الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة4 يناير 2021 05:27
للمشاركة:

وكالة “سبوتنيك” الروسية – ماذا تفعل الـ 22 مليون دولار التي أعطاها سليماني لحماس؟

تناولت صحيفة "سبوتنيك" الروسية، على موقعها الفارسي، في مقال للدكتور عماد ابشناس، موضوع إعطاء قائد قوة القدس السابق قاسم سليماني مبلغ 22 مليون دولار لحركة حماس. إذ رأى ابشناس أن هذه المبالغ التي دفعتها إيران لمحور المقاومة كان هدفها إبعاد الحروب والأزمات عن حدود إيران.

أعلن القيادي البارز في حركة “حماس” محمود الزهار قبل أيام قليلة، أن الشهيد القائد قاسم سليماني منحه خلال زيارته لطهران 22 مليون دولار لتغطية نفقات حماس الجارية في غزة. بطبيعة الحال، في ظل هذه الظروف الاقتصادية، بدأ الكثير من الناس يفكرون في ما يمكن فعله بمبلغ 22 مليون دولار وماذا سيفعلون به إذا كان لديهم.

انتقدت وسائل الإعلام المناهضة للجمهورية الإسلامية الإيرانية هذا الأمر. بالنسبة لأولئك الذين ليسوا على دراية بالعديد من القضايا السياسية، قد يكون الأمر مثير للتفكير بعض الشيء. ولكن إذا اطلعت على بعض الكتب والصحف، أو حتى تصفحت الإنترنت، ستدرك أن 22 مليون دولار لم يعد رقماً كبيراً في المعادلة الإقليمية.

تنفق الولايات المتحدة الأميركية في المنطقة، وفق تصريحات الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب، ما بين 7500 و 8500 مليار دولار، وأنفقت دول الخليج أكثر من 370 مليار دولار، وفقاً لتصريح وزير الخارجية القطري الأسبق، للتوغل داخل الاراضي السورية، وبالتالي فإن مبلغ الـ22 مليون دولار لا يمكن اعتباره شيئاً مقابل هذه المبالغ.

لم تعد ملايين الدولارات يعتد بها في المعادلات الدولية بل يعتد بمليارات الدولارات.

كان القائد سليماني قادرًا على توفير الكثير لأجل تعزيز نفوذ إيران في فلسطين بمثل هذه المبالغ الصغيرة، وهذا يعتبر في حد ذاته أحد أنواع إدارة الميزانية التي ربما لو كان ذلك الشهيد على قيد الحياة، لكان يجب أن تتم دعوته إلى كليات الإدارة ليقوم بشرح كيفية تحقيق مثل هذا الإنجاز بهذه الميزانية.

لقد أنفق شاه إيران أكثر من هذه المبالغ لتعزيز القليل من نفوذ إيران  في المنطقة، لكن لم يجدِ هذا نفعا. إذا قمنا بمقارنة هذه الأرقام بميزانية حزب الله في لبنان البالغة 750 مليون دولار، والتي أعلنها السيد حسن نصر الله قبل نحو عامين، فإننا نرى أن الشهيد سليماني لم يكن قائدًا قتاليًا فحسب، بل كان أيضًا مديرًا محنكًا.

وفقًا لجميع المعادلات الاقتصادية، إذا كان أحدهم ينفق 7.5 مليار دولار والآخر أنفق 750 مليون دولار، فإن الشخص الذي أنفق 7.5 مليار دولار يعد أكثر نجاحًا من الذي أنفق 750 مليون دولار. لكن هذا لم يحصل اليوم.

بالطبع مغزى ما يحدث يكمن في أن أنصار إيران وجبهة المقاومة يقاتلون من أجل عقيدتهم واعتقاداتهم، بينما يضطر أنصار الولايات المتحدة وحلفاؤها لبيع دينهم وعقيدتهم واعتقاداتهم.

وتجدر الإشارة أيضًا إلى أن مقاتلي المقاومة يصنعون، على سبيل المثال، صاروخًا يكلفهم نحو ألفي دولار، وعندما يطلقونه على إسرائيل يضطر الإسرائيليون إلى إطلاق ستة صواريخ باتريوت لاستهدافه، وتبلغ كلفت ذلك نحو مليوني دولار. يمكن لهذه النقطة الأخيرة أن تبين ما سبب الاختلاف الكبير بين نفقات إيران وجبهة المقاومة مع الولايات المتحدة وحلفائها.

أولئك الذين ليسوا على دراية كبيرة بالقضايا السياسة، لا يدركون أنه إذا قامت إيران بدفع تكاليف إعمار ضاحية بيروت الجنوبية، فذلك بسبب أن هذه الحرب التي استمرت نحو 33 يوما دفعت كل من إسرائيل والولايات المتحدة وحلفائها إلى اختبار قدرتهم ضد إيران وحلفائها. وهذه الحرب التي استمرت 33 يومًا كانت بمثابة تمهيد لحرب أكبر كان من المفترض أن تتم ضد الأراضي الإيرانية، وهزيمة إسرائيل في هذه الحرب تسببت في فشل جميع المخططات لمهاجمة إيران.

يمكن القول إن تكلفة إعادة إعمار الضاحية الجنوبية لبيروت على يد الشهيد سليماني كانت نوعًا من تكلفة رفع البلاء من فوق الأمة الإيرانية. اليوم، إذا جلسنا في إيران، يمكننا أن نطمئن إلى أن زوجتنا وأطفالنا أنهم سيغادرون المنزل، ويعودون إليه سالمين دون يصيبهم أي مكروه. والسبب هو أن بعض الشباب الإيرانيين خرجوا تحت راية المحاربين المدافعين عن الأضرحة المقدسة، وقاتلوا أعداء الأمة الإيرانية بعيدًا عن الحدود السياسية لإيران، حتى لا يقترب العدو من الأراضي الإيرانية.

وليس غريبا أن تأتي وسائل الإعلام التي تتقاضى رواتب من أعداء إيران وتقاتل الشهيد سليماني والشهداء الذين دافعوا عن المرقد ومقاتلي جبهات المقاومة الكبرى والصغرى، فهم يقومون بعملهم. الغريب أن البعض في الداخل لم يدرك بعد عمق الأمر ولا يعرف شيئاً عن المعادلات والسياسات والمؤامرات الدولية التي تحاك لإيران، وهم يتبعون فتن العدو مثل ببغاء.

من الناحية التاريخية، فإن أكبر الضربات الموجهة لإيران تم توجيهها من قبل هؤلاء الأشخاص أنفسهم، وللأسف نرى أن الكثيرين لا يزالون غير مستعدين لقلب صفحات كتب التاريخ ليروا كيف هزم المغول الإيرانيين أو ما حدث أن إيران فقدت ثلثي مساحتها خلال القرنين الماضيين، وغيرها من الأحداث.

لم تفقد إيران شبرًا واحدًا من أرضها بعد الثورة الإسلامية في إيران، ولا أقبل كلام من يقولون إن جيش الشاه ذهب وقاتل، لأن الجيش الإيراني ذهب وقاتل بفكر الإمام الخميني وحمى إيران. ليس جيش الشاه والجميع يعرف ذلك. أن حدود إيران كانت محفوظة بدماء شباب إيران، وبالأفكار التي رسخها الإمام الخميني، وليست بالأسلحة التي اشتراها الملك وأهدرها في المستودعات غير المستعملة.

إيران كانت محمية من قبل الشهيد سليماني وأمثال سليماني، وليس هؤلاء الجنرالات الذين جاؤوا من أميركا، ولم يكونوا حتى مطيعين للشاه، لكنهم كانوا وافدين جدد من أميركا.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ وكالة “سبوتنيك” الروسية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: