الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة7 فبراير 2021 00:02
للمشاركة:

صحيفة “وطن امروز” الأصولية – الأوهام النابليونية لماكرون

تناولت صحيفة "وطن امروز" الأصولية، في مقال لـ"نوید مؤمن"، تصريحات الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، وعرض الوساطة بين إيران وأميركا. ورأى الكاتب أن "ماكرون غير قادر بشكل أساسي على الدخول في مفاوضات كـ "وسيط" لأن فرنسا ملتزمة وموقعة على الاتفاق النووي، بمعنى آخر لا يستطيع "الطرف الملتزم" أن يلعب دور "الطرف الوسيط" هنا"، معرباً عن أسفه من أن الجهاز الدبلوماسي الإيراني لا يتعامل بحزم مع التصريحات الفرنسية، حسب تعبيره.

زعم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تصريحاته الأخيرة أنه ينوي القيام بدور “الوسيط الفعال” في عملية إحياء الاتفاق النووي. وأعرب عن أمله في أن يكون “الوسيط الصادق” في محادثات الاتفاق النووي بين طهران وواشنطن. ماكرون يؤكد على ضرورة إشراك السعوديين والنظام الصهيوني في المفاوضات. هناك نقاط حول تصريحات الرئيس الفرنسي الأخيرة لا يمكن تجاهلها بسهولة.

أولاً، ماكرون غير قادر بشكل أساسي على الدخول في مفاوضات كـ “وسيط” لأن فرنسا ملتزمة وموقعة على الاتفاق النووي. بمعنى آخر لا يستطيع “الطرف الملتزم” أن يلعب دور “الطرف الوسيط” هنا. حاول الممثلون الأوروبيون مرارًا وتكرارًا تقليص طبيعتهم من “الالتزام” إلى “الوساطة” منذ بداية عام 2016 (عندما دخل الاتفاق حيز التنفيذ). هذه لعبة خطيرة بالطبع يتم تنسيقها مع الولايات المتحدة سواء أثناء رئاسة دونالد ترامب أو في العصر الجديد. اعتبر الاتحاد الأوروبي عند “الدفاع عن اسم الاتفاق النووي” نفسه مؤسس هذه الاتفاقية واعتبر لاحقًا الاتفاقية النووية مع إيران كمثال “للدبلوماسية الأوروبية المتعددة الأطراف”، ولكن عندما يتعلق الأمر “بالطبيعة القانونية للاتفاق” و”الوفاء بالتزامات الاتفاق” تنأى بنفسها فوراً عن “التزاماتها”.

النقطة الثانية هي أنه حتى لو أردنا قبول فرنسا كوسيط فإن هذا البلد بالتأكيد ليس “وسيطًا مخلصًا”. أهداف واستراتيجيات باريس وواشنطن في مواجهة النظام والأمة الإيرانية متطابقة تمامًا وهذا الأمر ينفي مبدأ “حياد الوسيط”. لم تُنسَ تصريحات ماكرون في مؤتمر صحفي مشترك مع ترامب في عام 2019 حين قال “أعتقد أننا (الولايات المتحدة وفرنسا) لدينا بالتأكيد نفس الأهداف لإيران. ماذا ننوي أن نفعل؟ أولاً نريد أن نتأكد من عدم حصولهم على أسلحة نووية ونريد أن نتجاوز ذلك ونحقق الثقة الكاملة على المدى الطويل. ثانياً نريد تقليص نشاطهم في مجال الصواريخ الباليستية. ثالثًا نريد كبح نشاطهم الإقليمي. هدفنا الرابع هو إحلال السلام في المنطقة”.
من الواضح أن ماكرون يتبع بشكل صريح وليس بشكل مخفي استراتيجية “أقصى احتواء لإيران”. نتيجة لاتفاق شامل مع إيران في المجالات النووية والصاروخية والإقليمية ستصبح الرياض وتل أبيب اللاعبين المهيمنين في المنطقة بينما ستصبح طهران “ضعيفة” و “محدودة”. إن إصرار الرئيس الفرنسي الخاص على إشراك المملكة العربية السعودية ومراعاة مخاوف النظام المحتل في القدس في أي مفاوضات جديدة مع إيران ينبع من هذا النهج الفرنسي المخزي والخطير. والدور الخاص للجماعات الصهيونية في المعادلات السياسية والتنفيذية لفرنسا وتأثيرها الخاص على حزب “الجمهورية إلى الأمام” الذي أسسه ماكرون، لا يترك مجالاً للشك حول “التأثير المطلق للكيان الصهيوني على الفرنسيين” في المفاوضات النووية.

لكن النقطة الأهم والأخيرة هي أن ماكرون وحلفائه الأوروبيين في هذه المعادلة يعتبرون “مدعى عليه” وليس “وسيطًا”. لقد لعب الفرنسيون دورًا مكملًا للولايات المتحدة في عملية “تشويه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة” وما تلاها من “التدمير العملي للاتفاق النووي” ويجب أن يكونوا مسؤولين أمام إيران عن ذلك. ففي عام 2017 على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك وافق إيمانويل ماكرون لأول مرة مع ترامب ونتنياهو على “تغيير الاتفاق النووي”. واستمرت هذه اللعبة الخطيرة للفرنسيين حتى بعد انسحاب الرئيس الأمريكي من الاتفاق. في الأساس كان تصميم هيكل Instex البسيط والمتساقط وما بعده بمثابة تأخير متعمد من قبل المسؤولين الأوروبيين في إنشاء آلية مالية خاصة وهو نتاج ومخرجات المشاورات وراء الكواليس بين جان إيف لودريان ومايك بومبيو خلال فترة رئاسة ترامب. من الواضح أن ماكرون بدلاً من التعبير عن موقفه والكلمات التي لا تناسبه (كرئيس فاشل وعاجز في فرنسا)، يجب عليه أن يعد نفسه وحكومته للرد على إهمال باريس المتعمد تجاه الاتفاق النووي. إذا تم توجيه طلب أجهزتنا الدبلوماسية بجدية إلى الحكومة الفرنسية فلن يجرؤ ماكرون بالتأكيد على تكرار مثل هذه الادعاءات والمواقف السخيفة. ومع ذلك للأسف ما زلنا نشهد تسامح الجهاز الدبلوماسي لايران مع لعبة سقف واحد وبعض أجواء مسؤولي الإليزيه.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “وطن امروز” الأصولية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: