الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة22 فبراير 2021 08:28
للمشاركة:

صحيفة “وطن امروز” الأصولية – السيناريوهات التي تواجه قوانين FATF

ناقشت صحيفة "وطن امروز" الأصولية، في مقال لـ"مهدي مظهر"، مشاريع القوانين المتعلقة بمجموعة العمل المالي والسيناريوهات المختلفة المعروضة على مجمع تشخيص مصلحة النظام. ورأى الكاتب أن السيناريو الأفضل هو رفض هذه القوانين بشكل قطعي، مشيراً إلى أن رفضها لن يؤدي إلى تكلفة سياسية كبيرة على مجلس تشخيص مصلحة النظام، حسب تعبيره.

بعد موافقة القائد الأعلى علي خامنئي، ظهرت مشاريع قوانين مجموعة العمل المالي مرة أخرى على جدول أعمال مجلس تشخيص مصلحة النظام. ولهذا المجلس سيناريوهات مختلفة في هذا الصدد، والخيار الأكثر منطقية هو رفض هذه المشاريع. وهذه القوانين التي يجب على إيران بموجبها أن تقرر فيما إذا كانت ستنضم أم لا إلى الاتفاقيتين الدوليتين لمكافحة تمويل الإرهاب (CFT) ومكافحة تمويل الجريمة المنظمة العابرة للحدود (باليرمو). وبحسب محسن رضائي، أمين سر مجمع تشخيص مصلحة النظام، فمن المقرر الانتهاء من هذه القوانين في آذار/ مارس المقبل. والسيناريوهات التي أمام مجمع تشخيص مصلحة النظام هي 4 سيناريوهات.

السيناريو الأول: القبول بطلبات FATF دون أي سؤال

بالنظر إلى أن التعاون مع مجموعة العمل المعنية بالإجراءات المالية في مواجهة العقوبات قد يفضح طرق الالتفاف على العقوبات ويزيد من الضغط على إيران، فإن التعاون مع مجموعة العمل المعنية بالإجراءات المالية هو بالتأكيد خطأ استراتيجي في الوضع الحالي. وعلى الرغم من أن مؤيدي مجموعة العمل المالي (FATF) أنكروا ذلك في البداية، فقد توصل مؤيدوها ومعارضوها إلى اتفاق نسبي. لذلك فالسيناريو الأول ليس في مصلحة الدولة ولا يعتبر داعماً جاداً للتيارات السياسية في البلاد.

السيناريو الثاني: تجاهل هذه القوانين

السيناريو الآخر الذي يمكن افتراضه هو تجاهل هذه القوانين والتطلع إلى الأحداث المستقبلية. وهذا السيناريو في الواقع هو ذات المسير الذي كان مُتبعاً في العام أو العامين الماضيين. حيث أنه خلال العامين الماضيين حاول التيار الغربي تغيير رأي مجمع تشخيص مصلحة النظام لصالحه بتأجيل مشاريع القوانين هذه لأنه رأى الأجواء في مجمع تشخيص مصلحة النظام تخالف هذه القوانين.
مجيد أنصاري، أحد أنصار FATF في مجمع التشخيص، يقر بأنه اقترح تأجيل التصويت لأنه قد يتم رفض باليرمو في مجمع تشخيص مصلحة النظام إذا تم التصويت.

ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن تجاهل هذه القوانين ليس في مصلحة الدولة على الإطلاق، لأن استمرار جو عدم اليقين والريبة ليس له أي تأثير سوى تعطيل القدرات الداخلية للاقتصاد. حيث إن الضرر الناجم عن الشكوك وعدم يقين للنشطاء الاقتصاديين وتكييفهم التدريجي للقرارات السياسية في الخارج لا يقل عن الضرر الناجم عن القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي. ومع ذلك، في مثل هذه الظروف، قد ترغب المجموعات المستفيدة في تخريب السوق والاقتصاد.

وهناك مسألة أخرى تعود لتجاهل هذه القوانين وهي الإنفاق من منصب القيادة. وعلى الرغم من أن القائد الأعلى ترك القرار بشأن هذه القوانين إلى مجلس تشخيص مصلحة النظام، فإن تأخر مجلس تشخيص مصلحة النظام في تحديد مهمة هذه القوانين تسبب في تحمل التكاليف والأعباء من قبل القائد الأعلى.

السيناريو الثالث: قبول هذه القوانين مع إبقاء حق التحفّظ

السيناريو الآخر الذي اتبعه مؤخراً أنصار مجموعة العمل المالي هو اعتماد هذه القوانين والالتزام بهذه الاتفاقيات مع حق التحفظ. وحق التحفظ يعني أن إيران ستنضم بشروط إلى هذه الاتفاقيات. وقد تم تقديم هذا الاقتراح مؤخراً من قبل الرئيس والفريق القانوني للحكومة. ووفقاً لمحسن رضائي، اقترح روحاني شرطًاً على مجموعة العمل المعنية بالإجراءات المالية وهو عدم تقديم معلومات حول طريقة الالتفاف على العقوبات.

وهذا السيناريو مرفوض أيضاً لأسباب مختلفة وغير قابل للتطبيق، لأنه وفقاً للمادة 19 من اتفاقية قانون المعاهدات، لن يتم قبول حق مشروط يتعارض مع هدف وروح المعاهدة. ووفقاً للمادة 1 من اتفاقية باليرمو، فإن الغرض من هذه الاتفاقية هو تعزيز التعاون الدولي في مكافحة الجريمة المنظمة خارج الدول. وعليه فإن أي شرط بما في ذلك ما تفرضه الحكومة، يعتبر مخالفاً لهذا الغرض ولن يتم قبوله. وكما تنص اتفاقية مكافحة الإرهاب على تعريف الإرهاب، حيث لا تقبل المعاهدة أي استثناءات. وتنص المادة 6 من المعاهدة على أن القضايا الدينية والعرقية وغيرها يجب ألا تحد من تعريف الإرهاب. لذلك، فإن حق الرهان في هذه الاتفاقية لا يمكن أن يكون فعالاً. ومن ناحية أخرى، يعد الانضمام إلى اتفاقيتي باليرمو وحظر تمويل الإرهاب أحد توصيات مجموعة العمل المالي، ويشرف على تنفيذها. وبالنظر إلى سنوات الخبرة الإيرانية العديدة في التعامل مع FATF ، فمن المتوقع تماماً أن FATF لن تعتبر هذا المستوى من التعاون كافياً للوفاء بالمعايير المحددة، وأن إيران ستبقى في القائمة السوداء لعدم امتثالها لمتطلبات المجموعة.

والنقطة الأخرى الجديرة بالملاحظة هي أن موضوع حق الرهان تم دراسته في اللجنة القانونية والقضائية التابعة لمجلس تشخيص مصلحة النظام في عام 2018 وأعلن بطلانه بأغلبية مطلقة من أصوات الأعضاء. لذلك، فإن إعادة طرح هذا الاقتراح وإعادة دراسته هو بدون جدوى.

السيناريو الرابع: رفض القوانين

أما السيناريو الرابع في هذا الصدد فهو الرفض الحاسم لهذه القوانين وإنهاء حالة عدم اليقين هذه لعدة سنوات. وعلى الرغم من أن الحركة الموالية للغرب وذراعها الإعلامي ما زالا يحاولان دفع سياساتهما من خلال تخويف عواقب رفض مشاريع القوانين، إلا أنه تجدر الإشارة إلى أن هذا القرار هو السيناريو الوحيد المتاح والمجدي والمعقول لإيران، وذلك للأسباب التالية:

  • أولاً، على الرغم من كون إيران مدرجة في القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي منذ حوالي عام إلى الآن، إلا أن وضع التجارة الخارجية الإيرانية قد تحسن، بما في ذلك التكاليف المتعلقة بالمعاملات المالية والمصرفية وصادرات النفط، مقارنة بالعام الماضي. وبحسب عبد الناصر همتي، حاكم المصرف المركزي، فقد كان نمونا الاقتصادي في النصف الأول من العام إيجابياً في كل من القطاعين النفطي وغير النفطي.
  • ثانياً، نظراً لاستراتيجية إدارة بايدن تجاه إيران، والتي تواصل اتباع سياسة الدبلوماسية المدعومة بالضغط، فمن غير المرجح أن يتغير هيكل العقوبات الأميركية لذلك لا يوجد احتمال واضح لرفع العقوبات في المستقبل القريب. والخطوة الدبلوماسية الأميركية الأخيرة لسحب رسالة وزير الخارجية السابق مايك بومبيو التي كانت موجهة لمجلس الأمن لإعادة العمل بقرارات عقوبات مجلس الأمن، وكذلك رفع القيود المفروضة على الحركة الداخلية للمندوبين الإيرانيين في نيويورك، هي أمثلة جيدة عن هذه السياسة. وذلك لأن هذه الإجراءات لا قيمة لها أمام العقوبات ورفع العقوبات.
  • ثالثًاً، يجادل عدد من مؤيدي مجموعة العمل المالي، مثل حاكم المصرف المركزي همتي، بأنه بموجب العقوبات، فإن أضرار التعاون مع مجموعة العمل المالي تفوق الفوائد. وفي مثل هذه الظروف، فإن رفض مشاريع القوانين المتعلقة بمجموعة العمل المالي لن يؤدي إلى تكلفة سياسية كبيرة على مجلس تشخيص مصلحة النظام.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “وطن امروز” الأصولية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: