الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة28 ديسمبر 2020 09:12
للمشاركة:

صحيفة “ايران” الحكومية – مساعد وزير الخارجية: نسعى للتفاعل في مجال حقوق الإنسان

شرح مساعد وزير الخارجية للشؤون القانونية والدولية محسن بهاروند، في مقابلة مع صحيفة "ايران" الحكومية، كيفية تطبيق الحقوق المدنية من القضايا المتنازع عليها بين إيران ومنظمات حقوق الإنسان والدول الغربية، مؤكدًا أن إيران ليس لديها أي قصور في احترام حقوق الإنسان بخلاف أميركا حيث يوجد نقاش وانتقاد جاد لحقوق الإنسان، وفق قوله.

  • يبدو أن إيران والمجتمع الدولي يختلفان في تعريفهما لحقوق الإنسان الأساسية. ما هو رأيك؟

لطالما كانت هناك خلافات في الرأي حول قضية حقوق الإنسان، ومؤخراً وتحت ذريعة هذه الخلافات كانت هناك هجمات عديدة على إيران بعضها كان بعد الاتفاق النووي. يجب التمييز بين قضيتين، إحداهما مسألة حقوق الإنسان ذاتها. حيث لا أعتقد أن هناك دولة تعارض بجدّية مفهوم حقوق الإنسان. والسبب هو أنه بدون حقوق الإنسان لا يمكن تشكيل مجتمع على الإطلاق ولا يمكن إقامة علاقة بين الحكومة والشعب. أساس تشكيل الحكومات واستمرارها هو الشعب. ولكن هناك خلافات في الرأي حول هذه الحقوق وتنقسم إلى عدّة فئات. وكافة الدول لا تختلف في الرأي حول حقوق الإنسان الأساسية. وفي الواقع هذه الحقوق الأساسية هي نتاج التجربة الإنسانية والجميع يقبلها.

والقضية الثانية هي آليات حقوق الإنسان. حيث نعتقد أن هذه الآليات مصممة بطريقة يمكن أن يتم استغلالها سياسياً ضد بلد ما. وفي حال لاحظت، فإن أي دولة لديها مشكلة سياسية مع بعض الدول ستكون مستهدفة بقرارات حقوق الإنسان والإرهاب وأسلحة الدمار الشامل فوراً بعد فترة قصيرة، ولكن بمجرد حل هذه المشكلة، سيصبح وضع حقوق الإنسان جيد مرة أخرى وتختفي قضية حقوق الإنسان في العلاقات بين الدول، وخاصة لدى الدول الغربية والدول الأخرى.

  • هل هذا يعني أن هذه المسألة هي دلالة على نوعية العلاقات بين الدول؟

نعم. حيث أن حقوق الإنسان هي نتاج الدول الغربية. ولكن للأسف مع مرور الوقت أصبح المجتمع الدولي أكثر تعقيداً حيث أعادت الدول الغربية إنتاج نقيض حقوق الإنسان داخلها والدول الغربية هي ذاتها التي حاولت استغلال هذه الآليات ضد دول لا تربطها بها علاقات جيدة.

ونحن لا نزعم أن إيران بلد مثالي من حيث حقوق الإنسان، كما لا يمكن لأي دولة أخرى أن تدّعي ذلك. ونعتقد أنه يجب تعديل بعض القضايا والقوانين كما هو الحال مع الأمر الذي أصدره رئيس السلطة القضائية بشأن حقوق المدنية ووثيقة الإصلاح القضائي الأخيرة حيث اتضح أن العديد من الأمور تثير قلق بلدنا ويجب إجراء مزيد من الدراسات حولها. ولكن استخدام الآليات أمر آخر أي أن الاختلاف بيننا يتعلق أكثر باستخدام الآليات.

إذا كانت حقوق الإنسان عالمية فيجب أن تكون آلية تنفيذها ومراقبتها عالمية. ويجب أن يكون هناك إطار معلومات بشأن حقوق الإنسان في العالم لمعرفة المكانة التي تحتلها كل دولة ضمن هذا الترتيب؛ فعلى سبيل المثال تعتبر أميركا نفسها دولة متقدّمة في بعض جوانب حقوق الإنسان ولكن في بعض النواحي لديها نقاط ضعف خطيرة يعترفون بها هم أنفسهم. وكما أن إيران نجحت في بعض الجوانب ولم تنجح في بعضها؛ وعلى سبيل المثال، القضايا المتعلقة ببلدنا ليست فقط الحقوق السياسية والاجتماعية، ولكن أيضاً الحقوق الاقتصادية وضمن هذه القضايا نجحت إيران في توفير مياه الشرب وتعبيد الطرق وتوفير العديد من المرافق لشعب بلدها. على الرغم من فشلها في بعض الأماكن.

  • هل توافق على أنه نظراً لأن المجال السياسي هو في الواقع ساحة مواجهة الأنظمة مع منتقديها وخصومها، لذلك يحظى باهتمام أكبر؟

نعم هذا صحيح كما أننا نعتقد أيضاً أن بعض السلوكيات تحتاج إلى تصحيح بالكامل وكما أن بعض القوانين والإجراءات القضائية بحاجة لتعديل.

فعندما نصدر قانوناً ويكون لدينا رأي في هذا الصدد مثل توجيه رئيس القوة القضائية بشأن المحاكمة العادلة فيجب مراعاة هذا التوجيه من قبل المدراء المتوسطين والدنيا والموظفين القضائيين. ولدينا هنا مسألتان، إحداهما موضوع الإشراف والآخر هو موضوع التعليم. يجب القيام بهاتين المسألتين بذات الوقت، أي يجب مراقبة تنفيذ القانون ويجب تدريب العديد من المجموعات المسؤولة عن إنفاذ القانون. وهنالك قضية أخرى ربما لا يعتبرها البعض ضمن سياق حقوق الإنسان وهي مدى بناء الثقة بين الحكومة والشعب. حيث أن احترام حقوق الإنسان وبناء الثقة بين السيادة لدولة ما وشعبها يعزز النمو الاقتصادي ويعزز أمن أي مجتمع.

  • فهل يمكننا القول أن هناك علاقة وثيقة بين مستوى التنمية ومستوى احترام حقوق الإنسان؟

نعم هنالك علاقة مباشرة بين سيادة القانون والتنمية الاقتصادية. وسيادة القانون هذه لا تعني بالضرورة حكم نموذج الحكم الديمقراطي. يجب أن يكون القانون شفافاً وعادلاً وواقعيًا ويتم تطبيقه بشكل صحيح.

وعلى سبيل المثال، مثلما يعاقب القضاء أو يعتقل المفسدين الاقتصاديين يجب نشر أحكام بالبراءة التي حدثت لبناء الثقة بأن القضاء يؤدي وظيفته بشكل جيد. وفي الحالات التي يتم فيها إلقاء القبض على شخص ويحدث جدل إعلامي، ونكتشف أنه لم يرتكب جريمة لذلك من الأفضل الإعلان عن ذلك احتراماً لشخصية الشخص. ومن ناحية أخرى فالعقوبة ضرورية. لذلك فإن هذا التوازن مهم جداً.

بالإضافة لذلك، أنا لا أتفق مع عقوبات مثل عقوبة الإعدام والعقوبات الشديدة للغاية. ولكن في الحالات التي نصدر فيها تشريعات لأنفسنا يجب أن تكون هناك عقوبات مقبولة ولا يعترض عليها الآخرون.

  • هناك خلاف حول تعريف آليات حقوق الإنسان على الساحة العالمية. وفي ذات الوقت يبدو أن هناك خلافات في الرأي داخل بلادنا حول أهمية ومراعاة حقوق الإنسان. إلى أي مدى يمكن أن يكون لهذا الاختلاف في الرأي بالداخل آثار سلبية في ذات السياق السياسي؟

ليس هنالك مشكلة في هذا الخلاف مادام على المستوى الفكري والأكاديمي والمجتمع. ولكنه مختلف على مستوى السيادة، مما يعني أنه يجب أن يكون لديك القانون وأن يلتزم الجميع به، ولا يمكن لأحد أن يرفض تطبيق القانون بناءً على معتقداتهم الشخصية. وبالتالي فإن الخلاف هو مسألة طبيعية ونحن جميعاً ملزمون بالامتثال للقانون ويجب علينا التصرف في إطاره.

وليس من الصحيح أنه حتى على مستوى الحكومة، الناس يتصرفون وفقاً لأهوائهم ولا يطيعون القانون. إن الشرط المسبق للحضارة هو تحديد مهمة حقوق الإنسان. فيجب عليك أولاً توضيح الحقوق والواجبات لنفسك وللمجتمع الذي تحكمه.

ثانياً أؤكد أنه لا يكفي مجرد إبداء الرأي والتشريع بل عليك التأكد من احترامه على جميع المستويات. من المهم جداً أن يعرف الأشخاص في التسلسل الهرمي الإداري أنه يجب عليهم الانصياع للقانون والتصرف وفقاً له.

  • تطبيق القانون هو بالتأكيد جزء آخر من الموضوع. والسؤال هو ما إذا كان في مثل هذه الحالات، عندما يكون هناك شعور بأن الإجراءات أو حتى الإنفاذ القانوني قد يكون له آثار أبعد من الوطنية، فهل هناك حاجة للتنسيق والإجماع حول هذه القضية داخل الدولة؟

وفقاً للقانون لا علاقة لي بهذه القضايا وذلك لأنه لا يُسمح لنا بالتدخل في القضايا السياسية الداخلية. ولكن في حال أطعت القانون فلا يجب أن تتسرع أو تؤخر بتنفيذ القانون بسبب المناخ السياسي، أي أن من يحترم القانون يجب أن يطيعه بالكامل، لأنه عندما يحكم القاضي ويصدر الحكم يجب تنفيذ ذلك الحكم ولكن المبدأ الأول لسيادة القانون هو المساواة أمام القانون، أي أنه لا يمكن التعجيل بتنفيذ الحكم لشخص ما ومن ثم تأخيره لشخص آخر. يجب أن يكون الجميع متساوين أمام القانون. ولكن هذه القضايا والخلافات حول تنفيذ الأحكام تنشأ لأنه لم يتم مراعاة هذه المساواة. وفي هذه الحالة سوف يتسبب في احتجاجات الآخرين. وأعتقد أن تطبيق القانون يجب ألا يعتمد على المناخ السياسي للبلاد.

  • أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي في الأسابيع الأخيرة بيانات تدين انتهاكات حقوق الإنسان في إيران. ماذا يجب أن تفعل وزارة الخارجية أو مقر حقوق الإنسان الآن للتعامل مع هذه الادعاءات؟ هل يكفي أن ندلي ببيان ونقول إن أسباب إصدار هذه البيانات خلافات سياسية؟ أم تعتقد أنه بخلاف المواجهة أو المناقشات السياسية هناك حاجة للحوار في هذا المجال للوصول إلى أرضية مشتركة بين الطرفين؟

طالما أن هناك مواجهة أي أن الآخرين يتدخلون في الشؤون الداخلية للدول لذلك هذه الخلافات موجودة. وبالطبع يجب ألا يكون تعريف التدخل في الشؤون الداخلية لدولة ما واسعاً جداً. ونحن دولة ثورية وإذا لم نكن ثوريين، فنحن دولة ذات كرامة وطنية، وإذا أراد أحد أن يفرض علينا شيء ما فإنه بالتأكيد سيتسبب في المواجهة وسنقف بمواجهته ولكن إذا أراد أحد التفاعل فنحن مستعدون. ويمكن أن يكون هذا التفاعل ضمن عدّة مجالات، حيث يمكن أن يكون أحدها تبادل وجهات النظر والذي يؤدي إلى معرفة دقيقة بتعريفات الأطراف لبعضها البعض. وكما يمكن أن يؤدي العمل بالإضافة إلى خلق المعرفة وتبادل وجهات النظر إلى تقريب الأطراف من بعضها البعض. وفي هذا السياق يمكن تقديم مقترحات تكون موضوع تفاعل وبالتالي تساعد على تحسين الآليات المحددة في النظام الدولي لرصد حقوق الإنسان. وعلى سبيل المثال قرار الأمم المتحدة هذا ضد إيران وعملية التصويت عليه نجد 80 دولة صوتت لصالحه و30 دولة رفضته و64 دولة امتنعت عن التصويت وما يقارب ال18 دولة كانت غائبة عن الاجتماع.

  • هل يمكن القول أن هذه القرارات والضغوط تهدف إلى الضغط على إيران لتغيير وضع تنفيذ الاتفاق النووي وبدء محادثات سياسية محتملة؟

نعم، قد تتأثر. ويجب أن ندرك أنه إن لم يكن لدينا هذا القرار بشأن حقوق الإنسان فهذا لا يعني بالضرورة أن وضع حقوق الإنسان لدينا قد تحسن. كما أن وجود مثل هذا القرار لا يعني بالضرورة أن حقوق الإنسان لدينا سيئة بالشكل الذي يُروج له. لذلك فإن قضية حقوق الإنسان في إيران هي مسألة إيمانية، وعلينا أن نحاول دائماً تعزيز حقوق الإنسان تنظيمياً وشخصياً بغض النظر عما إذا كان هناك قرار حقوقي صدر ضدنا أم لا. ونتيجة لذلك، نعم قد يطغى المناخ السياسي على عملية صدور هذا القرار. وعلى سبيل المثال يتم الآن تجاهل قضية حقوق الإنسان في دول مثل المملكة العربية السعودية واليمن اللتين تربطهما علاقات جيدة مع العالم الغربي أي أنه ليس من اهتماماتهم فقط، بل يساهمون أيضاً في انتهاكات حقوق الإنسان ضمن هذه الدول. من خلال بيع المعدات العسكرية وما إلى ذلك.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “ايران” الحكومية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: