الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة18 يناير 2021 09:28
للمشاركة:

صحيفة “جوان” الأصولية – المناورات والرسائل التي يجب أن تصل

تناولت صحيفة "جوان" الأصولية، في مقال لـ"عباس حاجي نجاري"، موضوع المناورات الأخيرة التي نفّذها الحرس الثوري والجيش في إيران. حيث رأى الكاتب أن ما يحدث هذه الأيام أثناء المناورات الصاروخية والمُسيّرات والقوات البحرية سواء في مياه الخليج وبحر عُمان أو ضمن الأراضي الإيرانية، هو بناء للقدرة على الاستعداد لأي تهديدات محتملة، ويُرسل رسالة واضحة إلى إدارة الحسابات الأميركية المستقبلية وللأوروبيين ونظرائهم عن نوع المواجهة مع إيران، حسب تعبيره.

“جميع الخيارات مطروحة على الطاولة” هذا هو التصريح الذي أدلى به الأميركيون ولوحوا به مراراً وتكراراً ضد الشعب الإيراني بهدف أساسي وهو محاولة فرض الإرادة على المسؤولين والشعب الإيراني من خلال التباهي بالقوة العسكرية الأميركية واستخدامها إذا لزم الأمر. ولكن استخدام هذا المصطلح من قبل الأميركيين انخفض بشكل حاد في السنوات الأخيرة، وليس هناك ما يشير إليه. وفي غضون ذلك فقد عانى الأميركيون من أشد الضربات العسكرية الممكنة على يد الحرس الثوري الإسلامي خلال العام الماضي.

وعليه ينبغي على أميركا اعتبار العام الإيراني الماضي (21 آذار/ مارس 2019- 21 آذار/ مارس 2020) أكثر الأعوام مرارة بالنسبة لها على مر التاريخ الأميركي. فقد تعرضت الطائرة الأميركية المُسيّرة غلوبل هوك لصاروخ إيراني مضاد للطائرات من طراز “سوم خرداد” بسبب اختراقها للمياه الإقليمية الإيرانية. كما تم استهداف قاعدة عين الأسد بصواريخ إيرانية وهي القاعدة التي تعتبر أكبر قاعدة عسكرية أميركية خارج البلاد وتتمتع بأهمية خاصة للجيش الأميركي وذلك ضمن الرد الأولي على جريمة اغتيال الشهيد سليماني والمرافقين له. حيث استهدفت الصواريخ الدقيقة من طراز قيام وفاتح 313 التابعة لقوة الجوفضاء في الحرس الثوري مقر العمليات المركزية ومنظومة الاتصالات ومنظومة المُسيّرات والبنى التحتية الاستخباراتية في هذه القاعدة والتي أدّت لخسائر جمّة. يومها، لم يتمكن الأميركيون من الرد نتيجة الهلع الكبير الذي أصابهم خوفاً من تصعيد الحرب. هذا كله حصل وكان الأميركيون يتوقعون رداً إيرانياً، كما أنهم هددوا إيران قبل الهجوم أنه في حال اتخذت إيران أي إجراء ضد أميركا فإنه سيتم استهداف 52 نقطة في إيران ولكنهم لم يتمكّنوا حتى من اعتراض الصواريخ الإيرانية بأنظمة دفاعهم الجوي. وقد جاءت العملية في وقت اعترفت فيه وسائل الإعلام الأميركية بأنه منذ الحرب العالمية الثانية وحتى الآن، وحتى في ذروة الحرب الباردة لم يتم اتخاذ أي إجراء مشابه ضد القواعد الأميركية. كما أن الجمهورية الاسلامية الإيرانية صرّحت بشكل رسمي عن مسؤوليتها عن هذا الهجوم والذي لم يسبق له مثيل وقد أظهر صمت المسؤولين الأميركيين عن هذه الخطوة ضعف الهيمنة الأميركية المزعومة على المستوى الدولي.

يجب أن يُنظر إلى مواجهات العام الماضي على أنها استعراض لقوة إيران الرادعة وتشكيلها لميزان قوى بينها وبين الولايات المتحدة، وهذا التوازن ما هو إلا اختلال في التوازن من حيث تعداد القوات العسكرية والمعدات العسكرية لكلا الجانبين، ولكن من حيث الإرادة والقدرة على الوقوف والمقاومة فقد تميزت القوات المسلحة الإيرانية، وكان منحنى التطورات في المنطقة لصالح إيران. لهذا السبب شن الأميركيون ومرتزقتهم الإقليميون حرباً نفسية واسعة النطاق ضد إيران في الأيام الأخيرة من عهد ترامب حيث أرسلوا حاملة طائرات وغواصة نووية إلى الخليج وكذلك تحليق الطائرات الأميركية من طراز B52 بالقرب من المياه الإيرانية الجنوبية لإخضاع إيران للمطالب الأميركية المتزايدة. لكن ذلك لم يفيدهم بل ساهم في إرباكهم كما حدث عندما أحضروا حاملة الطائرات نيميتز لمنطقة الخليج ومن ثم أعادوها. وفي المقابل نفذت إيران العديد من المناورات العسكرية للجيش والحرس الثوري، ومن خلال الحفاظ على الاستعداد العسكري وتعزيزه، قاموا بإرسال الرسائل الكافية إلى الأميركيين وحلفائهم في المنطقة وخارجها.

الأمر المهم في توازن القوى هذا، هو نمو القدرة والقوة الذاتية لإيران. فقد تمكّنت إيران في السنوات الأخيرة من الوصول إلى مستوى الردع من خلال بناء القدرات الداخلية بحيث يمكنها أن تحقق أهدافها بغض النظر عن الجبهات العسكرية وجبهات الأعداء الدوليين والإقليميين بينما واجهت القوات المسلحة تحديين في هذا الاتجاه. التحدّي الأول هو العقوبات، وذلك لأنه على الرغم من صعود وهبوط العقوبات الاقتصادية على مر الـ42 عاماً الماضية، لم يتم تخفيض العقوبات العسكرية وعقوبات الأسلحة ضد إيران، والتحدّي الثاني هو أن الوصول إلى هذا المستوى من الردع على الرغم من التخريب الداخلي من قبل بعض التيارات السياسية سواء كانوا في السلطة من خلال القيود على الميزانية العسكرية وتحديدها أو عندما لم يكونوا في السلطة من خلال تأجيجهم لأمور مثل اتهام القوات العسكرية بالقتال أو أن إيران لا تحتاج إلى الصواريخ وغيرها من المعدات العسكرية، حيث أنهم في الواقع يعملون ضمن لعبة العدو. ومع ذلك لم يتمكنوا من التأثير على إرادة القوات المسلحة رغم أنه لا شك في أنه بدون هذه القيود لكانت الإنجازات والابتكارات أكبر بكثير.

ولكن ما يحدث هذه الأيام أثناء المناورات الصاروخية والمُسيّرات والقوات البحرية سواء في مياه الخليج وبحر عُمان أو ضمن الأراضي الإيرانية، فهو بناء للقدرة على الاستعداد لأي تهديدات محتملة، ويُرسل رسالة واضحة إلى إدارة الحسابات الأميركية المستقبلية وللأوروبيين ونظرائهم عن نوع المواجهة مع إيران. حيث أن هذه الرسالة تتجلى بوضوح في التصريحات الأخيرة للقائد الأعلى علي خامنئي بمناسبة ذكرى انتفاضة أهالي قم. حيث قال القائد الأعلى في إشارة إلى التجربة المريرة لعجز البلاد عن الصمود أمام الضربات الجوية لصدام حسين خلال الحرب المفروضة “لقد كانت إيران في تلك الأيام عاجزة أمام القصف الصاروخي وقصف طهران والمدن المختلفة، ولم يكن للجمهورية الإسلامية الحق في إبقاء البلاد على هذا الوضع”. واستذكر بعد ذلك أمثلة عن القدرة الدفاعية لإيران اليوم، مثل إسقاط المُسيّرة الأميركية المُعادية في سماء إيران أو تحطيم قاعدة عين الأسد وقال “على العدو أن يأخذ في الاعتبار قوة إيران الدفاعية وقدراتها والتي هي حقيقة حتمية ضمن حساباته وقراراته.”

ويمكن رؤية وملاحظة عواقب هذه القدرة من خلال الاعترافات الأخيرة لصحيفة نيويورك بوست. حيث كتبت الصحيفة في تحليلها المختلط  بعدم الرضا عن القدرة الإيرانية: “لقد أظهرت إيران للعالم أن عصر القوة العظمى والهيمنة الأميركية قد انتهى، وكما أنها أرسلت بوارجها النفطية وسفنها إلى أي مكان يحتاجه العالم أمام أعين الاميركيين وبدون أن يزعجهم أحد. لقد أنهت إيران الإمبراطوريتين البحريتين البريطانية والفرنسية، والآن إيران هي التي تحدد مصير الأمن البحري في المنطقة. وقد أظهرت إيران أن الحقبة التي أرسلت فيها الولايات المتحدة بوارجها أو طائراتها وغيّرت الحكومات وحددت مصير الدول قد انتهت، والآن تقف دولة قوية مثل إيران أمامها وضدها. وكما أظهرت إيران أن الولايات المتحدة لم تعد تلك القوة العظمى.”.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “جوان” الأصولية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: