الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة17 يناير 2021 09:26
للمشاركة:

هل يكون الاقتصاد الإيراني ضحية لسياسة بايدن في الشرق الأوسط؟

تحت عنوان "نظرة مختلفة لسياسة بايدن تجاه إيران" نشر موقع "ايران دبلوماسي" المقرب من وزارة الخارجية الإيرانية مقالًا للدكتور محمود سريع القلم أستاذ العلاقات الدولية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة الشهيد بهشتي بطهران، حيث استهل سريع القلم مقاله بالتأكيد على أن "بايدن وبالرغم من انتماءه للحزب الديمقراطي في أميركا وما يستتبع ذلك من ميل ناحية اليسار في التوجهات السياسية إلا أنه وبعد وصوله لحلمه السياسي وهو في 78 من عمره سيركز جل اهتماماه على إعلاء شأن الحزب الديمقراطي ، وضبط الأوضاع الاقتصادية المتذبذبة جراء جائحة كورونا سعيًا منه لترك ميراثًا جديرًا بالذكر في تاريخ هذا البلد".

بناء عليه يتوقع سريع القلم أن “60 إلى 70% من اهتمام بايدن سيتركز على الشأن الداخلي الأميركي، وأنه مع الوضع العام للمجتمع الأميركي الآن فإن بايدن لن يسعى لخلق مواجهات وقلاقل على مستوى العلاقات الخارجية والساحة الدولية. وأنه فقط سيلجأ للحلول العسكرية حال ما كان هناك تهديد جاد للأمن القومي الأميركي”.
ويوضح سريع القلم أن “الأساس في اتخاذ القرارات التي يمكن وصفها بالمصيرية والمهمة داخل أميركا هو لوبي الشركات الكبرى ومصالح الجهاز الأمني العسكري في أميركا، وأن تحركات بايدن ستكون من خلال هذا الإطار، وإن كان طابعه الشخصي يغلب على اختياراته وإدارته للسياسة الخارجية للبلاد وهي سياسة الحذر والحيطة؛ إذ أن بايدن في عمره هذا لن يخاطر، وسيكون ميراثه الذي يريد أن يتركه نصب عينيه دائما”.

وترتيبا لأولويات رئيس الجمهورية في أميركا سواء أكان بايدن أو ترامب يرى سريع القلم أن “الأولية الأولى بالنسبة لأميركا في الساحة الدولية هو التحديات الاقتصادية والأمنية التي تمثلها الصين وهي تمثل 60 إلى 70% من هذه الأولويات، يلي ذلك روسيا، والاتحاد الأوروبي، وإعادة العلاقات الثنائية مع بريطانيا، وموضوع البيئة، والتحرك الجماعي لمواجهة كورونا وإعادة إحياء مكانة الاقتصاد الأميركي في العالم.

بهذه التوطئة يتنبأ سريع القلم بأن تسعى حكومة بايدن إلى جعل منطقة الشرق الأوسط أكثر هدوءًا واستقرارًا للتخلص من شرها، حسب تعبيره. مضيفًا أن “وزارة خارجية بايدن ستخصص الكثير من العمل والزيارات الدبلوماسية ذهابًا وإيابًا على المنطقة من أجل موضوع فلسطين، والضفة الغربية، واستقرار العراق وأفغانستان وتشجيع العرب على التعاون مع إسرائيل، وإدارة الأزمة الليبية والسورية، لكن بايدن لن يورط نفسه كثيرًا في هذه الأزمات التي لا تنتهي إلا إذا شكلت تهديدًا أمنيًا”.

أما بالنسبة لإيران فيرجح سريع القلم أن “مسألة الملف النووي الإيراني ستكون الأساس الاستراتيجي لدبلوماسية بايدن تجاه إيران، ولكن الدعوة للعودة للاتفاق النووي مع إيران التي ترفعها إدارة بايدن الآن لا تعني تطبيع العلاقات الاقتصادية الخارجية لإيران، وذلك لأن موضوع إيران هو محط إجماع لدى مؤسسات الدولة والسياسة الأميركية على اختلاف توجهاتها، والتي تنظر جميعها لإيران بعدائية، بناء عليه فإن سياسة الحد الأقصى للضغط والتي انتهت بوقف المعاملات البنكية ما تبعه من زيادة لمعدلات التضخم في إيران لن تنتهي في عهد بايدن بل ستكون ورقة في يده، لهذا فإن تجميد العقوبات الكثيرة التي فُرضَت على إيران في عهد ترامب يحتاج لعزيمة من الطرفين”.

من ناحية أخرى يشدد سريع القلم إلى “ضرورة الانتباه لحقيقة مفادها أن المواجهة مع إيران تتركز بنسبة من 70 إلى 80% في الشرق الأوسط، و تشريع سياسات هذه المواجهة فقط في أميركا. فالدولة التي تنفق حوالي 800 مليار دولار في المجال العسكري لن تترك مجالا بأي شكل لبرنامج إيران النووي والصاروخي”. ويتابع سريع القلم مؤكدًا أن “أساس ومحور صراع إيران هو في المنطقة بمعني أن بلدان هذه المنطقة لديهم القدرة على توجيه وتشكيل السياسات الأميركية في الشرق الأوسط”.

ويوضح سريع القلم أن “موضوع الملف النووي الإيراني سيحتل جزاء من الأهمية والأولوية لدى حكومة بايدن لكن هذا لن يعني الرفع الكامل والفوري للعقوبات المفروضة على إيران إذ قد تساوم إدارة بايدن بإعطاء بعض الصلاحيات الاقتصادية أو الإفراج عن بعض الأموال الإيرانية المجمدة لتشجيع إيران للعودة إلى مسار الاتفاق النووي، إلا أن إلغاء العقوبات بشكل كامل ستواجهه العديد من الموانع والعقبات القانونية والسياسية، ناهيك عن المدى الزمني الطويل الذي سيتطلبه هذا الأمر وذلك بالطبع متوقف على نتيجة الانتخابات الرئاسية المقبلة في إيران والتشريعات الإيرانية قصيرة ومتوسطة المدى القادمة”.

ويضيف سريع القلم أن “إدارة بايدن ما أن تطمئن لتوقف البرنامج النووي الإيراني فإنها بذلك ستكون قد حققت هدف أساسي لسياساتها الخارجية ولن تتعجل بعدها في حل المسائل الأخرى كالعقوبات التي فرضت على إيران سواء في عهد الديمقراطيين (أوباما) أو الجمهوريين ( ترامب )”، وعليه لا يُستبعد بحسب سريع القلم أن تضاف عقوبات جديدة إلى العقوبات السابقة أو تعطى بعض الامتيازات المحدودة وقد تستقر الأوضاع الأمنية في سوريا والعراق وأفغانستان لتحقق إنجازا ثانيا للسياسة الخارجية الأميركية في عهد بايدن.

ويعتقد سريع القلم أن “الاقتصاد الإيراني هو من سيكون الخاسر في هذا المناخ المتمهل والتدريجي بطيء الحركة الذي ستنتهجه إدارة بايدن في تعاملها مع قضايا المنطقة”، مستطردًا بالقول “في ظل الظروف التي تسعى فيه الدول لتحقيق موضعا ثابتا لاقتصاداتها من خلال المشاركة والتكتلات السياسية والأمنية، فإن الاقتصاد الإيراني يتحرك متخبطا. وستستمر هذه الظروف في حال استمر عدم النظر إلى الاقتصاد الإيراني في مكانة واحدة مع القضايا الإقليمية والاستراتيجية العسكرية- الدفاعية لإيران. فهذا الأمر لا يهم بايدن ودولته كثيرًا، بينما تتجه الاستراتيجية الأوروبية إلى الحفاظ على البقاء الفعلي لإيران والسعي للتفاوض بشأن تهديداتها وإداراتها ومنحها بعض الإمكانات التي تساعدها على البقاء وتحول دون تحولها لعراق أخر يخلق المزيد من المشاكل للأوروبيين. أما بالنسبة لدول المنطقة فهي تسعى أيضا لتحديد قدرة وثروة إيران، وذلك لإيمانهم بأن إيران لا تسعى للمشاركة، بل إن أهدافها سلطوية، ومهما كانت الدوافع أو المعتقدات لدى هؤلاء فإن المهم هو أنهم يتخذون قراراتهم بناء على هذه المعتقدات”.

ويختم سريع القلم مشيرًا إلى أن “ضالة إيران المهمة هي في الفهم الدقيق للتغيرات الإقليمية والدولة، فإدارة بايدن وغيرها من الدول هدفها الأساسي هو كيف تحقق نموًا اقتصاديا بنسبة 3 إلى 4 % باجتذابها حصة كبيرة من أسهم السوق من أجل صادراتها فيما بعد كورونا. فالجميع ربط مستقبله بزيادة معدل أرباحه. فإذ أُريد للاقتصاد الإيراني أن ينتعش فيجب أن تستشعر دول الجوار الأمان الفعلي تجاه نوايا إيران، إذ ان أساس نزاع السياسة الخارجية الإيرانية هو في منطقة الشرق الأوسط، لهذا فإن المبادرة السياسية في هذه المنطقة أهم للاقتصاد الإيراني بكثير من تحسين العلاقات مع بوليفيا وكوبا ونيكاراغوا”.

المصدر/ موقع “ايران دبلوماسي”

ترجمة وتحرير/ منى طنطاوي

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: