الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة1 مارس 2021 13:59
للمشاركة:

حلمٌ بدأه محمد خاتمي.. هل انتهى التيار الإصلاحي في إيران؟

قراءة في مستقبل التيار الإصلاحي في إيران

تنتخب الجمهورية الإسلامية الإيرانية، في يونيو (حزيران) المقبل، رئيسًا جديدًا، وذلك بعد أن خاضت في العام الماضي، انتخابات برلمانية تعد الاسوء في تاريخها من حيث نسبة الإقبال على التصويت، علاوة على سيطرة المعسكر المحافظ على مقاعد البرلمان بالكامل!

من حين لآخر تنشر وسائل الإعلام المحلية، أسماء المرشحين المحتملين للمعسكر الأصولي، بينما وعلى ما يبدو لم يتخلص التيار الإصلاحي حتى الآن، من حالة التفكك والتشرذم، ولم يتفق على مرشح واحد للانتخابات الرئاسية القادمة. الأمر الذي يبدو منطقيًا أو متوقعًا في ظل الأزمات التي يعاني منها معسكر الإصلاح، والتي دفعت البعض بالقول إن الرئيس الإصلاحي الحالي حسن روحاني قد خذلهم، وأن الحركة الإصلاحية قد «دخلت مرحلة الاحتضار»، والتي تتبعنا معطياتها في تقريرين سابقين، 1، 2.

فالتيار الإصلاحي الإيراني يعاني في السنوات القليلة الماضية من أزمة عميقة، سواء على مستوى التنظيم الداخلي، أو على مستوى الشعبية بين الجماهير الإيرانية، وأكبر دليل على ذلك، شعارات «لا للإصلاحيين» التي كررها ورددها المحتجون سواء في مظاهرات ديسمبر (كانون الأول) 2017 – يناير (كانون الثاني) 2018، أو في الاحتجاجات الأخيرة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019!


لكن هذا لم يكن هذا هو حال تيار الإصلاح في إيران قبل ما يزيد عن 20 عامًا، عندما جاء رجل الدين محمد خاتمي، ليجدد الآمال في التغيير والديمقراطية لدي الإيرانيين، ويؤسس للإصلاح الذي طالما كان الشعب متعطشًا له. فما الذي حدث؟ وكيف تبدد حلم التيار الإصلاحي في إيران؟

الانتخابات الرئاسية الإيرانية السابعة: «هل ينشق القمر؟»

في عام 1992 استقال السيد محمد خاتمي، من منصبه – وزيرا لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي – في حكومة علي أكبر هاشمي رفسنجاني. حينها كان السيد خاتمي قد بدأ الاجتماع بشكل مستمر مع الشخصيات والنشطاء السياسيين ذوي التوجه العلماني والإصلاحي، إلى جانب المثقفين من رجال الدين.

يقول مهرداد أفشاري، الناشط السياسي الإصلاحي، في حديثه لـ«ساسة بوست»: «كانت هذه الاجتماعات بمثابة نواة تشكيل التيار الإصلاحي في إيران. في هذه الاجتماعات جرى تشكيل العقلية الإيرانية الإصلاحية، لتصبح فيما بعد تيارًا مهمًا على الساحة السياسية الإيرانية».

استمرت هذه النقاشات والاجتماعات، حتى جاء موعد الانتخابات الرئاسية السابعة في عام 1997، قبل الانتخابات بعدة أشهر، جرى تداول اسم السيد محمد خاتمي مرشح محتمل للرئاسة، لكن لم يؤخذ هذا الترشيح على محمل الجد، ولكن بعد أن أعلن مير حسين موسوي، السياسي الإصلاحي البارز أنه لن يترشح للانتخابات الرئاسية، جرى تأكيد ترشيح محمد خاتمي. في الوقت الذي كان منافسه من المعسكر الأصولي، هو علي أكبر ناطق نوري، السياسي المحافظ المتشدد والمدعوم بقوة من المؤسسة السياسية الإيرانية.

يقول السياسي الإصلاحي البارز مصطفى تاج زاده، في أحد لقاءاته، معلقًا على ترشيح خاتمي في ذلك الوقت: «تساءلت حينها هل سينشق القمر، وتحدث معجزة، ويفوز خاتمي، لكني كنت على يقين بأن هذا الأمر لن يحدث، وسيحصل خاتمي باقصي تقدير على 3 مليون صوت فقط».

حينها دعم السيد تاج زاده وغيره من السياسيين الإصلاحيين، ترشيح محمد خاتمي، دون أي أمل في الفوز، كان أقصى طموحهم هو المشاركة السياسية، وإعلام الناس والمؤسسة السياسية بأن هناك تيارًا ثانيًا غير السائد.

«انشق القمر!».. 20 مليون صوت تذهب إلى خاتمي

كان النشطاء السياسيين المقربين من خاتمي يحلمون بأن يحصل الأخير على 3 مليون صوت في الانتخابات الرئاسية السابعة عام 1997، كانوا لا يطمعون في أكثر من ذلك، لكن قبل إجراء الانتخابات بشهر واحد، انقلبت التوقعات رأسًا على عقب، وأظهرت نتائج الاستطلاعات – حتى الحكومية والأمنية – فوز خاتمي على منافسه الاصولي المتشدد، علي أكبر ناطق نوري.

حلمٌ بدأه محمد خاتمي.. هل انتهى التيار الإصلاحي في إيران؟ 1


أقيمت الانتخابات، وفاز محمد خاتمي بـ20 مليون صوت، في إقبال على التصويت بلغ 90%، وهزم خاتمي منافسه هزيمة قاسية، يقول السيد خاتمي في الفيلم الوثائقي القصير «دوم خرداد»: «إنه كان لا يتوقع أن يفوز بكل هذه الأصوات».

محمد خاتمي: «رجل الدين الذي سحر الإيرانيين»

وصل محمد خاتمي إلى الساحة السياسية الإيرانية بانتصار مذهل، شارك في صنعه النساء والشباب، استطاع رجل الدين غير المعروف جيدًا آنذاك، أن يحرك المجتمع المدني الإيراني من جديد، وأن يبعث بالأمل في نفوس جميع الإيرانيين الحالمين بالديمقراطية وإصلاح النظام من الداخل.

يقول الناشط السياسي الإصلاحي، والذي كان عضوًا في الحملة الانتخابية لخاتمي في ذلك الوقت، مهرداد أفشاري لـ«ساسة بوست»: «استطاع خاتمي أن يسحر الإيرانيين بهدوئه وابتسامته الجميلة، استطاع أن يوقظ الشعب من نومه الذي تسبب فيه سيطرة فصيل واحد على السلطة، استطاع أن يجعل الإيرانيين يحلمون من جديد».

كانت وعود محمد خاتمي بجعل إيران لكل الإيرانيين، علاوة على التنمية السياسية، والحريات الاجتماعية، والسياسية، والثقافية، وإعلاء دور المجتمع المدني، هي الوقود التي حركت الجماهير الإيرانية لانتخابه، ولأول مرة بعد انتصار الثورة الإسلامية في عام 1979، وجد الناس أن لديهم إمكانية الاختيار!

«الثاني من خرداد» ونقطة التحول في تاريخ إيران ما بعد الثورة

عرف انتصار محمد خاتمي في الانتخابات الرئاسية لعام 1997، بحركة «2 خرداد». وخرداد في التقويم الفارسي الشمسي هو الشهر الذي يقابل شهر مايو (أيار) في التقويم الميلادي، وهو اليوم الذي أجريت فيه الانتخابات الرئاسية السابعة، والتي فاز فيها محمد خاتمي بأغلبية ساحقة.

حلمٌ بدأه محمد خاتمي.. هل انتهى التيار الإصلاحي في إيران؟ 2

يمكن القول بأن الثاني من خرداد، لم يكن حركة سياسية واجتماعية مفاجئة، بل كان بلورة لرغبة اجتماعية عميقة الجذور من أجل تغيير وتحسين الوضع السياسي من بعد الثورة الإسلامية، وتنظيم حركة تقدمية وحركات اجتماعية مؤثرة.

الصحافي الإيراني الإصلاحي، مسعود مهدي، يستعيد في حديثه مع «ساسة بوست» ذكرياته مع يوم «2 خرداد»، فيقول: «عندما ظهر خاتمي، لم نكن نعلم غير اننا احببنا هذا الرجل، وجدنا فيه الشخصية السياسية التي يتفق عليها أغلب الحالمين بالديمقراطية والتغيير السياسي في إيران، أصبح خاتمي بالنسبة لنا ممثل الإصلاحات».

يصف السيد مهدي يوم انتخاب السيد محمد خاتمي، بأنه بمثابة التحول التاريخي في حياة الجمهورية الإسلامية، وحياة الإيرانيين، فيقول: «الثاني من خرداد هو نقطة تحول في تاريخ إيران ما بعد الثورة، شعر الشعب المهمش بأنه أخيرًا يمكنه الاختيار، وأن صوته مسموع، 20 مليون شخص شعروا أخيرًا بأن صوتهم مازال مؤثرًا في هذه البلاد».

جرى انتخاب محمد خاتمي لفترتين رئاسيتين، من عام 1997 إلى عام 2005، بدعم كبير من الشباب والنساء الحالمين بالتغيير. وطوال السنوات الثمانية، راهن محمد خاتمي على أن الجمهورية الإسلامية يمكن أن تتحول سلميًا من الداخل إلى الديمقراطية.

رحلة الانتصارات الإصلاحية

رافق فوز خاتمي بالانتخابات الرئاسية السابعة، الكثير من الانتصارات الإصلاحية، فقد فاز الإصلاحيين بثلاث انتخابات متتالية: انتخابات المجالس المحلية في عام 1998، الانتخابات البرلمانية السادسة في عام 1999، ثم الانتخابات الرئاسية لعام 2001.

مع وصول التيار الإصلاحي، وعلى رأسه محمد خاتمي سادت أجواء جديدة في البلاد، كان التوجه العام للحكومة الإصلاحية حينها هو التنمية السياسية والتطور الثقافي والعمل على الحريات الجماعية والفردية، رفعت حكومة خاتمي منذ يومها الأول شعار التنمية السياسية والإصلاحات.

على المستوى الاقتصادي، حاولت حكومة خاتمي، إصلاح الاقتصاد المنهار بسبب تداعيات حرب الثماني سنوات مع العراق. كذلك حاولت الحكومة معالجة المشاكل الهيكلية لاقتصاد البلاد الذي كان يواجه أزمة الانخفاض الحاد في أسعار النفط.

نجحت الحكومة الإصلاحية بقيادة محمد خاتمي، في توحيد نسبي لأسعار الصرف، وإعداد حساب احتياطي النقد الأجنبي للبلاد، وتنشيط القطاع الخاص، في مقابل سيطرة القطاع الحكومي على الاسواق الإيرانية.

يقول السيد افشاري لـ«ساسة بوست»: «حاول خاتمي خاصة في الولاية الأولى، إحداث تغيير جدي في الاقتصاد الإيراني، والقضاء على المشاكل الاقتصادية، لكن لم تتحرك حكومته كثيرًا في اتجاه تحقيق العدالة الاجتماعية».

اما على الصعيد الاجتماعي والثقافي، فقد شهدت الفترة الإصلاحية برئاسة محمد خاتمي، انتعاشًا للصحافة ودور المجتمع المدني، والنقاشات الساخنة حول توفير الحريات الاجتماعية والفردية في ظل الجمهورية الإسلامية، يمكن القول إن عهد خاتمي أسس البنية التحتية للمجتمع المدني الإيراني، بالرغم من كل محاولات المعارضة من جانب المعسكر الأصولي.

ركز خاتمي على السياسة الخارجية لإيران ايضا، فمع وصول خاتمي إلى السلطة أدخل مفاهيم جديدة على السياسة الخارجية الإيرانية مثل الانفراجة في العلاقات مع الغرب، وحوار الحضارات، وإظهار الوجه السياسي الحسن لإيران.

يقول السيد افشاري: «كان خاتمي يريد، أن تخرج إيران من عزلتها الدولية، كان يرى أن مكانة إيران في المنطقة أكبر من حصرها في القضية النووية، لكن للأسف لم يتمكن من فعل شيء في هذا الاتجاه».

بداية التقهقر.. الوعود الإصلاحية لم تتحقق!

في الولاية الثانية لمحمد خاتمي عام 2001، بدأت تظهر علامات الإخفاق، وعدم تحقيق الوعود السابقة. ويرى البعض أن السبب وراء هذه الاخفاقات هو التيار المحافظ المسيطر على أهم مفاصل الدولة، وعدم قدرة خاتمي على الوقوف ضد هذا التيار، بينما يلوم الآخرون خاتمي على سلبيته طوال ثماني سنوات، ويحملونه إهدار أحلامهم وآمالهم.

يقول الصحافي الإيراني مسعود مهدي لـ«ساسة بوست»، مدافعا عن خاتمي: «كانت المعارضة الاصولية اكبر من امكانيات خاتمي، كانت حكومته تدخل في ازمة مع التيار الاصولي كل اسبوع تقريبا، حاولوا هزيمته بشتي الطرق، قامت الأجهزة الأمنية في الدولة العميقة بسلسلة اغتيالات لكتاب ومثقفين محسوبين على الإصلاح، واعتقلوا العديد من النشطاء السياسيين الإصلاحيين من الطلاب والصحافيين، لإحراج خاتمي والضغط عليه».

لعل أكبر حادثة حدثت في عهد محمد خاتمي، جعلت الكثيرون يشعرون انه لا فائدة من وجوده في السلطة التنفيذية، كانت الهجوم على السكن الجامعي لطلاب جامعة طهران عام 1999، عندما خرج طلاب الجامعة في المظاهرات احتجاجا على إغلاق جريدة «سلام» الإصلاحية.

ففى وقت كان ينادي الكثيرون فيه بحرية الصحافة، قامت عناصر الامن والحرس الثوري، باقتحام السكن الجامعي للطلاب المتظاهرين، ليلًا وأصيب الكثيرون منهم جراء الاقتحام؛ مما وضع خاتمي في وضع محرج ومعقد للغاية.

وبالرغم من ذلك، حاولت إدارة خاتمي تمرير بعض مشاريع القوانين، التي تخص حرية الصحافة، وتعديل قانون الانتخابات وتوضيح صلاحيات الرئاسة، لكن مجلس صيانة الدستور الذي يسيطر عليه المحافظون، المعينون من قبل الزعيم الاعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، رفض جميع مشاريع القوانين المقدمة من الحكومة الإصلاحية بحجة أنها تنتهك الشريعة والدستور.

«لقد خذلنا روحاني!».. فشل محاولات الإصلاح

انتهت ثماني سنوات من محاولات الإصلاح المستمرة، وجاء محمود أحمدي نجاد المحافظ المتشدد في عام 2005، ليطيح بكل احلام الإصلاح التي عاشها الإيرانيون طوال سنوات خاتمي.

لكن في عام 2013، تجدد الحلم في الإصلاح مرة ثانية، عندما أعلن محمد خاتمي، الذي يعتبره الكثيرون الأب الروحي للحركة الإصلاحية، دعمه للمعتدل حسن روحاني، في انتخابات الرئاسة عام 2013.

حلمٌ بدأه محمد خاتمي.. هل انتهى التيار الإصلاحي في إيران؟ 3

على جانب آخر، لا يمكن وصف الرئيس حسن روحاني بالإصلاحي، فالرجل قضى 23 عامًا يعمل ممثلًا للزعيم الأعلى الإيراني، آية الله على خامنئي، في المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، لكن بدعم خاتمي ووعوده الانتخابية، رأى الكثيرون من الإصلاحيين أن الرجل أقرب إلى الإصلاح، ومن الممكن أن يستطيعوا من خلاله العودة إلى السلطة مرة ثانية.

لكن خابت أمنيات وتوقعات الإصلاحيين مرة ثانية، بمرور الوقت لم يسمح حسن روحاني لأي إصلاحي بالدخول إلى دائرته، وفي الكثير من الأحيان، ظهر وكأنه يميل إلى التيار المحافظ.

يقول الناشط السياسي الإصلاحي، حسن مرتضي، وهو أحد شباب الإصلاحيين الذين يعارضون الان سياسيات المعسكر الإصلاحي، لـ«ساسة بوست»: «بعد احتجاجات الحركة الخضراء عام 2009، فشل الإصلاحيين في استغلال هذا الزخم الشعبي، في تحويل الدفة ناحيتهم، بل ساهموا بشكل غير مباشر في هزيمة الحركة الخضراء، بسبب الطمع في العودة إلى السلطة مرة ثانية، لذلك كان دعم خاتمي لروحاني، وتنازل الإصلاحيين في البرلمان العاشر، بالرغم من سيطرتهم عليه، مخزيًا وعارًا على الحركة الإصلاحية».

محاولات «إصلاح» المعسكر الإصلاحي

بعد أكثر من 20 عامًا على وصول الإصلاحيين إلى السلطة، وبعد المحاولات العديدة لاقصائهم، جاءت مظاهرات ديسمبر 2017 – يناير 2018، والتى ضربت العديد من المدن الإيرانية، احتجاجًا على سوء الأوضاع المعيشية، واعتراضًا عن وعود الإصلاحيين التي لم تحقق؛ لتضع المعسكر الإصلاحي أمام حقيقة حتمية تغيير خطابهم الإصلاحي.

يقول الناشط السياسي الإصلاحي، حسن مرتضي لـ«ساسة بوست»: «طوال السنوات الماضية، غابت العدالة الاجتماعية عن خطاب الإصلاحيين، صحيح أنهم أسسوا لتنمية اجتماعية، وسياسية، وثقافية، وفتحوا الباب أمام نقاشات الحريات في الجمهورية الإسلامية، لكن أغفلوا تمامًا أن الأحوال الاقتصادية السيئة للإيرانيين من الممكن أن تطيح بجميع المحاولات الإصلاحية للتغير في لحظة».

الاحتجاجات الأخيرة في إيران، جعلت الإصلاحيين أيضًا يتراجعون عن دعم حكومة حسن روحاني، خاصة بعد أن وقفت الأخيرة صامتة أمام القمع الوحشي لهذه التظاهرات؛ مما دفع السيد خاتمي إلى مطالبة المعسكر الإصلاحي بالابتعاد عن الحكومة، وعدم الانزلاق إلى إشكالية الاختيار بين الشعب والحكومة.

يقول السيد مرتضى منتقدا دعوات خاتمي لإصلاح المعسكر الإصلاحي: «ما زال الإصلاحيون عالقين في أمل الوصول إلى السلطة مجددًا، وجدوا أنهم سيفقدون شعبيتهم بعد صمتهم تجاه العنف ضد الاحتجاجات الأخيرة، فحاولوا الابتعاد عن الحكومة، لا يدركون أن المشكلة أعمق من ذلك بكثير».

«سلبية الإصلاحيين»

لطالما كان السيد محمد خاتمي مؤمنا بأن التغيير السياسي الداخلي للجمهورية الإسلامية في إيران، من الممكن أن يحدث بشكل سلمي، ودون الإطاحة بالنظام أو إراقة الدماء، وبالرغم من رغبته في إصلاح النظام، إلا أنه ظل دائمًا يدور في فلك الجمهورية الإسلامية، وأعلن ذات مرة أنه ملتزم بمبادئ الجمهورية الإسلامية.

حاول اكثر من مرة، تحقيق ما أسماه «المصالحة الوطنية»، بين الفصائل السياسية داخل إيران، فيما وصفها الزعيم الاعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي بأنها خطة «لا معنى لها».

كما حاول السيد خاتمي مرارًا وتكرارًا، مقابلة آية الله خامنئي، فكتب الكثير من الرسائل المفتوحة الموجهة إلى السيد خامنئي طالبًا مقابلته، من أجل تحقيق المصالحة الوطنية، إلا أن جميع محاولاته باءت بالفشل، وتوقف تمامًا عن هذه المناشدات منذ ثلاث سنوات.

حلمٌ بدأه محمد خاتمي.. هل انتهى التيار الإصلاحي في إيران؟ 4

يقول السيد مرتضي لـ«ساسة بوست»: «الإصلاحيون وعلى رأسهم خاتمي، يريدون الوصول لهدفهم بارتكاب الأخطاء نفسها، وموقف السيد خاتمي سلبي للغاية، هذه السلبية لن تمكنهم من العودة إلى السلطة، أو كسب ثقة الناس مرة أخرى».

الجمهورية الإسلامية الآن على أعتاب انتخابات رئاسية جديدة، في الصيف المقبل، ويقول بعض المراقبين في الداخل والخارج: إن جميع المؤشرات تقول إن الرئيس الإيرانى القادم سيكون إما محافظًا متشددًا، أو عسكريًا.

لذلك السؤال الذي يجري طرحه الان: هل لدى الإصلاحيين الإرادة والقوة لمواجهة محاولات السيطرة من قبل التيار المحافظ والعسكري على السلطة في إيران؟ هل استوعبوا الدرس جيدًا من السنوات الماضية؟ وهل أدرك السيد خاتمي أن تغيير سياسات الإصلاح في إيران أمر لابد عنه كي يتمكنوا من الوصول إلى السلطة مرة ثانية؟

قد تكون الإجابة على هذا التساؤل المهم، للوهلة الأولى بالنفي، فتغيير الخطاب الإصلاحي، ولملمة شتات المعسكر الإصلاحي يحتاج إلى الكثير من الوقت، كما أن الانتخابات البرلمانية التي جرت في فبراير (شباط) 2020، واستبعاد مئات المرشحين الإصلاحيين من الترشح فيها، تقول إنه لا يمكن للإصلاحيين الوصول إلى السلطة في ظل إشراف مجلس صيانة الدستور المحافظ، والدليل على ذلك ما قاله محمد خاتمي نفسه في نوفمبر 2019 «إذا أصر النظام على الاخطاء القائمة، سيتحول النقد إلى احتجاج، وليس من الواضح ما الذي سيحدث للبلد، وإذا فشلت الإصلاحات سيتحول المجتمع نحو تغيير النظام بأكمله».

لمتابعة ملف الانتخابات الرئاسية (إيران 21: حصاد المواجهات)، إضغط هنا

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: