الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة2 مارس 2021 07:33
للمشاركة:

صحيفة “رسالت” الأصولية – لماذا لا يعود بايدن إلى التزامات الاتفاق النووي؟

تناولت صحيفة "رسالت" الأصولية، في مقال لـ"احسان تقدسي"، موضوع الاتفاق النووي بين إيران وأميركا وسبب تأخر واشنطن في اتخاذ أي خطوة تنفيذاً لوعود جو بايدن الانتخابية. حيث رأى أن السبب في التأخر هو الخلافات داخل البيت الأبيض، مشيراً إلى أن أحد الحلول الممكنة لبدء المفاوضات هو أن يتم السماح للشركات الأوروبية بالعودة إلى إيران، خصوصاً وأنها خطوة مغرية للأوروبيين ولإيران، حسب تعبيره.

بعد أربعين يومًا من تولي الإدارة الأميركية الجديدة السلطة وتردد إدارة بايدن في الانضمام إلى الاتفاق النووي، يجب علينا انتظار تطورات جديدة في المنطقة وتشكيل جولة توتر جديدة بين إيران والولايات المتحدة. يعد عدم انضمام بايدن إلى الاتفاق النووي أمرًا مهمًا لأنه كان ينتقد خروج ترامب على مدار السنوات الثلاث الماضية ورأى أن ذلك يضر بالمصالح الوطنية لبلاده. الآن السؤال الذي يطرح نفسه ما سبب تأخر بايدن في الانضمام إلى الاتفاق النووي؟ هل ندم على ما قاله خلال الانتخابات حول عودته الفورية إلى الاتفاق النووي إذا دخل البيت الأبيض؟ هل موضوع الاتفاق النووي وإيران في أولوياته؟ يجب رؤية الإجابات على هذه الأسئلة في موضوع واحد: خلافات خطيرة داخل فريق صنع القرار في البيت الأبيض بشأن إيران. يجلس وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن على أحد جانبي المكتب ومستشار الأمن القومي جيك ساليفان على الجهة الأخرى، ويعتقدان أن الطريقة الوحيدة للحصول على تنازلات من إيران هي الحفاظ على الضغوط الاقتصادية لحقبة ترامب وإدارتها بشكل ديمقراطي.

من وجهة نظرهم، فإن إيران هي التي يجب أن تعود إلى طاولة المفاوضات وتلتزم بالتزاماتها تجاه الاتفاق حتى تتمكن الولايات المتحدة بعد ذلك من اتخاذ قرار بشأن ما إذا كانت ستعود إليه. وقد رفضت إيران هذا الرأي تمامًا. من وجهة نظر إيران، كانت الولايات المتحدة هي التي انتهكت القانون بالانسحاب من الاتفاق النووي. على الجانب الآخر من فريق السياسة الخارجية الأميركية هناك شخص مثل روبرت مالي الذي يعتقد أن الولايات المتحدة هي المسؤولة عن الوضع الحالي بسبب الانسحاب من الاتفاق ويجب أن تتخذ الخطوة الأولى. على الرغم من أن روبرت مالي حاليًا شخصية مهمة في البيت الأبيض لكن نظرًا لتفوق بلينكين وساليفان فمن غير المرجح أن يستمر وجوده في البيت الأبيض لفترة طويلة. من المرجح أن يتبع خليفته نفس النهج الذي اتبعه سوليفان وبلينكين. سبب آخر للنظر في عدم انضمام بايدن للاتفاق هو محاولته تجنب الانخراط أولاً مع المعارضين الجمهوريين وثانياً مع الحلفاء الأجانب للولايات المتحدة مثل إسرائيل والمملكة العربية السعودية بشأن ما يعتبره انحرافًا وإهمالًا.

إن عودة الولايات المتحدة للانضمام إلى الاتفاق النووي مرة أخرى يمكن أن يضع بايدن في تحدي مع الديمقراطيين المنتقدين عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي. الأولوية الأولى لبايدن هي حل مشاكل أميركا الداخلية خاصة في مجال الاقتصاد وهو بذلك يحتاج إلى جميع منتقدي حزبه وخصومه السياسيين. أصبح الاتفاق النووي بشكل غريب الخط الأحمر للعديد من الجمهوريين والديمقراطيين. على أي حال تحتاج الولايات المتحدة إلى حل المشكلة. تعتقد كل من إيران والولايات المتحدة لأسباب مفهومة أن الخطوة الأولى يجب أن يتخذها الطرف الآخر في الوفاء بالتزاماته. تستخدم الولايات المتحدة قوة الديمقراطيين في دفع هدفها لبناء إجماع دولي. ومع ذلك فإن الأخطاء التكتيكية الأميركية خاصة خلال عهد ترامب جعلت الحجة الأميركية في وضع غير مواتٍ مقارنة بالحجة الإيرانية. إذن ما هو حل بايدن؟ يتخذ بايدن خطوات مكلفة لتمهيد الطريق للاتفاق النووي وتشجيع إيران.

من أهم الخطوات تحرير العملة الإيرانية المحجوبة في بعض الدول، مثل كوريا الجنوبية والعراق. في هذا الصدد، تم إعطاء أضواء خضراء في الأيام الأخيرة. بعبارات أبسط، يسعى بايدن إلى التظاهر بتنازلات مقابل تحرير الأموال الإيرانية في حين أن حظر العملة الإيرانية خلال هذه الفترة، بالإضافة إلى كونه انتهاكًا للاتفاق النووي، ليس له أساس في القانون الدولي. من المرجح أن تكون الخطوة التالية لبايدن هي السماح لإيران بالاقتراض من صندوق النقد الدولي. تقدمت إيران بطلب للحصول على قرض بقيمة 5 مليارات دولار. قد يكون سداد القرض مصدر ضغط جديد على إيران، بالنظر إلى معضلة علاقات إيران مع الغرب. هناك خطوة أخرى محدودة حاليًا ولكن ليست مستحيلة، أن يتم السماح للشركات الأوروبية بالعودة إلى إيران. تجربة تواجد هذه الشركات في العصر الذهبي لتنفيذ الاتفاق النووي مغرية للأوروبيين ولإيران.

بالنظر إلى الطبيعة غير الموثوقة للسياسة الخارجية الأميركية والتزام الأوروبيين الكامل بها، فإن إعادة ترخيص العديد من شركات النفط والسيارات لن تكون ذات فائدة كبيرة لإيران على المدى الطويل. على العكس من ذلك يمكن أن تكرر الظروف القاسية للسنة الأولى بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق. ما هو الغرض من رفض الولايات المتحدة الامتثال لالتزامات الاتفاق لنووي؟ أوضح مسؤولو إدارة بايدن المؤثرون منذ اليوم الأول للبيت الأبيض أن الاتفاق النووي كان استجابة لمطالب رئاسة باراك أوباما وأن عالم ما بعد ترامب له قصته الخاصة. ما يقولون هو إشارة مباشرة إلى القضاء على القدرة الدفاعية لإيران وخاصة القدرة الصاروخية الإيرانية رغم أنهم يعبرون عنها دبلوماسياً. الضربة الصاروخية لعين الأسد، واستهداف قواعد داعش من داخل إيران وعلى مسافة مئات الكيلومترات وغيرها دفعت الأميركيين إلى السعي للحفاظ على هامش آمن لأصدقائهم الإقليميين وخاصة إسرائيل ثم السعودية.

من أهم أسباب بايدن محاولة فرض اتفاق نووي ثاني على إيران تحت الاسم الرمزي للحوار حول القضايا الجديدة. نموذج الحكومة الأميركية لإيران ليس سوى النموذج الليبي: نزع السلاح النووي والصاروخي ثم إسقاط القذافي. كان هناك تصور بين بعض المسؤولين الإيرانيين بأن بايدن سيعود إلى الاتفاق في 20 كانون الثاني/ يناير وهو أمر أساسي في الالتزامات الأميركية. لكن اليوم يسعى بايدن إلى خلق عقوبات ضد إيران أقسى من العقوبات التي فرضها ترامب على إيران. فإن سبب سوء تقدير الحكومة ليس سوى عدم الإلمام بأجواء السياسة الدولية والسياسة الأميركية تجاه إيران.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “رسالت” الأصولية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: