الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة11 فبراير 2021 10:39
للمشاركة:

وكالة “تسنيم” الإيرانية في انتقاد لتصريحات علوي: حضرة الوزير هل فكرت في عواقب كلماتك؟

تناولت وكالة "تسنيم" المقربة من الحرس الثوري، موضوع تصريحات وزير الاستخبارات والأمن الإيراني محمود علوي، الذي لمّح فيها إلى امكانية تصنيع إيران لقنبلة نووية. حيث رأت الوكالة أن "كلمات الوزير خاطئة جدًا ولا تتماشى مع سياسات الجمهورية الإسلامية والقائد الأعلى علي خامنئي، ويمكن أن تكون لها عواقب وخيمة على البلاد"، مشيرة خلال التقرير المترجم أدناه إلى أن "التصريحات غير المدروسة يمكن أن تقرب مواقف روسيا والصين من مواقف الولايات المتحدة".

كان عام 2004 من أصعب الأعوام بالنسبة للملف النووي الإيراني. تم العثور على الملوثات في المنشآت الإيرانية، ورأى الغرب والولايات المتحدة، اللذان أصابهما التعب في الحرب في أفغانستان وغزو العراق، فرصة ثمينة لأنفسهم للضغط النهائي على إيران.

يذكر الرئيس حسن روحاني في مذكراته “الأمن القومي والدبلوماسية النووية” أنه في ذلك الوقت المليء بالاضطرابات السياسية، لجأ محمد البرادعي (رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية آنذاك) إلى خدعة. حينها، طلب البرادعي من روحاني، وهو رجل الدين المسؤول عن متابعة الملف النووي في إيران، أن يقول “أننا كنا نفكر في بناء قنبلة لأننا كنا تحت ضغط شديد خلال الحرب مع العراق وشعرنا بالحاجة لعمل شيء في هذا المجال من حيث البحث وبدأنا العمل ولكن بعد انتهاء الحرب ألغينا المشروع”. كان البرادعي قد أخبر روحاني بذكاء أنه إذا قال هذا، فسوف يقوم بإيصال الملف النووي إلى النتيجة المرجوة. بيد أن روحاني، الذي الذي لا يعتبر سلبياً تجاه الغرب، أدرك حجم هذا الفخ. لذلك، قال في مذكراته أنه أكد بغضب للبرادعي أنه لا ينبغي له أن يكرر ما يقوله الأميركيون، لأن إيران لم ولن تفكر في صنع قنبلة.

لكن وزير الاستخبارات والأمن الإيراني محمود علوي أثناء حديثه في برنامج حواري إخباري خاص حول القضية النووية، فاجئ الجميع بقوله إن “برنامجنا النووي هو برنامج سلمي وقد قال القائد الأعلى بوضوح في فتواه إن إنتاج أسلحة نووية مخالف للشريعة وأن الجمهورية الإسلامية تعتبره ممنوعا”، مضيفاً “ولكن دعني أخبرك، إذا وضعت قطة في الزاوية، فقد تتصرف بشكل مختلف عن القط الذي يتجول بحرية. إذا دفعوا إيران في هذا الاتجاه، فلن يكون ذلك خطأ إيران بل خطأ أولئك الذين دفعوا إيران إلى ذلك”.

إن كلمات الوزير هذه خاطئة جدًا ولا تتماشى مع سياسات الجمهورية الإسلامية والقائد الأعلى علي خامنئي، ويمكن أن تكون لها عواقب وخيمة على البلاد.

  • أولاً، إذا كان للسيد علوي رأي شخصي في قضايا مهمة في البلاد، فيمكنه الاحتفاظ به لنفسه أو تقديمه باسمه كشخص عادي عندما لا يتحمل أي مسؤولية. إلا أن الحديث عبر منصب وزير، فعليه التنبه لما يقوله لكي لا يعتبر حديثه نيابة عن الجمهورية الإسلامية. إن معارضة الجمهورية الإسلامية والقائد الأعلى والمسؤولين الإيرانيين لإنتاج واستخدام القنبلة الذرية ليست موقفاً منافقاً، أو فقط لإرضاء أو خداع دبلوماسيي الغرب. إن حجج الجمهورية الإسلامية وشخص القائد الأعلى، التي أثيرت عدة مرات في خطابات مختلفة، واضحة ومنطقية. ما الذي يجب أن تفعله إيران بصنع قنبلة؟ هل تريد إيران استخدام هذه القنبلة؟ بالطبع لا. كيف يمكنه استخدام القنبلة الذرية في الوقت الذي يعتبر فيه القائد الأعلى من أهم خصائص المسؤول العسكري الأبرز الحاج قاسم سليماني مراعاة الحدود الأخلاقية والدينية حتى في أصعب معارك الحرب؟ إن استخدام القنابل الذرية وأي أسلحة دمار شامل يمكن أن يكون له عواقب وخيمة على المدنيين وحتى الطبيعة. إن عدم التقيد بالحدود الدينية والأخلاقية يتعارض بشكل أساسي مع فلسفة الجمهورية الإسلامية. لذا، بما أن استخدام هذا السلاح لا يتوافق بشكل أساسي مع طبيعة الجمهورية الإسلامية، فما وظيفة امتلاكنا هذا السلاح؟ هل يمكن لامتلاك قنبلة أن يمنع انهيار نظام سياسي؟ إذا كان الأمر كذلك، فلماذا لم تمنع انهيار الاتحاد السوفيتي كثاني أكبر منتج للأسلحة النووية في العالم؟. كل هذه الحالات تم التأكيد عليها مرات عديدة في خطابات القائد الأعلى، لذا فإن قول مثل هذه التصريحات من قبل الوزير غريب للغاية ويمكن انتقاده.
  • ثانيًا، يتعارض حديث علوي تمامًا مع المصلحة الوطنية من حيث أنه يمكن أن يقوي نفوذ الجانب الغربي في المفاوضات، والأهم من ذلك أنه يعطي مصداقية للإطار القمعي للأميركيين. لطالما شددت إيران على أنها لم تنوي أبدًا صنع قنبلة نووية، ولم تتخذ أي إجراء للقيام بذلك، وشددت على أن إطار التفاوض يجب أن يكون “سليماً وشفافاً”، أي أن الغرب عليه قبول حق إيران في أي تخصيب صناعي غير محدود للاستخدام السلمي للطاقة النووية، مقابل التزام إيران بالشفافية من خلال قضايا مثل عمليات التفتيش المتعلقة بالضمانات أو البروتوكول الإضافي. ومن ناحية أخرى، قال الغرب، وتحديداً الأميركيون، بحجة أنهم لا يثقون بإيران، إن إطار المفاوضات يجب أن يكون موضوع “العتبة النووية”. وهذا يعني أن وضع إيران يتلخص في 4 قضايا رئيسية، وهي مستوى التخصيب، عدد أجهزة الطرد المركزي، طراز أجهزة الطرد المركزي وكمية الاحتياطيات المحدودة للغاية، لدرجة أنه إذا أرادت إيران صنع قنبلة فسوف يستغرق الأمر سنوات. إذن، ما علاقة تصريح الوزير، الذي أضاف عن غير قصد تبريرات إلى الإطار القمعي للأميركيين، بهذه القضية؟
  • ثالثًا، رغم أن حكام دول مثل روسيا والصين وغيرهما ربما يكونون أكثر حكمة من اعتبار هذه الكلمات الموقف الرسمي للجمهورية الإسلامية، إلا أنهم على الأقل يمكنهم أن يغلقوا أيديهم إلى حد ما لدعم مواقف إيران. لذلك، يمكن للبيانات غير المدروسة أن تقرب مواقف روسيا والصين من مواقف الولايات المتحدة.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ وكالة “تسنيم” الإيرانية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: