الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة21 فبراير 2021 03:09
للمشاركة:

صحيفة “شرق” الإصلاحية – تشدد بايدن تجاه السعودية لا يعني قطع العلاقة بينهما

ناقشت صحيفة "شرق" الإصلاحية، في مقال للأستاذ في العلاقات الدولية "داوود هرميداس ‌باوند"، موضوع علاقات إيران مع دول المنطقة في ظل انفتاح الرئيس الأميركي جو بايدن تجاه طهران. ورأى الكاتب أن رفع العقوبات وتسهيل التجارة وزيادة التعاون الاقتصادي مع إيران سيؤدي إلى زيادة القوة الاقتصادية والسياسية للبلاد، ما أثار قلقا بين منافسي إيران الإقليميين، حسب تعبيره.

أثناء الانتخابات الرئاسية الأميركية، نصت السياسة الرسمية الإيرانية على أن فوز أي من المرشحين شأن داخلي، وبالنسبة لإيران فإن الأداء هو المعيار. ولكن الحكومة وحتى الشعب افترضوا أن منافس دونالد ترامب سيزيل إحدى العقبات أمام الاقتصاد والمعيشة من خلال إعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي، حيث أعلن المرشح الديمقراطي جو بايدن رسميًا عودة بلاده إلى الاتفاق كواحدة من وعود حملته الانتخابية. وعلى الرغم من أن الديمقراطيين كانوا أقل عدوانية من الجمهوريين خلال عقد أو عقدين، إلا أنه لا ينبغي نسيان قضية إيران في الولايات المتحدة بأنها تخضع لعدة معادلات.

ولكن بمجرد أن ترى العلاقات المالية مع البلدان في جميع أنحاء العالم فرصًا أقل، يمكن أن تحول التهديدات إلى فرص. في ذلك الوقت، قيل إن بايدن سيضع بالتأكيد شروطًا لإيران إذا فاز. لن يكون ذلك بين عشية وضحاها بإعلان عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي. وعلى الرغم من إعلان بايدن عن سياسات أكثر صرامة تجاه المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وحتى تعليق مبيعات الأسلحة لهما، إلا أنه يعلم أن الشريكين الأميركيين في الشرق الأوسط يعتقدان أن عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق هو أمر غير جيد. ستكون الولايات المتحدة بقيادة بايدن أكثر صرامة مع السعودية وبالطبع التشديد لا يعني نهاية العلاقة الإستراتيجية بين الرياض وواشنطن، لكن كان لبايدن رد فعل قوي للغاية على قضية خاشقجي حيث ألقى باللوم على ولي العهد السعودي الحالي محمد بن سلمان.

ورأت دول الخليج، بقيادة المملكة العربية السعودية، في الاتفاق النووي اتفاقًا لتقليل التوترات الإيرانية مع الغرب بما في ذلك الولايات المتحدة، واعتقدت أن الاتفاق النووي سيخفف الضغط على طهران ويرفع العقوبات ويزيد الاستثمار في إيران ويمكنها إصلاح العلاقة العدائية بين طهران وواشنطن، ولهذا السبب حاولت تلك الدول عدم التوصل إلى نتيجة من خلال هذا الاتفاق. فمع فوز بايدن وهزيمة ترامب في الانتخابات الرئاسية، لم تعد هذه الدول ترى إمكانية استمرار الضغط على إيران كما فعلت في عهد ترامب وعلى وجه الخصوص أن بايدن يتفق وفريقه من مستشاري السياسة الخارجية على العودة إلى الاتفاق النووي، ويعارضون نهج دول مثل المملكة العربية السعودية في المعادلات الإقليمية. فمحادثات بايدن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو التي جاءت بعد شهر من توليه الحكم، ومشاورات لمدة شهر مع شركاء الولايات المتحدة الأوروبيين حول كيفية التعامل مع إيران، وإعلان فشل ترامب وفريقه في السياسة الخارجية في ممارسة أقصى قدر من الضغط على إيران  كلها تنبع من هذا التغيير في النهج.

ومع ذلك، فإن جهود جميع أعضاء الافاق النووي للوفاء بالتزاماتهم يمكن أن توفر مساحة لإعادة تواجد المستثمرين الأجانب وتقليل تكلفة التبادلات الدولية لطهران. ويمكن أن يؤدي رفع العقوبات وتسهيل التجارة وزيادة التعاون الاقتصادي إلى زيادة القوة الاقتصادية والسياسية لإيران حيث أثارت هذه المسألة قلقا بين منافسي إيران الإقليميين. بالطبع الوضع مختلف، وهو ليس واحد للجميع. فالوضع في تركيا يختلف عن السعودية بالنسبة لإيران. فمن ناحية هي عضو في حلف شمال الأطلسي “الناتو”، وأنقرة حاولت الاقتراب من موسكو وطهران على مر السنين فإن التنافس بين أنقرة وطهران ليس مثل تنافس السعودية مع إيران. وفي الوقت نفسه  فإن علاقات أنقرة مع الرياض وأبو ظبي والقاهرة ليست مواتية للغاية.

الحقيقة هي أن ترامب حاول أولاً استعادة صورته من خلال التسوية مع إيران، لكن جهوده للتفاوض مع إيران باءت بالفشل. لقد أراد جلب إيران إلى طاولة المفاوضات بالضغط على مجلس الأمن لكن كما هو متوقع فشلت أفعاله. كما أن الاتفاق مع كوريا الشمالية لم يكتمل بسبب تصرفات الكوريين، بحيث يتم تجاهل السياسات الدبلوماسية للبيت الأبيض تمامًا. وكانت إقامة دونالد ترامب في البيت الأبيض مزعجة للنظام الدولي بأكمله بسبب اهتمامه الكبير بالاحتكار، ولهذا السبب، حتى الدول الأوروبية الكبرى اعتبرته مشكلة للنظام الدولي ورحبت بنهايته في البيت حتى لا يتعمق الصدع في جانبي المحيط الأطلسي.

أما الآن يجب على الطرف الذي غادر الاتفاق وهو الولايات المتحدة اتخاذ قرار مبدئي للوفاء بالتزاماته الرسمية بموجب هذه الاتفاقية وقرار مجلس الأمن رقم 2231 واحترام الاتفاقيات الدولية كمبدأ في سلوكه الدبلوماسي وفي هذه الحالة بناءً على الموقف الإيراني الرسمي سيتم كسر الجمود الحالي .

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “شرق” الإصلاحية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: