الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة17 مارس 2021 05:25
للمشاركة:

صحيفة “ايران” الحكومية – بنود مجموعة العمل المالي من وجهة النظر الإيرانية

تناولت صحيفة "ايران" الحكومية، في مقال للدبلوماسي السابق سید محمد صدر، سياسة إيران الخارجية وأهمية الموافقة على بنود مجموعة العمل المالي. حيث رأى الكاتب أنه إذا لم تتم الموافقة على هذه البنود وإذا لم تؤت قضية الاتفاق النووي ثمارها فلن تكون لدينا نتيجة جيدة لسياسة إيران الخارجية.

إن تقديم أي رؤية لمستقبل السياسة الخارجية الإيرانية يجب أن يعكس الوضع الذي نحن فيه اليوم. لأن الأرض والسياق الحاليين هما بالضبط المكان الذي تزرع فيه بذور السياسة الخارجية وفي المستقبل ستؤتي ثمارها. ووفقًا لهذا النهج فإن مستقبل السياسة الخارجية الإيرانية ينطوي على قضيتين نواجههما اليوم أحدهما الاتفاق النووي والآخر هو موضو”FATF” . وبالطبع هناك اختلافان رئيسيان بين هاتين القضيتين على الرغم من التأثير الحاسم على مستقبل السياسة الخارجية الإيرانية. في حالة الاتفاق النووي يعتمد اتجاه السياسة الخارجية الإيرانية على نوع عمل وعقلانية الجهات الفاعلة الأخرى لا سيما أوروبا والولايات المتحدة. لكن في مسألة “FATF”  وحده اختيار إيران سيحدد مستقبل العلاقات الاقتصادية والمصرفية مع العالم وخاصة دول مثل روسيا والصين. بشكل عام السياسة الخارجية لأي بلد هي ساحة مع جهات فاعلة متعددة ثنائية أو متعددة الأطراف. في هذه الحالة سواء كانت تصرفات الأطراف المؤثرة الأخرى عادلة وقائمة على المنفعة المتبادلة أو العداء من جانب واحد تلعب دورًا مهمًا في تحديد مستقبل السياسة الخارجية.

بالنسبة لإيران عام 2021، كان أحد العوامل الحاسمة هو قضية الاتفاق النووي ونوع لعب الممثلين الأوروبيين والأميركيين.

بعد أن حولت حكومة السيد محمود أحمدي نجاد الملف النووي الإيراني إلى أزمة أمنية وتبعها ستة قرارات عقوبات تمكن محمد جواد ظريف وأصدقاؤه في الحكومة الحادية عشرة من التوصل إلى اتفاق بعد 18 شهرًا من المفاوضات. كان الاتفاق مكسبًا للطرفين بمعنى أنه أزال إيران من تهديد الأمن الدولي وطبيعة العلاقات الاقتصادية بين إيران والعالم وأكد للعالم مرة أخرى أن أنشطة إيران النووية سلمية. كان مفتاح الوصول إلى هذا الاتفاق هو تحرك جميع الأطراف على أساس المصالح المشتركة والاحترام المتبادل. لكن بعد انسحاب إدارة دونالد ترامب من جانب واحد من الاتفاق النووي وعد الأوروبيون بالممارسة العملية لالتزاماتهم في الاتفاق النووي ولم يفوا بأي منها. لذلك في مجال السياسة الخارجية وتحديداً حول الاتفاق النووي نرى فترة فشل ثم فترة نجاح. ولا بد من توضيح أن الفشل في الفترة الأخيرة لم يكن بسبب أداء إيران وإنما بسبب أداء أوروبا والولايات المتحدة. حتى اليوم أي تنبؤات حول هذه العملية تعتمد على أداء الطرف الآخر. بعبارة أخرى إذا كانوا مثل المحادثات النووية التي استمرت 18 شهرًا بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، يريدون مفاوضات أو اتفاقية مربحة للجانبين فيمكن حل هذه المسألة. وإلا فإن هذا السلوك المدمر سيحول سياسة إيران الخارجية في اتجاه آخر.

في غضون ذلك تجدر الإشارة إلى أن حل الملف النووي الإيراني ليس على رأس أولويات السياسة الخارجية الأميركية. الأولوية الأولى في السياسة الخارجية للبلاد هي الحكومة الصينية والتي من المتوقع أن تكون قادرة على تجاوز الولايات المتحدة اقتصاديًا وتقنيًا في السنوات العشر القادمة. المسألة الثانية في السياسة الخارجية للولايات المتحدة هي روسيا التي تساوي هذا البلد عسكريًا والأولوية الثالثة للولايات المتحدة هي توفير الأمن والنفط والطاقة لإسرائيل.

عامل آخر يؤثر على مستقبل السياسة الخارجية الإيرانية هو نوع العلاقة مع الدول العربية وخاصة الدول المطلة على الخليج. منذ بداية الثورة تحاول الولايات المتحدة إقناع هذه الدول بأن عدوكم ليس إسرائيل بل الجمهورية الإسلامية التي تريد القيام بثورتها الإسلامية في العالم العربي. فشلت الإدارة الأميركية في تنفيذ هذه السياسة ولكن للأسف أدى أداء إدارة أحمدي نجاد بمرور الوقت إلى نجاح هذه السياسة الأميركية بحيث تضاءلت ثقة الدول العربية في الجمهورية الإسلامية بمرور الوقت إلى أن في النهاية  في عهد الملك سلمان وابنه ولي العهد الأمير محمد في المملكة العربية السعودية اكتمل اللغز.

مزيج هذه العوامل وهما الأداء ونهج أوروبا والولايات المتحدة، وتحديد أولويات هذه الدول ونهج وأداء الدول العربية تلعب دورا حاسما في مستقبل السياسة الخارجية الإيرانية. وفي الوقت نفسه فإن بعض الأطراف في إيران تشدد على السياسة تجاه الشرق وتريد إيران أن تكون أقرب إلى روسيا والصين لكن نفس الأشخاص يتجاهلون حقيقة أن أداء إيران المستقبلي في العلاقات مع روسيا والصين يعتمد على نهجنا وقرارنا في مسألة “FATF”. هنا لم نعد نرى جهات فاعلة متعددة ولكن فقط قرار جمهورية إيران الإسلامية الذي سيكون حاسمًا.

لذلك إذا لم تتم الموافقة على “FATF” وإذا لم تؤت قضية الاتفاق النووي ثمارها فلن تكون لدينا نظرة جيدة لسياسة إيران الخارجية. لأنه إذا لم يتوصل مجلس الأمن الدولي إلى نتيجة ستحاول بعض الدول عزل إيران سياسياً ودولياً وإذا لم تتم الموافقة على “FATF” فستفرض عزلة اقتصادية ومصرفية على البلاد بالطبع من جانبنا.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “ايران” الحكومية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: