الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة7 يناير 2021 08:25
للمشاركة:

صحيفة “ايران” الحكومية – الشعب والثورة في سياسة آية الله رفسنجاني

شرح محسن هاشمي، نجل الرئيس الإيراني السابق هاشمي رفسنجاني، في مقابلة مع صحيفة "ايران" الحكومية، بمناسبة ذكرى رحيله، بعض الخصائص التي كان يتمتع بها والده، والأسباب التي تجعل البعض في إيران يهاجمونه حتى بعد وفاته، مؤكداً أن والده كان رمزا للاعتدال والعقلانية ومراعاة مصالح الثورة والشعب، إلا أن تصرفات البعض في إيران أضعفت هذه النظرة في المجتمع، حسب تعبيره.

  • كان وفاة آية الله هاشمي رفسنجاني من الأحداث التي أحدثت صدمة كبيرة للمجتمع الإيراني وأجوائه السياسية، وبعد ذلك شهدنا وداع الشعب للراحل. كيف تنظر للحضور الكبير للناس في جنازته؟

يبدو أن موته المفاجئ، مثل قرار مجلس صيانة الدستور في عام 2013 حول عدم أهليته للترشح للانتخابات الرئاسية، صدم المجتمع الإيراني وشعر الجمهور بنوع من القمع. جزء من رد الفعل هذا كان بسبب قلق الناس وانعدام الأمن على مستقبلهم، لأنه قبل ذلك، كان رفسنجاني الشخص الذي يمكن الاعتماد عليه في اللحظات التاريخية وأصعب ظروف البلاد، وبمساعدته، تغلبت الثورة على العديد من الأزمات. منذ بداية الثورة وموجة الاغتيالات، ومن ثم الحرب مع العراق، وبعد وفاة آية الله روح الله الخميني، كان رفسنجاني دائماً مصدراً للحلول والارتياح عند المواطنين، ورغم منعه من الترشح في العام 2013، لعب دوراً مهماً في سد الفجوة التي حصلت. لكن للأسف هذه الشخصية التي كانت دائمًا تعتمد على الناس لم تعد معنا.

  • يمكننا ربط كانون الثاني/ يناير 2016 وكانون الثاني/ يناير 2020 ارتباطًا جوهريًا من حيث فقدان شخصيتين مؤثرين في البلاد. في محادثة مع الشهيد الحاج قاسم سليماني تستند إلى مذكرات آية الله رفسنجاني، ظهرت العلاقة الوثيقة التي كانت بين سليماني ووالدك. كيف تحدد طبيعة تلك العلاقة، بناءً على معرفتك بنص هذه المذكرات؟

كانت العلاقة بين سليماني ورفسنجاني من شقين. أولاً، كانت العلاقة صادقة بين هذين الشخصين، والتي تشكلت منذ زمن الدفاع المقدس، بسبب قيادة فرقة ثار الله 41 في كرمان كانت هناك علاقة عميقة معه. وزادت هذه العلاقة وتوطدت في عهد آية الله هاشمي رفسنجاني بسبب اهتمام الحاج قاسم بالحرمان والبناء. ومع ذلك، فإن علاقة عمل سليماني كقائد لقوة القدس كانت مع رفسنجاني بعد الرئاسة. طبعا كل هذا لا يعني أنه لم يكن هناك اختلاف في الآراء بين الشخصيتين، وكان لآية الله هاشمي وجهات نظره الخاصة في مجال السياسة الخارجية والأنشطة الخارجية، والتي انعكست في مقابلاته وخطبه.

  • يتحدث الكثيرون الآن عن منصب آية الله الشاغر. خلال السنوات الأربع الماضية، في أي وقت شعرت بفراغ حضور رفسنجاني في القضايا التي حدثت أكثر من أي وقت مضى، وكيف تحلل تبلور هذا النقص في الفضاء السياسي؟

كان آية الله هاشمي رفسنجاني رمزا للاعتدال والعقلانية ومراعاة مصالح الثورة والشعب، وربما اليوم أكثر من أي وقت مضى، أضعفت تصرفات المتطرفين من الجانبين هذه النظرة في المجتمع. من المبالغة تقديم مُثُلنا وأهدافنا بشكل لا يمكننا تحقيقها، ومن ثم تعريض سبل العيش العامة والحد الأدنى الضروري لحياة الناس للخطر. طبعا التطرف يؤدي الى المبالغة، والاعتدال يقوضه أيضًا حكم التطرف.

  • ما هو دور الدور الإيجابي الذي لعبه الراحل في الساحة السياسية التي يتم ذكرها على أنها دعم للتيارات المعتدلة والإصلاحية؟

بالطبع، لم يكن موت آية الله وحده مؤثرًا، ولكن أيضًا عوامل أخرى كانت ذات صلة. بشكل عام، تعزز التيارات المتطرفة بعضها البعض. باختصار، التطرف يجلب التطرف. وبناءً على ذلك، وصل دونالد ترامب إلى السلطة في الولايات المتحدة وكان سلوكه المتطرف ضد إيران سببًا إضافياً للتطرف، وشعر البعض بضرورة معاملة ترامب بالمثل. بينما تتطلب العقلانية أنه عندما تكون إلى جانب العدو، فإنك تتصرف بذكاء أكثر ولا تقدم أعذارًا وتستجيب في الوقت المناسب وبطريقة مناسبة بحيث يكون للضرر الذي تراه في هذه المواجهة أقل تكلفة وأقصى تأثير. كان دور السيد هاشمي في هذه الظروف هو تلطيف مواقف المتطرفين. ومن المناسب أن ننقل هنا ذكرى مشتركة بين سليماني وآية الله هاشمي رفسنجاني. خلال الأزمة الإيرانية الأفغانية، والتي أدت إلى استشهاد دبلوماسيينا في مزار الشريف، كان معظم المسؤولين في ذلك الوقت يؤمنون برد إيران العسكري على طالبان. لكن آية الله هاشمي رفسنجاني لم يوافق على بدء الحرب ومواجهة عسكرية. وكتب في مذكراته أن التحليل والاستراتيجية الأكثر منطقية من بين جميع القادة والمسؤولين كان مرتبطًا بسليماني، على عكس الآخرين الذين طالبوا برد فعل عاطفي. ومن المثير للاهتمام أن نفس توصية سليماني، التي وافق عليها ودعمها رفسنجاني، وافق عليها القائد الأعلى، وتم منع البلاد من الوقوع في حرب.

  • في حياة آية الله هاشمي تعددت الهجمات عليه. هل تعتبرون موجة التدمير هذه موجهة فقط إلى شخص آية الله أم أكثر إلى مدرسته في الفكر والاعتدال؟

المخربون هم بالأساس من المتطرفين الذين رأوا آية الله هاشمي رفسنجاني عقبة وحاولوا التقليل من مكانته وشعبيته بالافتراء والكذب والقضاء عليه، وفي بعض الحالات كانوا ناجحين نسبيًا. لكن مع مرور الوقت، رأينا أن منعه من الترشح عام 2013 تحولت إلى موجة كبيرة غيرت نتيجة الانتخابات الرئاسية الحادية عشرة. كما أنه حصل على أعلى صوت له في انتخابات الخبراء. بعد وفاته تواصل التيارات المتطرفة والمنحرفة تدميره كرمز للاعتدال والعقلانية في محاولة لإضعاف الشخصيات المعتدلة.

  • في هذه الأيام ، برزت قضية السياسة الخارجية والاتفاق النووي مرة أخرى في الأوساط الإعلامية والسياسية، وتم الانقسام حول كيفية التعامل مع الغرب والولايات المتحدة، ما الحل أو النصيحة التي تعتقد أنها كانت ستقدم لو كان آية الله هاشمي على قيد الحياة؟

كان الاتفاق النووي إنجازًا عظيمًا لدبلوماسية البلاد. إنجاز يماثل السلام مع العراق وانتهاء الحرب المفروضة، إذ أخرج الاتفاق البلاد من الفقرة السابعة من مجلس الأمن الدولي. ربما يمكن القول إن الاتفاق النووي أحبط جهدًا استمر عشر سنوات من قبل التيار الصهيوني لعزل إيران عن المعادلة العالمية. لهذا انسحب ترامب منه، وعارضته إسرائيل بشدة. في السياق الحالي الذي يغادر فيه ترامب البيت الأبيض، يجب علينا الاستفادة على أفضل وجه من التكاليف الباهظة التي دفعناها على مر السنين في مقاومة الأحادية الأميركية وتعزيز حقوقنا. الاتفاق النووي منصة جيدة لهذا النهج وتحقيق هذا الهدف. في المقابل، فإن التيار أراد أن يجبرنا على التحرك في السيناريو الصهيوني خلال هذه السنوات والخروج من الاتفاق النووي.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “ايران” الحكومية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: