الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة2 يناير 2021 07:29
للمشاركة:

صحيفة “ايران” الحكومية – كيف أصبح سليماني قائد القلوب؟

تناول مدير مكتب رئيس الجمهورية محمود واعظي، في مقال له في صحيفة "ايران" الحكومية، خصائص القائد السابق لقوة القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني، مؤكدًا أن سليماني لم يدخل قط في الفصائل التقليدية، واقتصر عمله على المصالح الوطنية.

مع مرور الأيام، ما يبني الرأي العام حول شخصية معينة ليس مجرد سجلها الشخصي، بل طريقة الحياة والممارسة وسماتهم الشخصية. الجنرال قاسم سليماني أصبح اليوم في نظر الشعب الإيراني شخصية وطنية في فئة الأبطال الأسطوريين، حيث كرس نفسه للشعب والنظام وكان معتدلاً لأنه لم يُحسب على الفصائل السياسية قط. وفي الوقت نفسه فهو ليس فردًا من الشعب الإيراني فحسب بل إنه أيضًا شخصية ذات شعبية كبيرة بين المسلمين ودول المنطقة. وفي ذكرى اغتياله فرصة جيدة لإعادة النظر في بعض الخصائص التي دفعته إلى هذا المنصب الفريد. لقد كان الحاج قاسم رجل الساحات، فالنجاح في ساحة المعركة يعتمد على ألف سمة لكن هناك صفة واحدة أهم من كل الصفات الأخرى وهي الشجاعة. كان الشهيد سليماني يملك هذه الصفة إلى أعلى درجة، واليوم لا يوجد من يشك في ذلك حتى بين أعدائه فهذه الشجاعة التي تنبع من إيمانه وثقته وصدقه كانت في الواقع الفرق الرئيسي بين أسلوبه القيادي وأسلوب الآخرين. فقد بادل حياته مع الله ولم تكن لديه مخاوف فإن تواجده المتكرر في أخطر ساحات القتال وخطوط الصراع الأمامية هو ذكرى متكررة يشير إليها رفاقه. كان هذا الوجود المستمر مصدر إلهام للمطلعين ومخيفًا للعدو.

قضى الجنرال سليماني حياته المباركة في ميادين النضال في سبيل الله وهذه الخبرة أعطته معرفة ومهارات كبيرة. ما فعله في سوريا والعراق لم يكن قابلاً للتحقيق بالحسابات المعتادة وفقط قلة من الناس من يتمكنون من فهم هذا. فما كان يحدث في المنطقة لم يكن مجرد ظهور مجموعات إرهابية صغيرة في مناطق محدودة من بعض البلدان، فقد كان الإرهاب التكفيري نتيجة تحالف لبعض الحكومات الرجعية في المنطقة وبعض الجهات الفاعلة الشريرة الإقليمية وكان الدعم المقدم لهذه المجموعات من حيث المرافق واللوجستيات والقوى العاملة يفوق الخيال.

معركة الحاج قاسم مع هؤلاء الإرهابيين كانت معركة غير متكافئة بالمعنى الحرفي للكلمة. لكنه كان رجلاً في ساحات قتال كبيرة ومعارك صعبة وكان الانتصار على داعش حلمًا بعيد المنال لشعب سوريا والعراق. لكن الحاج  قاسم كان يؤمن دائمًا بالنصر حتى في أصعب اللحظات فكان هذا الإيمان هو الذي حقق الحلم المستحيل وهزم الإرهاب التكفيري.

فضائل الحاج قاسم طبعاً لم تكن في ساحة المعركة فقط. فقد كان الرجل الذي هز اسمه جسد الإرهابيين وكان دائما متواضعا ولطيفا جدا في وجه الناس واتساع آرائه في التعامل مع شرائح مختلفة من الناس باختلاف اللباس والدين والعرق. لم يسبق له مثيل وكان يتمتع بشخصية مشهورة حقًا ويتصرف بعقلانية في كل الأمور وكره رسم الحدود بين الناس.

في السياسة لم يدخل قط في الفصائل التقليدية، واقتصر عمله على المصالح الوطنية. هذا الموضوع لم يكن مقبولاً في ذلك الوقت بالنسبة لبعض الذين أصبحوا من أنصار سليماني بعد استشهاده وذكروا ذلك أيضًا. لكن الحاج قاسم لم يتحرك لمتعة هذا أو ذاك وما كان يهمه هو رضا الله والقائد الأعلى ونظام الجمهورية الإسلامية وبلده إيران. كان الجهد المبذول لخلق الوحدة والتعاطف في البلاد هو الهدف الأعلى للحاج قاسم وكان لاستشهاده أثر هام في تحقيق ذلك. إن التماسك الذي أحدثه استشهاده بين شعب إيران وحتى بين دول المنطقة حطم حسابات ومخططات الأعداء الشريرة. وحتى اللحظة فإن صور تشييعه المليوني أولاً في مدن العراق ثم في بلدنا لم تُمحَ بعد من  ذاكرة الشعب. وهذه التجمعات التي أقيمت بأكبر قدر من الحضور من جميع الطبقات والجماعات كانت في الواقع الصورة المثالية لوحدة الناس وتعاطفهم الذي أراد الحاج قاسم خلقه خلال حياته. قد سعى دائمًا إلى الوحدة في البلاد والآن من واجبنا جميعًا أن نواصل مسيرته ونغلق الطريق أمام أي انقسام في البلاد وأن نحقق حلم الحاج قاسم.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “ايران” الحكومية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: