الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة2 يناير 2021 07:04
للمشاركة:

صحيفة “ذي إندبندنت” البريطانية – بعد عام على اغتيال قاسم سليماني.. إيران وأميركا على حافة الصراع

ناقشت صحيفة "ذي إندبندنت" البريطانية، في مقال لـ "برزو درغهي"، التوتر الحاصل بين أميركا وإيران مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لاغتيال قائد قوة القدس السابق قاسم سليماني. حيث أجرت الصحيفة عدداً من المقابلات مع مختصين في الشأن الدولي، اعتبروا فيها أن الوضع في المنطقة خطير مع تصاعد نبرة التهديدات بين الطرفين.

في شوارع طهران، تم رفع لوحات إعلانية عملاقة إحياءً للذكرى السنوية الأولى لاغتيال أميركا لقائد قوة القدس السابق في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، وهي القوات المسؤولة عن العمليات الإيرانية خارج الحدود.

خلال حفل أقيم بمناسبة هذه ذكرى اغتيال سليماني، أعلن خلفه اسماعيل قاآني أن “أميركا بارتكابها هذه الجريمة، خلقت واجباً جديداً للباحثين عن الحرية في جميع أنحاء العالم. قد يكون هناك بعض الأشخاص يعاقبوا المجرمين من داخل منازلهم”.

في واشنطن، هناك قلق كبير من هجوم انتقامي إيراني، من المحتمل أن يتم تنفيذه في العراق، مع وجود محاولات كبيرة على ما يبدو من قبل بعض المسؤولين لوقف التصعيد. واقتربت السفن الحربية والقاذفات الأميركية من إيران في ما وصفه المسؤولون الأميركيون بأنه استعراض للقوة ضد طهران.

صعدت الولايات المتحدة وإيران من المواجهة المستمرة منذ عقود إلى درجة غير اعتيادية في التاريخ الحديث، قبل 20 يومًا فقط من مغادرة إدارة دونالد ترامب البيت الأبيض، مما أثار مخاوف من نزاع مسلح محتمل.

عشية عيد الميلاد، وبعد أيام من إطلاق وابل من الصواريخ يُفترض أن ميليشيات عراقية موالية لإيران أطلقتها بالقرب من السفارة الأميركية في بغداد، كتب ترامب على تويتر “بعض النصائح الودية لإيران، إذا قتل أميركي واحد سأحمّل إيران المسؤولية”.

في ظل هذه التكهنات عن احتمال التصعيد، قطع ترامب زيارته السنوية ليلة رأس السنة الجديدة إلى منتجعه في فلوريدا وهرع إلى واشنطن، تلاه نائب الرئيس مايك بنس، الذي ألغى رحلة كان مخططا لها إلى إسرائيل.

في الأشهر الأخيرة من عام 2020، أرسلت الولايات المتحدة 2000 جندي إضافي وسرب إضافي من الطائرات المقاتلة إلى المملكة العربية السعودية، ونفذت ثلاث مهام للقاذفة بعيدة المدى من طراز B-52 بالقرب من إيران. تكهن بعض المسؤولين السابقين والحاليين بأن إدارة ترامب منعت تقديم تقارير البنتاغون للإدارة القادمة للرئيس المنتخب جو بايدن لإخفاء خطط عملية كبرى في إيران.

أوضحت أخصائية شؤون الشرق الأوسط في مركز ويلسون، وهو مركز أبحاث في واشنطن، داليا داسا كاي، أن “هذه التطورات مقلقة، الجانب الإيراني ليس غافلاً عن الأحاديث في الولايات المتحدة، وإدارة ترامب قد ترغب في الاستفادة من أيامه الأخيرة خصوصاً وأنها ترى أن الملف الإيراني هو عمل لم يتم انجازه خلال ولاية ترامب”.

اتهم وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، إدارة ترامب بمحاولة اختلاق مبرر للصراع المسلح. وكتب على تويتر: “المعلومات من العراق تشير إلى مؤامرة لابتكار ذريعة للحرب. إيران لا تسعى للحرب لكنها ستدافع بشكل مباشر عن شعبها وأمنها ومصالحها الحيوية”.

صور ترامب نفسه على أنه “مناهض للحرب” ويريد تجنب المواجهات العسكرية المباشرة مع إيران. لكنه تخلى أيضًا عن الاتفاق النووي الذي أبرم مع إيران من قبل سلفه باراك أوباما وأطلق جهدًا لخنق البلاد اقتصاديًا. في الأسابيع الأخيرة، ورد أنه بحث عن خطط لضرب المواقع التي تستخدمها إيران لتخصيب اليورانيوم.

قال مسؤولون إيرانيون كبار إنهم لا يريدون نزاعًا مسلحًا وأشاروا إلى أنهم منفتحون على إعادة العلاقات مع واشنطن والعودة إلى الاتفاق النووي بمجرد تولي بايدن منصبه في 20 كانون الثاني/ يناير. لكن هجمات المليشيات المتحالفة معها في العراق على القواعد الأميركية مستمرة. كان وابل الصواريخ في 20 كانون الأول/ ديسمبر في بغداد هو الأكبر منذ زمن.

كبار المسؤولين الإيرانيين يستنشقون النار والكبريت بشأن الولايات المتحدة. قال رئيس السلطة القضائية إبراهيم رئيسي أن “الأشخاص الذين تورطوا في هذه الجريمة والاغتيال لن يعودوا آمنين على الأرض”، متعهدا بأن إيران وشركائها “مصممون على الانتقام بشدة” للاغتيال. وقال “كلمة للعدو: لا تعتقدوا أن أي شخص يظهر كقاتل أو عقل مدبر لجريمة القتل هو في مأمن من العدالة”.

بدأت الجولة الأخيرة من الضربات بين إيران والولايات المتحدة في 20 كانون الأول/ ديسمبر عند ضرب السفارة الأميركية في بغداد، لكن الخبراء يشيرون إلى أن البلدين كانا في مسار تصادمي منذ أواخر عام 2019، عندما ضرب وابل من الصواريخ قاعدة تضم عسكريين أميركيين في العراق وقتل أميركيًا واحدًا. أدى مقتل سليماني في غارة أميركية بطائرة مسيرة بالقرب من مطار بغداد الدولي بعد أسبوع إلى هجوم صاروخي شرس شنته إيران على قاعدة عين الأسد التي تديرها الولايات المتحدة في غرب العراق، وأصيب العشرات من العسكريين.

تبع ذلك سلسلة من الهجمات التخريبية على منشآت الطاقة النووية والصاروخية الإيرانية على أيدي الولايات المتحدة وإسرائيل، وهجمات إلكترونية على الولايات المتحدة وإسرائيل من قبل إيران، بالإضافة إلى ما وصفه الخبراء بأنه محاولات من قبل الإيرانيين لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي لتفاقم التوترات السياسية في أميركا.

قبل شهر، اغتال عملاء يُرجح أنهم مرتبطون بإسرائيل محسن فخري زاده، وهو عالم يوصف بأنه أب البرنامج النووي الإيراني.

يزيد وجود الميليشيات المدعومة من إيران في العراق إضافة للوجود العسكري الأميركي هناك من المخاطر. قضت غارة الطائرة بدون طيار التي قتلت سليماني على أبو مهدي المهندس، زعيم الميليشيات الشيعية في العراق. واتباعه حريصون على الانتقام ومناورة حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الذي يسعى للحد من نفوذ الميليشيات ووجودها.

رأى الباحث في معهد الدراسات الأفريقية والشرق اوسطية في جوهانسبرج علي فتح الله نجاد أن “هناك منافستان جاريتان: أحدهما بين حكومة بغداد برئاسة الكاظمي والآخر يضع إيران والولايات المتحدة في ساحة معركة عراقية بحكم الأمر الواقع على السلطة والنفوذ هناك”.

قد يحث كبار مسؤولي الحرس الثوري في طهران الميليشيات المتحالفة في العراق أو لبنان على تجنب التصعيد مع أميركا أو إسرائيل. يبقى من غير الواضح ما إذا كانوا سيطيعون. يقول الخبراء إن خليفة سليماني قد لا يكون لديه النفوذ أو المكانة لإبقاء القادة الشباب الجامحين في صفه.

رأى المتخصص في شؤون إيران بجامعة تل أبيب ومعهد دراسات الأمن القومي راز زيمت أن “قاآني حاول إقناع الميليشيات العراقية وحزب الله بعدم فعل أي شيء قبل مغادرة ترامب، لكنني لست مقتنعًا بأنهما تحت سيطرة إيران بالكامل. ربما يكون الحرس الثوري قد فقد جزءًا من سيطرته على بعض ميليشياته”.

يصف الخبراء العسكريون والأمنيون المأزق الحالي بين إيران والولايات المتحدة بأنه من بين أخطر المعضلات، حيث لا يعرف أي من الطرفين ما الذي سيفعله الآخر ويراقب الطرفان باهتمام علامات التصعيد. العراق، العالق في المنتصف بين رعاة متخاصمين، يراقب أيضًا بتوتر.

تستخلص داليا داسا كاي بالقول “كل جانب يستعد لردع الآخر. كل حركة دفاعية من أي طرف سيقرأ على أنه هجومي من قبل الطرف الآخر. بالنظر إلى هذا العام الحافل بالذهاب والإياب، لن أقول إن التصعيد أمر لا مفر منه، لكن الوضع خطير”.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “ذي إندبندنت” البريطانية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: