الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة9 فبراير 2021 07:56
للمشاركة:

صحيفة “وطن امروز” الأصولية – لماذا التزمت إدارة بايدن الصمت حيال رفع العقوبات؟

تناولت صحيفة "وطن امروز" الأصولية، في تقرير لها، موضوع التصريحات الأميركية وإمكانية إعادة إحياء الاتفاق النووي. حيث رأت أن تصريحات أعضاء الدائرة الأولى لبايدن تظهر أن السياسة الخارجية للرئيس الـ46 للولايات المتحدة ستكون مزيجاً من السياسات التوافقية لإدارة أوباما والضغط الأقصى لإدارة ترامب.

عادت قضية البرنامج النووي الإيراني إلى نقطتها الأولى بعد سبع سنوات من تولي حكومة “رفع العقوبات” السلطة. شكّل حسن روحاني الذي هو في الأشهر الأخيرة من رئاسته، حكومته على وعد برفع كامل للعقوبات كنتيجة للمفاوضات مع مجموعة 5 + 1 ولكن عملياً لا تزال العقوبات سارية اليوم وكذلك ازدادت شدتها ويبدو أن الاتفاق النووي باعتباره المشروع الكبير للحكومتين 11 و 12 هو في نهاية الطريق مع الإدارة الأميركية الجديدة.

على الرغم من كل تقييمات وتفاؤل جهاز السياسة الخارجية في الأشهر التي سبقت الانتخابات الرئاسية الأميركية بشأن فوز جو بايدن والعودة الفورية للاتفاقية التي أطاح بها ترامب، إلا أن الرئيس الأميركي المُنتخب لم يتطرق للاتفاق النووي كإحدى الأولويات للسياسة الخارجية الأميركية. ومع ذلك فإن الاستنتاج كان مخالفاً لواقع السياسة الخارجية في الداخل منذ دخول بايدن إلى البيت الأبيض وحتى اللحظة التي اعتقد فيها أن أحد الأوامر التنفيذية الأولى للرئيس المنتخب ستكون العودة إلى الاتفاق النووي.

ولكن بالإضافة إلى صمت بايدن بشأن الاتفاق النووي فإن أعضاء سياسته الخارجية والأمن القومي قد استغرقوا وقتاً وقالوا إن أي قرار بشأن إيران مشروط بعودة طهران إلى حدود شروط الاتفاق النووي.

حيث صرّح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن “بايدن كان واضحاً للغاية؛ في حال عادت إيران إلى الامتثال الكامل لالتزاماتها بموجب الاتفاق النووي، فإن الولايات المتحدة ستفعل الشيء ذاته”، مضيفاً “وبعد ذلك وبمساعدة حلفائنا، سنستخدمه كمنصة لاتفاق أقوى وأطول أجلاً يعالج القضايا الإشكالية الأخرى في العلاقات مع إيران، ولكننا ما زلنا بعيدين جداً من تلك النقطة “.

ومع ذلك، بناءً على تجربة السنوات الخمس الماضية وبعد إبرام خطة العمل المشتركة الشاملة أعلن في المقابل القائد الأعلى علي خامنئي بشكل صريح وقاطع أن سياسة إيران المتمثلة في العودة إلى التزامات الاتفاق وبشكل صريح وواضح منوطة برفع العقوبات.

ومن ناحية أخرى خلافاً للتصور غير الواقعي الذي يعتبر إدارة بايدن هي ذات إدارة باراك أوباما وعلى الرغم من وجود أشخاص مثل أنتوني بلينكن وجون كيري وويندي شيرمان وجيك سوليفان في الإدارة الأميركية الجديدة، فإن إدارة بايدن لن تتبع طريق إدارة أوباما فيما يخص الاتفاق النووي. وستكون السياسة الخارجية لهذه الإدارة مخالفة في بعض القضايا مثل القضية الإيرانية، وتصريحات أعضاء الدائرة الأولى لبايدن تظهر أن السياسة الخارجية للرئيس الـ46 للولايات المتحدة ستكون مزيجاً من السياسات التوافقية لإدارة أوباما والضغط الأقصى لإدارة ترامب. حيث أن البيت الأبيض في الإدارة الجديدة لا يريد أن يفقد تأثير العقوبات الواسعة التي فرضها ترامب للضغط على إيران، ومن ناحية أخرى فإن طهران كشفت عن ورقتها الرابحة ضد واشنطن من خلال الضغط من أجل تطوير برنامجها النووي ورفع التخصيب 20%؛ والتي هي أداة ستضع الكثير من الضغط على بايدن وحاشيته في المستقبل القريب.

بعبارة أخرى، لمواجهة النهج الجديد الذي وضعته الولايات المتحدة تسعى إيران بمبادرة من البرلمان الإيراني إلى تغيير المسار وتحويل النهج السلبي إلى نهج فاعل ضد نكث الطرف الآخر بالعهود والمواثيق. حيث أن قانون مناهضة العقوبات والذي تم تسريع وتيرته بعد استشهاد العالم النووي محسن فخري زاده في البرلمان كان رسالة علنية من النظام الإيراني للغرب بأن الجمهورية الإسلامية في مرحلة تغيير النهج. وفي خضم ذلك ورغم وقوف بعض المسؤولين الحكوميين ضد هذا القانون في البداية، بل وتحدثوا وكأنهم لا ينوون تطبيق قانون مجلس النواب ولكن بعد تأكيد القائد الأعلى وإصرار البرلمان على تنفيذ هذا القانون دخلت بعض بنوده حيز التنفيذ مثل إطلاق جيل جديد من أجهزة الطرد المركزي. وفي هذا الصدد وبعد يوم من تصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن بأن العقوبات لن ترفع حتى تعلق إيران عملية تخصيب اليورانيوم، شدد محمد جواد ظريف على ضرورة تطبيق القانون النووي في البرلمان.

في الواقع من خلال فهم الوضع الجديد في البيت الأبيض، تعمل إيران على تحديث شروطها بما يتناسب مع الوضع الحالي، لذلك فإن تصريحات القائد المبنية على رفع العقوبات في مثل هذا الجو هي مفهومة.

بناءً على ما سبق، أولاً، يمكن للولايات المتحدة أن تبدأ بإعطاء إعفاءات لبيع النفط الإيراني. حيث ستقلل هذه العملية من الحاجة الملحة لإصلاح الاتفاقية. وكما أن محاولة إدارة بايدن إعادة الدخول في الاتفاق النووي من خلال زيادة مبيعات النفط الإيرانية ستوضح منطق “الفوز للجانبين” في الاتفاق النووي. ويتم وضع الدخل الإيراني من بيع النفط في حسابات كودائع ويتم مراقبتها عن كثب بموجب شروط الإعفاء. ويُستخدم الدخل الإيران للتجارة الحرة مع الدولة التي يتم فيها الاحتفاظ بالأموال. وتهدف هذه الخطوة إلى حل التوتر الأساسي مع حلفاء الولايات المتحدة مثل كوريا الجنوبية واليابان والهند التي تأثر أمنها بالطاقة بسبب العقوبات الأميركية المفروضة على إيران.

ثانيًا، يمكن لحكومة بايدن دعم طلب إيران للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي. ويتم تجاهل طلب إيران رغم التقييم الفني لصندوق النقد الدولي بأن إيران مؤهلة للحصول على دعم مالي لمعالجة أزمة ميزان المدفوعات الناجمة عن وباء كورونا. وقد قالت إيران إنها مستعدة لتحويل الأموال إلى حساباتها الخارجية لاستخدامها في سداد قيمة الواردات المعفاة من العقوبات. والأموال لن تدخل خزينة الحكومة الإيرانية مباشرة، ولكنها تستخدم لسداد العجز التجاري. ويجب على حكومة بايدن منح القرض كجزء من التزامها بمعالجة الأثر الإنساني للعقوبات والضغط الأوسع لتشجيع صندوق النقد الدولي على استخدام قدرته المالية الكاملة لمعالجة الأزمة الاقتصادية المستمرة الناجمة عن الوباء. وفي النهاية؛ قد يكون الخيار الثالث هو الوصول السهل إلى احتياطيات إيران الحالية من العملات الأجنبية. وترفض إيران أي حافز أميركي محدود لإقناع طهران بالعودة إلى الاتفاق النووي.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “وطن امروز” الأصولية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: