الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة6 فبراير 2021 05:46
للمشاركة:

صحيفة “كيهان” الأصولية – ضعف الدبلوماسية يتسبب بحكم غير قانوني على أسد الله اسدي

تناولت صحيفة "كيهان" الأصولية، في أحد تقاريرها، موضوع الحكم الصادر من محكمة بلجيكية بحق الدبلوماسي الإيراني أسد الله أسدي. وبعد أن وجهت الصحيفة انتقادات للخارجية الإيرانية في طريقة تعاملها مع هذه القضية، رأت الصحيفة أن الدول الأوروبية ستستغل قضية أسدي لمحاولة إجراء صفقة لإطلاق سراح "الجواسيس" مزدوجي الجنسية، حسب تعبيرها.

وجهت محكمة بلجيكية لائحة اتهام إلى دبلوماسي إيراني بالتخطيط ومحاولة تنفيذ تفجير لمجموعة منافقة في فرنسا في عام 2018. كما ادعى المدعي البلجيكي أن “الشرطة الألمانية والفرنسية والبلجيكية أحبطت عملية التفجير والعملية الإرهابية بالتعاون مع بعضها البعض”، مستخدمين ذرائع كاذبة. على الرغم من أن أسد الله أسدي لم يحضر جلسات المحكمة التي عقدت في الأشهر الأخيرة على أساس أنه يتمتع بحصانة دبلوماسية إلا أن الأوروبيين تجاهلوا بشكل صارخ هذه القضايا واعتقلوه وحاكموه وحكموا عليه في النهاية بالسجن لمدة 20 عامًا.

وصرح سعيد خطيب زاده المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رداً على حكم المحكمة البلجيكية أن جمهورية إيران الإسلامية تدين بشدة إعلان الحكم على السيد أسد الله أسدي ولا تعترف به رسميا.

بالعودة إلى الماضي، أفادت وسائل الإعلام الغربية في تموز/ يوليو 2018 باعتقال دبلوماسي إيراني في ألمانيا حيث أظهر حجم ومدى هذه التغطية الإخبارية في وسائل الإعلام الغربية السائدة منذ البداية أن الأجهزة الأمنية العبرية والغربية قد وضعت خطة خاصة ومتعددة الأوجه لمهاجمة إيران. بالطبع لم يكونوا وحدهم في هذه العملية الإعلامية ومثل العديد من القضايا الأخرى ساهمت وسائل الإعلام المقربة من مجموعة المنافقين والملكيين معهم في نشر الأخبار. ادعى المدعي الفيدرالي الألماني أن الدبلوماسي الإيراني المقيم في فيينا يشتبه في تعاونه مع زوجين كانا يعتزمان مهاجمة تجمع لمجموعة إرهابية من المنافقين في باريس.

كما ادعى مكتب المدعي العام الألماني أن الدبلوماسي الإيراني أعطى زوجين بلجيكيين من أصل إيراني عبوة ناسفة تحتوي على 500 جرام من “بيروكسيد الأسيتون”. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية النمساوية توماس شنول في مؤتمر صحفي في نفس الوقت “إننا طلبنا من إيران رفع الحصانة عن هذا الدبلوماسي.” أمر القضاء البلجيكي باعتقال هذا الدبلوماسي الإيراني ونتيجة لذلك فقد منصبه الدبلوماسي خلال 48 ساعة. وأخيراً سلم المدعي العام الألماني الدبلوماسي الإيراني للقضاء البلجيكي. وتتحدث التقارير المنشورة في هذا المجال عن الدور الحاسم لجهاز التجسس الإسرائيلي (الموساد) في تشكيل هذا السيناريو ومحاولة إدانة إيران.

ومع ذلك فإن عدم نشاط وزارة الخارجية لمدة عامين تجاه هذه الأزمة والمبررات العديدة للمجموعة المنافقة للاستفادة من هذا التلفيق دفعت القضاء البلجيكي إلى البدء أخيرًا بمحاكمة أسدي و 3 أشخاص آخرين، الأمر الذي أدى في النهاية إلى إصدار حكم ضدهم. حتى أن إيران لم تختر محام للدفاع عن حقوق هذا الدبلوماسي وهذا دليل على سلبية تعامل الخارجية الإيرانية. حيث أن أسد الله أسدي لم يمثل أمام المحكمة لأنه مسؤول سياسي ويتمتع بحصانة.

تمت محاكمة الدبلوماسي الإيراني في وقت كان اعتقاله غير قانوني وخرق القواعد والإجراءات الدولية وأحكام اتفاقية فيينا لعام 1961. تنص اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1963 على أنه لا يجوز انتهاك الحصانة الدبلوماسية.

لم تدعم الخارجية أسدي حتى إلى حد نشر صورة واضحة عنه والصورة الوحيدة المتوفرة لهذا الدبلوماسي المظلوم هي هذه الصورة القاتمة التي نشرتها وسائل الإعلام الغربية. لفهم مغزى هذه القضية يكفي مقارنة القصة بالصورة التي صورتها وسائل الإعلام البريطانية لنازنين زاغري وكيف أظهرت من جاسوسة وجه أم مظلومة.

ولعل أحد الإجراءات القليلة التي اتخذتها وزارة الخارجية في هذا الصدد هي تغريدة وزير الخارجية قبل عامين. كتب ظريف على تويتر في 4 تموز/ يوليو 2018 ردًا على هذا السيناريو المعادي لإيران: “يا لها من صدفة مثيرة للاهتمام. في نفس الوقت الذي تبدأ فيه زيارة الرئيس لأوروبا يتم الكشف عن عملية إيرانية واعتقال عملائها. إيران تدين جميع أشكال العنف والإرهاب في أي مكان ومستعدة للعمل مع جميع السلطات المعنية لمعرفة ما هو مجرد عملية شريرة لإعطاء العنوان الخطأ”.

مقارنة سلوك وزارة الخارجية في مواجهة الجريمة والقمع الواضح ضد دبلوماسي إيراني، بالسلوك البريطاني عند اعتقال السفير البريطاني في طهران بسبب التحريض على أعمال شغب أمام جامعة أمير كبير وإطلاق سراحه بعد ساعات قليلة، أو الدبلوماسيين والجواسيس المسيئين الذين على الرغم من تصرفهم ضد الأمن القومي لإيران تم إطلاق سراحهم بإهمال، حيث كانت حكوماتهم تلاحق مصيرهم بجدية. هذه المقارنة تظهر ضعف عمل خارجيتنا.

صمت وتقاعس الحكومة والجهاز الدبلوماسي ردا على محاكمة الدبلوماسي أسد الله أسدي أثناء العمليات المشتركة لعدة دول أوروبية (ألمانيا وبلجيكا والنمسا وفرنسا) بينما كانت هذه الدول الأوروبية نفسها قاعدة وملجأ الجماعات الإرهابية لأكثر من ثلاثة عقود وقد أصبحت انفصالية وتقدم لهذه الجماعات في الواقع خدمات متنوعة. ومع ذلك فإن المعالجة السلبية والمهينة لهذه القضية من قبل الجهاز الدبلوماسي لإيراني قد خلقت أوهامًا في البلدان الأوروبية.

على سبيل المثال تستضيف فرنسا الآن مجموعة الإرهابيين المنافقين. مجموعة قتلت 17 ألف إيراني. بالإضافة إلى دعم جماعة المنافقين الإرهابية سجلت الدولة في سجلها الأسود دعم وتجهيز نظام صدام البعثي ضد إيران خلال 8 سنوات من الحرب المفروضة ودعم وتجهيز جماعة داعش الإرهابية. بالإضافة إلى استضافة الحكومة الفرنسية العلنية لمجموعة المنافقين الإرهابية تستضيف هولندا والدنمارك أيضًا الإرهابيين الانفصاليين الأهوازيين الذين قتلوا الأبرياء في خوزستان خلال عرض للقوات المسلحة. تسود وسائل الإعلام المؤيدة للإرهاب في أوروبا أيضًا بل إنها مدعومة من الحكومات الأوروبية للحصول على منبر كافٍ لشرح عملياتهم الإرهابية في إيران.

منذ سنوات قامت الحكومة الهولندية  بالإضافة إلى منح حق اللجوء لأحمد مولى أبو ناهض “المعروف بأحمد نيسي” منحت أحد قيادات الجماعة الإرهابية المعروفة حق اللجوء وهوية مزورة باسم “علي معتمد” لـ “محمد رضا صمدي كلحي” منفذ تفجير المكتب المركزي لحزب الجمهورية الإسلامية الذي استشهد فيه آية الله بهشتي ونحو 80 مسؤولاً في الجمهورية الإسلامية.

البدعة الجديدة للأوروبيين هي أنه إذا لم تتفاعل بشكل صحيح معها، فيمكن استخدامها كإجراء في أجندة الدول الأوروبية ضد دبلوماسيي إيران. كما أن سيناريو قيام الحكومات الأوروبية باعتقال ومحاكمة الدبلوماسي الإيراني أخيرًا يثير فرضيات مختلفة على رأسها محاولة منظمة لاتباع النهج الأميركي المألوف لأخذ العلماء الإيرانيين كرهائن لدخول مرحلة تبادل الأسرى.

وبناءً على ذلك فليس من المستبعد أنه من خلال عقد هذه المحكمة الاحتفالية وإصدار حكم غير قانوني فإن الحكومات الأوروبية ستستخدم أسد الله أسدي كرهينة لمتابعة مشروع إطلاق سراح جواسيس مزدوجي الجنسية بشكل أساسي. ويمكن اعتبار جهود الحكومتين البريطانية والفرنسية لتأمين إطلاق سراح مزدوجي الجنسية المدانين بجرائم أمنية في إيران مثالاً في هذا الصدد.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “كيهان” الأصولية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: