الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة30 يناير 2021 09:07
للمشاركة:

صحيفة “ايران” الحكومية – “التوازن” بدل الاختيار بين ثنائية القطب الشرقية والغربية

ناقشت صحيفة "ايران" الحكومية، في مقابلة مع سفير إيران السابق في روسيا مهدي سنائي، موضوع توجّه إيران نحو الشرق والثنائية القطبية في العالم. حيث رأى سنائي أنه من غير الضروري وجود نوع من ثنائية القطب بين الشرق والغرب في السياسة الخارجية، مشيراً إلى أن هذا النهج في التفكير قد انتهى ويجب البناء على سياسة قائمة على المعادلة بين الجانبين، وفق قوله.

بمرور الوقت تمكّنت الجهود الدبلوماسية من تطوير العلاقات مع القوى العظمى في الشرق وتحويل العلاقة القائمة على الصداقة أو العداء إلى روابط مشتركة. وعلى الرغم من أنها لا تزال تحمل العديد من المخاوف ولا تزال على مفترق طرق ولكنها استطاعت التأثير على العديد من المعادلات الإقليمية والدولية وخلال السنوات الأخيرة أسفرت عن تشكيل تعاون شامل خاصة بين إيران وروسيا والصين. ولكن بعض المراقبين الإيرانيين يواصلون النظر بعدم الثقة بفكرة “التوجه نحو الشرق” ويشيرون في تحليلها إلى وثائق تاريخية والتي على مدى القرن الماضي شكّلت التقلبات في العلاقات بين إيران وقوى الكتلة الشرقية. ومن ناحية أخرى يرى آخرون أن استراتيجية التطلع إلى الشرق هي نسخة مهمة في مواجهة انهيار جدار عدم الثقة الذي ظهر بعد سنوات من المفاوضات النووية بين إيران والغرب. ووفقاً لهذه المجموعة فإن الانسحاب الأميركي أحادي الجانب من الاتفاق النووي وعواقب انتهاكه على المصالح الاقتصادية لطهران يعتبر سبباً وجيهاً لرفض الاتفاق النووي ومنع إعادة الحوار مع قوى العالم الغربي والتمسّك باستراتيجية الشرق. تمت مناقشة هذا الموضوع مع مهدي سنائي سفير إيران السابق في روسيا.

  • في الحقيقة لقد تعمقت ثنائية القطب الموجودة مسبقاً بعد تصرفات إدارة دونالد ترامب فما رأيك في ثنائية القطب هذه؟

إن تعزيز الاستراتيجية الآسيوية في علاقاتنا الخارجية يُعد ضرورة وبعد نظر ليس فقط بسبب خصوصيات بلدنا ولكن بسبب التطورات الحالية ضمن المشهدين السياسي والاقتصادي العالمي. ولكن ليس بالضرورة أن يكون هذا نوعاً من ثنائية القطب بين الشرق والغرب من حيث السياسة الخارجية وبالتالي يتبعها مجموعة من المُعطيات والإجراءات وردود الفعل.

وعندما تتمكن دول مستقلة مثل إيران من تحسين وضعها ضمن النظام الدولي في ظل هذه الظروف فسوف تزداد الحساسيات تجاهها وبالتالي فإن تضافر عوامل الماضي والحاضر تجعل السياسة الخارجية في مجتمعنا أكثر أهمية وبالطبع أكثر تعقيداً.

وفيما يتعلق بالاتفاق النووي فإننا في السياسة الخارجية يكون لدينا أحياناً تعاطٍ عاطفي أي أننا نجد صديقاً في علاقاتنا الودية ومن ثم نتوقع منه أن يفهم كل آلامنا ويحل جميع مشاكلنا وبعد ذلك قد نصاب أحياناً بخيبة أمل مفاجئة فيه بمعنى أننا نتعامل مع علاقاتنا بتطرّف؛ أي إما نتعامل مع الجميع أو لا أحد. وعلينا أن ننظر إلى الاتفاق النووي بشكل واقعي. وأعتقد أن الاتفاق النووي كان أحد نجاحات الدبلوماسية الإيرانية. وقد اعتبرت الصين وروسيا هذا الاتفاق إنجازاً مهماً لسياسة إيران الخارجية حيث تمكّنت بلادنا من حل القضايا مع القوى العظمى في العالم وأظهرت القدرة الدبلوماسية للبلاد بمعنى أنه يمكن لإيران أن تحل المشاكل وتديرها كي لا تصل إلى نقطة الأزمة. لذلك فإن منع تصعيد الأزمة وإمكانية التوصل إلى اتفاق خاص هو بذاته يُظهر القدرة في نظام الدبلوماسية وصنع القرار الكلي للبلاد والذي أدّى بالنهاية للاتفاق النووي. وفكرة أن هذا الاتفاق يمكنه أن يعالج كل آلام البلاد ليست فكرة دقيقة. ومع وصول ترامب إلى السلطة ضاقت الساحة على الاتفاق وإيران وازدادت الضغوط على سياسته الخارجية وحتى الآن مع التطورات الجديدة ستقل هذه الضغوط على الرغم من حدوث تغييرات كثيرة على الجانب الآخر من العالم منذ الاتفاق النووي يجب أخذها بعين الاعتبار.

  • في حال نظرنا للماضي خاصة أثناء المفاوضات النووية فإنها تُظهر أن القوى الكبرى في الشرق بما في ذلك الصين وروسيا كانتا تنتهجان سياسات أدّت إلى اتخاذ قرارات ثقيلة ضد إيران؛ وهي إجراءات تم القيام به بشكل طبيعي سعياً وراء مصالحهم الوطنية. فلماذا يُفهم هذا الاتجاه بشكل مختلف من منظور التيارات السياسية في البلاد ولماذا لا يزال هناك موقف مؤيد لعلاقة دائمة مع عدد من الدول رغم التقلبات السياسية معها؟

فيما يتعلق بالسياسة الخارجية يجب مراعاة حقيقتين؛ الأولى هي أننا لا ينبغي أن نجعل السياسة الخارجية بالكامل مسألة سياسة داخلية. وعندما تنظر إلى العلاقة الحالية بين الولايات المتحدة وروسيا ترى أن روسيا أصبحت موضوع السياسة الداخلية الأميركية وهذا الأمر لم يترك مجالاً لحل أي عقدة في العلاقة بين البلدين.

وبالإضافة إلى ذلك فإن الحقيقة الثانية التي يجب مراعاتها هي أنه في مجال السياسة الخارجية من الضروري التوصل إلى توافق في الآراء. وعلينا أن نتفق على مستوى من المصالح الوطنية ونعتبرها بطريقة ما خطاً أحمر ومنطقة حيوية؛ وعلى سبيل المثال أذكر الدكتور ظريف ودعوته إلى البرلمان وتسلمه بطاقتين صفراوين. حيث أنه من المناسب تماماً انتقاد السياسة الخارجية للبلاد وأداء وزير الخارجية ولكن المحادثات التي جرت خلال هذه العملية وضمن بعض وسائل الإعلام ومنح بطاقات صفراء لوزير الخارجية الذي يمثل الدولة في الساحة الدولية لا يشير إلى أنه تم ضمن إطار النقد العادل والبنّاء.

  • هل يمكن أن يكون انعكاس مثل هذه الآراء الحزبية فعالاً في إبراز ثنائية القطب للميول الشرقية والغربية؟

نعم؛ إنها لحقيقة أن الغرب مدين لإيران بمعنى أوروبا وأميركا ومعاملته لنا لم تكن صحيحة منذ عقود عديدة والاتفاق النووي مسألة تُكرر هذه الحقيقة التاريخية المُرّة مرة أخرى. ومع ذلك لا أوافق على الإطلاق على أنه على الرغم من كل التقدم الذي تم إحرازه في العلاقات الإيرانية الروسية يجب أن نبذل جهداً لتوسيع العلاقات مع جميع القوى الآسيوية لتوضيح أنه لا توجد سوى علاقة مع الشرق أو علاقة مع الغرب. حيث يعود هذا الترسيم إلى القرن التاسع عشر وهو ليس جيداً على الإطلاق بالنسبة للظروف الحالية لبلدنا. ونحن بحاجة إلى سياسة حقيقية سياسة فعل أكثر منها رد فعل.

ويمكن النظر في عدّة فرضيات تتعلق بعلاقات إيران الدولية؛ أحدها أن سياستنا الشرقية هي استجابة لعدم تكوين علاقة صحيحة مع الدول الغربية أو للحد من تلك السياسات والرد على العقوبات الغربية.

والفرضية الثانية هي البحث عن نوع من التوازن في العلاقة. وأعتقد أننا تجاوزنا هذه المرحلة أي أن العالم المعاصر قد تجاوز هذه الفرضية. والفرضية المرغوبة هي أننا يجب أن نسعى بشكل واقعي لتوسيع علاقاتنا مع الصين وروسيا. وعلى أساس أن هذا التوسع في العلاقة مبني على إرادة الدولة وليس رد فعل على الإجراءات الغربية وليس فقط لموازنة بعض الشروط. وفي الحقيقة هذا التعزيز لقضية آسيا أصبح الآن حقيقة في السياسة الخارجية للدول الغربية أيضاً. وبعبارة أخرى على عكس الحرب الباردة فإن السياسة الخارجية متعددة الأوجه لذا يجب أن نحاول تقليل توتراتنا مع الغرب قدر الإمكان بالإضافة إلى تعزيز العلاقات مع الشرق.

حيث تتمثل مهمة الدبلوماسية في تقليل التوترات بتكلفة أقل للبلاد ومبدأ تحقيق السياسة الآسيوية لديه درجة للحد من التوترات في علاقاتنا الخارجية بشكل عام.

  • الأمر الذي تغاضى عنه مؤيدو نهج التوجه للشرق هو القلق المشترك للصين وروسيا مع الدول الأوروبية خاصة فيما يتعلق بأنشطة إيران النووية. وما يقلقهم هو أن لديهم الدعم السياسي للحفاظ على هذا الاتفاق. فماذا لو انهار الاتفاق النووي فلن يستمر هذا الدعم السياسي. فما رأيك في موقف روسيا والصين من الاتفاق النووي؟

نحن ننظر إلى أنفسنا أولاً بدلاً من النظر إلى الخارج في السياسة الخارجية. والعلاقات مع العالم هي رحلة تبدأ من البداية بالاعتماد على جذوره وأصالته، والاعتقاد بأن الغرب أو الشرق سيحل مشكلة البلاد ليس هو الطريقة الصحيحة للنظر إلى القضية على الإطلاق. وتقرر إيران نوع السياسة الخارجية التي تختارها بناءً على قدراتها. ومع هذه النظرة الداخلية في العلاقات الخارجية تكون الأولوية للجيران أولاً ثم المناطق المُتاخمة مثل الشرق الأوسط وأوراسيا ومن ثم يتعين عليهم النظر إلى جميع القدرات في كل من الشرق والغرب واتخاذ القرار وفقاً لشروط ومتطلبات اليوم. ويمكن أن يكون النظر إلى العلاقات مع العالم انعكاساً لهذه النظرة الداخلية والخارجة عن الثقة بالنفس ومن موقع الكرامة وليس طلب المساعدة!

وفي ذات الوقت ليس هناك شك في أن قدرات سياستنا الخارجية لا ينبغي أن تكون محدودة ويجب أن تكون متنوعة وذلك لأن هذه المحفظة المتنوعة تصب في مصلحة البلاد.

ويجب النظر إلى العلاقة مع روسيا والصين ضمن هذا السياق أيضاً. وأعتقد أن روسيا والصين لعبتا دوراً مفيداً في سياستنا الخارجية، سواء قبل الاتفاق النووي حيث حاولا تخفيف الضغوط أو خلال فترة الاتفاق النووي التي رافقتهما ولكن من شكّل الاتفاق النووي لم يكن روسيا والصين بل كان قرار بلادنا مما جعل من الضروري التوصل إلى مثل هذا الاتفاق. وبطبيعة الحال ساعدت قدرة روسيا والصين أيضاً. وقد ساعد كل من البلدين في وضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق والحفاظ عليه.

  • ما هي التكاليف التي تتكبدها الدولة من خلال هذه المواقف الفئوية التي تجعل مجال العمل صعباً على الجهاز التنفيذي بمواقفها المتناقضة؟

أحد الخطوط الحمراء التي يجب مراعاتها هو أنه بالنسبة للعديد من الأشخاص الذين يُعلقون في مجالات مختلفة هو أنه ينبغي النظر في مجال الاختصاص لمنعهم من تكلفة الدولة. ومن ثم علينا أن نقبل أن بعض التصريحات والمواقف هي من اختصاص هيئات خاصة وسلطات عليا وليس من المفترض أن يُعلق كل الناس بشكل عرضي وطولي على جميع قضايا البلاد. وهو يخلق نوعاً من عدم الثقة وعدم الاستقرار أو يغذيها. ويمكن أن يكون مبدأ اختلاف الآراء قوة أيضاً ولكن يجب أن تكون القضية المهمة هي الدخول في الوقت المناسب والتعامل مع المجالات المختلفة في الوقت المناسب والحساسية لثمار التطورات.

  • هل توافق على أن إرادة إيران في التحرك حتى في المناطق الإقليمية تعتمد إلى حد ما على تقليص الأزمة في العلاقة مع الولايات المتحدة؟

بالطبع من السابق لأوانه التعليق على هذا لأنه يبقى أن نرى ما هي السياسات التي ستنتهجها حكومة الولايات المتحدة. وعندما وقّعت إيران على الاتفاق النووي وتوصلت إلى اتفاق ذكّرت العالم بأنها ملتزمة بالتزاماتها الدولية. حيث إن قضايا الولايات المتحدة وأوروبا مع إيران لا تتعلق بانتهاك القوانين والقواعد الدولية بل تتعلق بسلسلة من المقاربات والمفاهيم السياسية. وللأسف لم يبل الغرب بلاءً حسناً في مجالات مثل حقوق الإنسان ومحاربة الإرهاب وكانت لديه ازدواجية في المعايير.

وكما أن التطورات الداخلية في أميركا مفهومة من وجهة النظر هذه وربما كان من الصعب على الكثيرين فهم ذلك أنه في المجتمع الأميركي على الرغم من الشكل الخاص لإدارة ترامب صوّت ما يقرب من نصف السكان الأميركيين لصالحه وهذا يدل على أن المؤسسات القائمة لا تلبي مطالب الشعب.

وإيران تبنت سياسة واضحة تجاه الاتفاق النووي والإدارة الأميركية الجديدة وهي سياسة مفهومة وعقلانية بالكامل. وكما أن إيران لم تغادر من الاتفاق النووي بل الطرف الآخر وجميع الأطراف الأخرى بما في ذلك أوروبا بكل تقاعسها قد أدانوا وكذلك الصين وروسيا.

وإيران التي بقيت ضمن إطار الاتفاق وقلصت فقط سلسلة من التزاماتها. لذلك تحتاج أميركا إلى توضيح مهمتها وليس فقط على الورق بل على أرض الواقع. ويجب إعادة العقوبات إلى النقطة الأولى ورفعها وفي المقابل صرّحت إيران بأنها مستعدة لاتخاذ إجراءات متبادلة وأعتقد أن أي تعقيد لهذه العملية بما في ذلك ارتباطها بقضايا أخرى مثل الصواريخ والمنطقة سيصعب من الأمر.

وإيران دولة إقليمية ذات نفوذ إقليمي ومسؤوليات إقليمية والردع هو أحد مكونات أمنها القومي ومستوى الردع جزء من قوتها لذا فإن ربط الاتفاق النووي بقضايا أخرى وتعقيد آليتها يمكن أن يجعل الأمور أكثر صعوبة.

  • مع فوز الديمقراطيين من المرجح أن تسعى إدارة بايدن إلى إصلاح شامل للعلاقات الأميركية مع الشرق الأوسط مع التركيز على آسيا والتنافس مع الصين. ما هو رأيك؟

هناك تصور بأن الإدارة الأميركية الجديدة تتماشى إلى حد ما مع سياسات أوباما خاصة أنها اختارت على الأقل بعض الكوادر الذين كانوا في عهد أوباما على الأقل في السياسة الخارجية والأمنية ولكنني أعتقد أن إدارة بايدن ستعمل بالتأكيد على تحسين علاقاتها مع أوروبا وستركز أكثر على العمل المؤسسي وبناء الإجماع أكثر من التركيز على العمل الفردي ويمكن أن تكون رؤية بناء الإجماع نفسها فرصة أو تهديداً لإيران وذلك يعتمد على إيران. وفي ذات الوقت إذا افترضنا أن السياسة الخارجية لبايدن ستكون استمراراً لسياسة أوباما الخارجية ولكن يجب أخذ حقيقتين إلى جانبها؛ إحداهما أنه ورث إرثًاً من ترامب وأصبح جزءاً من هذا الإرث مطلباً وتم إضفاء الطابع المؤسسي عليه فيما يتعلق بمختلف البلدان والمعاهدات التي تم إبرامها. ويبقى أن نرى ما إذا كان بايدن سيكون قادراً على القضاء عليهم جميعاً والمدة التي سيستغرقها لإلغائها. ولكن هناك حقيقة أخرى يجب ملاحظتها وهي أن دور الاشتراكيين واليساريين الديمقراطيين في هذه الإدارة كبير وهذه القضية مهمة في المجتمع الأميركي وتثير الانقسام. والمشكلة الحالية لهذا البلد هي الفجوات العميقة والتي لن يتم إصلاحها بهذه السهولة وهذه الفجوة ليست فقط في مجال السياسة بل في الوسط وعمق المجتمع.

  • يعتقد بعض المراقبين أن استراتيجية عهد بايدن لزيادة التنافس بين الصين والولايات المتحدة ستستمر وأن الولايات المتحدة تعمل على تقوية تحالفاتها السابقة في آسيا والتي تهدف بالتأكيد إلى ردع القوة الصينية الناشئة وتحاول واشنطن مواجهة ذلك من خلال تعزيز التحالفات أمام التحالفات التي تبنيها الصين. فهل التعاون الأمني بين الصين وروسيا وإيران الذي ازداد بشكل واضح في السنوات الأخيرة له معنى في هذا السياق؟

أعتقد أن فترة العولمة وتنفيذ سياسات منظمة التجارة العالمية والسياسات المُنظمة للعلاقات الدولية قد انتهت في التسعينيات؛ أي أن النظام أحادي القطب وخطط الشرق الأوسط والعالم الأميركية قد فشلت وهي في مرحلة الانتهاء. ولكن من الصعب الإجابة على سؤالك حول أي نظام سيحل محل النظام ثنائي القطب السابق. حيث يتم رسم فرضيات مختلفة في الدوائر الأكاديمية؛ والنظام متعدد الأقطاب أو نظام أحادي- المتعدد الأقطاب ودولة رئيسية وعدة أقطاب أخرى أو ذات الخلاف بين الشرق والغرب الذي يود البعض تفسيره على أنه ثنائي القطب من جديد لكنني لا أعتقد أنه يمكننا قول أو التأكيد عليه بعد.

  • إلى جانب الدور المتزايد للقوى الشرقية يبدو أنه بالإضافة إلى احتدام التنافس بين الصين والولايات المتحدة لا يمكن تصور مستقبل مشرق للغاية للعلاقة بين موسكو وواشنطن. فهل من الممكن تعميق الفجوة بين البلدين في عهد بايدن؟

بشكل عام لم يكن انتخاب الديمقراطيين ضمن ساحة الانتخابات الرئاسية الأميركية هو المُفضل للروس. ومع ذلك كانت حقبة ترامب أيضاً تجربة خاصة لروسيا. وكما أن حكومة الولايات المتحدة بدلاً من المساعدة في تحسين العلاقات مع روسيا عمّقت المشاكل وذلك لأن روسيا أصبحت شأناً داخلياً في الولايات المتحدة وحولتها الجماعات إلى ذريعة للضغط على بعضها البعض مما أدى إلى مزيد من العقوبات على روسيا وتصعيد التوترات في العلاقات. ولكن تعتبر التطورات الداخلية في روسيا مهمة أيضاً في السنوات القادمة. وأعتقد أن هذه التطورات لا تزال جارية والتغييرات الدستورية في روسيا تُظهر أن أبعاد هذه التطورات واسعة للغاية بحيث يجب مناقشتها بشكل منفصل. وفيما يتعلق بالعلاقات مع الولايات المتحدة تضاءل عدد الأشخاص المتفائلين في روسيا بشأن تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة لأن الديمقراطيين أكثر حساسية تجاه روسيا من الجمهوريين وفريق بايدن لديه هذه الحساسيات. وفي الحقيقة روسيا تركت باب الحوار مفتوحاً وأعلنت استعدادها للحوار مع الإدارة الأمريكية الجديدة على الرغم من أن الكرملين تأخر بتهنئة بايدن على فوزه.

وفي حال لم يكن تعزيزنا لسياستنا وعلاقاتنا مع العالم الآسيوي وزيادتنا العلاقات مع الصين وروسيا رداً على الغرب ومنع عدوانهم فعالاً. فنحن بحاجة إلى سياسة حقيقية سياسة هي فعل أكثر منها رد فعل.

ودور روسيا والصين فيما يتعلق بإيران إيجابي وعلينا تكوين تعاون طويل الأمد مع هذين البلدين وكذلك الهند والنظر بجدية في الميزة التي تتمتع بها إيران ضمن المحور الجيوسياسي الآسيوي.

وأحد الخطوط الحمراء التي يجب مراعاتها هو أنه بالنسبة للعديد من الأشخاص الذين يعلقون في مجالات مختلفة ينبغي النظر في مجال الاختصاص لمنعهم من تكبيد الدولة تكاليف. ومن ثم علينا أن نقبل أن بعض التصريحات والمواقف هي من اختصاص هيئات خاصة وسلطات عليا وليس من المفترض أن يعلق كل الناس بشكل عرضي وطولي على جميع قضايا البلاد. وكما أنه يخلق ويغذي نوعاً من عدم الثقة وعدم الاستقرار. ولكن يجب أن تكون القضية المهمة هي الدخول في الوقت المناسب والتعامل مع المجالات المختلفة في الوقت المناسب والحساسية لثمار التطورات.

ويجب على أميركا أن توضح مهمتها ليس فقط على الورق ولكن على أرض الواقع. ويجب أن تعود العقوبات إلى نقطة البداية وأن تُرفع. ومن ناحية أخرى فقد أعلنت إيران أنها مستعدة لاتخاذ إجراءات متبادلة. وأعتقد أن أي نوع من التعقيد لهذه العملية بما في ذلك ربطها بقضايا أخرى مثل الصواريخ وقضايا المنطقة سيجعل الأمر أكثر صعوبة.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “ايران” الحكومية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: