الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة18 مارس 2021 08:13
للمشاركة:

صحيفة “وطن امروز” الأصولية – قرار العام الجديد بيد الشعب

ناقشت صحيفة "وطن امروز" الأصولية، في مقال لـ"يونس مولائي"، إنجازات الحكومة خلال العام الإيراني الذي يشارف على الانتهاء (20 آذار/ مارس 2021)، والتوقعات في العام المقبل مع اقتراب الانتخابات الرئاسية. حيث رأى الكاتب أن الاستراتيجية الأهم للقوى الثورية في العام المقبل يجب أن تتمثل في جعل نفسها أيقونة للمطالب الحقيقية للشعب الذي يشعر العديد منهم بالإحباط.

العام  الحالي (ينتهي في 20 آذار/مارس) بكل أحداثه الفريدة يقترب أخيرًا من نهايته. عام أدى تراكم المشاكل الاقتصادية وعدم الكفاءة الإدارية فيه إلى الضغط على الناس، ومن ناحية أخرى تسبب أحد الأحزاب في البلاد في مضاعفة الضغوط عليها. في غضون ذلك، ومع كل المرارة والمصاعب التي مررنا بها هذا العام فإن أعين الجميع ثابتة على العام المقبل وعملية التغيير المحتملة فيه والتغييرات التي كان المجتمع الإيراني مهتمًا بها للغاية ويعتمد عليها لفترة طويلة. فمن المؤكد أن تشكيل رواية واحدة وخلق توافق في الآراء حول الوضع الحالي بين القوى الثورية هو الخطوة الأولى للعمل الجماعي بقصد إحداث التغيير، حيث أن الخبرة المكتسبة في السنوات الأخيرة تظهر أن القوى الثورية في كثير من الأماكن فشلوا في خلق التعاطف والمبادرة لإحداث التغيير بسبب عدم وجود تعريف واحد للموقف.

يمكن وصف هذا العام بكل ما فيه من صعوبات كرمز كامل لعدم الكفاءة والعشوائية. فشعب إيران، بغض النظر عن الضغط الناجم عن تفشي فيروس كورونا، لا يتذكرون بأنه في أقل يوم لم يواجهوا فيه ارتفاعًا فلكيًا في أسعار السلع مقارنة باليوم السابق أو شهدوا موقفًا حاسمًا من قبل صناع القرار في الحكومة. في غضون ذلك كانوا كل بضعة أيام يسمعون كلمة جديدة من المسؤولين الحكوميين مما يؤدي إلى ازدياد غضبهم. بعبارة أخرى، كلما زادت الضغوط الاقتصادية والخارجية التي استهدفت حياة الناس ازداد سماع تعريفات المسؤولين الحكوميين ومدحهم لإدارتهم لدرجة أنه بعد أن ادعى المتحدث باسم الحكومة أن الوضع سيكون أكثر صعوبة إذا لم يكن المسؤولون الحكوميون الحاليون في مناصبهم وكلمات النائب الأول للرئيس حول تحفة الحكومة في منع تدمير إيران.

أهم الموضوعات التي يمكن طرحها من واقع المجتمع الإيراني هذا العام هي كما يلي: الشعور الكامل بعدم الكفاءة من جانب المسؤولين الحكوميين، إحباط سياسي واجتماعي في ظل عدم رؤية خطوة عملية جادة للخروج من الوضع الحالي ونقص ملموس في الأفكار التنفيذية لرسم إحداثيات الظروف العامة المتغيرة، وعدم تحديث القوى السياسية. وما يترتب على ذلك من تراجع في الأمل بإمكانية التغيير، تراكم الاستياء الذي نشأ في السنوات الأخيرة وخطر عزل المجتمع عن المؤسسات الرسمية.

من الأفضل أن نقول إن نهاية العام المقبلة ستكون أفضل من نهاية هذا العام، من حيث تعرض المجتمع لعامل فيروس كورونا المجهول. لكن حتى افتراض انتهاء كابوس كورونا العام المقبل لا يمكن اعتباره حلاً لكل المشاكل التي تواجه المجتمع الإيراني. لذلك يجب اعتبار شهر حزيران المقبل والانتخابات الرئاسية الثالثة عشرة نقطة تحول في العام الجديد نقطة تحول يمكن أن تصبح فرصة لمستقبل الثورة والنظام والشعب في إيران. فلقد أنفق التيار الثوري معظم طاقته في السنوات الثماني الماضية في شرح مخاطر القرارات ووجهة نظر التيار المؤيد للغرب والذي قد يفوت الآن هذه الفرصة المهمة للتغيير إذا لم يتخذ إجراءات فاعلة و إجراءات واعية. وأظهرت تجربة انتخابات 2013 و2017 بوضوح أنه حتى لو كان لتيار المنطق فهم أقوى للمشاكل الحالية للبلد والحلول المتبادلة لها بسبب اعتماد بعض الاستراتيجيات المضللة فإنه يمكن أن يتنازل عن المجال للحكم للتيار منافس وبهذه النقطة فإن التيار الثوري من خلال الإشارة إلى تصرفات الحكومتين الحادية عشرة والثانية عشرة والانتقادات والتحذيرات التي وجهها في هذه السنوات الثماني أثبت شرعية وواقعية وجهة نظره. ولكن من الممكن أنه إذا تركت الثغرات السياسية مفتوحة للتيار المؤيد للغرب، فإن الجو في المنافسة سيتحول في اتجاه الغرب.

إن الإصلاحيين والقوى الموالية للغرب الذين صبوا كل أوراق اعتمادهم السياسية على حكومة روحاني يدركون جيدًا أن فكرتهم الفاشلة في شكل الاتفاق النووي حولتهم إلى تيار غير موثوق به في المجال العام للمجتمع الإيراني. بالإضافة إلى هذا الافتقار إلى المصداقية  فهم معروفون أيضًا علنًا بتقاعسهم المثالي عن العمل.  لذلك بغض النظر عن الطريقة التي ينظرون بها إلى التطورات الخارجية لاستعادة مصداقيتها فقد استثمروا أكثر في الاستقطاب الاجتماعي والثقافي. وكما يدرك الغربيون جيدًا أن فرصتهم في إشراك المجتمع مع مرشحهم النهائي قليلة وأن عليهم التركيز أكثر على نقاط ضعف الجانب الآخر والاستفادة منه إلى أقصى حد. لذلك إن الأمل في خلق الانقسام وتعدد الأصوات بين القوى الثورية (كما في تجربة عام 2013) وتحويل تركيز النقاش من المطالب الرئيسية للشعب إلى صنع الموجات الزائفة (كما في تجربة عام 2017) هو الأهم في محور عملهم لذلك فإن عدم الالتفات إلى هذه التهديدات ومعرفة النصر في انتخابات العام المقبل يمكن أن يشكل تحديًا خطيرًا للعام المقبل للقوى الثورية.

يجب أن تكون الاستراتيجية الأهم للقوى الثورية في العام المقبل هي جعل نفسها أيقونة للمطالب الحقيقية للشعب الذي يشعر العديد منهم بالإحباط. وهذه الاستراتيجية  بينما تمنع بعض الهوامش من التغلب على نص القوى الثورية تنزع سلاح الغربيين عمليا من تغيير الملعب إلى النقطة المفضلة لديهم. يجب أن تنظر القوى الثورية إلى العام المقبل كنقطة تحول نحو الأمل. بالتأكيد لا يمكن تشكيل هذا الأمل دون تقديم صورة حقيقية للوضع الحالي ونقاط الضعف وإمكانيات التغيير وكيفية تنفيذ هذه الاحتمالات، وفي النهاية خلق توافق في الآراء بشأن هذه التغييرات.

إن الاختبار السياسي للعام المقبل إلى جانب أجواء الاستياء في المجتمع  يسمح للناس بإدارة عملية التغيير السياسي في البلاد تجاه مطالبهم. وفي مثل هذه الظروف غير المواتية أصبح عدم الكفاءة والتقاعس من أهم خصائص الهوية الحكومية ويمكن لامتحان العام المقبل والمجال المقدم لانتخاب الشعب حل العديد من المشكلات وإجراء تغييرات كبيرة في عملية الإدارة والمجال السياسي للبلد.

وبهذه النظرة  فإن عودة الأمل إلى الناس بما يتجاوز نمط سلوك القوى الثورية تعتمد على الخطوة التي سيتخذها الناس في هذا الاتجاه والأشخاص الذين يمكنهم استخدام العام المقبل كمقدمة لإنقاذ مستقبل إيران من التفكير الغربي  فإنهم بالتأكيد سيستغلون هذه الفرصة ويسعون لتغيير جسم المديرين التنفيذيين وتنفيذ الأفكار الثورية.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “وطن امروز” الأصولية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: