الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة3 يناير 2021 06:07
للمشاركة:

صحيفة “شرق” الإصلاحية – سياسي إصلاحي: الأصوليون لقبوا أنفسهم بالثوار وقاموا باتهام الجميع

ناقش المتحدث باسم حزب كوادر البناء الإصلاحي حسين مرعشي، في مقابلة مع صحيفة "شرق" الإصلاحية، موضوع الانقسام السياسي الموجود بين الإصلاحيين والأصوليين في إيران. حيث لفت مرعشي إلى أن استمرار الأحزاب الأصولية باتهام الإصلاحيين بالتبعية للولايات المتحدة، قد يؤدي بالإصلاحيين لاتهامهم بالانتماء إلى الرجعيين في المنطقة.

  • تعرض القرار البرلماني الأخير الذي يعدل مواد من قانون الانتخابات لانتقادات شديدة لدرجة أن البعض رأى في إقراره انتهاكًا للجمهورية. ما رأيك بهذا؟ وما هو هدف مجلس النواب بالموافقة على هذا القرار؟

لا أجد أن التعبير القائل بأن النظام الجمهوري تعرض للخطر بسبب المرسوم الأخير صحيح للغاية، لأن إصلاح قانون الانتخابات لا يستهدف الإصلاحيين فقط  بل يقيد بعض الأصوليين. وإن جذور جمهورية النظام أقوى من أن يتم تدميرها بقرار. الجمهورية توأم لثورة شعبية حقيقية لن يتم تدميرها. لا شك في أنها قد تتأثر إلى حد ما بآفة الاحتكار البرلماني لكن عندما تم تقليص الانتخابات البرلمانية بسبب قيود الهيئات الرقابية وبالطبع بسبب إرهاق الشعب والخطأ الاستراتيجي للسياسيين وتولى عدد معين من الناس رئاسة مجلس النواب بأكمله فيمكن للمرء أن يتوقع خروج مثل هذه الموافقات من مثل هذا البرلمان.

سئم الناس من التقدم البطيء للإصلاحات في البلاد  فعندما لا تسمح الهيئات الرقابية لجميع القوى السياسية بالمشاركة في الانتخابات وتتبع النخب السياسية الجو العام السلبي في البلاد بدلاً من التأثير على الناس، أدى كل ذلك إلى نمو الراديكالية. لكن على كل حال فإن البرلمان موجود الآن ومهمته التشريع في البلاد. لكن لا ينبغي التغاضي عن أن أعضاء البرلمان جاؤوا لخدمة أصدقائهم الأصوليين والأشخاص ذوي التفكير المماثل. هم يريدون أن يكرروا ما حدث في الانتخابات النيابية الأخيرة في الانتخابات الرئاسية المقبلة، لكن من المؤكد أنه ليس من السهل القيام بذلك أي أنه من المستحيل أن نتسامح مع فصيل صغير يمثل جزءًا صغيرًا جدًا من الشعب.

في تاريخ الثورة رأينا مرات عديدة أن بعض الناس أرادوا توجيه الانتخابات لكن في النهاية تحدث الناس في الانتخابات. الشعب هو الوصي على المسؤولين والمالك الرئيسي لهذا البلد ولكن هناك أيضًا انتقاد نوجهها للشعب، يجب على الناس أن يتعلموا الآن درسًا عظيمًا من انتخابات آذار/ مارس الماضي، فعندما يصابون بخيبة أمل من الانتخابات يسود التطرف والانحياز. يقال إننا شاركنا في الانتخابات فماذا كانت النتيجة وأقول إننا لم تشارك في الانتخابات الآن وماذا كانت النتيجة؟ هل نتج عنها شيء غير انتشار الراديكالية؟

  • ماذا يمكن فعله في مثل هذا الصراع؟

يجب أن يستمر الأمل في الإصلاحات، ولا مجال للملل في الساحة السياسية والانسحاب من السياسة لن يحل أي مشكلة ومن الخطأ تماماً الاعتقاد بأن المشاكل ستحل إذا تم دمج المؤسسات الحكومية. أود أن أوضح أن تقدم المجتمع الإيراني أمامه ثلاثة مسارات.

الأول هو المسار الذي سلكته بعض ما يسمى بالقوى الثورية التي تعتقد أنها يمكنها أن تتقدم بالبلد بنفس الطريقة كما في الماضي. حتى الآن فقد وضعوا عنوانًا لأنفسهم بدلاً من الأصولية ويقولون إنهم قوى ثورية ولا تعرف بأي معيار يقيسون أنها ثورية. إذا اعتبر مؤشر الثورة الإسلامية هو ثورة عام 1979، فلم يكن هناك أي مدرسة فكرية ولا حزب أو جماعة غائبة في الثورة الإسلامية وأن الإمام الخميني الذي قاد الحركة بكفاءة أعطى الفرصة للجميع وتواجدت على الساحة كل المجموعات من مجموعات اليسار الماركسي التي كانت تنشط في القوات المسلحة إلى الإسلاميين وسلطات قم وحتى السياسيين المحافظين. لقد صنع الأصدقاء الأصوليون اسماً لأنفسهم كثوريين ووصموا الآخرين تحت عناوين مختلفة وبذلوا كل ما في وسعهم لاحتكار السلطة. ما مدى ثورية هذا؟ على النواب أن يقولوا إن سلوكهم يتفق مع خصائص الثورة الإسلامية؟ عن أي ثورة يتحدثون؟ هل يقصدون الثورة الإسلامية في إيران أم يتبعون ثورة الدول الأخرى؟

المسار الثاني هو افتراض أن الجمهورية الإسلامية غير قابلة للإصلاح وأن مظلتها لم تعد عالمية ولا يمكن أن تشمل جميع القوى السياسية. إذا ساد هذا التفكير يجب أن ننتظر الأزمات الكبيرة. 

لكن المسار الثالث الذي نشدد عليه بقوة هو الإصلاح. بالتأكيد الإصلاحات في إيران تواجه العديد من العقبات وأي نوع من حركة الإصلاح سوف يعارض من فصيلين أحدهما من المخربين والثاني من الراديكاليين الداخليين.

 ومع ذلك هناك تيارات في البلاد لا تتسامح مع الديمقراطية، وعلينا أن نزيد بصبر قوة الفهم العام لإعطاء الجميع في نهاية المطاف فرصة للمشاركة السياسية. الإصلاحيون يريدون اتخاذ خطوات صادقة لخدمة الشعب وتقوية الجمهورية الإسلامية ولا ينبغي أن نتعب من ذلك. ويمكننا حل المشاكل خطوة بخطوة إذا لم ييأس المجتمع من السياسة والنخب السياسية.

  • يقول البعض أن القرار البرلماني الأخير يخص مرشحًا معينًا. هل نرى حقًا تشريعات فردية وليست قانونية في الوقت الحالي؟ وإذا كان الأمر كذلك، فما هي مخاطر مثل هذا التشريع في المستقبل؟

آمل أن يكون هذا التصور خاطئاً وأن لا يتحرك البرلمان في هذا الاتجاه. ولكن إذا حدث ذلك فيجب على البرلمانيين أن يتعلموا من الانتخابات الرئاسية السابقة أن الشعب هو صانع القرار النهائي. يتشكل نجاح الرئيس عندما يرافقه طبقات مختلفة من الناس. لا يستطيع الرئيس وحده أن يلعب دورًا ولا يمكنه أن يقرر نيابة عن الأمة الغائبة في الساحة. إذا تغير المناخ السياسي عن طريق سن قوانين تسمح بمرشحين معينين في الانتخابات ستزداد الانقسامات على المستوى الوطني والسياسي وهذا بالتأكيد لن يكون في مصلحة أحد.

  • صرح مجلس صيانة الدستور مؤخرًا أن الأفراد الذين شاركوا بأي شكل من الأشكال في انتخابات 2009 لن يكونوا مؤهلين للحصول على الرئاسة. ما هو الغرض من إثارة مثل هذه القضايا؟

أعود إلى الثورة الإسلامية وأقول إنها لم تكن ضيقة الأفق. ستكون البلاد في ورطة طالما لا يوجد أصحاب نفوذ في الساحة السياسية ولا يمكنهم الترشح للرئاسة. الأمر لا يتعلق برئاسة الجمهورية فقط بل يجب توظيف القوى المتخصصة في مختلف المسؤوليات والدولة بحاجة إلى متخصصين ولا مبرر لحرمان البلاد من الموارد البشرية بسبب الخلافات السياسية.

  • سيد مرعشي تحدثت في الجزء الأول من حديثك عن خيبة أمل الناس من الانتخابات. نحن نعلم أن حزب كوادر البناء حاول دائمًا التأكيد على الانتخابات من أجل الحفاظ على الحياة السياسية وإبعاد البلاد عن التطرف، كما أنه لم ينتقد الحكومة الحالية ودعا إلى الإصلاح بدلاً من مواجهة الحكومة، ولهذا السبب لطالما تم تقديم هذا الحزب على أنه من أهم الأحزاب في الحكومة. هل توافق الآن بعد قرابة ثماني سنوات أن جزءاً من الإحباط الذي ذكرته يتعلق بأداء الحكومة؟

علينا أن نعترف بأن الحكومة كانت في وضع صعب وإذا عدنا إلى ذاكرتنا التاريخية فلم تواجه أي حكومة مثل هذا المستوى من العقوبات. من ناحية أخرى حاول منتقدو الحكومة تدمير الحكومة في عيون الناس بأي وسيلة ممكنة. حاولت الحكومة تحسين الوضع ولكن لسبب ما فشلت في التصرف بشكل فعال. بالطبع لا أنكر أنه كان بإمكانه القيام بعمل أفضل في المجال المحلي ولدينا أيضًا بعض الانتقادات لكن بشكل عام لم يكن أداؤها سيئًا. ما أعتبره ضعفاً للحكومة هو علاقاتها العامة. لم تتمكن الحكومة من إقامة علاقات عميقة مع مختلف شرائح المجتمع وشرح تصرفاتها للشعب والتحدث عن المعوقات والقيود، كما أنها لم تنجح في الدفاع عن نفسها ضد الاتهامات. بالتأكيد إذا كانت الحكومة قد أقامت علاقات جيدة مع الشعب لكان من الممكن أن توضح أن معظم المشاكل لها جذورها في الخارج.

في النهاية، وبعد نفس الاتهامات التي ذكرتها اتهمت القوى الأصولية الراديكالية مؤخرًا الإصلاحيين مرارًا وتكرارًا بعلاقاتهم مع الولايات المتحدة واعتمدت على سياسة المشاركة الدولية كقوة غربية. يمكنهم التحدث بقدر ما يريدون المهم هو هل ما يقولونه مهم للناس؟ لا حرج في تقديم ادعاء كاذب إذا كان اتهامًا، فيمكننا القول أيضًا إنهم ينتمون إلى رجعيي المنطقة.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “شرق” الإصلاحية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: