فائزة رفسنجاني في مقابلة مع صحيفة “شرق” الإصلاحية: معظم الإصلاحيين أصبحوا غريبين عن الإصلاح
ناقشت الناشطة السياسية فائزة رفسنجاني، في مقابلة مع صحيفة "شرق" الإصلاحية، واقع الإصلاحيين في الانتخابات الرئاسية المقبلة. حيث رأت أن الإصلاحيين إذا كانوا يفكرون بطريقة منطقية وحكيمة وعادلة يجب عليهم أن يعودوا إلى رشدهم وأن يعودوا وفق قولها إلى المجتمع من خلال تغيير أساليبهم وأفكارهم.
تواجه الأحزاب والقوى الإصلاحية تحديات عميقة في مواجهة الانتخابات المُقبلة، من إمكانية فقدان الأهلية إلى إمكانية انخفاض المشاركة. واستناداً إلى تجربة شباط/ فبراير 2020 التي وضعت الإصلاحيين في موقف صعب في الانتخابات النيابية وحتى الآن لم يعلنوا بعد عن سياساتهم العامة في التعامل والتعاطي مع الانتخابات. حيث إن هزيمة الإصلاحيين أو تجريدهم من الأهلية في هذه الانتخابات يضع شروطاً صعبة أمامهم وبعيداً عن هذه الشروط فإن الأمور غامضة بعض الشيء بالنسبة للإصلاحيين؛ وذلك لأنه ليس من الواضح كيف سيغير تقليص المشاركة المشهد السياسي. للمناقشة هذا الوضع، أجرت الصحيفة مقابلة مع الناشطة السياسية فائزة رفسنجاني.
- كيف سيكون وضع الإصلاحيين في حالة الهزيمة في الانتخابات المُقبلة أو استبعاد مرشحيهم المفضلين؟
الهزيمة في الانتخابات ليست ظاهرة جديدة ففي الانتخابات البرلمانية العام الماضي اجتمع عدد من الأحزاب الإصلاحية وقدموا قوائم وتعرضوا للهزيمة أيضاً وقد كانت النتيجة واضحة ولم يحدث شيء. وعلى سبيل المثال لم يقوموا بتقييم أنفسهم وتحديد أسباب الهزيمة ومعالجة نقاط الضعف. حيث عبروا هذه المرحلة بشكل طبيعي للغاية وكأن شيئاً لم يحدث. وذلك لأن أحزابنا لا تعمل وفق المنطق والمبادئ. وفي ذات الوقت لم يكن هدفهم الفوز في الانتخابات وذلك لأنهم كانوا يعرفون رأي المجتمع في الانتخابات والإصلاحيين. وكأنه واجب وإلا لكانوا تقاعسوا. واستراتيجية عدم المشاركة في الانتخابات ليست سهلة للتقبّل بالنسبة للكثيرين حيث أنهم يتبعون استراتيجية البقاء. والهدف هو البقاء في السلطة وعدم المشاركة في الانتخابات يعني زيادة الغضب. ولا يهم إذا فاز الإصلاحيون أم لا حيث يستمر ذات النهج. ولا أعتقد أنه سيكون هناك أي مرشح إصلاحي باقٍ في انتخابات رئاسة مجلس صيانة الدستور. وسيكون لدينا بالتأكيد مرشح إصلاحي وربما تتكرر ظروف عام 2013، ولكن يبقى بالطبع أي مرشح مهم للبقاء. وعليه هناك وجهتا نظر في بناء الإجماع الإصلاحي. أولاً القيام بتقديم المرشحين وإذا تم استبعادهم فسنقوم بعملنا. والرأي الآخر يقول إنه يجب أولاً تحديد المؤهلات ومن ثم يجب دعم أحد المرشحين المتاحين.
- هل مازال الإصلاحيون يعتمدون محورية خاتمي وشخصيته؟
لا أرى الكاريزما كنقطة سلبية فالقيادة في أي تيار ضرورية لتقليل الاختلافات. ومن المؤكد أن كاريزما السيد محمد خاتمي لا تتأثر بنتائج الانتخابات والإقبال عليها. وما يهم هو مدى أداء الشخصية وكم هي مقبولة؛ سواء بين الناخبين وبين الأحزاب.
- برأيك ما هي الإمكانيات الخاصة للمرشح الإصلاحي التي يدعي هذا الفصيل السياسي أنها تساهم بتحسين الوضع الراهن باختيار هذا المرشح؟
لم يكن عام 2013 نقاشاً سيئاً من أجل التوافق على السيد روحاني ولم يكن مناقشة لفرض مرشح وخلافاً لخطئي الذي قلته أيضاً في مقابلة بناءً على اقتراح السيد خاتمي قام ممثلو الشخصيات البارزة مثل أبي والسيد خاتمي والسيد روحاني والدكتور عارف بتشكيل لجنة وبعد الكثير من الجدل تم اختيار السيد روحاني كمرشح إصلاحي وفي الولاية الأولى كان أداء روحاني مقبولاً إلى حد ما؛ وخاصة في قضية الاتفاق النووي. وإذا كان في عام 2013، وفقاً لزعم أولئك يعتبر أسوأ وأسوأ، فلماذا في عام 2017 رشح الإصلاحيون روحاني مرة أخرى؟ وفي هذا العام حيث ليس هنالك ظروف خاصة، كانت أيديهم مفتوحة لأي خيار. فما هو تفسيرهم لهذا الاختيار؟ ما هو الأداء الدفاعي للإصلاحيين ذاتهم في البرلمان ومجلس المدينة وفي مختلف المناصب الحكومية خلال هذه السنوات؟ وهذه المحادثات مجرد توقعات. وهم يعلمون أفضل من أي شخص آخر أن أفعالهم خلال هذه السنوات أبعدت الناس عن صناديق الاقتراع.
وحتى في أحزابهم وتياراتهم السياسية فإن الهدف هو الحفاظ على أنفسهم بجانب النظام وداخل النظام وهو ما لا يسمحون به في الغالب. ولهذا السبب اجتاز الشعب الانتخابات. ولقد تجاوز الناس الأصوليين لسنوات وكذلك تجاوزوا الإصلاحين لهذا السبب. وخلافاً لرأي بعض الإصلاحيين الذين يعزون تراجع الإقبال إلى مجلس صيانة الدستور وضيق الأفق، أعتقد أن تراجع الإقبال في الانتخابات البرلمانية العام الماضي كان بسبب إحباط الإصلاحيين. ولطالما كان احتكار الأصوليين ومجلس صيانة الدستور قائماً؛ وفي حال صوت الشعب للإصلاحيين بهذا الشغف في انتخابات 2013و 2016 و2017 فذلك لأنهم يأملون في مواجهة السلوك المعتاد للأصوليين، على أمل أن يُنتخب الإصلاح ويتغير الوضع. وهذه المرة أصيبوا بخيبة أمل من الإصلاحيين. ولهذا لم أقم بالتصويت وكنت ضد الحملة الانتخابية. حيث إن حضور الانتخابات دون أي آفاق أو تفاؤل بالمستقبل يعزز أخطاء الإصلاحيين.
- في حال تم تأكيد أهلية المرشح الإصلاحي فهل سيشتعل المشهد الانتخابي أم أن الشعب سيتجاوز الانقسامات السياسية المعتادة؟
في رأيي لن تكون لدينا انتخابات حماسية بذات الظروف أي استمرار السلوك الضيق والاحتكاري للأصوليين في إدارة البلاد وسوء الإدارة والتقاعس والجهل من قبل الإصلاحيين. ومنذ كانون الثاني/ يناير 2018 تغيرت مواقف الإصلاحيين واتخذوا مواقف غريبة، وقيل للمخربين إنهم تعمدوا إعطاء عنوان خاطئ لمصدر أعمال الشغب ويستمر الأمر حتى يومنا هذا. حيث لا يوجد حافز للتصويت لدى الناس العاديين الذين نتحدث معهم.
- هل يمكن لسلوك بايدن في الاتفاق النووي أن يؤثر على الانتخابات المُقبلة وخاصة لصالح الإصلاحيين؟
قد يكون كذلك إلى حدٍّ ما وربما لهذا السبب على سبيل المثال قام مجمع تشخيص مصلحة النظام بتأجيل القرار بشأن مجموعة العمل المالي حتى لا ينتهي به الأمر لصالح تيار آخر.
- يُصر الإصلاحيون على اختيار مرشح إصلاحي بالكامل ولكن هناك شائعات عن احتمال تشكيل ائتلاف مع لاريجاني. ما مدى احتمالية هذا التحالف برأيك؟ وهل تعتقدين أن التحالف أمر صائب؟
التحالف ليس خطأ في حد ذاته ويمكن أن يكون منطقياً في بعض الأماكن ويكون مفيداً كخطوة تكتيكية. وضمن العديد من البلدان لا سيما مع النظام البرلماني، تتشكل التحالفات عندما لا يفوز أي حزب بأغلبية مطلقة ويكون نهجاً سياسياً قائماً. ولا يمكن أن تنجح التحالفات إلا إذا اتفقت على الحصص وكان هناك ضمان بتقاسم السلطة. ولا أرى إمكانية للتحالف مع السيد لاريجاني بين الإصلاحيين. وعلى حد علمي لا يدعم هذه الفكرة سوى السيد كارباستشي.
- ما هو الإصلاح برأيك؟ من يمكن أن نُسميه إصلاحي؟
أعتبر أن الإصلاح يرتبط بمؤشرات التنمية. والإصلاحي هو الشخص الذي يرتبط بمؤشرات التنمية في المقارنات الدولية. واليوم لدينا تفكير إصلاحي ولكن لا يوجد شخص إصلاحي، وأولئك الذين يسعون إلى الإصلاح يثيرون غضب كل من الأصوليين والإصلاحيين. ولا أعتقد أن الإصلاحية قد اندثرت ربما يكون الإصلاح هو السبيل الوحيد. حيث أن معظم الإصلاحيين غيّروا وجوههم وغيروا نهجهم.
- إلى متى ستعمل سياسة الاختيار بين السيئ والأسوأ وإلى أي مدى كانت ناجعة في إيران؟
ربما، طالما هناك أمل في أن يتمكن المرشح السيئ من القيام بشيء ما ضد مرشح أسوأ ويكون مصدراً للعمل أو يكون قادراً على إبقاء الأمور سيئة قدر الإمكان حتى لا تسوء أكثر، ولكن الآن هذه الدورة غير موجودة أيضاً. واتباع هذا التفكير في الوضع الراهن يجعل الأمور السيئة أقوى وذلك مع استمرارها؛ أي أن تصويتنا الجماعي أصبح فيما بعد ذريعة لاستمرار السياسات الحالية.
- هل يجب أن يعود الإصلاحيون إلى المجتمع في حال خسروا الانتخابات أم سيحاولون مرة أخرى تشكيل تحالف؟ وهل سيرحب المجتمع بالإصلاحيين أم ينظر إليهم على أنهم جزء من المشاكل الحالية؟
في الوضع الحالي الإصلاحيون أنفسهم يمثلون مشكلة. وكما خسروا الانتخابات البرلمانية العام الماضي ولكن أساليبهم لم تتغير ولم يلبوا مطالب الشعب. ولا أعتقد أنهم سيفعلون ذلك في المستقبل أيضاً وذلك لأن الهدف لم يعد الإصلاح بالنسبة لهم. وإذا كانوا يفكرون بطريقة منطقية وحكيمة وعادلة يجب عليهم أن يعودوا إلى رشدهم ويتعاملوا مع المجتمع ويعودوا إلى المجتمع من خلال تغيير أساليبهم وأفكارهم. ونحن نسمع هذه الأشياء بالكلمات فقط وتتكرر ذات الأفعال مرة أخرى. ويجب أن نظهر أننا تعلمنا عملياً من أخطائنا.
- في حال كان الإقبال منخفضاً في الانتخابات المُقبلة فما هي التغييرات ضمن الساحة السياسية؟
لا أعتقد أنه سيحدث فارقاً لا يهمهم ذلك.
- بشكل أساسي، ما هو تأثير تصويت الشعب وصندوق الاقتراع على طريقة الحكم والسياسات الكلية؟
في حال كانت الانتخابات حقيقية فبعد كل انتخابات يجب أن يكون الفكر المنتصر قادراً على تأسيس إدارة الدولة على هذا الاتجاه والتحرك في هذا الاتجاه. فالناس يصوتون ثم الحكام يواصلون عملهم كما كان من قبل وبمثابرة وأساليب كبيرة يمنعون أي إصلاح أو تغيير.
إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا
المصدر/ صحيفة “شرق” الإصلاحية