الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة16 مارس 2021 07:18
للمشاركة:

صحيفة “كيهان” الأصولية – ما هي العلامة التي تستحقها الحكومة في إدارة الاقتصاد؟

ناقشت صحيفة "كيهان" الأصولية، في مقال لـ"علي محمد ليراوي"، أداء حكومة الرئيس حسن روحاني على الصعيد الاقتصادي وتحديداً في مجال سوق رأس المال. حيث أكد الكاتب أنه بناء على النتائج والخسائر التي طرأت في هذا السوق، فقد تبيّن فشل روحاني وحكومته في إدارة الأزمة، دون أن يكون للعقوبات او انتشار فيروس كورونا سبباً مباشراً في ذلك.

يمكن قياس ما كان عليه سوق الأسهم في بداية ونهاية العام الماضي وفقاً لمعايير مختلفة. وواحدة من هذه المقاييس ليست دقيقة للغاية ولكنها مشهورة للغاية وهي المؤشر العام لبورصة طهران. حيث بدأ الرقم الإجمالي للمؤشر من 500 ألف وحدة بعد نهاية عطلة النوروز العام الماضي ووصل إلى 1.2 مليون وحدة حتى وقت كتابة هذا التقرير.

في وقت ما من هذا العام ظهرت “الأسهم الحكومية – الأسهم الوطنية” المزدوجة في المقدمة ضمن سوق رأس المال. حيث تنبع القصة من حقيقة أن العديد من المشاركين في السوق يعتقدون أن الحكومة أولت اهتماماً خاصاً للشركات التي لها مصلحة مباشرة أو غير مباشرة ودعمت هذه الرموز بأي شكل من الأشكال والتي كانت بشكل عام عمالقة الصناعة في البلاد؛ من تغيير ساعات التداول في الأيام التي يكون فيها نظام التداول ضعيفاً إلى التلاعب بشائعات زيادة رأس المال وأي دعم يمكنك التفكير فيه. ولكن مجموعة أخرى من المحللين اعتقدوا أن سوق رأس المال يعتمد على الشركات الكبيرة والربحية بمعنى آخر تدفقت مبالغ كبيرة من الأموال على الأسهم الكبيرة وكما أن سبب نمو هذه الشركات هو قيمتها وليس الحماية الخاصة.

ومع تصاعد الاحتجاجات تذبذب تداول الرموز الأخرى وهدأت لذّة النمو الجماعي للسوق وكذلك جميع المسوقين في نشوة حلم الأرباح. وكأن هذا الهدوء كان من المفترض به أن يبتلع صغار المساهمين في الشركات الصغيرة والكبيرة قبل العاصفة. وانتعشت مخزونات الدولة والأمة بسرعة كبيرة انهارت المقاومات الفولاذية الواحدة تلو الأخرى.

كان الجميع يتحدث عن البورصة، من مديري البورصة إلى أعضاء البرلمان والوزراء والمحامين وحتى الرئيس. ولم يعد الرئيس حسن روحاني قادراً على تحمله. وفي آب/ أغسطس طلب صراحة من الناس جلب رؤوس أموالهم إلى سوق رأس المال بدلاً من أسواق الذهب والعملات الأجنبية. وجاء هذا البيان في وقت كان فيه العديد من الخبراء قلقين من إطالة شهر عسل البورصة واستمرار مقاومة الأسعار والنمو غير الطبيعي للأسعار وحذر بعض الاقتصاديين المسؤولين شفهياً أو كتابياً ولكن قلوب الناس تعززت بكلام رئيسهم المنتخب ولم يترك مجالاً للكلام أو الحديث.

بدأ الموسم الجديد لنمو سوق الأسهم في النصف الثاني من هذا العام الشمسي. وبعد التدفق الغير المسبوق للأموال الضخمة وظهور علامات نمو غريبة في السوق قررت منظمة البورصة والتي كانت قلقة بشأن مستقبل هذا النمو في آذار/ مارس الأخذ بلوائح جديدة. وكان تغيير الحجم الأساسي وتقليل نطاق التقلبات من خمسة إلى اثنين بالمائة هو التركيز الرئيسي للقواعد الجديدة. وكانت سياسة الحد من مدى التقلبات التي تمت تجربتها سابقاً للسيطرة على الصدمات السلبية التي سببها استشهاد القائد الحاج قاسم سليماني في سوق رأس المال في كانون الثاني/ يناير 2020، ومهدت التجربة نفسها الطريق لقوانين جديدة نهاية العام وهذه المرة قدمت من أجل السيطرة على الاتجاه الصعودي أمام السوق.

