الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة2 فبراير 2021 07:48
للمشاركة:

مصادر مطلعة لصحيفة “خراسان” الأصولية: إيران لن تغيّر مسارها النووي قبل الرفع الكامل للعقوبات

نقلت صحيفة "خراسان" الأصولية عن مصادر مطلعة أن القرار الحازم والموحد على أعلى مستويات النظام هو أنه حتى يتم رفع جميع العقوبات لن تتخذ إيران أي إجراء لتغيير مسارها النووي. وشددت الصحيفة على أن السياسيين الأميركيين المتناسين يجب أن يعرفوا أن اللعبة مع إيران قد انتهت وأن نافذة الاتفاق في حالة انغلاق، حسب تعيبرها.

انسحبت الولايات المتحدة رسميًا من الاتفاق النووي بعد انتهاكها عدة معاهدات خلال فترة وجودها في السلطة سواء في عهد أوباما أو ترامب. وفي أيار/ مايو 2018 انسحبت من الاتفاق النووي وفي الأشهر الـ 33 الماضية فرضت أشد العقوبات في التاريخ بالإضافة إلى تلك التي رفعتها أو علقتها على الجمهورية الإسلامية الايرانية في الاتفاق النووي. ولكن الآن بعد أن وصلت الحكومة الجديدة إلى السلطة مع الكثير من الدعاية والمزاعم بالعودة إلى الاتفاق ورفع العقوبات فقد قامت ببناء تناقض في محاولة لتثبت للشعب والمسؤولين الإيرانيين بعد أربعين سنة من الثورة أنه يمكن الاعتماد عليها وأخذ التزامها وكلامها على محمل الجد.

في هذه الأيام أدلى فريق السياسة الخارجية لبايدن بقيادة وزير خارجية واشنطن الجديد انتوني بلينكين بتصريح غير منطقي مفاده أنه من أجل رفع العقوبات عن إيران يجب أن تعود طهران أولاً إلى جميع التزاماتها بالاتفاق وبعد موافقة الولايات المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية يتشاور الأميركيون مع أصدقائهم ويقررون العودة إلى  الاتفاق النووي وهذا الأمر الذي سيستغرق وقتًا طويلاً.

يبدو أن لعبة الأميركيين الجديدة ضد إيران يجب أن تفسر على أنها لعبة “أنت أولاً”. في حين أن رد جمهورية إيران الإسلامية على هذه القضية بمنطق قوي كان أنه بدون رفع جميع العقوبات لن تقلل أي من إجراءاتها في إطار الخطوات الخمس من التزامات الاتفاق النووي والقانون البرلماني الأخير المسمى بالإجراء الاستراتيجي لإلغاء العقوبات.

كما أكد القائد الأعلى علي خامنئي في 10 كانون الثاني/ يناير من هذا العام أنه إذا رفع الأميركيون جميع العقوبات فإن عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي ستكون منطقية. وفي هذا الصدد أكد مصدر مطلع للصحيفة أن “القرار الحازم والموحد على أعلى مستويات النظام هو أنه حتى يتم رفع جميع العقوبات لن تتخذ إيران أي إجراء لتغيير مسارها النووي وإذا استمر هذا المسار على هذا النحو فمن المؤكد أنه في 21 شباط/ فبراير ستتخلى إيران عن جميع عمليات التفتيش الخاصة بالضمانات الإضافية بما في ذلك البروتوكول الإضافي، وهذا معنى آخر لما قاله روحاني، أن كرة اللعبة الآن على الأراضي الأميركية وأنهم هم من يجب أن يرفعوا العقوبات عن إيران إذا كانوا يريدون العودة إلى الاتفاق النووي”.

لكن لماذا نقول إن مطالبة الولايات المتحدة بأن تنعكس إيران أولاً عن أفعالها أمر غير منطقي؟ في الواقع تُظهر عملية السنوات الخمس الماضية من تنفيذ الاتفاق النووي و 33 شهرًا من انسحاب ترامب من الاتفاق النووي أن الجمهورية الإسلامية على الرغم من انتهاك العديد من الاتفاقات بين إدارتي أوباما وترامب التزمت بجميع التزاماتها حتى غادر ترامب الاتفاق النووي رسميًا وهناك 15 تقريرًا من الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوضح ذلك. حتى بعد أيار/ مايو 2018 عندما غادر ترامب الاتفاق النووي رسميًا وفُرضت على طهران عقوبات شديدة لم ترد طهران على هذا الانتهاك الجسيم  للاتفاق النووي واحتجت فقط وأعلنت استعدادها للتعاون مع أطراف أخرى في مجلس الأمن الدولي. حتى أنه كان يأمل في تنفيذ الإعلان الأوروبي المكون من 11 مادة في غياب الولايات المتحدة والذي تم نشره في تموز/ يوليو 2018.

إن عدم قدرة أو عدم رغبة الأوروبيين في تنفيذ  الاتفاق النووي وإزالة تأثير عقوبات واشنطن شكل ضغوطًا كبيرة على إيران. لكن ايران لم تنتهك التزاماتها النووية حتى أيار/ مايو 2019 بعد عام من مغادرة الاتفاق النووي. في أمر تنفيذي لم يقم ترامب بتمديد الإعفاءات النفطية الأخيرة لإيران وبحسب قوله فإن قام بإيصال تصدير النفط الايراني إلى صفر. في ذلك الوقت أعلنت إيران بموجب المادتين 26 و 36 من الاتفاق النووي أنها ستخفض تدريجياً التزاماتها تجاه  الاتفاق النووي. وحتى في هذه المرحلة أخذت ايران فجوة مدتها شهرين بين كل خطوة واستمر العمل على تقليص التزاماتها حتى كانون الثاني/ يناير 2020، حتى أعلنت الجمهورية الإسلامية في خطوتها الخامسة أنها لن تقبل أي قيود تقنية نووية. والسؤال الآن هو أن الإدارة الأميركية في عهد أوباما كانت فخورة بالاتفاق النووي كحكومة واعتبرتها إرثًا مهمًا لسياستها الخارجية لكن لم تنفذها بالكامل الآن وبعد هذه التجارب المريرة والانتهاكات العديدة  فكيف يمكن أن تكون إيران سعيدة بمجرد توقيع بايدن للعودة إلى الاتفاق النووي؟ عودة تسمح بالطبع للجانب الأميركي باستخدام آلية الزناد وهي إعادة جميع عقوبات مجلس الأمن. في الواقع، في نفس الوقت وحتى الآن، تواصل إيران إعلان التزامها بتنفيذ الاتفاق النووي وتنظر في تصرفاتها بموجب المادتين 26 و 36 من الاتفاق.

 تنص الفقرة 26 صراحة على ما يلي “أعلنت إيران أنها ستنظر في فرض عقوبات جديدة متعلقة بالمجال النووي كأساس للتعليق، كليا أو جزئيا، تنفيذ التزاماتها بموجب مجلس الوكالة الدولية للطاقة الذرية.” نقرأ أيضًا في الفقرة 36 “إذا اعتقدت إيران أن أيًا من مجموعة 5 + 1 أو جميعها لم تمتثل لالتزاماتها فيجوز لإيران إحالة الأمر إلى اللجنة المشتركة للتسوية. فإذا لم يتم حل المسألة بعد بما يرضي المدعي ويعتقد المدعي أن الأمر يمثل حالة من “عدم الامتثال الجوهري” يمكن للطرف بعد ذلك النظر في القضية التي لم يتم حلها كأساس لتعليق كلي أو جزئي لتنفيذ التزاماته بموجب قانون الاتفاق النووي”.

هذه القضية تظهر حتى في المادة 37 والتي تعد بمثابة إنهاء لعمل مجلس الأمن الدولي وعودة قرار مجلس الأمن الإيراني حيث “صرحت إيران أنه في حالة إعادة فرض عقوبات جزئية أو عامة، فإن إيران ستعتبر ذلك أساسًا لتعليق كلي أو جزئي لالتزاماتها بموجب مجلس الوكالة الدولية للطاقة الذرية.”

استمرت إجراءات تقليص التزامات إيران النووية بنفس الخطوات الخمس لكن الجانب الآخر لم يتصرف مقابل طلب إيران المعقول برفع العقوبات وفي أصعب الظروف لتفشي كورونا رفض  تخفيف الضغط أيضاً. في 4 كانون الأول/ديسمبر وافق البرلمان مرة أخرى على خطة بعنوان “العمل الاستراتيجي لرفع العقوبات وحماية حقوق الأمة الإيرانية” استمرارًا لتطبيق المواد 26 و 36 و 37 من الاتفاق النووي.

أهم فرق بين هذا القانون وخطوات إيران السابقة المتعلقة بالفقرة 6 هو أنه قيل إذا لم ترفع مجموعة 5 + 1 بعد شهرين من دخول القانون حيز التنفيذ عقوباتها النووية وغير النووية المفروضة على إيران فإن الحكومة الإيرانية ملزمة برفع كل ضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية. على الرغم من أن إيران قد نصت على هذا القانون من أجل إحياء الاتفاق النووي إلا أنه يبدو أنه بهذا الإجراء لن تلتزم إيران عمليًا بأي من البنود في الاتفاق النووي وسنواجه اتفاق لن يلتزم به أي من الأطراف.

الهروب النووي هو مصطلح تستخدمه أوروبا والولايات المتحدة عندما تريد معرفة المدة التي يمكن لإيران فيها أن تصنع قنبلة نووية. كانت هذه المدة ثلاثة أشهر قبل الاتفاق النووي في تموز/ يوليو 2015، ويبدو أن هذه المرة وصلت إلى أدنى مستوياتها في السنوات الثلاث والنصف الماضية مع الخطوات العديدة التي اتخذتها ايران. تزداد أهمية هذه الأرقام عندما نعلم أن الخبراء العسكريين النوويين يعتقدون أنه لصنع قنبلة ذرية فإن 1200 إلى 1500 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب أقل من 5 في المائة كافية. كما قلنا صرحت جمهورية إيران الإسلامية مرارًا وتكرارًا أنه ليس لديها نية قانونية لبناء قنبلة ذرية ولكن حوالي 4.5 طن من اليورانيوم 5٪ وقسم من اليورانيوم 20 ٪ والتي تُضاف يوميًا يمكن أن تكون بمثابة تنبيه نداء. نتمنى أن يعرف السياسيون الأميركيون المتناسون وغير الملتزمين أن اللعبة مع إيران قد انتهت وأن نافذة الاتفاق في حالة انغلاق.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “خراسان” الأصولية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: