الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة13 مارس 2021 06:53
للمشاركة:

الناطق باسم الحكومة الإيرانية: أوجه الشبه بين تأميم النفط والتأميم النووي

شرح الناطق باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي، في مقاربة له عبر صحيفة "ايران" الحكومية، ارتباط الاتفاق النووي بحادثة تأميم النفط الذي قام به رئيس الحكومة الإيراني السابق محمد مصدق. إذ اعتبر ربيعي أن تأميم الخطاب النووي يعني ربط ذلك الخطاب بخطاب السلام واحتياجات إيران من التنمية الاقتصادية وهو ما ينعكس حسب قوله بجلاء على لسان القائد الأعلى للثورة.

بدأ قانون تأميم صناعة النفط الذي أقره الراحل الدكتور محمد مصدق ورفاقه، بمن فيهم آية الله كاشاني كداعم ديني، في 20 آذار/ مارس 1951على النحو التالي “باسم رفاهية الشعب الإيراني ومن أجل المساهمة في السلام العالمي يقترح الموقعون التالون إعلان صناعة النفط الإيرانية وطنية في جميع مناطق البلاد دون استثناء. وهذا يعني أن جميع عمليات التنقيب والاستخراج والاستفادة يجب أن تكون في أيدي الحكومة”.

بعبارة أخرى خلقت الروح السلمية للأمة الإيرانية في بداية الحركة الوطنية تناغمًا لطيفًا بين الحقوق الوطنية والتفاعل العالمي. كانت قيادة الحركة الوطنية تدرك جيداً مكر المستعمرين في ذلك الوقت وأكدت توافق تأميم النفط والسلام العالمي مع وظيفة احترازية في إحباط المؤامرة الاستعمارية لتصوير الأمة الإيرانية على أنها عدوانية. سر انتصار الحركة الوطنية كان أن إنتاج الخطاب حول الطاقة الأحفورية يسير جنبًا إلى جنب مع إنتاج هذه الطاقة نفسها. لم يستطع أعداء إيران هزيمتها في لاهاي في المجال القانوني.

نفس العقلية التي أوقفت الحركة الوطنية الإيرانية للاستغلال السلمي للطاقة البترولية من خلال انقلاب ضد الشعب الإيراني المنتخب ديمقراطياً، بعد سنوات أعيد إنتاجه بوحشية بطريقة مختلفة في شكل عقوبات وبطريقة مختلفة تم اصطفافه ضد تصميم الأمة الإيرانية على استخدام الطاقة النووية بشكل سلمي.

إذا كان تأميم صناعة النفط من قبل الدكتور الراحل مصدق يمكن أن يصبح شيئًا دائمًا فقط من خلال محاربة الحيلة الأميركية المتمثلة في “إظهار الشيوعية” عند الشعب الإيراني (وهو أمر فشل مصدق للأسف في مواجهته)، وحتى اليوم لن يكون التأميم الكامل للطاقة النووية ممكنًا إلا من خلال إحباط الخدعة الصهيونية المتمثلة في “تسليح إيران النووية”. تم تأميم الطاقة النووية في بلدنا بالكامل بفضل الاتفاق النووي. يعني أن مبدأ التخصيب والإنتاج المادي للطاقة النووية ليس فقط مسألة محلية ووطنية ولكن بفضل المناقشات العديدة التي دارت في جو الحكمة والاعتدال حول الطاقة النووية كان خطابنا النووي أيضًا خاضع للإجماع.

منذ البداية استند خطاب التدبير والاعتدال إلى الجمع الصحيح بين الحق في التخصيب، ودورة الحياة، والدورة النووية وصنع السلام. وبهذه الطريقة يرتبط خطاب “دورة الحياة” في استمراره المنطقي بعبارة “السلام متاح”. إن إقامة صلة خطاب بين بناء الثقة في عملية التفاوض وبناء السلام في المنطقة والتخصيب النووي في الداخل سيجعل السيطرة على هذه التكنولوجيا الحديثة تحت سيطرة وإدارة الفاعلين المحليين بالمعنى الدقيق للكلمة.

إن تأميم الخطاب النووي يعني ربط ذلك الخطاب بخطاب السلام واحتياجات إيران من التنمية الاقتصادية وهو ما ينعكس بجلاء على لسان القائد الأعلى للثورة. لسوء الحظ في العامين الماضيين بالتوازي مع الضغط الأقصى حاول البعض خلق نوع من الصدع في الخطاب النووي. في هذا المجال نشهد نوعا من العودة الرجعية لخطاب الرئيس الأميركي السابق حول الطاقة النووية، ولقد تردد صدى خطاب “الكبح النووي” في مختلف المنتديات.

تجدر الإشارة إلى أنه في مجال الدعاية ونشر أقوالنا نتحرك في فضاء وأرض عالميين غير متكافئين للغاية. في مثل هذا العالم عندما يتعلق الأمر بالدفاع علينا التحدث بلغة يمكننا توجيه اتجاهها بدقة إلى أهداف الدفاع المحددة. أي سد الطريق أمام أي سوء فهم وسوء استخدام لجهاز الدعاية الصهيونية العالمية. لا ينبغي تمثيل الدفاع الوطني للنظام بطريقة من شأنها أن تعزز البنتاغون أو تغذي الآلة الدعاية لأمراء الحرب الصهاينة.

فتوى القائد الأعلى بشأن تحريم إنتاج واستخدام كافة أنواع أسلحة الدمار الشامل لها وضوح وذكاء مذهلان وإن إنتاج الخطب الخرقاء حول الطاقة النووية مع احتضان القيمة العالمية لتلك الفتوى يوفر أرضًا خصبة لأعداء إيران ورجال الأعمال المتعطشين للدماء لشن هجوم على الطاقة النووية لإيران بشكل تعسفي وتشويهها فعليًا.

عندما يفصل البعض الخطاب الأساسي عن موقفه الأصلي والرسمي ويحاول إعطائه وظيفة “رادعة” فإن الروح السلمية لهذا الإنجاز الوطني تنزعج لا شعوريًا وتتعرض لمصادرة خطاب الأعداء.

كانت هذه هي نفس العقبة التي لم تستطع للأسف أول حكومة وطنية منتخبة لبلدنا للمرحوم مصدق تجاوزها. كان رواد تأميم صناعة النفط على دراية بالفشل وبناء الأمن لأعداء إيران الذين حاولوا منذ البداية إقامة صلة مناسبة مع القضية الوطنية بين ما أسموه “السلام العالمي”.

ذريعة ذلك اليوم كانت “خطر أن تصبح إيران شيوعية” وحيلة اليوم هي تأمين الطاقة النووية. كان جوهر الاتفاق النووي كما أكد المسؤولون الحكوميون مرارًا وتكرارًا هو كسر حاجز “برنامج الأمن والطاقة النووية الإيراني”. لذلك فإن أولئك الذين يحاولون تجميع وتمثيل برنامج الطاقة النووية لبلدنا في هالة من لغز الخطاب الأمني يمكنهم دون وعي تسهيل نفس الهياكل الأمنية التي ليس لها نهاية سوى القرارات الشريرة والمناهضة لإيران.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “ايران” الحكومية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: