الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة28 ديسمبر 2020 09:32
للمشاركة:

وكالة “سبوتنيك” الروسية – الوجود العسكري الأميركي في الخليج يعرض التجارة الدولية للخطر

تناولت وكالة "سبوتنيك" الروسية، في مقال للدكتور عماد آبشناس، تاريخ الوجود الأميركي في منطقة غرب آسيا. حيث لفت آبشناس إلى أن "الوجود الأميركي في المنطقة كان سبباً أساسياً في خلق الصراعات والنزاعات في مجال التجارة الدولية"، مشيراً إلى أن الوجود الأميركي اليوم في منطقة الخليج سيكون لها آثاراً كبيرة خصوصاً لجهة عمل بعض الجهات الأخرى على التواجد في المنطقة لمواجهة النفوذ الأميركي.

قد يتذكر بعض القدماء كيف كانت الظروف المعيشية في غرب آسيا والخليج قبل أن تطأ أقدام الأميركيين. ربما كان لدى سكان هذه المنطقة اختلافات تاريخية مع بعضهم البعض لكنهم تعلموا التوافق ولم تواجه التجارة في هذه المنطقة أي مشاكل. لكن منذ أن وطأت أقدام الأميركيين المنطقة سياسياً وعسكرياً بدأت تعيش المنطقة أسوأ تجاربها.

تعود خريطة الوجود الأميركي في منطقة غرب آسيا إلى ما يقرب الـ100 سنة، وليس في العصر الحديث كما يدعي البعض بعد احتلال أفغانستان من قبل الاتحاد السوفيتي السابق أو الثورة الإسلامية في إيران. في البداية كان الأميركيون جشعين لثروة هذه المنطقة وخاصة نفطها الذي كان في حوزة الأوروبيين في ذلك الوقت. لكنهم أدركوا بعد الحرب العالمية الثانية أنهم لكي يكونوا قوة عظمى فهم بحاجة إلى مصدر طاقة في أوروبا وآسيا والسيطرة على الاقتصاد العالمي.

قد يتساءل البعض عن قيمة نفط المنطقة أو ثرواتها، لكي يكون الأميركيين على استعداد لإنفاق 8500 مليار دولار، وفقاً للرئيس الأميركية دونالد ترامب، للسيطرة عليه. إذا قمنا ببيع كل نفط هذه البلدان فمن الممكن ألا يساوي هذا المبلغ. نعم هذا صحيح إذا قمنا ببيع النفط الخام كما يباع اليوم ويباع برميل النفط بمتوسط 50 دولارًا فهذا صحيح تمامًا لكن عندما تحسب القيمة المضافة لهذا النفط سنجد أن القصة تختلف.

شاهدت إعلانًا قبل أيام أراد أن يظهر أثر القيمة المضافة للسلعة بناءً على تأثير التكنولوجيا عليها. وتحدث الإعلان عن الحديد، إذ يبلغ سعر الكيلوغرام منه خمسة دولارات لكن إذا استخدمنا نفس الكيلوغرام لصنع إبرة خياطة فيمكن أن نربح 5000 دولار. وإذا أعطيت الكيلو لصانع ساعات فإنها تكسب حوالي 250 ألف دولار. كذلك الموارد التي وهبها الله في هذه المنطقة.

ليس سراً أنه في الحرب العالمية الثانية كان السبب الرئيسي وراء كسر الزعيم النازي أدولف هتلر يعود لاتفاقية عدم الاعتداء مع الاتحاد السوفيتي التي نقضها بهدف الوصول إلى موارد الطاقة في الاتحاد السوفيتي وكذلك الشرق الأوسط. اضطر هتلر أيضًا إلى إرسال قوات إلى شمال إفريقيا ربما من خلالها يمكن أن يصل إلى الشرق الأوسط، ما أدى إلى فتح ساحات القتال وتفرق قواته. كان عدم قدرة النازيين على الوصول إلى موارد الطاقة الروسية والشرق الأوسط هو السبب الرئيسي لهزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الثانية. اللافت أن اليابانيين واجهوا نفس المشكلة، ورغم كل قدراتهم العسكرية فإن عدم قدرتهم على الوصول إلى مصادر الطاقة أدى إلى هزيمتهم.

بعد الحرب العالمية الثانية تجاوز الأميركيون حلفائهم الأوروبيين بطرق مختلفة وافقدوهم السيطرة على موارد الطاقة في الخليج. في ثقافة السياسية الأميركية لا يوجد صديق أو عدو، فقط المصالح الاقتصادية هي التي تحكم. وهو الأمر الذي عبر عنه ترامب بوضوح. بعبارة أخرى في هذه الثقافة السياسية حتى أوروبا التي تعتبر حليفًا للولايات المتحدة هي نوع من المنافس الاقتصادي لأميركا ويجب السيطرة عليها. حاولت الولايات المتحدة في الماضي السيطرة على طاقة الخليج من خلال وسطاء مثل شاه إيران لكنها اليوم تنوي السيطرة على هذه المنطقة بشكل مباشر.

بالطبع لا ينبغي لأحد أن يفترض أن الآخرين سيقبلون بسهولة الهيمنة الأميركية على موارد الطاقة الخاصة بهم. ستحاول الصين وروسيا سواء أحبوا ذلك أم لا ترسيخ موطئ قدمهم في الخليج وبحر عمان إذا كانت الولايات المتحدة حاضرة. حتى أن “إسرائيل” تريد أن تكون موجودة في هذه المنطقة. أيضًا في ظل كل هذه الظروف، تبرز حقيقة أن إيران تريد التعاون مع روسيا والصين في الخليج وبحر عمان لخلق توازن قوى في مواجهة وجود الولايات المتحدة وحلفائها.

في ظل هذه الظروف ينبغي القول إن وجود الولايات المتحدة وحلفائها في الخليج لا يساعد في ضمان أمن هذه المنطقة بل يؤدي إلى زيادة التوترات يومًا بعد آخر. وبدء العمليات العسكرية في هذه المنطقة بذرائع مختلفة ومع تصاعد التوترات  ستتعرض التجارة الدولية والوضع الأمني في المنطقة للخطر. ربما ينبغي على الدول التي ترحب بالوجود الأميركي في المنطقة اليوم أن تدرك أنها ستكون أول الضحايا في حال حدوث أي شيء في المنطقة.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ وكالة “سبوتنيك” الروسية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: