الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة20 فبراير 2021 08:58
للمشاركة:

صحيفة “آفتاب يزد” الإصلاحية – سياسة الخطوة بخطوة لجو بايدن

أجرت صحيفة "آفتاب يزد" الإصلاحية، مقابلة مع أستاذ العلاقات الدولية بجامعة أصفهان محمد علي بصيري، ناقشت فيها احتمال عودة أميركا إلى الاتفاق النووي مع إيران والشروط الإيرانية لذلك. حيث رأى بصيري أن الخطوات الصغيرة والأساسية يمكن أن تكون فعالة في كسر جدار انعدام الثقة بين الطرفين.

في 18 أيار/مايو 2018، أعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب رسميًا أنه سينهي مشاركته في الاتفاق النووي. وبعد ذلك بوقت قصير أعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو عن 12 شرطًا للعودة إلى الاتفاقية ورفع العقوبات. وأثارت القضية ردود فعل متباينة قبل وبعد رحيل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى واشنطن لثني ترامب عن القرار الأحادي الجانب.

ومع ذلك فشل كل هذا وحكومة الولايات المتحدة الملتزمة بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2231 كعضو في الأمم المتحدة استخدمت كل دعمها لتنفيذ القرار والمصادقة عليه. استخدم الإرهاب الاقتصادي الأشد ضد الشعب الإيراني. فقد فرضت عقوبات على مسؤولين إيرانيين رفيعي المستوى بسمات مختلفة وعرّضت النشاط الاقتصادي الإيراني لهجمات إرهابية اقتصادية وفرضت عقوبات على البنك المركزي الإيراني في انتهاك للوائح الدولية ومنع بيع النفط الإيراني.

وبعد عام واحد من مغادرة الاتفاق، لم تتخذ إيران أي إجراء عملي وحاولت الحفاظ على الاتفاق النووي من خلال الحلول الدبلوماسية والاستفادة من فوائدها. لكن الأوروبيين على الرغم من التزاماتهم بموجب الاتفاق النووي، لم يتخذوا أي إجراء ملموس وعملياً حُرمت إيران من فوائد الاتفاقية. لذلك وفقًا للمادة 36 من الاتفاق، قامت الحكومة الإيرانية بتخفيض القيود المقبولة في هذه الاتفاقية ونفذتها في خمس خطوات لكنها ذكرت دائمًا أن هذه الخطوات قابلة للتراجع وإذا أوفت الأطراف في الاتفاقية بالتزاماتها بالكامل فأن إيران ستعود إلى القيود السابقة. لكن حكومة الولايات المتحدة في ذلك الوقت التي اعتقدت أنها يمكن أن تجبر دولة ما على الاستسلام بسياسة الضغط الأقصى من خلال فرض أشد العقوبات رأت أن خططها تذهب سدى.

وبعد أشهر، أدركت أميركا أنه وفقًا للقرار 2231 فإن موعد رفع أحد أهم القيود المفروضة على إيران قريب جدًا ومن المقرر أن تنتهي القيود المفروضة على شراء وبيع الأسلحة الإيرانية التقليدية في شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. وبناءً عليه حاولت في البداية في شكل اجتماعات عديدة مع الدول الأوروبية الثلاث استخدام قدراتهم لتمديد هذا التقييد لكن بما أن الأوروبيين كانوا يعرفون جيدًا أن هذا يعني نهاية الاتفاق النووي فإنهم لم يوافقوا على ذلك. كما أن إعادة فرض آلية الزناد فشلت في الأمم المتحدة.

والواضح أن ادعاء الولايات المتحدة بتطبيق آلية الزناد لم يقبله المجتمع الدولي قط وأعلن بطلانه في الممارسة والرأي. وعليه، كان العمل الأميركي لاستعادة ماء وجه الولايات المتحدة في الأمم المتحدة قبل أن يكون في مصلحة إيران. ستوفر هذه الخطوة بيئة سياسية ونفسية أفضل للولايات المتحدة للعمل مع أطراف أخرى في مواجهة اتفاق نووي مع إيران من أجل احتواء برنامج إيران النووي.

بناءً على ما سبق، علّق أستاذ العلاقات الدولية بجامعة أصفهان محمد علي بصيري الأحداث الأخيرة التي تركزت على الاتفاق النووي وعودة بايدن إليه والقضاء على انتهاكات القوانين التي تصرف عليها ترامب، وقال “كان أحد وعود بايدن في الانتخابات العودة إلى الاتفاق النووي والتخلي عن أسلوب ترامب في ترك الاتفاق النووي والضغط الأقصى الذي كان خاطئًا للولايات المتحدة والمنطقة”، مضيفاً “اتخذ جو بايدن عمليًا الخطوات الأولى وأعطى إيران الضوء الأخضر لاتخاذ الخطوات. بالطبع كان لدى الجانبين في البداية مطالب قصوى. وصرح بايدن ووزير خارجيته أنه يجب على إيران سداد جميع الالتزامات المخفضة وأننا سنعود إلى مجلس الأمن الدولي. صرحت إيران بالمثل أنه يجب على الولايات المتحدة العودة أولاً لأن الولايات المتحدة هي التي انسحبت وعليها أن تلتزم فعليًا بجميع الالتزامات وترفع العقوبات. الحل هو بدء الالتزامات خطوة بخطوة لبناء ثقة وتقريب وجهات النظر بين الطرفين”.

ورأى هذا الخبير أنه “عندما جاء بايدن إلى العمل خطا بضع خطوات حيث سمح للكوريين بتحويل الدولار الإيراني المحظور بدل عضوية في الأمم المتحدة، وسمح لصندوق النقد الدولي بتقديم قرض بقيمة 5 مليارات دولار لإيران لشراء اللقاحات والأدوية وكذلك شطب الحوثيين اليمنيين من قائمة الإرهابيين ومناقشة وقف مبيعات الأسلحة للسعودية والإمارات لإنهاء الحرب اليمنية كانت هذه أولى خطواته. الخطوات التالية والتي تشمل مناقشة انسحاب آلية إطلاق ترامب من الاتفاق والمشاركة في محادثات مع دول الـ5+1، لذا فمن المنطقي أن يقوم الطرف الآخر بحركة متبادلة”.

وأضاف بصيري أن “الإيرانيين غير راضين إلا عن رفع العقوبات، قد لا تستجيب الولايات المتحدة لهذا المطلب دفعة واحدة ولكن اذا توصلت إلى أن هذه إرادة الجانب الإيراني للعودة إلى التفاعل في الاتفاق النووي فمن المرجح أن يتخذ بايدن خطوات”، مشيراً إلى أنه “عندما يأتي الديمقراطيون إلى البيت الأبيض وبالنظر إلى أغلبيتهم في الكونغرس هناك تقلبات وتحولات غريبة في السياسة الدولية والإقليمية واليوم هي فرصة لإيران للاستفادة القصوى من هذه الفرصة وإلا تضيع هذه الفرصة”.

وأوضح أن “إيران تصر على ضرورة إثارة الخلافات النووية في إطار مجموعة الاتفاق مع الولايات المتحدة وتقول إن القضايا الأخرى التي أثارها الأميركيون، مثل قضية الصواريخ، ومسألة دعم الحركات في المنطقة، وقضية حقوق الإنسان، لا ينبغي الخلط بينها وبين هذه المشكلة”، مشيراً إلى أنه “إذا كان بإمكان الاتفاق إعادة القضية إلى طبيعتها فعليها أن تعمل دبلوماسياً لاستعادة وبناء الثقة ليس فقط مع الأميركيين ولكن أيضًا مع الأوروبيين ودول المنطقة والتي تم تقليصها وقطعها أحيانًا”.

وأشار محمد علي بصيري إلى أن “بعض الجماعات السياسية في إيران تتفاوض وتبني الثقة. يقولون هذا يعني أننا مثل السعودية استسلمنا وأصبحنا قاعدة أميركية. أي أنهم يرون المرء في حقيقة أنه لا بد من المواجهة والحرب وإذا كان هناك تفاعل فإن إيران يجب أن تستسلم لكل الظروف وأن تكون مستعمرة وهذا التفكير لا يسبب إلا الخوف والذعر. على كل حال هناك مجموعة من الخيارات والخطوات بين الحرب والسلام وبين المواجهة والتفاعل وهذا لا يعني أنه إذا بدأت إيران مفاوضات مع أطراف متوترة وحاسمة في مناطق أخرى فهذا يعني الاستسلام وانتهاء الثورة والنظام. لا يوجد حتى الآن إجماع بين نخبنا في هذا الصدد ولا سيما النخب التي لديها وجهة نظر ورأي محدد للغاية لكن الحقيقة هي أنه من الممكن التفاوض وبناء الثقة في بعض القضايا الحساسة وإخراج الموقف من هذا المأزق”.

في حين حذر جميع المتعاطفين من ربط المصالح الوطنية بالمصالح الحزبية، أكد بصيري أن “الأزمة بين إيران والولايات المتحدة وتراجعها وزيادة عملية التفاوض تؤثر على كل من السياسات الخارجية الكلية لإيران والولايات المتحدة وهي غذاء للمنافسات بين الفصائل داخل إيران وخارجها. لا يمكن إنكار أن الجانبين في الولايات المتحدة أرادوا الحصول على هذا الامتياز سواء في عهد ترامب أو الآن وفي إيران هناك هذه القضية بين الفصائل الأصولية والإصلاحية أيضاً”، مضيفاً “لكن إذا نظرنا إلى المصالح الوطنية ككل في إيران مع التهديدات التي واجهناها في المنطقة وفي الداخل في السنوات القليلة الماضية فلا يجب أن نضيع الوقت ويجب أن نستغل هذا الموضوع في المصلحة الوطنية وليس المصلحة الفئوية، لدينا فترة أقصاها سنتان في الكونغرس في أيدي الديمقراطيين”.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “آفتاب يزد” الإصلاحية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: