الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة17 مارس 2021 05:17
للمشاركة:

مركز “أتلانتيك كاونسل” البحثي – لاريجاني يمتلك أوراق اعتماد للانتخابات الرئاسية لكنه يفتقد لكاريزما المرشح

ناقش مركز "أتلانتيك كاونسل" البحثي، في مقال لـ"باربرا سلافين"، موضوع الانتخابات الرئاسية المقبلة في إيران وحظوظ رئيس البرلمان السابق علي لاريجاني بالفوز بها. حيث رأت الكاتبة أن دعم لاريجاني لفكرة المقاومة، قد تجعله خياراً بالنسبة للقائد الأعلى علي خامنئي والأصوليين، في حين أن دعمه للمفاوضات مع الغرب قد يجعله خيارًا وسطًيا مقبولًا للبراغماتيين والإصلاحيين الإيرانيين

يمتلك علي لاريجاني سجلاً كبيراً في المسؤوليات التي عمل بها في إيران. هذه الخدمة الطويلة في مجموعة متنوعة من المناصب الرئيسية تجعله مرشحًا معقولاً، وإن لم يكن يتمتع بشخصية جذابة، في الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقبلة في 18 حزيران/ يونيو.

مستشار الأمن القومي السابق والمفاوض النووي الذي أصبحت وجهات نظره أكثر وسطية في السياق الإيراني على مر السنين، تواصل لاريجاني دون جدوى مع إدارة جورج بوش لإجراء محادثات حول البرنامج النووي الإيراني في 2006-2007. لاحقًا، ساعد في الدفاع عن خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015  من الانتقادات المتشددة بصفته رئيسًا للبرلمان.

اتضح أن لاريجاني، في مقابلة معي عام 2015، كان على علم بمصير خطة العمل الشاملة المشتركة، التي انسحبت منها إدارة دونالد ترامب من جانب واحد في عام 2018. وعند سؤاله عما سيحدث إذا انسحب رئيس أميركي مستقبلي من الصفقة، قال لاريجاني “ربما يمكن أن يضر هذا بأجزاء من الصفقة ولكن لا أعتقد أن هذا سيكون في مصلحة الولايات المتحدة. لست متأكدًا من أن الدول الأخرى المشاركة في المفاوضات ستحب هذه الفكرة. وهذا سيجعل إيران تغير رأيها ولا تلتزم بالتزاماتها”.

في الواقع، ابتعدت إيران بشكل كبير عن التزاماتها النووية على مدى الثمانية عشر شهرًا الماضية، وهي عملية تقول إنها قابلة للتراجع، ولكن فقط إذا رفعت إدارة جو بايدن العقوبات الاقتصادية التي فرضها ترامب في انتهاك للاتفاق. لا تزال الولايات المتحدة وإيران في مواجهة حول تسلسل العودة المتبادلة إلى الامتثال على الرغم من أن الدبلوماسيين من كلا الجانبين قد يبدو أنهم يفضلون حلًا قبل أن تغير إيران رئيسها وتنضم مجموعة جديدة من المفاوضين إلى المفاوضات، إذ أنهم قد يكونوا أكثر تشدداً.

شارك لاريجاني، صاحب الـ63 سنة، في صنع السياسات في الجمهورية الإسلامية لأكثر من ثلاثة عقود. مثقف، كتب أطروحة الدكتوراه عن الفيلسوف الألماني في القرن الثامن عشر، إيمانويل كانط، وخدم في الحرس الثوري الإسلامي، وترأس خدمة البث الحكومية الإيرانية لمدة عشر سنوات، وسيطر بشكل صارم على محتواها، ثم ترشح لمنصب الرئيس دون جدوى في عام 2005.

حصل لاريجاني على منصب مستشار الأمن القومي كجائزة ترضية يومها لكنه استقال في عام 2007 بعد أن أحبط أحمدي نجاد العديد من الجهود للتوصل إلى اتفاق مع القوى الدولية بشأن برنامج إيران النووي. عاد لاريجاني سياسيًا في الانتخابات البرلمانية لعام 2008، حيث فاز بسهولة في معقل رجال الدين في قم. شغل منصب رئيس البرلمان لمدة اثني عشر عامًا، حيث قدم دعمًا مهمًا لإدارة الرئيس حسن روحاني واقترح انضمام علي صالحي، وهو خبير نووي إيراني كبير ووزير خارجية سابق، إلى الفريق الذي تفاوض على خطة العمل الشاملة المشتركة.

غادر لاريجاني البرلمان في عام 2020 بعد رفضه الترشح مرة أخرى في الانتخابات في ذلك العام، والتي اجتاحها مرشحون أكثر تحفظًا. خلفه كرئيس مجلس النواب كان محمد باقر قاليباف، وهو مرشح سابق للانتخابات، وينوي الترشح هذا العام أيضاً.

ربما يعتمد قرار لاريجاني الدخول في الانتخابات هذا الربيع على ما إذا كان القائد الأعلى علي خامنئي يمنح لاريجاني المباركة وأن لا تتقدم أي شخصية أخرى من المعسكرات الوسطية أو الإصلاحية إلى الانتخابات. مثل الرئيس المنتهية ولايته روحاني، لاريجاني شخص يثق به خامنئي لتمثيل إيران دون المساس بمبادئ النظام الأساسية للإشراف الديني على المجتمع والاستقلال عن القوى الأجنبية. ومع ذلك، فإن عائلة لاريجاني، ولا سيما شقيقه صادق، رئيس القضاء السابق، قد تلطخت بسبب اتهامات بالفساد الذي قد يدفع خامنئي للبحث عن وجه أنقى في الانتخابات. أشقاء لاريجاني الآخرون، محمد جواد وباقر وفاضل، شغلوا جميعًا مناصب في إيران كرئيس لمجلس حقوق الإنسان الإيراني، ونائب وزير الصحة، والملحق الثقافي في كندا، توالياً.

في المقابلات الأربع التي أجريتها مع لاريجاني على مر السنين، قدم رؤية عالمية قياسية لإيران باعتبارها الطرف المتضرر في العلاقات الدولية. في مقابلتنا الأولى عام 2006، ذهب إلى حد اتهام دونالد رامسفيلد، مبعوث الشرق الأوسط لرونالد ريغان، بزيارة الديكتاتور العراقي صدام حسين لتشجيعه على غزو إيران قبل بدء الحرب بين البلدين عام 1980. في الواقع، لم يتول ريغان منصبه حتى عام 1981، ولم يقم رامسفيلد بزيارة بغداد حتى عام 1983 عندما انحرفت الولايات المتحدة بالفعل نحو العراق في ذلك الصراع الكارثي.

في مقابلة عام 2006، أوضح لاريجاني أن تجربة إيران في إلغاء العقود الغربية بعد ثورة 1979 كانت السبب وراء احتفاظها بالقدرة على تخصيب اليورانيوم على أراضيها، وهي نقطة خلاف طويلة للولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى. قال لاريجاني إن إيران كان لديها حصة 10 بالمائة في شركة فرنسية، Eurodif، لكن لم تحصل أبدًا على “غرام واحد من الوقود”.

في الوقت نفسه، كان يسعى لإجراء محادثات مع الولايات المتحدة، ولذلك حاول ممارسة بعض الإطراء الفارسي، ووصف مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض آنذاك ستيفن هادلي بأنه “مفكر منطقي”. ومع ذلك، بحلول عام 2008، مع تحول إدارة بوش وأصبحت أكثر عدائية، قال “غيرت فكرتي”.

في مقابلتنا التالية في عام 2012، عندما كانت إيران تخضع لموجة أولية ضخمة من العقوبات بقيادة الولايات المتحدة بينما سعى الرئيس باراك أوباما إلى إعادة إيران إلى المفاوضات، أكد لاريجاني أن إيران يمكن أن تنجو من خسارة مبيعات النفط إلى أوروبا والانخفاض الحاد في قيمة عملتها. قال: “لقد تعودنا على المشقة. عندما فُرضت علينا الحرب مع العراق كان الأمر أصعب بكثير وكان العالم كله يدعم صدام، هل نجحوا في الحصول على أي جزء من أراضينا؟ طبعاً لا لأن شعبنا قاوم”.

قد يجعل هذا الدعم لـ “المقاومة” من لاريجاني محط انتباه لخامنئي والمحافظين، في حين أن دعم لاريجاني للمفاوضات مع الغرب قد يجعله خيارًا وسطًيا مقبولًا للبراغماتيين والإصلاحيين الإيرانيين.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ مركز “أتلانتيك كاونسل” البحثي

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: