الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة4 يناير 2021 04:51
للمشاركة:

صحيفة “شرق” الإصلاحية – بوفاة اثنين من علماء الدين الأصوليين.. هل بدأ عصر السياسيين؟

تطرقت صحيفة "شرق" الإصلاحية، في أحد مقالاتها، لوفاة آية الله محمد تقي مصباح يزدي، حيث أفادت بأن "الجنرالات الأصولية الذين حلوا تدريجياً محل الشيوخ في قيادة التيار الأصولي قد رحبوا عمداً بمثل هذا التغيير في القيادة"، لافتة إلى أنه مع نهاية عهد "الشيخوخة"، قد جاء عهد السياسيين.

لقد قُرع جرس نهاية عصر الشيخوخة في المعسكر الأصولي منذ سنوات عديدة، ولكن وفاة شخصيتين بارزتين يتمتعان بالكاريزما، مثل آية الله محمد يزدي، رئيس رابطة المدرسين، وآية الله مصباح يزدي الأب الروحي لجبهة الاستقرار، من المؤكد أنه وضع حاجزاً أمام الرموز الباقية من علماء الأصوليين للصعود والتواجد في الساحة السياسية الأصولية. وخلال السنوات الأخيرة، تمت الإشارة إلى هذين الشخصين إلى جانب آية الله مهدوي كني رئيس رابطة رجال الدين المناضلين، على أنهم رموز والمثلث الموحّد للأصوليين حتى ولو بشكل رمزي ضمن وقت الانقسامات خاصة في الفترة التي تسبق الانتخابات. ومع وفاة آية الله مهدوي كني في عام 2014، أصبح هذا المثلث المرتعش بضلعين فقط ومع وفاة الاثنين الآخرين تم انتهاء جميع رموز الوحدة تماماً. والجدير بالذكر أنه حتى بعد وفاة آية الله مهدوي كني، قال البعض إن الشخصيتين المتبقيتين مصباح يزدي ومحمد يزدي، لم يكن لهما مكانة الراحل آية الله مهدوي كني، واللذين وثقت بهما جميع التيارات السياسية الأصولية وعملتا كمحور للوحدة.

على سبيل المثال عُرف آية الله مصباح يزدي بالزعيم أو الأب الروحي لجبهة الاستقرار، حتى أن كافة التيارات الأصولية وبسبب بعض وجهات النظر المحددة والمُتطرفة لهذا التيار كان العديد من الأصوليين مترددين في منحه دور مهدوي كني. والآن يجب على الأصوليين إيجاد طريقة جديدة لأنفسهم في فترة ما بعد الشيخوخة، وهم الذين واجهوا صعوبة في التوحد خلال حياة هؤلاء الشيوخ في السنوات الأخيرة.

أما أزمة الشيخوخة في الأصولية لا تتعلق بالضرورة بوفاة مشايخهم. حيث أنهم فقدوا بالفعل بعض شخصياتهم المؤثرة حتى خلال حياتهم. حيث أن ناطق نوري وآية الله هاشمي رفسنجاني من بين هذه الشخصيات. ولو لم يسع الأصوليون للإطاحة بناطق نوري وإبعاده، لكان بالتأكيد أفضل شخصية لقيادة السياسة هذه الأيام. وفي عام 2004، حاول ناطق نوري تعزيز تقاليد الشيوخ من خلال حضوره الشخصي. ولم يكن ذلك محبوباً من رجال الدين وآية الله مهدوي كني. وتشير بعض التقارير إلى أن ما أثار الخلاف بين ناطق نوري والأصوليين يعود إلى ما قبل مناظرة أحمدي نجاد عام 2008. وكان مهدوي كني مستاءً من كون ناطق نوري عضواً في مجتمع رجال الدين ويريد أن يلعب دور الشيخ القائد كرئيس للمجلس التنسيقي لقوى الثورة، حيث أنه ذكر ذلك. ومهما كانت النتيجة، فقد كان ذلك على حساب كليهما. ولم يبقَ ناطق نوري في منصب الشيخ الأصولي، ولم يتم تعزيز المجتمع الديني.

يسعى الطيف الأكثر تقليدية للتيار الأصولي إلى الحفاظ على الشتلات الرقيقة لتقاليد الشيخوخة تحت مظلة مجتمع رجال الدين لحماية بقايا هذه التقاليد في غياب الشخصيات الكاريزمية للجيل الأول من الثورة وذلك في أيام نهاية الشيخوخة. ومع وفاة آية الله مهدوي كني، تضاءل دور وتأثير رجال الدين تماماً. وبالتأكيد مع وفاة آية الله مصباح يزدي سيتضاءل دور مجتمع المدرسين.

في هذه الأيام تحاول مجموعة من الأصوليين تعزيز مجلس الوحدة بالتركيز على رجال الدين ومحوريتهم. وكان حجة الإسلام حسين إبراهيمي، عضو رابطة رجال الدين قد قال في وقت سابق: “إن الوضع يتغير على أي حال. والجيل الثالث يقترب من السلطة، والجيل الأول يقترب من النهاية، والجيل الثاني منقسم لجزء نشط وجزء غير نشط. والآن هو دور الجيل الثالث من الثورة. كما أعتقد أنه بالنسبة للتطورات التي حدثت، فقد بقيت الشيخوخة كما هي. وبالطبع أراد البعض أن يقول إنه لم تعد هناك حاجة للشيخوخة، ولكن مع مرور الوقت أصبحت الأحداث الجديدة تتطلب وجود الكبار في السن. لذلك فإن الشيخوخة الأصولية في مكانها، ولكن لا يمكن القول إن الشيخوخة هي ذاتها في السنوات الأولى للثورة. كلا، نفوذها لم يكن كما كان في ذلك الوقت، ولكن مكانتها لا تزال محفوظة لدى الأصوليين. وإذا كانت منظمات كبار السن تتمتع بالتماسك والتناغم الضروري وتتخذ القرارات في وقتها، فيمكن أن يكون لكبار السن نفس التأثيرات التي كانت في بداية الثورة. في الماضي كان تنظيم مجتمع رجال الدين نشطاً في مناطق طهران ولكن الآن لا نشهد هذا النشاط ضمن هذه المناطق الأمر الذي خلق هذه المشكلة. وطبعاً المحافظات كانت فعالة في الانتخابات البرلمانية وكانت نتائجها جيدة لكننا لم نكن فاعلين في مناطق طهران، وإذا كنا فاعلين نستطيع العمل بمزيد من التأثير. وبالطبع فإن مجتمع المدرسين طوّر نوعاً ما بعض أعماله، ولكن يجب أن يكون مجتمع رجال الدين أكثر حضوراً بين العلماء.”

لكن الجيل الشاب المُجتمِع في ظل مجلس التحالف متردد في الحفاظ على هذا التقليد، ويفضل مجتمعاً لا يرتكز على المحورية الدينية، حيث اختاروا مجلس التحالف. ومع ذلك يبدو ظاهرياً أن كافة الأصوليين يقولون إن على التشكيلات والمؤسسات أن تحل محل شخصيات الكاريزما الدينية، ولكن أي منظمة ومن خلال أي شخصيات؟

وقد قال مهدي تشمران نائب رئيس الجبهة الشعبية لقوى الثورة الإسلامية والعضو الحالي في مجلس التحالف، بشأن الشخص الأصولي المؤهل لقيادة التيار: “لم يتم بحث خصائص قائد الأصوليين ويجب إجراء دراسة متعمقة حول ما إذا كان هذا المنصب يجب أن يكون فردياً أو جماعياً ومؤسساتياً. ونحن لا نعتمد على هذه الأسماء المذكورة في وسائل الإعلام”.

وكان علي رضا خجسته بور، نائب رئيس رابطة المهندسين الإسلامية، قد قال أيضاً إن “عصر الشخصيات الكاريزمية والشيخوخة قد انتهى. وكل اسم في التيار الأصولي مشهور، ولكن طريق هذا الجناح هو باتجاه التحالفات، والأسماء لن تقود الأصوليين”.

في النهاية، يبدو أن الجنرالات الأصولية الذين حلوا تدريجياً محل الشيوخ قد رحبوا عمداً بمثل هذا التغيير. ويعتقد البعض أنه مع نهاية عهد كبار السن أو الشيخوخة فقد حل عهد السياسيين وأمثال حداد عادل وسعيد جليلي ومحمد باقر قاليباف وباهنر ورضائي وبدمتشيان وفي المراتب الأدنى ضرغامي وفتاح وتوكلي وزاكاني و…الخ.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “شرق” الإصلاحية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: