الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة5 يناير 2021 07:33
للمشاركة:

صحيفة “شرق” الإصلاحية – الصراع بين الحكومة والبرلمان خلف الكواليس

ناقشت صحيفة "شرق" الإصلاحية، في مجموعة مقابلات مع شخصيات إصلاحية إيرانية، موضوع الصراع بين الحكومة والبرلمان، إضافة لقرارات البرلمان المتعلقة بقانون الانتخابات والقانون المتعلق بالانسحاب من البروتوكول الإضافي المتعلق بالبرنامج النووي

تتزايد الخلافات بين البرلمان ذو الأغلبية الأصولية مع الحكومة، إلى الحد الذي بذل فيه النواب كل جهدهم لإحباط أهداف الحكومة بشتى الطرق. من ناحية أخرى يضعون الحكومة في معضلة تشريعية من خلال موافقتهم ويوجّهون موافقاتهم في اتجاه يتعارض تماماً مع أفكار الحكومة. وحوَّل هذا الوضع الساحة التشريعية إلى ساحة سياسية وحرم الحكومة من احتمالية تحركها بنشاط. وبالطبع في تاريخ الثورة الإسلامية كان هناك العديد من الخلافات بين البرلمان والحكومة ولكن وفقاً لكثير من الخبراء فإن هذا القدر من الخلافات غير مسبوق.

فائزة هاشمي: أداء البرلمان الحادي عشر دعائي احتكاري

واعتبرت فائزة هاشمي رفسنجاني أنه “بشكل عام إن ما يمكن ملاحظته من أداء البرلمان الحادي عشر هو الدعاية والشعار والوظيفة الشعبوية والاحتكارية وهذه السياسة تنطبق أيضاً في موضوع البروتوكول الإضافي وقانون الانتخابات، مضيفة “في موضوع قانون الانتخاب يبدو أن الهدف هو زيادة تضييق المجال أمام المرشحين ذوي الآراء المختلفة وتمهيد الطريق أمام مُرشحي اليمين. وفي رأيي لم تكن هنالك حاجة للتلاعب بالقانون بهذه الطريقة وذلك لأن مجلس صيانة الدستور عادة ما يفعل الشيء ذاته في النظر في أهلية المرشحين”.

وفيما يتعلق بمطالبة الحكومة بالانسحاب من البروتوكول المُلحق، لفتت إلى أن “هذا القرار كان نوعاً من تشويه الذات وبعيداً عن المبادئ الدبلوماسية حيث كان حساؤه مالحاً لدرجة أن السيد علي أكبر صالحي أعرب عن استيائه أيضاً”.

غرضي: لم يعمل كلٌّ من الحكومة والبرلمان في سبيل المصلحة الوطنية

من جهته، اعتبر السياسي الإصلاحية محمد غرضي أنه “عندما يُدار بلد ما من قبل حزب وتكون الجماعات في صراع، فإن الحكومة والبرلمان إما أن يبنيان بعضهما البعض أو يعارضان بعضهما البعض. والآن وقد اقتربت حكومة روحاني من نهايتها، أصبح التنازل عن المصالح ضعيفاً جداً، لذلك لن تعمل الحكومة ولا البرلمان أبداً من أجل المصلحة الوطنية وسيعمل البرلمان من أجل التمكّن من تولي الحكومة في الفترة المُقبلة.”

وأوضح غرضي حول الموافقات البرلمانية الأخيرة في تعديل قانون الانتخابات أن “هذه الموافقات تستند إلى ذات الأفكار التي قلتها، حيث أن مجمل جهود البرلمان اليوم هي للاستيلاء على أطياف الحكومة المُستقبلية حيث يريد تشكيل حكومة تُنسق مع البرلمان وذلك لخدمة مصالح تياراته بشكل أفضل بدلاً من الاضطرار إلى التنازل مع تيار آخر وعلى سبيل المثال تشكيل حكومة تحالفية، لذلك ما يمكنني قوله هو أن القرارات البرلمانية الأخيرة ليست في إطار المصلحة الوطنية على الإطلاق حيث أنني شاهدت قبل أيام قليلة أن صحيفة “جمهوري إسلامي” كتبت إنهم يُعدّلون قوانين الانتخابات لكي يكون الحرف الأول من اسم رئيس الجمهورية “ق” (في إشارة إلى قاليباف)”.

نظري: هذا البرلمان ليس نتيجة تصويت الأغلبية

من جهته، رأى النائب السابق علي نظري، أنه “في مجتمع تعددي عندما يكون البرلمان والحكومة مختلفين من حيث التيارات والأجنحة السياسية فهذا مؤشر على الديمقراطية، ولكن للأسف لدينا تجارب سيئة في هذا السياق في بلدنا. وعلى سبيل المثال البرلمان السابع الذي كان في أيدي الأصوليين لدرجة أنه استطاع تعطيل الحكومة الإصلاحية لمحمد خاتمي”.

وتعليقاً على الموافقات البرلمانية الأخيرة اعتبر نظري أنه “بصفتي شخصاً كان نائباً في البرلمان لفترة فإنني أعتبر البرلمان الحادي عشر برلماناً ضعيفاً وخطابياً ومسيساً. حيث يمكنك التمعن بقانون الانتخابات الذي أدرجه البرلمان، حيث أصبح موضوعاً مضحكاً خلال الشهر الماضي حيث أنهم يكتبون قانوناً من أجل مرشح أو اثنين للترشح إلى الانتخابات المُقبلة؛ بينما البرلمان هو منزل الأمة ويلعب الدور الأبوي، وعلاوة على ذلك فعندما يقر المجلس قانوناً يجب أن يقوم بدراسته بحيث يشمل جميع الفئات والشعب”، مضيفاً “على سبيل المثال يأتي قانون الانتخابات هذا الذي كتبوه أو قانون الانسحاب من البروتوكول الإضافي في وقت تريد فيه الحكومة اغتنام الفرصة التي أتاحها انتصار بايدن للتفاوض، وشعار العودة إلى الاتفاق النووي يتمركز في طهران وواشنطن، بحيث أنهم يقيدون يد الحكومة بشكل لا يُمكننا من الجلوس على طاولة المفاوضات. أين يخدم هذا القانون المصلحة الوطنية؟ وأين يساعد هذا القانون في رفع العقوبات؟ الآن وقد أدّت العقوبات المدمرة إلى تآكل الاقتصاد وأدّى ضغط ترامب الأقصى إلى إضعاف الاقتصاد. وهذا البرلمان هو نتيجة المشاركة القليلة في الانتخابات. ولم تتم الموافقة على هذا البرلمان من قبل أغلبية الأمة. وهذا البرلمان ينتمي لتيار محدد وليس للشعب”.

سلامتي: القرارات البرلمانية أضرّت بمصداقية الجمهورية

من جهته، رأى الدبلوماسي السابق محمد سلامتي أنه “من الطبيعي حدوث تضارب أو اختلاف في وجهات النظر بين الحكومة والبرلمان عندما لا ينتميان لجناح أو تيار واحد. حيث يمكن للمرء أن يتوقع فقط عدم وجود تضارب بين الحكومة والبرلمان ضمن الأنظمة البرلمانية حيث يتم انتخاب الرئيس ورئيس الوزراء من قبل البرلمان. ولهذا السبب نرى أنه في البلدان التي لا يسود فيها النظام البرلماني مثل الولايات المتحدة فإن هنالك صراع بين الحكومة والبرلمان عندما لا يكونان من ذات الجناح. وذات السلوك يسود في إيران. فقد يُتوقع أن تكون المصالح هي المعيار لحل المشكلة. فكل جناح يحدد المصالح الوطنية ضمن إطار آرائه الخاصة. وقد تكون القيم والمعايير في الجمهورية الإيرانية الإسلامية التي يمكن أن تميزها عن البلدان الأخرى هي معيار العمل. ولكن هذه القيم والمعايير تم إهمالها أيضاً في عملية الألعاب السياسية، لذلك فإن الشيء الوحيد المتبقي هو الحاجة إلى نهج منفتح من قبل المسؤولين الحكوميين والبرلمانيين وخاصة رؤساء هذين الفرعين من أجل الحفاظ على هيبتهم وتعزيز موقفهم أمام رأي الشعب وتوقعاته”.

وفيما يتعلق بالموافقات البرلمانية الأخيرة والبروتوكول الإضافي وقانون الانتخابات قال سلامتي: “فيما يتعلق بالقرار البرلماني الأخير بشأن الاتفاق النووي، بما في ذلك البروتوكول الإضافي فعلى ما يبدو وفقاً لتصريحات العناصر ذات الصلة، فإن هدف واضعي المسودة هو الضغط على الأوروبيين والأميركيين لرفع العقوبات دون شروط مسبقة وتقديم مطالبات وتنازلات جديدة. وإذا نظرنا إلى الخطة من هذه الزاوية فيبدو أن وزارة الخارجية قد اكتسبت موطئ قدم جيد في القدرة على الضغط على الطموحات الأوروبية والإسراع برفع العقوبات وهو ما يجب أن تستفيد منه بشكل جيد. ولكن للأسف تجدر الإشارة إلى أن توقيت هذا المشروع خاصة في هيكله الأولي، ينفي نفوذه ويجر العمل إلى طريق مسدود. وبنهاية الأمر، تفتح الولايات المتحدة وأوروبا اليد للإجماع ضد إيران واستخدام آلية فض النزاع. وتعديل قانون الانتخابات هو مسألة أخرى تسعى إلى إعاقة سياسية بسبب تقييد حرية اختيار الناس وإعطاء المزيد من الصلاحيات لمجلس صيانة الدستور. وبذات الصلاحيات التي يتمتع بها مجلس صيانة الدستور فقد استبعد شخصٌ مثل السيد هاشمي رفسنجاني من الترشح للرئاسة. والآن مع هذه الصلاحيات الجديدة، يمكنه أن يختار عوضاً عن الشعب بشكل أكثر أريحية. لذلك فإن هذا القرار يُمكنه أن يُضر بمصداقية الجمهورية “.

هاشمي طبا: المصالح الوطنية تعني الاهتمام باستقرار إيران على المدى الطويل

بدوره، رأى السياسي الإصلاحي ومساعد الرئيس الإيراني السابق هاشمي رفسنجاني، مصطفى هاشمي طبا، أنه “ضمن بلد ثقافي من النوع الإسلامي، لا ينبغي أن يتعارض البرلمان والحكومة. والصراع يعني أن أحد الطرفين أو كلاهما على خطأ أو غير مُحقين. وفي حال كانوا في صراع، فيجب عليهم إصلاح أنفسهم، وإذا لم يصلحوا أنفسهم، فيجب على الناس أن يحرقوا ويبنوا. وبالطبع النقد من الأطراف لا لِبس فيه وهو ضروري، ولكن اتخاذ موقف متناقض عن قصد هو أمر غير مقبول”.

وعن القرارات البرلمانية الأخيرة بشأن قانون الانتخابات والبروتوكول الإضافي، أشار هاشمي طبا إلى أنه “على الأقل يمكن القول إنها لا تتماشى مع شعارات النواب السابقين ومن تعاملوا مع قضايا المعيشة عند دخولهم للبرلمان، بينما كلا القرارين غير ضروريين. وطبعاً برأيي فإن المرسوم الأول مُضر والمرسوم الثاني زيادة لا فائدة منها”.

وبشأن المعيار التشريعي في البرلمان، أضاف: “يجب أن يكون معيار البرلمان هو المصلحة الوطنية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهذا بالتأكيد لن يتعارض مع الإسلام. حيث أن المصالح الوطنية تعني أيضاً الاهتمام باستقرار إيران على المدى الطويل”.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “شرق” الإصلاحية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: