الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة3 مارس 2021 09:09
للمشاركة:

صحيفة “ايران” الحكومية – الضوء الأخضر للموافقة على بنود FATF

شرحت صحيفة "ايران" الحكومية، في مقال لـ"احسان بداغي"، تفاصيل المشاورات الجارية في مجمع تشخيص مصلحة النظام حول بنود مجموعة العمل المالي. حيث كشف الكاتب عن محتوى النقاشات الجارية داخل المجمع، مشيراً إلى أن أغلب الأعضاء أبدوا إيجابية في هذه الاجتماعات، واضعين بعض الشروط أمام الموافقة على هذه البنود.

أعلن عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام محمد صدر أن “التفسير الذي قدمته الحكومة مؤخراً بشأن “مجموعة العمل المالي” أثار شكوك بعض معارضيها. وسرعان ما بدأت تظهر بوادر أوضح لهذه الشكوك”. وقال عضو المجمع محمد رضا باهنر أن “مشروعي قانون باليرمو ومكافحة تمويل الإرهاب من المرجح أن تتم الموافقة عليهما من قبل مجمع تشخيص مصلحة النظام”. وحتى الآن، هذا هو البيان الأكثر وضوحاً حول المصير المحتمل لهذين المشروعين في الأيام المقبلة. ولكن هناك المزيد من المؤشرات على صحة هذا التقييم والتي تستند على خلق الشكوك في عقلية المعارضين.

وقبل وقت قصير من إعلان باهنر، تحدث مرتضى نبوي، أحد معارضي FATF في المجلس خلال برنامج تلفزيوني عن تغيير موقفه. ومن بين أمور أخرى، شدد على أن حق التحفظ واجب التطبيق على إيران وفقاً للمحامين، وأن وجود إيران على القائمة السوداء يزيد من تكاليف البلاد بنسبة 20% على الأقل.

وكما أن آية الله مجتهد شبستري وهو عضو آخر معارض لمجموعة العمل المالي حيث اتخذ موقفه أكثر ليونة أمس، وقال إن “التصديق على مشاريع قوانين مجموعة العمل المالي سيكون مشروطاً، وإذا أوفت مجموعة العمل بالتزاماتها، فإن المعاهدة ستدخل حيز التنفيذ.”

حتى الآن في الجولة الجديدة من المداولات حول مشروعي قانون باليرمو ومكافحة تمويل الإرهاب في مجلس تشخيص مصلحة النظام، تم سماع بعض المسؤولين الحكوميين. وبعد ذلك قدمت لجان المجلس 4 مقترحات للمجلس للمصادقة النهائية عليها، ولم تنشر تفاصيلها بعد. ولكن في خضم ذلك، كان هنالك موضوع اقتراح مهم قدمته الحكومة، وكما قال ماجد أنصاري يوم الأحد، فقد كان مؤثراً في رأي المعارضين ضمن المجلس. والاقتراح هو أن إيران، طالما أنها تخضع للعقوبات، تعتبر أن من حقها المشروع الالتفاف على العقوبات وبالتالي لن تقدم تفاصيل أو معلومات عنها إلى أي سلطة. بتعبير أدق، هذا هو “حق التحفظ” أو “حق التشرّط” من جانب إيران لمجموعة العمل المالي، وهو ما ستقبله الحكومة بقبول اتفاقيتي باليرمو ومكافحة تمويل الإرهاب.

وأشار محمد رضا باهنر بشكل مباشر إلى موضوع العقوبات والالتفاف عليها، وقال “اليوم، تُفرض علينا عقوبات جائرة، ومن أجل تحييد هذه العقوبات، يجب علينا التحايل عليها في مكان ما وتجاهل القوانين القمعية للدول المعادية. وإذا كانت هذه القضايا تُكتب على أنها جريمة ضدنا، فهي ظالمة”، مضيفاً “كيف ننضم إلى باليرمو ومعاهدة مكافحة تمويل الإرهاب لنعلن في المجتمع الدولي أننا ضد الإرهاب ومن ناحية أخرى، لا ينبغي أن تكون أداة لتحييد صراع إيران ضد العقوبات”. وهذا يعني بالضبط حق التشرط الذي قال عنه مجيد أنصاري إنه تم اقتراحه كمقترح حكومي جديد. ولكن كلام مرتضى نبوي تناول هذا الموضوع بشكل أكثر صراحة.

وقد رد نبوي على سؤال حول احتجاج البعض عن القبول المشروط لهذه القوانين حيث يستند المعارضين إلى أن مجموعة العمل المالي يمكنها إنكار الشروط الإيرانية، حيث قال نبوي “لا أعتقد أن رأي الخبراء هذا صحيح. وذلك لأن الجواب ليس صفراً وواحد. أي في حال قبلنا، يجب أن يكون قبولاً غير مشروط. وفي الحقيقة، لقد تحدثت إلى خبراء القانون الدولي وقد قالوا إنه في هذه الحالة، يمكن إعطاء حق التشرّط. وتطبق هذه الشروط. وعلى سبيل المثال، لنفترض أن دولة وضعت شرطاً وقالت إنني لا أقبل الشرط الإيراني. في ذلك الوقت فإن روابطنا تنهار فقط مع ذلك البلد، وليس مع الآخرين. مثل روابطنا الآن مع السعودية حيث لم تعد لدينا روابط مالية معها. لذلك يمكن وضع حق التشرّط. أليست العقوبات الأميركية قائمة على القواعد والأنظمة الآن؟ حيث جاء الرئيس السابق وخرق كل القواعد الدولية. وكل هذه القرارات ضد الكيان الصهيوني فلماذا لا يطبقونها؟ الطريقة الرئيسية هي أنه بشكل عام يجب أن نزيد قوتنا وأن نصبح أقوياء. ولكن من ناحية أخرى، نحن جزء من المجتمع الدولي ونريد التعاون مع دول أخرى، باستثناء بعض الدول. لذلك في ظل الظروف العادية، إذا لم يكن لدينا انتهاكات داخلية، فيمكننا الحصول على حقوقنا من خلاله. لذلك، فإن حق التشرّط قابل للتنفيذ، ويمكننا القول في أي وقت أن طلبك مخالف لقانوننا المحلي ولن ننفذه”. وتبدو إجابات نبوي هذه واضحة لدرجة أنها لا تحتاج إلى تفسير.

بالتوازي مع هذه الخطابات، فإن موقف آية الله مجتهد شبستري وهو عضو آخر في مجمع تشخيص مصلحة النظام ملفت للانتباه. حيث كان من أشد المعارضين لـ “مجموعة العمل المالي” خلال السنوات الثلاث الماضية، وأصر على معارضته حتى الأيام الأخيرة من كانون الثاني/ يناير الماضي. وشدد في الوقت ذاته على عدم وجود فرصة لإقرار هذه القوانين وأن تصويت أعضاء المجلس سيكون سلبياً.

وبالأمس، على الرغم من أنه كان أكثر ليونة من ذي قبل، فقد كرر معارضته لمشاريع مجموعة العمل المالي، قائلاً إن “الحكومة تعتقد أن تمرير هذه القوانين يمكن أن يزيل العقبات التي تعترض علاقات إيران المالية مع الدول الأخرى؛ لكن الخبراء لا يعتبرون إخراج إيران من القائمة السوداء لـ FATF يحل العقدة. حيث يعتقد بعض الأشخاص غير المطلعين أن الانضمام إلى مجموعة العمل المالي سيحل المشاكل الاقتصادية والمصرفية والمعيشة للناس.” ولكن الجزء المهم من خطابه هو جملة أخرى “إذا تمت الموافقة عليها من قبل مجمع تشخيص مصلحة النظام، فإن التصديق على مشاريع قوانين مجموعة العمل المالي سيكون مشروطاً، وإذا أوفت مجموعة العمل هذه بالتزاماتها، فإن المعاهدة ستدخل حيز التنفيذ”.

على حد تعبير مرتضى نبوي بالطبع، هناك مؤشرات أخرى تشير إلى أنه بصرف النظر عن مسألة حق التحفظ للالتفاف على العقوبات، كانت هناك قضايا أخرى فعالة أيضاً في تغيير أجواء المجمع. حيث قال “بعض المسؤولين قدموا وثائق تفيد بأن بعض دولنا الصديقة، التي تربطها علاقة جيدة نسبياً بنا، تسأل لماذا لا تنضمون إلى مجموعة العمل المالي، الأمر الذي يجعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة لنا”. وذات الشيء قاله وزير الخارجية لمعارضي مجموعة العمل المالي منذ عامين ونصف في جلسة البرلمان في الـ7 من تشرين الأول/ أكتوبر2018، حيث قال “قال حاكم المصرف المركزي الروسي للسيد عبدالناصر همتي حاكم مصرفنا المركزي، إننا لا نستطيع العمل معكم بدون مجموعة العمل المالي”. وفي خطابه الأخير، أثار مرتضى نبوي قضية أخرى حول ما إذا كان رفض هذه الاتفاقيات سيكون له آثار تضخمية أم لا؛ وأضاف “إن مشكلة العقوبات موجودة من الماضي وحتى الآن ولكن هذه القضية ترفع التكاليف علينا. وعلى سبيل المثال في ظل الظروف العادية، في حال عملنا من خلال ما بين المصارف مع دول أخرى وكانت هنالك تكلفة، فإن تكاليفنا سترتفع بنحو 20%.”

وهذا يعني أن عدداً أكبر من أعضاء المجمع يتفقون الآن على أن زيادة الإنفاق الوطني، فضلاً عن الافتقار إلى التعاون من الدول الصديقة، هما أثران رئيسيان في رفض مشاريع قوانين مجموعة العمل المالي. وفي الواقع، فإن هاتين المسألتين، مثل ضرورة تمرير هذين المشروعين ومسألة حق التشرّط كاحتمال تنفيذي في يد إيران ضد دول أخرى، كانا مثلث الخلافات بين مؤيدي ومعارضي مجموعة العمل المالي في السنوات الثلاث الماضية. وإن نتيجة تقليص نطاق الخلافات حول هذه القضايا الثلاث ليست سوى ذات النقطة التي أكد عليها باهنر حين قال “في رأيي، من المرجح أن تتم الموافقة على قوانين مجموعة العمل المالي. بشرط، ألا يعطل التطور الأخير لهذه المعادلة”.

مرّت ثلاث سنوات منذ خروج ترامب من الاتفاق النووي وبدء النقاش المتعلق بمجموعة العمل المالي في إيران، وقد خلقت هاتان المسألتان معضلة متشابكة. حيث الانقسام الذي تعتقد الحكومة والعديد من الخبراء أنه يتأثر إلى حد كبير بالوضع الاقتصادي للبلاد. حيث كان أحد الأسباب الرئيسية للمعارضين لـ FATF المؤثرين في معارضتهم هو أن قبول اتفاقيتي باليرمو ومكافحة تمويل الإرهاب في سياق العقوبات لا معنى له ولا يفك عقدة البلاد. ومنذ شهر مضى، كانت لهم اليد العليا في الاتفاق النووي ومجموعة العمل المالي. والآن ومع ذلك، من الواضح أن التوقعات لكليهما ليست إيجابية تماماً، ولكن إلى حد إيجابي نسبياً. وقال محمد رضا باهنر إن مجموعة العمل المالي ستلتقي بمجمع تشخيص مصلحة النظام في غضون الخمسة عشر يوماً القادمة وسيتم اتخاذ قرار. وهذا يعني أنه بعد ذلك، سيتبقى للوكالة شهرين من الموعد النهائي لإيران. وفي هذا السياق، إذا كان التغيير في مناخ مجموعة العمل المالي (FATF) يمكن أن يكون علامة على تغيير كبير في الأسابيع المقبلة بالنسبة للاتفاق النووي هو السؤال المهم الذي سيتبادر إلى أذهان الكثيرين. وهل سيتم تخفيف أو إلغاء الثقلان المرتبطان بالاقتصاد الإيراني كلياً في الأشهر المقبلة؟

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “ايران” الحكومية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: