الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة17 فبراير 2021 08:32
للمشاركة:

صحيفة “ايران” الحكومية – خارطة طريق سوق النقد الأجنبي للأشهر المُقبلة

ناقشت صحيفة "ايران" الحكومية، في مقابلة مع خبيرين اقتصاديين، موضوع نمو سعر الصرف مرة أخرى في البلاد. واتفق الخبيران أنه بعد أسابيع قليلة من استلام الرئيس الأميركي جو بايدن لعجلة القيادة، توصلت السوق إلى نتيجة مفادها أنه لن يحدث شيء إيجابي على الأقل في المدى القصير.

بعد أن وصل الدولار إلى عتبة الـ30 ألف تومان، انخفض سعر الصرف في السوق الإيرانية خلال الشهر الماضي، ليصل إلى عتبة الـ21 ألف تومان، وكما أنه كان هنالك بعض التوقعات بانخفاض سعر الدولار إلى ما دون 20 ألف تومان. ولكن خلال هذا الشهر تغير الوضع في سوق صرف النقد الأجنبي وارتفعت الأسعار تدريجياً. وما يقوله معظم الخبراء هو أن السبب الرئيسي لذلك كان التغيير في الأجواء الدولية، خاصة فيما يتعلق بعودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي. وفي الواقع فقد كان من المتوقع أنه مع عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي ورفع العقوبات، سترتفع صادرات النفط الإيرانية، وإلى جانب نمو عائدات النقد الأجنبي سيتم الإفراج عن الأصول الإيرانية المحجوبة.

ولكن مع النهج الجديد لحكومة بايدن، تلاشى هذا التفاؤل في سوق صرف النقد الأجنبي وأرسى بظلاله على السوق. ومع ذلك، في الأيام الأخيرة من العام الحالي (بدأ في 21 آذار/مارس 2020)، يكون الطلب على النقد الأجنبي في السوق مصحوباً دائماً بنمو مرتفع والذي بالطبع، باستثناء تسوية حسابات النقد الأجنبي للشركات، فإن الطلب المفروض على السوق نتيجة السفر للخارج خلال العطلة قد انخفض بسبب فيروس كورونا. حيث تُظهر دراسة التغيرات في أسعار صرف العملات ذات الطلب المرتفع في السوق الإيرانية خلال الأيام المتبقية من هذا الشهر أن الأسعار ارتفعت لأكثر من 15%. بينما وصل الدولار الأميركي في 2 شباط/ فبراير إلى 21 ألفاً و 750 توماناً، وبلغ هذا المعدل يوم أمس 24 ألفاً و 985 توماناً، أي ما يعادل 3 آلاف 190 توماناً والذي يعادل زيادة بنسبة 14.6%.

وأوضح الخبير الاقتصادي والخير في سوق الصرف ميثم رادبور أنه “بعد انتخاب جو بايدن رئيساً للولايات المتحدة، كان هناك الكثير من التفاؤل بشأن عودة أميركا للاتفاق النووي، مما قد يؤدي إلى زيادة صادرات النفط وأرباح النقد الأجنبي”، مضيفاً “لكن بعد أسابيع قليلة من استلام بايدن لعجلة القيادة، توصلت السوق إلى نتيجة مفادها أنه لن يحدث شيء إيجابي على الأقل في المدى القصير وأن الوضع سيكون كما كان من قبل”. وبحسب قوله، فإن سوق الصرف الأجنبي الإيراني يتأثر عموماً بالاقتصاديات التضخمية والسيولة المرتفعة فضلاً عن القضايا السياسية.

وأشار إلى أنه لم تحدث تغييرات كبيرة في سوق الصرف الأجنبي في الأيام الأخيرة، وشدد على أنه “يمكن الآن دراسة القضايا المتعلقة بالعقوبات والمفاوضات مع الولايات المتحدة ضمن أُطر عوامل قصيرة الأجل، ولكن هناك حقيقة أكبر على المدى الطويل لسوق الصرف الأجنبي.”

وأوضح الخبير الاقتصادي أنه “على المدى الطويل، سيواجه النظام النقدي العالمي وخاصة في الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة ومنطقة اليورو، تضخماً مرتفعاً والذي على عكس الماضي، عندما لم نأخذ هذه المشكلة في الاعتبار ضمن حساباتنا، علينا الآن أن نولي اهتماماً جاداً لهذه المشكلة”، مضيفاً “أن تأثير تفشي كورونا على النظام النقدي العالمي جعل هذا النظام هشاً للغاية. حيث زادت السيولة الأميركية بنسبة 25% في العام الماضي، وهذا العامل سيعرض الاقتصاد الأميركي بالتأكيد لارتفاع التضخم”.

ووفقاً لهذا الخبير، فقد ضخت الحكومة الأميركية 5 تريليونات دولار في اقتصادها هذا العام، وهو رقم غير مسبوق. وفي الواقع، تمت طباعة ربع إجمالي الدولارات في العالم العام الماضي.

في المقابل، بعد الأزمة المالية لعام 2008 وبين عامي 2009 و 2019 واجهت السيولة الأميركية نمواً بنسبة 6% سنوياً، وكما أنها نمت بنسبة 25% العام الماضي، والتي من المتوقع أن تصل إلى 20% هذا العام. وبعبارة أخرى في غضون عامين واجهت السيولة في الولايات المتحدة زيادة بنسبة 45%. وقال رادبور أن “هذا بينما تُظهر التوقعات أن نمو الناتج المحلي الإجمالي الأميركي سيصل إلى 4% هذا العام، وبالتالي فإن النمو غير المسبوق للسيولة سيؤدي إلى تضخم مرتفع”، مضيفاً “بناءً على ذلك يبدو أنه على المدى الطويل، وبسبب النمو المرتفع للتضخم الأميركي فإن قيمة الريال بناءً على حساب فرق التضخم بين البلدين، ستبقى ثابتة أو تفقد قيمتها على الأقل بسرعة أقل”.

من جهته، أوضح الباحث الاقتصاد مهدي هاديان في تحليل سبب ارتفاع سعر الصرف مرة أخرى خلال الأيام الأخيرة أنه “بعد هزيمة دونالد ترامب وانتصار بايدن كان من المتوقع أن تكون عملية عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي عملية وسريعة، ولكن مع الشروط المُسبقة التي وضعها الطرفان للعودة إلى الاتفاق النووي، غيّرت من الوضع”.

ووفقاً للخبير، فإن “تغيير موقف الإدارة الأميركية الجديدة من الاتفاق النووي يعتبر نوعاً من الانتكاسة التي يشير إليها حتى المحللون الأميركيون بذلك. حيث إنهم يعتقدون أن حكومة الولايات المتحدة مترددة”، مشيراً إلى أنه “في ظل هذه الظروف، قام نشطاء سوق الصرف الأجنبي، برفع الأسعار تدريجياً ولهذا السبب نشهد في الأيام الأخيرة عودة سعر الدولار إلى عتبة الـ25 ألف تومان”.

وأضاف هاديان أنه “بالنظر إلى أنه يبدو أن إيران وبسبب تجربتها في الاتفاق النووي، تنوي إقامة نوع من التوازن بين الشرق والغرب فمن غير المرجح أن يعود الطرفان إلى الاتفاق النووي بدون شروط”، مشدداً على أنه “بناءً على ذلك يبدو أن الوضع سيبقى على حاله خلال الأشهر المُقبلة وسيتذبذب سعر الصرف دون قفزة كبيرة ضمن هذه الظروف. وفي الحقيقة علينا أن ننتظر ونرى كيف ستتغير التطورات المُستقبلية على الساحة الدولية”.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “ايران” الحكومية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: