الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة31 يناير 2021 03:01
للمشاركة:

صحيفة “شرق” الإصلاحية – لنبدأ مفاوضات من منطلق عدم الاستسلام لأميركا

تناولت صحيفة "شرق" الإصلاحية، في مقال لـ"حجت ‌الها صیدي"، موضوع العودة إلى المفاوضات مع أميركا. حيث رأى الكاتب أن الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه إيران، يجعل من الضروري على القوى السياسية كلها في البلاد التكاتف والاتفاق على خوض هذه المفاوضات على قاعدة عدم الاستسلام لأميركا، حسب تعبيره.

من بين المؤشرات لتقييم الوضع الاقتصادي والمعيشي للدول، لا يزال مؤشر دخل الفرد بكل أوجه القصور فيه من أكثر أدوات التقدير موثوقية. لذا، فإن فحص البيانات المختلفة مما أعلنه البنك المركزي أو مركز الإحصاء الإيراني إلى ما نشره صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي  يظهر أنه في فترة 10 سنوات أي من بداية عام 2010 حتى نهاية العام الماضي انخفض متوسط دخل كل إيراني بناءً على قدرته الشرائية، بنسبة 30٪ على الأقل مما يعني أن جدول الأسرة المادي يتناقص. إذا تم ملاحظة أو انتقاد الرقم الدقيق لهذا الانخفاض أو نموذج حساب المؤشر المذكور، فلا يمكن مناقشة مبدأ تحقيق هذه الحقيقة فمن الواضح أن أسباب الانخفاض في دخل الفرد يمكن تفسيرها على أنها انخفاض في مستويات المعيشة.

من أجل دراسة المتغيرات التي تؤثر على هذا المؤشر ومداها يجب إجراء بحث مفصل وشامل. ولكن في النهج العام فإنه من خلال فحص وجهات نظر الخبراء والباحثين والحقائق الموجودة يمكن الاستنتاج أنه من بين العوامل الداخلية وطريقة الحكم وبين العوامل الخارجية، كانت العقوبات الأميركية أهم متغيرين مهمين وفعالين في أحداث هذا التغيير.

مما لا شك فيه أنه يجب إجراء تقييم علمي دقيق للمتغيرات الداخلية المؤثرة على الأزمة الاقتصادية وحصة كل من قوى وركائز إدارة الدولة لتحقيق القرار الأمثل. ولكن بسبب الجدل المتزايد حول العقوبات ونهج الضغط الأميركي المتزايد على إيران في الأيام الأخيرة، والذي أصبح أكثر خطورة بسبب تغيير الحكومة في واشنطن، فإن الموضوع الرئيسي لهذا المقال هو العقوبات الأميركية.

 فقد أظهر العقدان الماضيان أن أي مبالغة في تقييم تأثير العقوبات الدولية، خاصة تلك التي تفرضها الولايات المتحدة  تؤدي إلى خطأ في صنع القرار. و أيضاً من الخطأ اعتبار العقوبات نعمة مقنعة والنظر في الأعمال الورقية لقرارات العقوبات بقدر توقع حدوث معجزة من رفع جميع العقوبات. لذلك فإن اتباع نهج واقعي للعقوبات أمر ضروري ومفيد للغاية. فإن فحص إيرادات الدولة من التجارة الدولية  بما في ذلك تصدير النفط والمنتجات إلى الصادرات غير النفطية في السنوات العشر الماضية ومقدار وطريقة الحصول على النقد الأجنبي من الصادرات، وتكاليف الصرف والتحويل، وكذلك واردات التكنولوجيا والبضائع الأساسية تُظهر أن العقوبات كان لها تأثير كبير لا يمكن إنكاره على المواد الخام الأساسية والسلع الوسيطة الأخرى وعلى اقتصاد البلاد المتقلص.

إن بدء المفاوضات لرفع العقوبات يجب أن يبدأ من منطلق عدم الاستسلام لإكراه الأميركيين وإسرافهم وإساءة معاملتهم في مزاجهم المتغطرس واستراتيجيتهم الإمبريالية. إن الخطاب السائد القائل بأن التفاوض لم يعن أبدًا التسوية وأنه ضروري للمصلحة الوطنية هو حاجة ملحة للبلاد هذه الأيام. بعبارة أخرى، يجب دعم المفاوضات الفورية لرفع العقوبات من جميع الفصائل والعناصر السياسية والمدنية المؤثرة في البلاد. وأي تعطيل لعملية التفاوض يعد الهدف الرئيسي للدول المنافسة لإيران والمعارضين الإقليميين والعالميين وينبغي اعتباره خطيئة عظيمة.

إن فريق جهاز السياسة الخارجية الإيرانية الذي خرج من الاختبارات السابقة بفخر وكرامة وولاء لمصالحهم الوطنية التي وافق عليها قائد الثورة الذي يقول بأنه لا يجب أن يؤجل عمل اليوم إلى الغد بسبب بعض الاضطرابات الداخلية أو المناطق المشكوك فيها. وحسن توقيت المفاوضات هو أن العالم والأميركيين من ناحية اختبروا صمود إيران في مواجهة الضغوط القمعية والضغط الأقصى التي مارسها الرئيس الأميركي السابق وهم مقتنعون بضرورة التفاعل مع جمهورية إيران الإسلامية في لغة وموقف أكثر تلائم. ومن ناحية أخرى اكتسب صناع القرار والمحللون الإيرانيون تقييماً أوضح لتأثيرات العقوبات وهي تجربة قيمة في بناء مستقبل إيران والإيرانيين. فهناك دقائق من الوقت لا تزال أمامنا وهي أغلى من أي وقت مضى.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “شرق” الإصلاحية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: