الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة29 ديسمبر 2020 07:37
للمشاركة:

صحيفة “جهان صنعت” الاقتصادية – سلوك إردوغان يقلص نفوذ إيران في المنطقة

تناولت صحيفة "جهان صنعت" الاقتصادية، في مقال لـ"ارزو فرشيد"، موضوع النهج التركي في المنطقة وتأثير ذلك على إيران والعلاقة الثنائية بين البلدين. حيث اعتبر الكاتب أنه "لا داعي للمجاملات والمواجهات فمن المفترض أن تكون إيران الدولة والقوة الأولى في المنطقة"، منوهًا إلى أراء الخبراء في مجال السياسة الدولية الذين يقترحون على إيران مراجعة الاستراتيجيات السابقة تجاه المنطقة.

لا داعي للمجاملات والمواجهات فمن المفترض أن نكون الدولة والقوة الأولى في المنطقة ولا يهم إذا كانت علاقاتنا مع خصم مثل السعودية متوترة أو شبه صديقة مثل تركيا فالنتيجة مهمة. وإذا حاولت الدولة الصديقة والشقيقة تركيا بقيادة إردوغان الإطاحة بنا في مختلف المجالات الاقتصادية وحتى السياسية والعسكرية أو في بعض الأحيان التسبب في بعض المشاكل فيجب توضيح العلاقة معها. يعتقد البعض أن جهود إردوغان لإحياء الإمبراطورية العثمانية منفصلة عن جهود تركيا لذا فإن الحفاظ على علاقات جيدة وودية مع هذا الجار يمثل أولوية. ومع ذلك  يرى آخرون أن تصرفات إردوغان لا تتعارض مع مصالح إيران ويعتقدون أنه لتحقيق المكانة المتوقعة في المنطقة يجب على المرء محاولة استخدام التسهيلات المحلية والدولية.

أما النظرة الثانية فهي أن هناك مؤشرات على أن تركيا تحاول أن تصبح القوة بلا منازع في المنطقة ويمكننا مشاهدة ذلك من خلال التدخل التركي في سوريا ونهجها في قبرص واليونان وليبيا وليس هناك داعي لذكر قضية أذربيجان الحديثة. وهذا ما حول التفاعل مع هذا البلد المجاور إلى لغز فإيران التي حسب رؤيتها يفترض أن تكون صاحبة الكلمة الأولى والأخيرة في المنطقة فماذا يجب أن تفعل مع تركيا الطموحة اليوم؟ هل التعاون القائم في مختلف المجالات سيفيد أم يضر إيران؟ القضية الأهم والأكثر إثارة للتفكير هي قرب أنقرة وتل أبيب. ما هي عواقب هذا التقارب وكيف يجب على إيران إدارته؟

في هذا السياق، اعتبر المحلل السياسي بهرام أمير أحمديان أنه “لا يمكن اعتبار موقف تركيا أنه طموح في منافسة إيران على المنطقة”، مشيراً إلى أن “البيئة الدولية منفتحة للغاية بحيث لا يضيق مكان أي أحد. إنها مسألة أداء كل بلد وما مدى اندماجها في هيكل النظام الدولي ومدى مساهمتها في التجارة الدولية.”

وأضاف أمير أحمديان أن “هناك مسألة أخرى مهمة تتمثل في وجود بنية تحتية تمكنه من لعب دور في المنطقة. من الطبيعي أن تكون تركيا قادرة على لعب دور في الساحة الدولية أكثر من إيران بسبب ظروفها البيئية كقوة نفوذها وعضويتها في المنظمات الدولية وبيئة اقتصادية وسياسية مفتوحة”.

ورداً على ما إذا كانت منافسة تركيا مع إيران في مختلف المجالات الاقتصادية وحتى العسكرية والسياسية تؤثر على التفاعل بين البلدين؟ قال: “دعونا لا نسميها منافسا. البيئة الدولية هي البيئة المختارة. وأي بلد يقدم نفسه بشكل أفضل وأكثر سلاسة وشفافية ويقدم بضائعه وخدماته سوف يستقبل المزيد من الزوار. ليس الأمر أن تركيا قد ضيقت علينا نحن أيضا نستطيع التضييق عليها لماذا لا نفعل ذلك؟ لأننا لا نستطيع اللعب وليس لدينا الأدوات فنتحدث دائمًا عن المنافسة.”

ورداً على سؤال حول قرب تركيا من لاعبين مثل إسرائيل وإمكانية ذلك على التأثير في وضع المنطقة، اعتبر أن “البلدين ليس لديها أصدقاء وأعداء دائمون. ذات مرة شعرت تركيا أنها إذا كانت معادية لإسرائيل فيمكنها تحسين وضعها وأحيانًا تشعر أنه من الأفضل أن تتجنب العداوة وتصبح صديقة وفعلت ذلك وهذا طبيعي تمامًا. إن قرب تركيا من إسرائيل ليس مصدر إحراج لنا إنه بيئة دولية”.

ولفت إلى أن “أي دولة تريد إحراز تقدم يجب أن تقول أنا أقبل النظام الدولي وأنتقد بعض الأشياء لا أن نضع الجميع جانباً مثل أحمدي نجاد ونقول إن قرار مجلس الأمن هو قطعة من الورق فالبيئة الدولية لها قواعدها الخاصة. في هذه البيئة عليك أن تلعب وفقًا للقواعد لا يمكن احتكارها ولهذا السبب تشكل البلدان تحالفات لزيادة قوتها وهذا هو سبب عمل الدول مع المنظمات الإقليمية واتخاذ قرارات متكاملة “.

من جهته أخرى، رأى المحلل في الشؤون الدولي علي بيغديلي أن “تحول إردوغان بدأ منذ فشله في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي واتبع استراتيجية التوجه إلى الشرق. استمر الخط العثماني حتى انتخاب مرسي العضو البارز في جماعة الإخوان المسلمين. بعد ذلك اندلعت خلافات بين تركيا والسعودية والإمارات ومصر وانحاز إردوغان إلى جانب قطر كما وجدت قطر خلافات مع السعودية. كما فشل إردوغان في القضية الليبية وواجه إخفاقات في سوريا وسعى وراء النفط قبالة سواحل اليونان وكان له نزاع مع الفرنسيين. كل هذا يدل على أنه يتطلع بشكل عام إلى أن يصبح بطلاً”.

وأكد بيغديلي أن “تركيا تعيد إحياء علاقاتها مع إسرائيل وإنها تبتعد عن روسيا وتقترب من الولايات المتحدة. بشكل عام  يلعب دور ممثل إقليمي نشط ويقلل من وجودنا وربما يكون أحد المطالبين السريين بمفاوضات الاتفاق النووي أي مثلث يسمى تركيا والمملكة العربية السعودية ومصر يتشكل. كل هذا يحد من بيئتنا الأمنية.”

وتابع بيغديلي “يضر بنا أن تذهب تركيا إلى مشيخات العرب وتقبلهم وتحل خلافاتها مع مصر والسعودية”، مضيفاً “كانت تركيا في يوم من الأيام بحاجة إلى طاقتنا لكنها الآن تتزود بها عبر روسيا والعراق. قلصت تركيا من اعتمادها على إيران ومن ناحية أخرى لأنه عشية الانتخابات الرئاسية أصبح إردوغان بطلاً قومياً  وازدادت شعبيته في تركيا بشكل كبير. لذلك إذا تحققت عقلية إردوغان في المنطقة فستكون دوائرنا الأمنية محدودة للغاية وسنتعرض لمزيد من الضغط “.

وعن الحلول، اعتبر بيغديلي أنه “لا يوجد شيء يمكننا القيام به. ليس لدينا الأدوات اللازمة لخلق مساحات أمنية مشددة لمنافسينا تدريجياً سنفقد نفوذنا في سوريا  وسيقترب هذا البلد من العالم العربي. لدينا نفس الوضع في العراق كل ما يمكننا القيام به هو الاعتراف بأن استراتيجياتنا السابقة لم تكن ناجحة للغاية، ويجب إظهار مرونة عميقة وواسعة للعودة إلى كل من المنطقة والعالم. قوتنا تتضاءل يوما بعد يوم وبهذه الحملة غزا الأميركيون المنطقة بكل هذه الأدوات الحديثة والطريقة الوحيدة هي إعادة النظر في سلوكنا وقراراتنا”.

باختصار، نهج تركيا الحالي لا يعمل بشكل جيد بالنسبة لنا سواء كنا مثل أمير أحمديان نعتبر تصرفات تركيا لمصالحها الخاصة وطبيعية تمامًا أو ما إذا كنا مثل بيغدلي نرى آثارًا لتنافسها مع إيران. نتيجة هذه الممارسة ليست سوى تقليص نفوذ مناطق إيران ويجب أن نفكر في ذلك. يقترح الخبراء في مجال السياسة الدولية مراجعة الاستراتيجيات السابقة ومحاولة إدارة المرافق بشكل أفضل لكن الأمر متروك بالتأكيد للسلطات لاتخاذ القرار المسؤولون الذين يراقبون هذا الوضع ويقومون بالتحليل وبالتأكيد يتحملون المسؤولية والعواقب المترتبة على قراراتهم واستراتيجياتهم خاصة في هذه الظروف.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “جهان صنعت” الاقتصادية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: