المستوى في الوقت الحالي” يختم احمديان.

وكانت وكالة تسنيم الإيرانية قد نشرت ٤ شروط قالت إن طهران حددتها خلال جولة المفاوضات المقررة الخميس 15 نيسان/ أبريل 2021 في فيينا تتضمن الرفع الكامل لجميع العقوبات سواء العقوبات التي وضعت في عهد ترامب أو في عهد أوباما، وانتفاء كامل لأي خطة (خطوة مقابل خطوة) كما ويتعين على أميركا تنفيذ كافة تعهداتها، و التأكيد على أن مفاوضات فيينا يجب أن تصل لنتيجة خلال فترة قصيرة وإما تتوقف، إلى جانب ضرورة تحقق إيران من رفع العقوبات بواقعية وبدون تعجل.

وغرّد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف مؤكدا على هذا المبدأ مشيرا إلى أن الإدارة الأميركية أمامها خيار من إثنين، إما العودة للاتفاق النووي الذي أقر في إدارة الرئيس السابق باراك أوباما ونائبه حينها، الرئيس الحالي جو بايدن، وإما تبني مسار الضغوط القصوى الذي انتهجه الرئيس السابق دونالد ترامب. ظريف ختم بالقول “لا بدائل، الوقت ضيق.”

ويبدو أن الإدارة الأميركية الحالية لديها مقاربة مختلفة عن المقاربة الإسرائيلية الرافضة لأي اتفاق نووي مع طهران خارج الشروط الاسرائيلية، لذلك تبذل اسرائيل جهداً كبيراً في هذا الاطار، خاصة بعد زيارة وزير الدفاع الأميركي لويد اوستين والذي كان أرفع مسؤول أميركي يزور اسرائيل منذ دخول بايدن البيت الأبيض، لبحث الملف الإيراني.

في هذا الجانب، يقول سعيد بشارات الكاتب والمختص في الشأن الاسرائيلي ل “جاده إيران” إن اسرائيل الآن تجري حساباتها بدقة تجاه الهجمات البحرية مع إيران في ظل مساعيها لتأمين سفنها في المياه، خاصة وأن إيران أصبحت الآن في وضع مريح يسمح لها أن تضرب في أماكن معينة، دون الانجرار لمواجهة عسكرية كبيرة.

وتابع بشارات أن اسرائيل ستستمر في تبني استراتيجية “المعركة بين الحروب” خلال هذه الفترة في ظل الأزمة السياسية التي تعانيها في تشكيل الحكومة القادمة، وعدم وجود إدارة أميركية تدعم أي تحرك كبير ضد إيران، معتبرا أن إيران تريد أن تظهر بشكل قوي أمام الإدارة الأميركية في سعيها للانتقام من قرارات إدارة ترامب وذلك لدفعها لرفع العقوبات بدون شروط وتطوير برنامجها الصاروخي ورفع نسب تخصيب اليورانيوم، وهذا ما ترفضه إسرائيل تماماً، ما يجعل إيجاد قاسم مشترك بين جميع الأطراف صعب في الوقت الحالي.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: