الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة27 يناير 2021 08:31
للمشاركة:

صحيفة “جهان صنعت” الاقتصادية – فرصة إيران للعب دور في حل الأزمة الأفغانية

تطرقت صحيفة "جهان صنعت" الاقتصادية، في مقابلة مع الخبير في شؤون أفغانستان بير محمد ملازهي، لموضوع زيارة وفد من طالبان لإيران، والدور التي تلعبه طهران في المصالحة الأفغانية. حيث رأى ملازهي أن قادة طالبان شعروا بأن المبادرة الأميركية ستتوقف في عهد بايدن وأنهم بحاجة إلى مواكبة المبادرة الإقليمية التي اقترحتها إيران.

وصل وفد من طالبان إلى طهران أمس وقد يكون ذلك مقدمة لتطورات إيجابية في عملية السلام الأفغانية، خاصة الآن بعد أن أصبحت إدارة بايدن في السلطة في الولايات المتحدة كما تضاءل الأمل في محادثات الدوحة الصاخبة. كما أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده أمس وصول وفد طالبان السياسي برئاسة الملا عبد الغني برادر إلى طهران بعد ترتيبات سابقة وبدعوة من الجهاز الدبلوماسي الإيراني.

وبحسب خطيب زاده، فإن الوفد السياسي لطالبان سيلتقي خلال إقامته في طهران بمسؤولينا بمن فيهم وزير الخارجية والممثل الخاص لإيران في أفغانستان وسيبحثون ويناقشون عملية السلام في أفغانستان والقضايا ذات الصلة. مهما كان فان الوضع يختلف عما كان عليه قبل بضعة أشهر عندما كان دونالد ترامب يسعى بتفاؤل من أجل السلام في أفغانستان آملاً الفوز في الانتخابات الرئاسية. الآن رحل ترامب ووصل فريق بايدن إلى السلطة الذي يعتزم على ما يبدو إعادة النظر في الاتفاقات مع أفغانستان، وقطر التي كانت تستضيف أغلب المحادثات التي ابتكرتها أميركا من أجل قضية السلام في أفغانستان. الآن أصبح همها الوحيد الصلح بين إيران ودول المنطقة وعليه من المتوقع ألا تفوت إيران فرصة لعب دور محوري في إحلال السلام لجارتها الشرقية خاصة أنها أظهرت في الأشهر الأخيرة أنها تخلت عن العداوات السابقة لطالبان ولم تتخذ أي قرار بناء عليها.

لم يمض شهر او شهرين على حضور فريق من المكتب السياسي لطالبان إلى السفارة الإيرانية في قطر الذي أثار ضجة. علق وزير الخارجية محمد جواد ظريف على هذه الزيارة قائلاً “لدينا محادثات جدية مع طالبان. أنا شخصياً التقيت الملا بردار في طهران. مثل بعض المسؤولين الدوليين الآخرين الذين التقوا بوفد طالبان إما في الدوحة أو في عواصمهم”.

كان المبعوث الإيراني الخاص إلى أفغانستان محمد إبراهيم طاهريان قد أجرى في وقت سابق محادثات مع وزير الخارجية الأفغاني والمبعوثين الروسي والألماني إلى أفغانستان وذلك أثناء مناقشته التطورات الأخيرة في أفغانستان وعملية السلام في أفغانستان وتحقيق الاستقرار الدائم من خلال الحلول الدبلوماسية. تظهر كل هذه المحادثات والمشاورات أن إيران تحاول المساعدة في إحلال السلام في أفغانستان رغم أنه يبدو أنه مع تغيير الحكومة في الولايات المتحدة كانت المبادرة في يد طهران ولديها قوة أكبر من أي وقت مضى للتأثير على هذا الأمر المهم.

وفي هذا السياق، رأى الخبير في شؤون أفغانستان بير محمد ملازهي، في حديث مع الصحيفة، أنه “للحصول على تحليل مفصل في هذا الصدد يجب الانتباه إلى التطورات التي حدثت في الولايات المتحدة. خسر ترامب الانتخابات ومع تولي بايدن منصبه ظهر فريق جديد في الولايات المتحدة ذكر سابقًا أنه يريد مراجعة الاتفاقية الموقعة بين ترامب وطالبان”، مشيراً إلى أنه “يبدو أن هذا وضع طالبان في موقف يعتقدون فيه أن سياسة بايدن تستند إلى اتفاق ذي شقين بشأن انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان وتقاسم طالبان السلطة في أفغانستان لمنع الجماعات الإسلامية المتطرفة من إيجاد قواعد وهو يتعارض مع مصالح الولايات المتحدة”.

وأضاف ملازهي “أثيرت شكوك في صفوف طالبان بأنه عندما تقول الولايات المتحدة إنه يجب مراجعة المعاهدة، فهذا يعني أن مصطلح الإمارة الإسلامية الذي قبله ترامب لم يُقبل وتحول إلى الحكومة المركزية في أفغانستان. وهذا هو سبب شعورهم بأن المبادرة الأميركية ستتوقف في عهد بايدن وأنهم بحاجة إلى مواكبة المبادرة الإقليمية التي اقترحتها إيران”.

وقال ملازهي في شرحه لمبادرة إيران إن “وزير خارجية إيران قال في وقت سابق إن الدول المجاورة لأفغانستان بالإضافة إلى الدول التي لها نفوذ في أفغانستان ولكنها ليست جيران مثل السعودية والإمارات وتركيا يجب أن تتعاون وتبادر إلى استبدال المبادرة الأميركية وإنهاء الحرب في هذا البلد بإيجاد تفاهم بين طالبان والحكومة الأفغانية”.

وأكد الخبير المعني بالقضايا الإقليمية أنه “على هذا الأساس يمكن أن تكون إيران أكثر نشاطا في هذا المجال من أي وقت مضى”، مضيفاً “اجتماعات السيد طاهريان مع روسيا والألمان كمبعوث خاص لوزارة الخارجية الإيرانية مهمة في هذا الصدد وتظهر أن إيران تريد أن تكون أكثر فاعلية في عملية السلام الأفغانية. طالبان تبدو أيضًا وكأنها ترحب بهذا النهج وتريد حل المشكلات التي من المرجح أن تطرأ عليها في حكومة بايدن”.

وردا على سؤال حول ما إذا كانت إيران ستنجح في التقريب بين دول مثل السعودية والإمارات وتركيا بشأن قضية السلام الأفغانية، قال الخبير “على أي حال إذا تمكنت إيران من جلب دول مثل السعودية وباكستان وتركيا معها فأنها تزيد من فرص استخدام المبادرة الإقليمية للمساعدة في إحلال السلام في أفغانستان. من الطبيعي أن تكون هناك منافسة لا يمكن إنكارها في هذه المنطقة مما يجعل هذا الأمر صعبًا. على أي حال هناك تنافس بين إيران والمملكة العربية السعودية أو بين الهند وباكستان وتركيا. على الرغم من كل هذه القضايا إذا نظرنا إلى القضايا بشكل أكثر واقعية يمكن تقليل هذه الخصومات ويمكن أن تساعد مبادرة إقليمية عملية السلام الأفغانية.”

وناقش ملازهي أيضًا كيف يمكن لإيران أن تبرر تغيير نهجها تجاه طالبان الأمر الذي جعل الرأي العام مؤخرًا حساسًا وهل كان هذا التغيير في المظهر صحيحًا أم لا، وقال “لاحظنا أن إيران من الدول التي لديها أرضية مشتركة مع أفغانستان بحوالي ألف كيلومتر لذا فإن أي تغيير في أفغانستان يكون له تأثير على إيران. إذا كان هناك سلام فهذا في مصلحة إيران وإذا كانت هناك حرب فقد يدخل فيضانها إيران ويصبح مشكلة أمنية. وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها”، مضيفاً “قضية المخدرات هي قضية مهمة تدفع ثمنها إيران كل عام وليس من السهل حلها لذلك إذا نظرنا إليها من هذه الزاوية يتضح أن إيران لا ينبغي أن تكون سلبية في قضية أفغانستان بالطبع في وقت ما كانت سلبية وكان ذلك على حساب إيران”.

وتابع خبير الشؤون الإقليمية: “كان استثمار إيران في السابق يعتمد على الجماعات الجهادية وليس له علاقة بطالبان وهو ما أعتقد أنه خطأ. ومع، فإن طالبان جزء من واقع أفغانستان التي تحظى بتأييد شعبي بين قبائل البشتون. فعلى الجبهة العسكرية أكثر من 50 في المائة من الأراضي الأفغانية في المناطق الريفية والبدو تحت سيطرة طالبان. مع وضع هذه القضايا في الاعتبار يمكننا أن نستنتج أن الاقتراب من طالبان هو الخط الصحيح وأننا بحاجة إلى العمل مع طالبان للتأثير على عملية التفاوض”.

يبدو أن هناك فرصة لإيران للعب دور محوري في عملية السلام الأفغانية كما أن تغيير الحكومة في الولايات المتحدة واستعداد قطر للوساطة بين المنطقة وإيران يزيد أيضًا من فرص إيران في تحقيق هذا الهدف. ومع ذلك يبقى أن نرى إلى أين ستذهب المحادثات وما إذا كان بإمكان دول المنطقة، كما يقول ملازهي، أن يتم النظر إلى القضية بشكل واقعي وتقليل الخصومات التي تضر بالسلام.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “جهان صنعت” الاقتصادية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: