الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة18 فبراير 2021 08:24
للمشاركة:

صحيفة “ايران” الحكومية – مسار أميركا الجديد مع السعودية: لا لبن سلمان.. نعم لأبيه

تناولت صحيفة "ايران" الحكومية، في مقال لـ"بنفشه غلامي"، موضوع العلاقات السعودية الأميركية بعد وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض. حيث اعتبرت الكاتبة أن ولي عهد المملكة العربية السعودية محمد بن سلمان يمثل مشكلة كبيرة لبايدن وموظفيه الدبلوماسيين، لأن الاستمرار في العلاقة معه يعني برأيها نسيان الوعود التي قطعها هذا الرئيس الديمقراطي في حملته الانتخابية.

الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن مصمم على مراجعة العلاقات الأميركية مع السعودية. وعليه، وبعد ساعة من الإعلان الرسمي عن شطب الحوثيين من اليمن من قائمة الإرهابيين، أكد المتحدث باسم البيت الأبيض أن “جو بايدن” سيتابع من الآن فصاعدًا الدبلوماسية مع السعودية فقط عبر قناة التواصل مع “الملك سلمان” وليس “بن سلمان”. الرسالة الواضحة لهذا الموقف العلني والفريد للولايات المتحدة هي “لا” الحاسمة لبايدن للأحلام الطموحة لولي العهد الذي كان يحاول منذ سنوات أن يكون القوة الأولى في بلاده وعلى رأس السياسة الخارجية السعودية. وقالت الناطقة باسم البيت الأبيض جينيفر ساكي في بيان “أوضحنا منذ البداية أننا نعتزم إعادة بناء العلاقات مع السعودية.” يشير هذا البيان الصادر عنها إلى تغيير مفاجئ وكبير في سياسة جو بايدن الأميركية تجاه سياسة دونالد ترامب، حيث لم يقتصر الأمر على نفسه فحسب بل كان لزوج ابنته جاريد كوشنر علاقة جيدة ومستقرة بمحمد بن سلمان.

لم يكن موقف البيت الأبيض الذي يتبناه الديمقراطيون في مواجهة بن سلمان بعيدًا عن التوقعات. لأنه منذ خريف 2018 عندما وجهت تركيا أصابع الاتهام إلى ولي العهد السعودي واتهمته بالقيام بدور في اغتيال جمال خاشقجي أحد منتقدي الأسرة المالكة السعودية، طالب الديمقراطيون دائمًا بإجراء تحقيق في مثل هذه الشراكة. وكانوا قد تحدثوا علناً ضد “بن سلمان” خاصة في أعقاب الحرب اليمنية واتهموه بخلق ظروف إنسانية في جاره الجنوبي بشن الحرب. لذلك كان من المتوقع تمامًا أن يرغب “جو بايدن” أيضًا في منع بيع الأسلحة للسعودية والارتقاء إلى نهاية الحرب اليمنية وأن تكون له علاقة مختلفة عن “ترامب” تجاه “بن سلمان”. لكن إبعاد ولي العهد السعودي عن الدبلوماسية الأميركية كان شيئًا لم يتوقعه الكثيرون. لكن السؤال الآن هو: بالنظر إلى نطاق سلطة ولي العهد السعودي الشاب والطموح في هذا البلد هل يمكن إبعاده عن الدبلوماسية الأميركية والسعودية؟ يقول المحللون: نعم.

لا شك في الدور الرئيسي لـ “بن سلمان” في الساحة السياسية والعسكرية السعودية. لا يمكن إنكار أن “بن سلمان” له نفوذ كبير في السعودية ويعتبر قوة موازية لسلطة والده. إنه ليس ولي العهد فحسب بل هو أيضًا وزير الدفاع. قبل دونالد ترامب الدور المهم لـ “بن سلمان” في السعودية وبتجاهله لأخطائه الواضحة في قتل الشعب اليمني وقتل “خاشقجي”، كان على اتصال به أكثر من “الملك سلمان”. بالطبع لا ينبغي إغفال أنه إذا نفى ترامب دور بن سلمان في اغتيال خاشقجي وتستر على الكوارث الإنسانية في اليمن التي سببها الغزو السعودي للبلاد فسيكون ذلك بسبب أهدافه الخاصة في ذلك في بيع السلاح للسعودية ومواجهة إيران. كانت علاقة جاريد كوشنير مع بن سلمان شائعة أيضًا في تلك الأيام. فلقد تبادلوا رسائل WhatsApp  وأقاموا علاقات اقتصادية.

لكن بالنسبة لرئيس الولايات المتحدة الجديد فإن الوضع مختلف. يمثل ولي عهد المملكة العربية السعودية مشكلة كبيرة لبايدن وموظفيه الدبلوماسيين. لأن الاستمرار في العلاقة معه يعني نسيان الوعود التي قطعها هذا الرئيس الديمقراطي في حملته الانتخابية. وعد نال إعجاب العالم أكثر من الشعب الأميركي، خاصة بالنسبة لنشطاء حقوق الإنسان الذين يريدون محاكمة ولي العهد السعودي الطموح. لهذا السبب أشار بايدن الذي دخل البيت الأبيض في 20 كانون الثاني/ يناير في سياسات مختلفة إلى أنه ينوي اتباع نهج مختلف تجاه المملكة العربية السعودية عن ترامب. في البداية أوقف مبيعات الأسلحة للسعودية ثم دعا السعودية لتصحيح سجلها الحقوقي. ثم رفع أنصار الله اليمن من قائمة الإرهابيين وأصدر ركلة أخيرة لبن سلمان في بيان مساء الثلاثاء. إلا أنه بالإضافة إلى التأكيد على أن موقفه لا يشمل “الملك سلمان” ، قال إن “للسعودية احتياجات دفاعية مهمة وستعمل الولايات المتحدة معها في هذا الصدد”. كما تم التأكيد على أن “بن سلمان ليس نظير بايدن وأن أنسب نظير له في الولايات المتحدة لا يمكن إلا أن يكون وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن”. قال آرون ديفيد ميللر المحلل في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي: “تُظهر هذه التغييرات أن العلاقات الأميركية السعودية تعود إلى قنوات منظمة. لكن هذه ضربة قوية لجسد بن سلمان”.

وحتى مساء أمس لم ترد المملكة العربية السعودية على بيان البيت الأبيض واستبعاد “بن سلمان” من الدبلوماسية في الرياض وأميركا. لكن الدوائر المحلية السعودية ومواقع التواصل الاجتماعي كان لها رد فعل قوي على الأخبار. كان السؤال المطروح منهم جميعاً هو كيفية تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة؟ يعتقد مارتن إنديك الدبلوماسي الأميركي السابق أنه من خلال القيام بذلك يعتزم بايدن إقناع بن سلمان بإجراء تغييرات على بعض سياساته. على سبيل المثال إنهاء الحرب في اليمن أو حل قضايا حقوق الإنسان داخل المملكة العربية السعودية. بالطبع حاول “بن سلمان” بالفعل الادعاء بأنه يفعل ذلك بالإفراج عن “لجين الهذول” الناشطة في مجال حقوق المرأة في السعودية. لكن من غير المرجح أن  يكتفي بايدن بحرية شخص واحد كإثبات لوعوده في مجال حقوق الأنسان.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “ايران” الحكومية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: