الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة17 فبراير 2021 08:09
للمشاركة:

صحيفة “رسالت” الأصولية – إيران وروسيا نحو تعزيز الحزام الأمني البحري

تناولت صحيفة "رسالت" الأصولية، في مقال لـ "مصطفی هدایي"، موضوع التدريبات الإيرانية الروسية التي جرت في المحيط الهندي، إضافة للتدريبات المشتركة بين إيران وروسيا والصين نهاية العام الماضي. حيث رأى الكاتب أن الحالة الراهنة لمعادلات القوة في العالم، ولا سيما في القطاعين الاقتصادي والعسكري، تظهر أنه يتم تشكيل وتقوية تحالفات مختلفة خارج أقطاب النظام الليبرالي الغربي.

بدأت التدريبات المشتركة للحزام الأمني البحري الإيراني الروسي في شمال المحيط الهندي يوم الثلاثاء 16 شباط/ فبراير. تحدث المتحدث باسم التدربيات الأدميرال أمير طحاني عن أبعاد هذه التدربيات قائلاً “ستقام التدريبات التي تحمل شعار “التعاون الجماعي في البحر لأمن التجارة البحرية” على مساحة 17 ألف كيلومتر”، موضحاً أن “الهدف من إجراء هذه التدريبات هو تعزيز الأمن وأسسه في المنطقة وتوسيع التعاون الثنائي بين البلدين”، مضيفاً “سيتم توسيع التمرين إلى جداول مرتبة مسبقًا في شمال المحيط الهندي. في مجموعة متنوعة من التدريبات التكتيكية مثل إنقاذ سفينة عائمة من النار، وإطلاق سفينة مهاجمة، وإطلاق النار على أهداف محددة، وإطلاق النار على أهداف جوية ليلا، وغيرها من التدريبات التكتيكية والعملياتية المتوقعة في هذا التمرين”.
ولفت الأدميرال طحاني إلى أن “أهداف هذا التمرين تشمل تعزيز أمن التجارة البحرية الدولية ومكافحة القرصنة والقراصنة وتبادل المعلومات في مجال الإنقاذ البحري وتبادل الخبرات العملياتية والتكتيكية”.

من جهته، لفت نائب ومنسق الجيش الإيراني الأدميرال حبيب الله سياري إلى أن “المناورة البحرية المشتركة مع روسيا تدل على السلطة البحرية للقوات المسلحة الإيرانية، والتي تجري المناورات لإرساء الأمن في شمال المحيط الهندي. وتعد هذه التدريبات الثانية التي تجريها إيران وروسيا في جنوب البلاد من أجل إحلال الأمن في شمال المحيط الهندي”.

وأجريت المناورات البحرية المشتركة بين إيران وروسيا والصين في كانون الأول/ديسمبر 2019.حيث عقدت التدريبات المشتركة بين إيران والقوتين العسكريتين العالميتين لأول مرة بعد الثورة الإسلامية، ووفقًا لمسؤولين عسكريين ودفاعيين في البلاد، كانت التدريبات البحرية المشتركة نقطة تحول لاستمرار التعاون.
وفسرت غلوبال تايمز الصينة التدريبات على أنها رسالة إلى الولايات المتحدة مفادها أن بكين ملتزمة بالتهديدات والتوترات في الخليج والتدفق الآمن للنفط في المنطقة والتي أظهرت للولايات المتحدة قدرتها على حماية الخليج، وتضمنت الرسائل الأخرى من التمرين الثلاثي تحذيرًا للولايات المتحدة لخلق حالة من انعدام الأمن في الخليج بعد الانسحاب من الاتفاق النووي.

تُظهر الحالة الراهنة لمعادلات القوة في العالم، ولا سيما في القطاعين الاقتصادي والعسكري، أنه يتم تشكيل وتقوية تحالفات مختلفة خارج أقطاب النظام الليبرالي الغربي. كما يشهد المجالان العسكري والدفاعي وهما أكثر القطاعات استراتيجية للحفاظ على قوة الدول وزيادتها، ظهور أقطاب قوية في هذه العملية يمكن أن تشكل تحالفات دفاعية وأمنية جديدة.على مدى السنوات القليلة الماضية، تمكنت إيران وروسيا والصين من التحرك بشكل كبير على هذا المنوال وتقوية علاقاتها العسكرية والدفاعية.

بشكل عام منذ عقدين من الزمن حيث كانت العلاقات بين الدول الثلاث محط اهتمام الاستراتيجيين ومراكز الفكر حول العالم، وفي فترة أعلنوا عن العلاقة بين “التنين والأسد والدب” في المستقبل، ومع تزايد الثقة بالنفس والوعي لدى حكومات ودول العالم في النظام الهرمي والمهيمن على مدى العقدين الماضيين، تمت إزالة القوة في مختلف المجالات من أيدي الولايات المتحدة حيث نشهد الآن عالم ما بعد أميركا.

يتم توزيع السلطة في شكل جديد حيث ظهرت القوى الاقتصادية والعسكرية في جميع أنحاء العالم ورفعت نفسها في فضاء هرمي. الصين، روسيا، كوريا الجنوبية، الهند، البرازيل، جنوب إفريقيا، اليابان، إيران، وغيرها، هي من بين الدول التي عززت الأبعاد المختلفة لقوتها. فبعد قيام الثورة الإسلامية والجمهورية الإسلامية وانتهاء الحرب المفروضة على العراق، تم الاعتراف بإيران في النظام العالمي كقوة إقليمية عظمى تعمل على ترسيخ هذه القوة والارتقاء بها إلى المستوى العالمي. دولة يمكنها بسهولة تحدي القوة الأميركية في المنطقة وإجراء مناورات مشتركة مع القوى العسكرية الكبرى الأخرى. وسيتم تصنيف إيران وروسيا والصين على قائمة الدول الثلاث الأولى في العالم في المستقبل القريب. فلقد أدت التهديدات العالمية والمصالح الإقليمية والعالمية إلى التقارب بين القوى الثلاث وتأتي معظم التهديدات المشتركة لهذه الدول الثلاث من الغرب وأوروبا.

على سبيل المثال، أدى سلوك الولايات المتحدة تجاه إيران على مدى العقود الأربعة الماضية والتهديدات والضغط على القوى العالمية الأخرى لفرض عقوبات أحادية الجانب على طهران إلى جعل بكين وموسكو أكثر استقلالية عن إيران في مسائل السياسة الخارجية.

في العقدين الماضيين، وبغض النظر عن التغيرات في القوة العالمية، زادت واشنطن من تدخلاتها في مناطق مختلفة واضطلعت بنوع من الوصاية ودور الهيمنة، فتلقي مثل هذه التدخلات بظلالها المباشرة وغير المباشرة على مصالح الدول القوية مثل الصين وروسيا، مما يجبرها على المشاركة في تحالفات ومعاهدات جديدة وتقليل التهديدات أو حتى مكافحتها. الصين بصفتها العملاق الاقتصادي العالمي الناشئ، دخلت في حرب اقتصادية عميقة مع الولايات المتحدة والتي شهدناها في عهد دونالد ترامب. كما تقوم الولايات المتحدة بمناورات واسعة النطاق في بحر الصين بحجة تأمين اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان فأصبحت هذه هي الدوافع الرئيسية لبكين لزيادة القوة العسكرية وتوسيع العلاقات مع دول مثل إيران وروسيا. ومن ناحية أخرى، تعتزم روسيا استعادة السلطة بعد إزالة مكانتها من أنقاض الاتحاد السوفيتي، لكنها تواجه عقبة تسمى الولايات المتحدة حيث قام الناتو بتوسيع حدوده إلى الحدود الروسية وشكل تهديدات خطيرة لموسكو.

أخيراً، إن القواسم المشتركة بين روسيا والصين وإيران، وكل منها قوة مهيمنة في مناطقها، تمكنت من أن تصبح قوة مؤثرة في المعادلات العالمية حيث تشترك في المصالح فيما بينها ويمهد التعاون الاقتصادي والعسكري والدفاعي والطاقة والدبلوماسي الطريق لتحالف قوي في المستقبل، ويظهر التعاون الإيراني الروسي في أزمة الحرب الأهلية السورية أن هناك تحركًا حتميًا نحو تحالف مستقر وأن السياسة الدولية تشهد ثقلًا جديدًا في معادلات القوة.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “رسالت” الأصولية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: