الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة13 مارس 2021 07:03
للمشاركة:

صحيفة “آفتاب يزد” الإصلاحية – 4 أشهر ونصف من التلكؤ في إعلان حظر تصدير الدجاج

تطرقت صحيفة "آفتاب يزد" الإصلاحية، في أحد تقاريرها، لموضوع غلاء سعر الدجاج في السوق الإيراني. حيث شدّدت على ضرورة أن يتسم مسؤولي وزارة الصناعة بالشفافية في موضوع القانون الصادر حول منع تصدير الدجاج، وذلك بعد انتشار المعلومات عن قيام بعض التجار بتصديره في مخالفة للقوانين.

لطالما كان تنظيم السوق لبعض المنتجات الزراعية الاستراتيجية أمراً مثيراً للجدل. وفي بعض الأحيان يؤدي للنقص وأحياناً فائضاً في المنتجات ضمن السوق وسواء في المزارع الإنتاجية أو على أرفف المتاجر فإن الأسعار غير واقعية للمنتجين والمستهلكين، وهذه القضية لا تتعلق بالضرورة بالحكومة الحالية. ويبدو الأمر كما لو كان عندما دافع محمود حجتي وزير الزراعة السابق عن حقوق المزارعين ودخل في جدال حاد مع وزير التجارة وحتى أنه ترك اجتماع مجلس الوزراء بالقوة وتمكن من إدارة كمية الواردات ومنع سعر هذه الفاكهة من الانهيار الشديد وإلحاق الأذى بحقوق البستانيين الإيرانيين.

ولكن هذه ليست مشكلة تنظيم السوق وذلك لأنه في مقابل ذلك فقد ارتفعت الأسعار في بعض الأحيان لدرجة أن المخاوف من الغضب العام والاستياء الاجتماعي أجبرت الحكومات على اتخاذ قرار أبسط أي استيراد تلك السلع؛ ولكن الحل الثالث تم إدراجه فيما بعد ضمن أجندة الحكومات الحاكمة في إيران وهو منع تصدير المنتجات المُنتجة! وهو الأمر المضحك والغريب في اقتصاديات كافة دول العالم وحتى دول المنطقة. وذلك لأنه إذا كانت الحكومة بناءً على بيانات مثل الاحتياجات العادية للأفراد وكذلك قدرة وحدات الإنتاج غير النشطة (على سبيل المثال قطاع الدواجن الذي تعترف الحكومة بأنها كانت ضعف الطلب المحلي) تقوم بتنظيم التجارة بانتظام من خلال إصدار التعريفات الجمركية فإن مثل هذا الأمر مع الحفاظ على الاستقرار الداخلي لن يسبب اضطرابا للمشترين في مناطق إيران بل لن يكون من الممكن حتى التنازل عن هذا السوق بشكل دائم للمنافسين مثل تركيا!

وفي الواقع هذا هو السبب في أن “لحم الدجاج” كان من أكثر المنتجات الزراعية السياسية في إيران على مدى العقدين الماضيين. سواء في الوقت الذي احتج فيه مزارعو الدواجن على الإنتاج الضخم وسعره المتدني جداً مقارنة بتكلفة الإنتاج في معرض دولي للماشية والدواجن في طهران بحضور ممثلين عن الشركات الأوروبية الحاضرين في المعرض حيث تعرضوا لمحمود حجاتي وزير الجهاد الزراعي آنذاك وعندما بدأت الحكومات باستيراد الدجاج من البرازيل وفرنسا أثناء انفلونزا الطيور وإلى ما هنالك. وفي الوقت الذي تم اعدام 20 مليون دجاجة بياضة ومليون دجاجة عادية بسبب تفشي الفيروس، مما دفع نقص البيض الحكومة إلى السعي لاستيراد البيض حيث تعتبر تجارته محدودة للغاية ونادرة في جميع أنحاء العالم.

والآن أصبح وضع سوق الدجاج في إيران مؤسفاً للغاية لدرجة أن “محمد باقر قاليباف” رئيس البرلمان الذي استهدف مؤخراً حكومة روحاني بسبب ارتفاع أسعار لحوم الدجاج، قال “الدجاج يجب أن يكون سعره 9000 تومان، وليس 25000 تومان”. وقد كان تعليقاً فاجأ العديد من مزارعي الدواجن وحتى أن مزارع دواجن يدعى “جهرمي” في محافظة فارس أعلن عن استعداده لتقديم تجربة دورة إدارة وحدة دواجن لقاليباف دون أي مقابل. هذه الحادثة دفعت قاليباف إلى دخول ساحة النقاشات السياسية في سوق الدجاج الجذاب للسياسيين مرة أخرى بعد شهرين وانتقاد إدارتها حيث قال “الناس اليوم لا يمكنهم حتى شراء أرجل الدجاج”.

4 أشهر ونصف من التلكؤ في إعلان حظر تصدير الدجاج

على الرغم من الاضطرابات في سوق الدواجن قامت وزارة الصناعة والمناجم والتجارة بتأخير الإعلان عن حظر تصدير هذا المنتج لمدة 4 أشهر ونصف (من 31 تشرين الأول/ أكتوبر 2020 وحتى 10 آذار/ مارس 2021) ولكن ليس من المعروف كم من الدجاج تم تصديره خلال هذه المُدة.

وفقاً لـISNA  تضاعف السعر المعتمد للدجاج هذا العام في مقر تنظيم السوق والآن يبلغ سعره المعتمد 20400 تومان. ولكن في الأسابيع الأخيرة وصل سعر كل كيلوغرام من لحم الدجاج إلى أكثر من 30 ألف تومان ووصل سعر كل سلة بيض (30 بيضة) إلى أكثر من 40 ألف تومان.

حيث يقول مسؤولون في وزارة الصناعة والمناجم والتجارة إن سبب ارتفاع أسعار الدجاج هو قلة العرض وهو من مسؤولية وزارة الزراعة. وعلى سبيل المثال قال عباس قبادي سكرتير هيئة تنظيم السوق في البلاد مؤخراً، إن 400 طن من لحم الدجاج الطازج يدخل الساحة الرئيسية بطهران يومياً وفي بعض الأيام يصل هذا الرقم إلى 700 طن؛ بينما يحتاج سوق طهران من 1200 إلى 1500 طن من الدجاج يومياً. وعلى الجانب الآخر من القصة تقول وزارة الجهاد الزراعي إنها توزع المدخلات في نظام “السوق” ويتم التسعير المرتفع على مستوى السوق وهو من مسؤولية وزارة الصناعة والمناجم والتجارة. وفي خضم ذلك يقول مزارعو الدواجن إن سعر التكلفة بالنسبة لهم أعلى من المعدل المعتمد، وكما يشيرون إلى الانحراف الحاد في توزيع الدجاج.

ووفقاً لإحصاءات الجمارك الإيرانية فقد بلغ استيراد الدجاج في الأحد عشر شهراً الأولى من العام الشمسي الجاري (بدأ في 21 آذار/مارس 2020) 112.8 طن أي ما يعادل 203.4 ألف دولار والتي قد تم استيرادها كاحتياطي استراتيجي حيث انخفضت لأكثر من 90% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي. ويعود سبب هذا الانخفاض الكبير إلى اعتقاد المسؤولين أن الإنتاج المحلي يُلبي الحاجة وليس هناك حاجة للاستيراد.

والآن في خضم كل هذه المشاكل التي لا يتحمل أحد مسؤوليتها على الرغم من حقيقة أن هيئة تنظيم السوق قد حظرت تصدير الدجاج في أواخر تشرين الأول/ أكتوبر إلا أنه لم يتم إبلاغ هذا القرار للجمارك حتى تاريخ 10 آذار/ مارس 2021؛ لذلك من المحتمل أن الجمارك بصفتها المُنفذ لم تنفذ هذا المرسوم. وبالطبع لا تتوفر إحصاءات عن صادرات الدجاج خلال الأشهر الأربعة الماضية، ولم يرد المسؤولون في وزارة الصناعة والمناجم والتجارة على الغموض حتى تحرير هذا الخبر.

لذلك يجب على مسؤولي وزارة الصناعة والمناجم والتجارة وخاصة هيئة تنظيم السوق أن يتسموا بالشفافية في هذا الصدد ويكونوا مسؤولين أثناء عرض إحصاءات الصادرات خلال هذه الفترة وحول سبب عدم الإعلان عن قرار حظر تصدير الدجاج عندما وصل سعر هذا المنتج في السوق إلى ما لا يقل عن 10 آلاف تومان أعلى من السعر المعتمد وحتى في مواجهة كورونا، تتشكل طوابير طويلة لشراء الدجاج المدعوم من الدولة.

بخصوص سبب تباطؤ وزارة الصناعة والمناجم والتجارة في إعلان حظر تصدير لحوم الدجاج، يلاحظ أن الوزارة كانت قد سجلت سعر 30 ألف تومان بعد 5 أشهر حيث كان سعر الدجاج 14 ألف تومان للكيلوغرام الواحد وحتى في الشهر أو الشهرين الماضيين ولكن لم يتحدث أحد والآن بعد أن وصل إلى حد 35000 تومان فمن العجائب أنه بغض النظر عن صواب أو خطأ هذا القرار فإن هناك أسئلة كثيرة! ومع ذلك بالإضافة إلى الانتقادات لهذا الإعلان المتأخر جداً يجب الانتباه إلى حجم الصادرات التي تمت في فترة الأشهر الخمسة هذه وبافتراض أنه تم تصدير 5000 طن فقط فإن هذه الكمية لا يمكن أن تكون حاسمة في سعر اليوم وتبرر ارتفاع سعر الدجاج في السوق. وهو المعدل الذي تتبعه مراسل “أفتاب يزد” في حديث مع الناطق باسم جمارك الجمهورية الإسلامية الإيرانية بعد إطلاعه على الوثائق الرسمية في المكتب المذكور.

وفي الوقت ذاته، لا ينبغي إغفال أنه في الوقت الذي يواجه فيه مصدرو التفاح في أذربيجان الغربية فائضاً قدره 750 ألف طن من الفاكهة، حيث كبّل حظر التصدير أيديهم، وعلى الرغم من ذلك لا يزال سعر فاكهة التفاح باهظ الثمن وبعيداً عن متناول الشعب الإيراني المظلوم. لذلك، ليس من غير المعقول أن نتوقع بصرف النظر عن الخطأ الإداري الكبير لمكتب اللوائح والصادرات التابع لوزارة الصناعة والمناجم والتجارة في الإعلان عن المرسوم الحكومي الرسمي، أن عاملاً آخر غير كمية الصادرات كان متورطاً أيضاً في ارتفاع أسعار الدجاج.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “آفتاب يزد” الإصلاحية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: