“التحالف العربي- العبري والجهود المبذولة لإقامة نظام إقليمي جديد”.. ايران دبلوماسى
نشر موقع "ايران دبلوماسى" مقالة يوم السبت 13 آذار/ مارس 2021، للباحث غير المقيم في معهد الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية علي عيدي بور، أوضح فيها أهمية إحباط إيران للتحالف العربي– العبري عبر تطبيع العلاقات مع السعودية وكافة الدول الخليجية، ومنع إسرائيل من التواجد على حدودها الحيوية، وذلك من خلال قراءة منهجية لظاهرة التطبيع على المستويين العام والإقليمي. كما جاء في المقالة التي ترجمتها "جاده إيران.
على المستوى العام، نشهد ارتفاع حدة التوتر بين أمیرکا والصين، وهذا يمثل دلالة على تراجع النظام الدولي الحالي ليحل مكانه نظام جديد، هذا التراجع ذاته دفع أمیرکا إلى إعادة التفكير في استراتيجيتها الشاملة عبر خفض أو احتمالية سحب قواتها من منطقة الخليج والتركيز على التواجد في منطقة بحر الصين الجنوبي لمنع الهيمنة الصينية في تلك المنطقة.
أما على المستوى الإقليمي، فإن ارتفاع حدة التنافس بين “الحلفاء العرب في الخليج” للولايات المتحدة وإيران من جهة، والعداء بين “الحليف العبري” للولايات المتحدة وإيران من جهة أخرى، يمثل السمة الأساسية للمنطقة. أدّى التنافس بين “الحلفاء العرب” وعداء “الحليف العبري” مع الولايات المتحدة لإيران إلى تمهيد الطريق لتشكيل تحالف عربي- عبري، ليكون بديلاً للقوات الأميركية في حال انسحابها من المنطقة وملئ الفراغ الناتج عن ذلك الخروج المحتمل.
من منظور منهجي للنظام الدولي، تعتبر المنطقة مكونٌا مهمًا للنظام العالمي ككل، لأن الدول باعتبارها أصغر مكوّن في النظام الدولي، هي ذاتها جزء من النظام الإقليمي، بحيث يتوجب الحفاظ على النظام أولاً، وعدم قدرة “الأنظمة الفرعية” في الحفاظ على النظام الإقليمي يتسبب بخلل النظام الدولي. ولهذا السبب حاولت أمیرکا تشكيل تحالف بين حلفائها في المنطقة قبل انسحابها المحتمل من الخليج، من أجل الحفاظ على النظام المطلوب في المنطقة وضمان مصالحها فيها.
ما لم يتم التوصل إلى اتفاق بين حلفاء أميركا في الشرق الأوسط والخليج، فإن الهيمنة الأمیرکیة في هذه المناطق الحساسة ستزول. بالإضافة إلى ذلك يجب الأخذ بالحسبان اتفاقية محتملة بين الصين وإيران في حالة إتمامها وتفعيلها، فإنها ستوفر على المدى الطويل مساحة للنفوذ الصيني في المنطقة وفي نفس الوقت ستشكّل أرضية لاتساع رقعة نفوذ إيران، مما يؤدي إلى هزيمة أميركا في منطقة الخليج، وتبعات ذلك قد تؤدي إلى “الخسارة الأكبر”
في ظل ذلك، فإن الدول الخليجية هي عضو في “نظام الخليج التابع”، لكن إسرائيل ليست جزءٌا منه. فيما يتعلق بحضور إسرائيل في منطقة الخليج والمشاركة في النظام الإقليمي الجديد الذي تتطلع له أمیرکا، ينبغي الإشارة إلى “نظرية النظام الفرعي” لستيفن شبيغل ولويس كانتوري. وفقًا لهذه النظرية، فإن أي دولة هي عضو فقط في نظام إقليمي باستثناء حالتين، الأولى أقوى الدول التي ستشارك في “الأنظمة الفرعية المختلفة”، والثانية بعض الدول التي تقع على “الحد الفاصل بين نظامين فرعيين” ومن الممكن أن تكون في كلا النظامين الفرعيين المتجاورين.
في هذه الحالة، فإن الولايات المتحدة كقوة عسكرية عظمى والقوة الاقتصادية الأولى في العالم الموجودة في جميع الأنظمة الإقليمية، بما في ذلك النظام الإقليمي للخليج، ومن ناحية أخرى تعتبر إسرائيل كعضو في النظام الفرعي للشرق الأوسط، وعبر تحالفها مع الدول العربية في الخليج، تعتبر نفسها جزءًا من نظام فرعي للخليج، وسيكون وجودها في الخليج مبررًا.
هناك نقطة مهمة حول محاولة واشنطن إدخال إسرائيل في النظام الإقليمي للخليج، وهي أن واشنطن تدرك جيدًا أن الدول الخليجية لن تكون قادرة ابدٌا على كبح نفوذ إيران الإقليمي، ولذلك تحتاج إلى قوة عسكرية قوية لتكون قادرة على الحفاظ على توازن القوى في الخليج لصالحها. ولهذا السبب حاولت أميركا وستحاول تشكيل تحالف عربي- عبري في منطقة الخليج.
في غضون ذلك، تغاضى القادة الأميركيون عن نقطة حيوية. في الأساس، ضمن أي نظام إقليمي يتم إنشاء النظام بتواجد لاعبين أساسيين ومهمين. كمثال تاريخي يمكننا أن نذكر التنسيق والتعاون بين إيران والمملكة العربية السعودية في سبعينيات القرن الماضي لإرساء النظام في الخليج، في ذلك الوقت حاولت بريطانيا سد الفجوة التي خلفها انسحاب قواتها من الخليج عبر إقامة علاقات وثيقة بين إيران والسعودية.
تاريخيًا، إيران والسعودية هما أكبر دولتين في منطقة الخليج، وأي نظام إقليمي بدون وجود إحدى هاتين القوتين الإقليميتين الرئيسيتين سيفشل. لهذا السبب يجب التشكيك في نجاح “النظام الإقليمي الجديد وفق الرؤية الأمیرکیة”. لتعزيز هذا الشك فإن العداء الأساسي بين إيران وإسرائيل يبدوا كافيًاً. بلوغ حدّة التوتر بين طهران وتل أبيب حتى منطقة الخليج لن يسبب الفشل للنظام الفرعي في الخليج فحسب بل سنشهد في المستقبل ارتفاع حدّة الصراعات والتوترات في المنطقة.
في هذه الظروف، یجب علی إیران وعبر خطوة محسوبة أن تحبط التحالف العربي– العبري عبر تطبيع علاقاتها مع السعودية وجميع دول المياه الإقليمية، لتمنع إسرائيل من التواجد على حدودها الحيوية.
إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا
المصدر/ موقع “ايران دبلوماسى”