ولكن هذه القرارات التي فُسرت على أنها عقبات أمام نمو السوق سرعان ما أبطلت من قبل وزارة الاقتصاد وبعد ذلك بوقت قصير سمعت أقاويل باستقالة رئيس البورصة؛ فالهمسات التي أُعلنت في نيسان/ أبريل 2020 بإعلان قبول استقالة شابور محمدي واستبداله بحسن قاليباف أصبحت جوهر الواقع.

وبعد أن غادر محمدي سوق الأسهم استمر المؤشر في الارتفاع. حيث دفع القصف الإعلامي لوسائل الإعلام والمسؤولين والأرباح الهائلة لسوق الأسهم في النصف الأول من العام الناس إلى سوق رأس المال باستثمارات صغيرة وكبيرة لدرجة أن ملايين الأشخاص اشتروا وحدات بورصة منخفضة التكلفة (أسهم الحكومة في بعض الرموز المصرفية) وأعطوهم فائدة جيدة كرمز لثقة الناس في الحكومة.

استمرت تكهنات السوق بشأن سعر الصرف المستقبلي كلاعب فعال ضمن سوق رأس المال في هذا الانخفاض. حيث وصلت الحكومة ووسائل الإعلام التابعة لها والتي ربطت اقتصاد البلاد بالاضطرابات السياسية الأميركية لأشهر قبل الانتخابات الأميركية إلى ذروة التكييف الاقتصادي بعد التصويت لبايدن لدرجة أن روحاني تحدث عن وصول سعر الدولار الواحد لـ15 ألف تومان بعد الاتفاق مع الولايات المتحدة و تحدث الإفراج عن الأصول المحجوبة لبلدنا، هذا الادعاء الذي لم يقترن بموافقة خبراء موالين للحكومة وحتى حاكم المصرف المركزي. ومع ذلك رحبت أسواق رأس المال بانخفاض سعر الصرف واستمر الاتجاه النزولي. ولكن الدولار لم ينخفض كثيراً في السوق وتشير التصريحات الأخيرة لمسؤولين في واشنطن إلى أنه لن يتم التوصل إلى اتفاق على الأقل ليس في القريب العاجل وأن الدولار لن ينخفض في الوقت الحالي.

لكن في سوق الأسهم استمر الاتجاه النزولي من الصيف إلى الشتاء وشهدت أسهم العديد من الشركات انخفاضاً بأكثر من 50٪. وبعض الأشخاص الذين دخلوا إلى سوق رأس المال في العام الماضي خسروا أرباحهم فقط ولكن في غضون ذلك ذهب جزء من رأس المال الشعبي اندثر في الأشهر الأخيرة من نمو البورصة حيث أنهم ذهبوا إلى البورصة بثقتهم بالمسؤولين وظلوا في السوق بنصائحهم ولكن رأس المال اختفى. ولا يُعرف العدد الدقيق لرأس المال الذي فُقد خلال انهيار البورصة في هذا العام ولكن سيد ناصر موسوي لاركاني عضو البرلمان ومصمم خطة التحقيق في مؤسسة البورصة في أوائل آذار/ مارس أعلن أنه الآن ما لا يقل عن 1500 تريليون تومان والتي تعادل من 65 إلى 70 مليار دولار من رؤوس الأموال الشعبية قد ذابت وتلاشت.

حدث مهم آخر في الأسابيع الأخيرة من العام وفي نفس الوقت مع الاتجاه الضعيف للتداول في البورصة وأسواق، وهو العمل المزدهر للحكومة في بيع السندات المالية. وفي الوقت الذي يعاني فيه السوق من نقص حاد في السيولة لعكس الاتجاه وعدم تداول العديد من الرموز في قوائم انتظار البيع كان الحجم اليومي لتداول السندات المالية الحكومية أكبر بعدة مرات من أسهم التجزئة.

وبحسب إحصاءات التداول خارج البورصة، بلغت قيمة صفقات السندات في شباط/ فبراير من العام الجاري بزيادة قدرها ألف في المائة مقارنة بذات الفترة من العام الماضي. وقد أدى هذا الوضع إلى ادعاء البعض أن دهقان دهنوي الرئيس الجديد لهيئة البورصة لا يزال نائب وزير الاقتصاد وأساس بيع السندات الحكومية وليس رئيساً لهيئة البورصة ومؤيداً لحقوق المساهمين.

إجمالاً ما حدث لسوق رأس المال في هذا العام ربما لم يتم التحدث عنه لسنوات وهنالك أسئلة بلا إجابة، لكن ما هو واضح حتى الآن هو أن بعض المسؤولين دعوا الناس إلى سوق الأوراق المالية دون إعطائهم أدنى تدريب أو لدفع النمو الجامح للمؤشر إلى اتجاه منطقي، لذلك قام البعض في ذروة شهري تموز/ يوليو وآب/ أغسطس ببيع الأسهم المتضخمة للناس العاديين وتحويل رؤوس أموالهم إلى أسواق أخرى. وفي غضون ذلك تم إجراء المتابعة لمواجهة احتمال التربح. مثل رسالة قاضي زاده هاشمي نائب رئيس البرلمان الذي أرسل نتائج تحقيقاته في إطار خطاب إلى القضاء ذكر فيه تفاصيل عمليات البيع المكثفة لبعض المقتنيات الحكومية. وكما وعد القضاء بالمتابعة واستدعاء بعض المسؤولين لكن لم يتم الإعلان عن النتائج حتى الآن.

ومع ذلك في هذه الأيام وعشية العيد فإن العديد من الشركات ومساهميها ليسوا سعداء وينتظرون نهاية العام وتطورات العام المقبل لمعرفة إلى أين يتجه السوق. ولقد أضرت الحكومة عملياً بمصداقيتها في هذا السوق وإذا وقعت هذه الحكومة في أيدي أي فرد أو مجموعة العام المقبل فسيكون أمامها طريق صعب لاستعادة الثقة في المجتمع. لذلك فإن أفضل فرصة للحكومة هي إصلاح الممارسات السابقة خلال هذه الفرصة الصغيرة.

في بداية هذا العام (في 21 آذار/مارس 2020) كتبت في الصفحة 4 من الصحيفة أنه مع انتشار الكورونا فإن الحذر في اتخاذ القرارات وتنفيذ سياسات المعيشة هو ضرورة أكثر من أي وقت مضى وأكدت أن أحد أمثلة الحذر في هذا الوضع هو الرعاية الخاصة لسبل عيش الناس وخاصة في مسألة الإنتاج وتوزيع المواد الغذائية.

ومع ذلك فإن وضع السوق للسلع المعيشية بما في ذلك الغذاء والملبس والمسكن كان له أسوأ الظروف في السنوات التي أعقبت انتصار الثورة. وبالطبع ليس السبب في ذلك هو كورونا والعقوبات ولكن يرجع ذلك إلى تهور الحكومة وتورطها في حرب نفسية عصامية والتي بهدف حقن سياسة الاتفاق النووي الفاشلة في نفوس الناس من خلال الضغط الاقتصادي، تغرق الآن في ذات الدوامة التي صنعتها. و لن تصبح الجمهورية الإسلامية في إيران كفنزويلا والعراق بسبب قدراتها، لكن بشرط ألا تضع الحكومة هذين البلدين كشبح للحرب الجسدية والنفسية للتأثير على المواطنين لإرباكهم.

وتجدر الإشارة إلى الأسعار الآن مقارنة مع بداية العام وتضخم السلع حيث ارتفع سعر الدجاج بمعدل 200% والزبدة من 2500 تومان (1$= 24750 تومان، بسعر السوق) إلى 10 آلاف وكذلك الأرز الهندي الذي وصل سعر الكيلو غرام الواحد الآن من 20 إلى 40 ألف تومان حيث كان 8 آلاف تومان! وقس على ذلك اللحوم والخبز بالإضافة للخضروات والفواكه وهذه الأرقام تشير لسوء إدارة الحكومة ضمن سوق سبل العيش.

وكما ارتفع سعر المتر مربع السكني ضمن مناطق مختلفة في طهران من ثمانية إلى 40 مليون تومان إلى 30 وحتى 100 مليون مقارنة بالعام السابق. ومع ذلك لم ترتفع أجور العمال خلال العام الماضي.

كما تم تشكيل طوابير طويلة من أجل الدجاج والزيت بالسعر المدعوم على الرغم من اعتراف مسؤول حكومي كبير بأن السلع الأساسية متوفرة بكثرة في البلاد وأن المشكلة تكمن في عدم وجود نظام توزيع حكومي. ويبدو أن بعض المسؤولين والمسؤولين الحكوميين لا يشترون بأنفسهم ولا يعلمون الأسعار ونسبة الزيادة في أسعار السلع والخدمات مما يؤدي لإعطاء الناس إحصائيات غير صحيحة.

وعلى الرغم من القضايا المذكورة أعلاه والعديد من القضايا التي لا يمكن تغطيتها ضمن صفحات الصحف والكتب، فإن العلامة التي تناسب إدارة الحكومية في أسواق السلع والمعيشة هي درجة سلبية.

أدى الأداء الضعيف لحكومة حسن روحاني في إنتاج المساكن إلى ارتفاع أسعار المساكن بنسبة 100٪ تقريباً في طهران وحدها هذا العام.

ووفقاً لآخر إحصائيات المصرف المركزي المنشورة في شباط/  من هذا العام فقد بلغ متوسط سعر المتر المربع للوحدة السكنية المتداولة عبر الوكالات العقارية في طهران 9.283 مليون ريال (1 تومان= 10 ريال)، مما يدل على زيادة بنسبة 2.97 في المائة مقارنة بذات الشهر من العام الماضي.

وفي هذا الصدد، نما إيجار المساكن بشكل كبير خلال العام الماضي وعلى الأقل وفقاً للمصرف المركزي فإن مؤشر الإيجار في طهران يساوي 30.6 في المائة وفي جميع المناطق الحضرية 33.9% في شباط/ فبراير من هذا العام حيث زاد مقارنة بالشهر ذاته من العام الماضي. وهذا الوضع السكني الفوضوي هو إلى حد كبير نتيجة لسياسة حكومة روحاني المتمثلة في عدم دعم بناء المساكن.

و كما شهد سوق السيارات تحطيماً قياسياً غريباً هذا العام للأسعار، لدرجة أن سعر سيارة “برايد”، الذي تم تداوله 68 مليون تومان في السوق المفتوحة في 19 نيسان/ أبريل 2019، ارتفع بأكثر من 95٪ إلى 128 مليون تومان في آذار/ مارس 2021. وقد حدث ذات الشيء مع السيارات المحلية والأجنبية الأخرى.

وشهد سوق العملات الأجنبية والذهب أيضاً تقلبات حادة هذا العام، لدرجة أنه وفقاً للمصرف المركزي في كانون الأول/ ديسمبر 2020، كان متوسط سعر بيع سبيكة الربيع كاملة التصميم القديم في سوق طهران المفتوح  111.781.000 ريال والتي زادت بنسبة 6.137% مقارنة مع ذات الشهر من العام الماضي. ومن ناحية أخرى في كانون الأول/ ديسمبر 2020، بلغ متوسط سعر البيع للدولار الأميركي الواحد في السوق المفتوحة بطهران 250.232 ريالاً وارتفع بنسبة 2.89٪ مقارنة بذات الشهر من العام السابق.

بمعنى آخر فالزيادة تجاوزت 100٪ في أسعار العملات هذا العام وهو انخفاض في قيمة العملة الوطنية. وفي الحقيقة اعتقد معظم الخبراء حتى نهاية العام أن السبب الرئيسي لذلك هو فرض العقوبات النقدية والمصرفية على بلادنا ولكن في الأشهر الأخيرة من العام تصريحات رئيس مكتب حسن روحاني حول سعر الصرف أظهرت أن الحكومة لم تكن بريئة في انخفاض قيمة العملة الوطنية.

على أي حال ارتفع سعر صرف العملات الأجنبية بشكل حاد هذا العام وبذريعة ذلك ارتفعت أسعار العديد من السلع الأساسية والسلع الغذائية وما إلى ذلك.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “كيهان” الأصولية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: