الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة31 يناير 2021 03:15
للمشاركة:

صحيفة “جهان صنعت” الاقتصادية – الموازنة عالقة بين السياسة الخارجية والأهداف السياسية

ناقشت صحيفة "جهان صنعت" الاقتصادية، في أحد تقاريرها، موضوع التعديلات التي وضعها البرلمان على موازنة العام الشمسي المقبل. حيث أوضحت الصحيفة أن هذه الموازنة عالقة بين الأهداف السياسية لأعضاء البرلمان الأصوليين، وبين السياسة الخارجية لإيران والتي تعتمد على انفتاح الإدارة الجديدة في أميركا، لجهة تمكن الموازنة من تحقيق إيراداتها من النفط.

مشروع قانون موازنة 2021 الذي رافقه الكثير من الهوامش منذ البداية عالق الآن في معضلة حاسمة بين البرلمان والسياسة الخارجية. وذهبت لجنة التكامل البرلمانية التي تتصدر قائمة مراجعة مشاريع قوانين الميزانية إلى أبعد من ذلك هذا العام حيث ألزمت الحكومة بإجراء تعديلات كبيرة على ميزانية العام المقبل. إذا تم التصويت على التعديلات التي اقترحتها اللجنة المشتركة في جلسة علنية للبرلمان فستكون هناك طريقتان للمضي قدمًا أمام الحكومة. إذا وافق مجلس الوزراء على التعديلات التي اقترحها مجلس النواب فسيكون أمامه أسبوعان لمراجعة الميزانية والتصويت عليها مرة أخرى في جلسة علنية. أما إذا لم تقبل الحكومة حسب تصريحات رئيس الجمهورية الأخيرة تغيير هيكل الموازنة ولم تقم بإصلاحها فسيتم إقرار الموازنة بصيغة المادة الثالثة عشر. لكن حتى لو تمكنت الميزانية من تجاوز الحاجز البرلماني والتخلص من المجلس فإنها ستقع في فخ السياسة الخارجية هذه المرة. على الرغم من أن الحكومة والبرلمان قد وضعا توقعات منفصلة لصادرات النفط العام المقبل فإن إيران لم تتلق بعد إشارات إيجابية من واشنطن وأوروبا بشأن إحياء الاتفاق النووي. لذلك يبدو أن السياسة الخارجية تظل معلقة حتى نهاية الحكومة الحالية ويبدو من غير المرجح أن يكون هناك فتح لمسار السياسة الخارجية للبلاد.

من المقرر طرح خطة الإيرادات والنفقات للعام المقبل والتي كانت موضع جدل كبير بين الحكومة والبرلمان للتصويت في جلسة علنية هذا الأسبوع. وقدمت اللجنة المشتركة في الأسابيع الأخيرة أثناء مراجعة مشروع قانون الموازنة عدة تقارير عن إصلاحاتها المقترحة والتي تظهر عناد البرلمان في فرض إرادته ورأيه في تنفيذ بنود الموازنة. يعد إلغاء سعر صرف الدولار بمبلغ 4200 تومان وإنهاء قضية دعم النقد الأجنبي وزيادة نفقات الدعم وإلغاء توقعات الحكومة لصادرات النفط من أهم الإصلاحات التي تعتزم اللجنة المشتركة إلزام الحكومة بالقيام بها.

ورغم أن الرئيس أعلن بعد تقديم تقرير اللجنة أنه لن يقبل التغيير في هيكل الميزانية إلا أنه لم يتضح بعد ما سيكون رد فعل أعضاء البرلمان على التقرير النهائي للجنة المشتركة علنًا. وهناك بعض المؤشرات على أن مجلس النواب عرقل المصادقة على ميزانية الحكومة لأغراض سياسية. إذا قبلنا صحة هذه الاحتمالات فإن عودة الميزانية إلى الحكومة بناءً على أصوات النواب في قاعة البرلمان المفتوحة لن تكون بعيدة عن الذهن.

ولكن ما هو الهدف من استغلال البرلمان للموازنة سياسيا؟ يبدو أن عدم اليقين بشأن موازنة العام الشمسي المقبل والتبادلات المتكررة بين الحكومة والبرلمان متجذرة فقط في المستقبل السياسي للبلاد. سيحاول برلمان الأصوليين الحالي والذي يتخذ موقفًا ضد الانفتاحات السياسية المحتملة في المستقبل إصلاح الميزانية بطريقة تخدم مصالح أحزابه إذا فشلت نتيجة الاتفاق النووي. اتخذت اللجنة المشتركة الخطوة الأولى لتحقيق هذه النتائج من خلال الضغط على الحكومة. من جهة تصر هذه اللجنة على إزالة سعر الصرف 4200 تومان من الموازنة وزيادة سعر الدولار إلى 17 ألف تومان، ومن جهة أخرى تصر على تقليص حصة الحكومة من الصادرات النفطية العام المقبل. أدت مشاركة البرلمان في الميزانية ككل إلى زيادة نفقات الميزانية وتوسيع الميزانية التوسعية للحكومة. على الرغم من أن الكثيرين حذروا من المخاطر المحتملة لحذف سعر صرف الدولار، إلا أن أعضاء لجنة إصلاح الميزانية يرون أنه وسيلة لنزع فتيل القنبلة الموقوتة للحكومة. إذا وافق البرلمان أيضًا على التعديلات التي نظرت فيها هذه اللجنة فإن هذا سيعزز الاحتمالات فيما يتعلق بالاستخدام السياسي للميزانية من قبل البرلمان.

على الرغم من الاحتمالات الموجودة لا يبدو أن إيران حققت نجاحًا كبيرًا في مناقشة السياسة الخارجية. يأمل كل من الحكومة والبرلمان أنه مع تولي جو بايدن السلطة في أميركا سيتم قريبًا إزالة الحواجز أمام صادرات النفط ومبيعاته وستتمكن إيران من الحصول على حصتها من سوق النفط العالمية. لكن الخبراء يقولون إن تفاؤل المسؤولين المحليين غير واقعي وأن زيادة صادرات النفط وفقًا لتوقعات الحكومة لن تكون ممكنة بسرعة. على الرغم من بدء المحادثات السياسية بين إيران والولايات المتحدة ودعوة المسؤولين الإيرانيين إلى تعيين الاتفاق النووي في الأسابيع المقبلة فإن الاستجابة الخارجية لطلب إيران لا تبشر بالخير للاقتصاد السياسي على الأقل حتى نهاية الإدارة الحالية. ومن القضايا التي تنفي إمكانية التوصل إلى اتفاق أميركي مبكر مع إيران المطالب الأخيرة التي قدمتها بعض الدول بشأن إيران. من جهة وصف الرئيس الفرنسي المفاوضات مع إيران بشأن الاتفاق النووي بأنها صارمة ومن جهة أخرى قال إن السعودية يجب أن تكون أيضًا جزءًا من الاتفاق مع إيران. في الوقت نفسه لا تصل إيران إشارات إيجابية من واشنطن والحكومة الأمريكية أعلنت موقفها من الاتفاق النووي.

رغم كل هذا من غير المرجح أن يتم تعيين وضع الاتفاق النووي حتى نهاية الحكومة الحالية ومن المتوقع تعليق السياسة الخارجية حتى ذلك الحين. من الواضح أن هذا الوضع سيستمر حتى نهاية الحكومة الحالية وتولي الحكومة الإيرانية الجديدة السلطة في الأشهر المقبلة. في الوقت نفسه لن تتمكن إيران من فتح حساب خاص بشأن الإفراج عن مواردها المحظورة إلا إذا تم تحديد علاقات إيران مع الولايات المتحدة وتخفيف ضغط العقوبات والقيود الثقيلة على إيران. وينطبق الشيء نفسه على مبيعات النفط في العام المقبل لذلك لا البرلمان ولا الحكومة يستطيعان تحديد المبلغ الفعلي لمبيعات النفط في الميزانية بناءً على التفاؤل فقط. وبالتالي فلا توقعات الحكومة لبيع 2.3 مليون برميل نفط في اليوم صحيحة ولا الجهود البرلمانية للضغط على الحكومة على أمل الحصول على ميزة سياسية. في هذه الحالة يجب على البرلمان أيضًا التراجع عن سياسته الخاصة بتحديد سعر صرف 17 ألف تومان للدولار ودعوة الحكومة بشكل واقعي إلى تنفيذ الإصلاحات التي تنوي تنفيذها. على أي حال سيتعين علينا انتظار مراجعة الميزانية في المحكمة العلنية في البرلمان ونرى رد فعل النواب الآخرين على الميزانية.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر / صحيفة “جهان صنعت” الاقتصادية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: