الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة1 فبراير 2021 07:54
للمشاركة:

صحيفة “آفتاب يزد” الإصلاحية – الاحتجاجات في لبنان لها جذور سعودية – فرنسية

تناولت صحيفة "آفتاب يزد" الإصلاحية، في مقابلة مع الخبير في شؤون الشرق الأوسط محمد صالح صدقيان، موضوع الإحتجاجات التي تشهدها طرابلس شمال لبنان. حيث اعتبر صدقيان أن السعودية تحاول من خلال فرنسا القيام بأعمال شغب في لبنان، لافتاً إلى أن لبنان سيهدأ بكشف النقاب عن سياسة بايدن الخارجية.

خلال أيام الاضطرابات والاحتجاجات الشعبية من شمال العراق إلى جنوبه كان من المتوقع أن تمتد هذه الاحتجاجات إلى لبنان وحتى إلى فلسطين والأردن. حيث يقول الخبير في شؤون الشرق الأوسط محمد صالح صدقيان أن جميع الأحداث الأخيرة في شمالي لبنان تحولت إلى فراغ ناتج عن انتقال السلطة من يد دونالد ترامب إلى جو بايدن، موضّحاً أن “السعودية تحاول من خلال فرنسا القيام بأعمال شغب في لبنان حيث يؤكد فيها مسار الحريري حقيقة أن إسرائيل والسعودية أقسمتا القسم على التنسيق أكثر من أي وقت مضى على الأقل في معارضة استمرار التواجود الإيراني في لبنان وسوريا”، معتبراً أن “لبنان سيهدأ بكشف النقاب عن سياسة بايدن الخارجية”.
وأوضح صدقيان أنه “إذا نظرت إلى تصريحات الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في الأسابيع الأخيرة سترى أن جذور العنف والصراع في لبنان تصل إلى الرياض وباريس حيث يتواجد مسؤولو قصر الإليزيه الذين ينفذون أوامر بن سلمان”.
على الرغم من أن الأخبار هذه الأيام مرتبطة أكثر بطرابلس إلا أنه يجب فحص جذور هذه الاحتجاجات قبل 15 شهراً بدءاً من نهاية تشرين الأول/أكتوبر 2019، حيث شهدت العاصمة اللبنانية بيروت احتجاجات حاشدة، وذلك احتجاجاً على الظروف المعيشية وعدم كفاءة الحكومة اللبنانية في حل هذه القضايا والمشاكل الاقتصادية المتزايدة لهذا البلد الصغير قليل الكثافة السكانية بما في ذلك ديونها الخارجية البالغة 80 مليار دولار وانخفاض قيمة الليرة أمام الدولار ونقص الدولار في السوق ومشكلة نقص الوقود والبنزين. كل ذلك أثار الأزمة الداخلية مع احتجاجات على مستوى البلاد بهدف الإطاحة بالحكومة واستمرت أكثر من ثلاثة أشهر.
ووافق مجلس الوزراء اللبناني في اجتماعه في 21 تشرين الأول/أكتوبر على خطة الإصلاح الاقتصادي لرئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري للخروج من الأزمة. وللخروج من الأزمة اللبنانية قدّم الحريري خطة إصلاح اقتصادي مكوّنة من 24 بنداً نوقشت في مجلس الوزراء ذلك اليوم؛ وكان أحد البنود الواردة في الخطة عبارة عن 24 مادة تتعلق بتخفيض رواتب أعضاء البرلمان والوزراء بنسبة 50% والآخر عبارة عن تحديد ضريبة بنسبة 25% على المصارف وشركات التأمين. حيث وصف حزب الله اللبناني بأن الإصلاحات الاقتصادية التي تبنتها الحكومة اللبنانية مهمة وغير مسبوقة.
ولكن المتظاهرين اللبنانيين وصفوا خطة الحكومة الإصلاحية بأنها غير كافية وأثاروا قضية استمرار الاحتجاجات حتى استقالة الحريري. وكما دعمت بعض الأوساط المحلية استقالة الحريري بما في ذلك زعيم القوات اللبنانية سمير جعجع وزعيم الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وكلاهما مقربان من السعودية.
وقدّم رئيس الوزراء اللبناني استقالته خطياً إلى الرئيس ميشال عون في 29 تشرين الأول/أكتوبر 2019 ولكنه أعلن بعد يوم من استعداده المشروط لرئاسة الحكومة الجديدة. وفي النهاية مع تنصيب رئيس الوزراء الجديد حسان دياب والذي لم يكن قادراً على فعل أي شيء ازدادت الآمال للعثور على مخرج من الأزمة.
ظل الوضع في طرابلس شمال لبنان مضطرباً منذ عدة أيام احتجاجاً على قرار الحكومة اللبنانية تمديد الإغلاق العام حتى 8 من شباط/فبراير. وبحسب ما أوردته قناة الميادين فإن ما حدث في الاحتجاجات وخطير هو استخدام العبوات الناسفة من قبل المحتجين. حيث أن استخدام الأسلحة من قبل المتظاهرين في المدينة أوجد مخاوف أمنية. وفي خضم ذلك وصلت الاحتجاجات بحسب ما أوردته صحيفة الأخبار اللبنانية إلى بيروت والبقاع.
في هذه الاحتجاجات يمكن رؤية آثار لبعض التيارات السياسية بما في ذلك تيار أشرف ريفي الموالي للغرب لا سيما عندما قال في تعليق: “هذه انتفاضة وطن وحقوق وكرامة ويرجع ذلك إلى الوضع الكارثي الذي يعيشه الناس في ظل النظام الفاسد والفاشل الذي أوصل البلاد إلى هذا الانهيار. حيث أن اللبنانيين في وضع صعب”. وبحسب جريدة الأخبار حاولت مجموعات مدعومة من بهاء الحريري وأشرف الريفي دخول مكتب المحافظة حيث أنهم دخلوا غرفة الحراسة والتفتيش. وتيار المستقبل متورط أيضاً في القضية بأمر من أحمد الحريري الأمين العام للتيار وذلك بعد أن شعر أنه يفقد قاعدته لصالح الآخرين. وكما أنهم أخذوا أشخاصاً من حزب سبعة من بيروت إلى طرابلس لتصفية حسابات سياسية ضمن حزب سياسي.
في هذا السياق، اعتقد صدقيان أن “الاحتجاجات اللبنانية كانت شبيهة بالاحتجاجات العراقية والآن نشهد مساراً مختلفاً في لبنان. والمظاهرات الأخيرة التي انطلقت قبل أسبوع في مدينة طرابلس اللبنانية (طرابلس التي تتمتع بميزة خاصة للبنانيين وخاصة السنة اللبنانيين الذين يصفونها أولاً بأنها عاصمة شمال لبنان وثانياً القاعدة السياسية السنية اللبنانية في المدينة) حيث أن هذه التظاهرة لها معنى خاص ويبدو الآن أن هنالك حرب داخل السنّة اللبنانيين وهناك منافسة شديدة في لبنان وهناك انقسام داخل السنّة اللبنانيين وهذا الانقسام محتمل لعدة سيناريوهات”.
ولفت صدقيان إلى أن “أحد السيناريوهات هو أن هناك الآن منافسة شرسة بين سعد الحريري وشقيقه بهاء الحريري الموجود الآن في فرنسا وكلاهما استفاد من نفس المزيج من السعودية وفرنسا ولكن هنالك من يقول بأن التنافس بين الشقيقين متصل بالسعودية. حيث تقول السعودية إن سعد الحريري هو كرت محروق ولا يمكنه تشكيل حكومة في لبنان وعلينا أن نأخذ بعين الاعتبار أن محمد بن سلمان عندما أصبح ولياً للعهد سجن سعد الحريري لأول مرة في لبنان. لذلك فإنه يميل إلى بهاء الحريري”، مضيفاً “السيناريو الآخر هو أن أشرف ريفي والذي كان مديراً عاماً للأمن الداخلي اللبناني وأصبح فيما بعد وزير الداخلية اللبناني وقاعدته السياسية في طرابلس هو في طليعة هذه الأحداث ويعتقد البعض أن ريفي اختلف مع سعد الحريري قبل عام وبالطبع أشرف ريفي كان من أنصار سعد الحريري ولكن يقال إنه يتجه الآن نحو بهاء الحريري ويدير أشرف ريفي بنفسه هذه الأحداث في طرابلس وهذا ضغط على سعد الحريري حتى يُعلن أنه لم يعد قادراً على الاستمرار في الحكومة وعليه أن يستقيل”.
ورأى صدقيان أنه “بعد رحيل ترامب تضاءل الدور الفرنسي وذلك لأننا نعلم أنه خلال فترة ترامب ذهب ماكرون إلى لبنان مرتين وقال بحزم شديد أنه يجب تشكيل حكومة ولكن بعد الانتخابات الأميركية أصبح الدور الفرنسي ضعيفاً جداً. وفي وقت سابق أتى نائب وزير الخارجية الأميركية إلى لبنان وكانت المفاوضات بين لبنان وإسرائيل مطروحة على الطاولة في ذلك الوقت. والآن فإن التيار يتحرك في اتجاه آخر. وهنالك الآن منافسة شرسة بين السنة اللبنانيين وستستمر هذه القضية حتى تتضح خطة بايدن للشرق الأوسط وما يُخبئه المُستقبل للاتفاق النووي واليمن وسوريا والسعودية”.
وأشار صدقيان أن “رئيس الأمن الإسرائيلي يريد أن يذهب إلى الولايات المتحدة ويلتقي بايدن ويضع شروطاً على طاولة بايدن والتي هي أننا لا نوصي بعودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق وفي حال أردت العودة فيجب على إيران وحزب الله مغادرة سوريا”، لافتاً إلى أن “العلاقة بين لبنان والعراق وما حدث في هذين البلدين يستند إلى أفعال وقرارات إدارة ترامب وفي ذلك الوقت قال بومبيو إننا نريد تقليص أو قطع النفوذ الإيراني في لبنان والعراق و هذا ما قيل للمسؤولين العراقيين السابقين والحاليين”.
وأضاف “الآن أعتقد أن هذه المعادلة والعلاقة بينهما قد تغيرت بعد فوز بايدن. حيث تظهر المظاهرات في طرابلس اختلاف الوضع في العراق ولبنان. حيث أنه في العراق كان من المفترض أن تجري الانتخابات في الشهر الرابع من عام 2021 ولكن تم تأجيلها الآن إلى 10/10/2021. وكان السيد مصطفى الكاظمي هو خيار بومبيو ولكنه لم يعد كذلك الآن. ويريد الأميركيون الآن إجراء انتخابات في تشرين الأول/أكتوبر ولا يقبلون تأجيلها. وما حدث في طرابلس يعود إلى الفراغ الناشئ عن انتقال السلطة بين ترامب وبايدن. وستنتهي الأمور في طرابلس بقرار من فرنسا والولايات المتحدة”.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “آفتاب يزد” الإصلاحية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: