الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة27 ديسمبر 2020 05:30
للمشاركة:

راديو “زمانه” – الخطر يواجه موسوعة “ايرانيكا” البحثية

تناولت إذاعة "زمانه"، والتي تبث من أمستردام والمدعومة من البرلمان الهولندي، في تقرير لـ"مهتاب ديوسلار"، موضوع الدعوى القضائية التي تلف موسوعة "ايرانيكا" البحثية، والتي تعتبر من أهم المشاريع الأكاديمية التي تتناول الحضارة الإيراني تاريخياً وحديثاً، حيث شرحت الكاتبة وجهات نظر الأطراف المتنازعة حول ملكية هذه الموسوعة.

عرّض نزاع قانوني بين إحدى جامعات “Ivy League” وإحدى المؤسسات في نيويورك، مستقبل أحد أهم المشاريع الأكاديمية حول الحضارة الإيرانية للخطر: إنه مشروع Encyclopedia Iranica. هذا المشروع هو عبارة عن موسوعة تم تجميعها ونشرها في جامعة كولومبيا منذ عقود.

تدور القضية هنا حول “موسوعة ايرانيكا”، وهي الموسوعة الشاملة الوحيدة باللغة الإنجليزية التي تغطي الحضارة الإيرانية من عصور ما قبل التاريخ وحتى العصر الحديث.

ايرانيكا هو إرث الباحث الأكاديمي والمؤرّخ واللغوي الفارسي احسان يارشتر. أسس يارشتر مركز الدراسات الإيرانية في جامعة كولومبيا بنيويورك في عام 1968.

فيما بعد، غير المركز اسمه إلى مركز احسان يرشتر للدراسات الإيرانية. كرس الباحث حياته لإنشاء الموسوعة التي من شأنها أن تغطي أي شيء يتعلق بالدراسات الإيرانية وأن تكون مرجعاً شاملاً عن إيران. بدأ يارشتر في نشر موسوعة ايرانيكا في عام 1973. أصبح المجلد الأول متاحًا في عام 1981. وعلى مدار أكثر من أربعة عقود، ساهم فريق من مئات العلماء من جميع أنحاء العالم في متابعة المبادرة التي بدأها يارشتر.

كتب عباس أمانات، أستاذ التاريخ ومدير برنامج ييل للدراسات الإيرانية، عشرات الكتيبات لموسوعة ايرانيكا منذ أوائل الثمانينيات. يصف البروفيسور أمانات ايرانيكا بأنها أحد أكثر المشاريع الأكاديمية تميزًا حول إيران.

موسوعة ايرانيكا هي أكثر الأعمال المرجعية شمولاً، وهي بلا شك واحدة من أعظم المشاريع الأكاديمية التي تم إنتاجها على الإطلاق عن إيران والثقافة الفارسية والعالم الفارسي الأكبر الممتد من البلقان وبلاد ما بين النهرين إلى جنوب وشرق آسيا. إن امتدادها التاريخي من القديم إلى الحديث، ونهجها العلمي المتوازن، ومساهمة مئات المتخصصين من جميع أنحاء العالم فيها يجعلها مشروعًا فريدًا وخدمة رائعة نحو الاعتراف العالمي بجميع جوانب الثقافة والتاريخ الإيراني.

تم الإشادة بايرانيكا من قبل العلماء وهي معترف بها دوليًا من قبل العديد من المنظمات المهنية، بما في ذلك الاتحاد الأكاديمي الدولي في الاتحاد الأوروبي.

دعم الصندوق الوطني الأميركي للعلوم الإنسانية (NEH) الموسوعة مالياً من 1979 إلى 2016، وهي الفترة الأطول مقارنة بدعم باقي المشاريع.

وصف ريتشارد نيلسون فراي من جامعة هارفارد، ايرانيكا: بأنها “إنجاز عبقري. لا يوجد مشروع في مجال الشرق الأوسط بأكمله يستحق الدعم أكثر من موسوعة ايرانيكا”.

المعركة القانونية

في تشرين الأول/ أكتوبر 2020، رفضت محكمة في مانهاتن طلب مؤسسة موسوعة ايرانيكا بمنع جامعة كولومبيا من نشر ايرانيكا.

كان جزءًا من معركة قانونية ودعوتين قضائيتين: جامعة كولومبيا ضد مؤسسة موسوعة ايرانيكا (EIF) ومؤسسة موسوعة ايرانيكا ضد جامعة كولومبيا. تدور القضايا حول الملكية الفكرية لايرانيكا.

في عام 1990، أنشأ البروفيسور يارشتر مؤسسة موسوعة ايرانيكا لضمان استمرار هذا العمل العلمي الشامل. وبقي رئيسا للمؤسسة حتى وفاته في عام 2018. تدعي اليوم هذه المؤسسة ملكية حقوق النشر والعلامة التجارية للموسوعة.

في هذا السياق، أوضح رئيس مجلس إدارة مؤسسة “موسوعة ايرانيكا” رامين روحاني لـ”راديو زمانه” أن المعركة قد بدأت للتو، مضيفاً “نحن في المراحل الأولى من هذا النزاع القانوني. آخر حكم للقاضي هو لجامعة كولومبيا وبريل للنشر لمواصلة عملهم بينما تمضي القضية إلى أبعد من ذلك وحتى صدور الحكم النهائي. ومع ذلك ، فإن جوهر النزاع القانوني أمامنا”.

توفي يارشتر في كاليفورنيا في أيلول/ سبتمبر 2018 عن عمر ناهز الـ 98 عامًا، وبدأت المعركة القانونية حول حقوق الطبع والنشر لايرانيكا بعد وفاته.

تم رفع الدعوى الأولى في آب/ أغسطس 2019 والتي طلبت من خلالها جامعة كولومبيا من محكمة المقاطعة الأميركية للمنطقة الجنوبية من نيويورك أن تحكم بأن كولومبيا تمتلك حقوق الطبع والنشر لموسوعة ايرانيكا. في الدعوى القضائية، اتهمت كولومبيا مؤسسة موسوعة ايرانيكا بالتدخل في أعمالها.

تم رفع الدعوى الثانية بعد شهر. ففي أيلول/ سبتمبر 2019، اتهمت المؤسسة جامعة كولومبيا بانتهاك حقوق الطبع والنشر لايرانيكا وإساءة استخدام علاماتها التجارية. كما اتهمت جامعة كولومبيا برفض إعادة الأعمال الفنية والكتب التي كانت موجودة في مركز يارشتر.

بعد عام، في تموز/ يوليو 2020، منحت المحكمة المؤسسة أمرًا تقييديًا مؤقتًا لمنع جامعة كولومبيا من استخدام اسم “Encyclopaedia Iranica” المرتبط بمنشوراتها. نتيجة لذلك، اضطرت جامعة كولومبيا إلى التوقف عن نشر بعض الإصدارات من موسوعة ايرانيكا. وفي تشرين الأول/ أكتوبر تم إلغاء هذا القرار.

من هنا، أشار متحدث باسم جامعة كولومبيا لراديو زمانه إلى أنه “يسعدنا أن طلب المؤسسة إصدار أمر قضائي أولي لوقف نشرنا لبعض إصدارات موسوعة ايرانيكا قد تم رفضه، وأننا نتطلع إلى الاستمرار في إنتاج ونشر هذا العمل العلمي المهم.”

لم يرد المتحدث باسم كولومبيا على أسئلة زمانه الأخرى المتعلقة بما يعنيه هذا الحكم بالنسبة لملكية حقوق الطبع والنشر لايرانيكا من قبل جامعة كولومبيا ومستقبل ايرانيكا.

طرحت “زمانه” نفس السؤال حول ملكية حقوق الطبع والنشر لايرانيكا من رئيس مجلس إدارة المؤسسة. وأجاب روحاني أن “المحكمة لم تصدر حكماً في هذه المسألة إطلاقاً”.

اعتبر البروفيسور امانات أن “الحكم الأخير الصادر عن محكمة نيويورك لا يمنح فقط مركز يارشتر في جامعة كولومبيا الحق في نشر Encyclopaedia Iranica، بل يعتبر ضمنيًا أن كولومبيا هي المالك الشرعي لحقوق الطبع والنشر لايرانيكا. هذه نقطة تحول مهمة لمحرري ايرانيكا، والمساهمين، والداعمين، لأنها تضمن الاستمرارية والجودة العلمية العالية”.

دعوى باهظة الثمن في مانهاتن

المعركة القانونية حول ايرانيكا مستمرة منذ عام 2019، ومن المحتمل أن تستمر لفترة مقبلة. الإجراءات القانونية في الولايات المتحدة قد تكون مكلفة. قد يتقاضى محامي حقوق الطبع والنشر في نيويورك أو واشنطن العاصمة ما بين 200 إلى 1000 دولار في الساعة. وكلما طالت مدة المعركة القانونية، زادت كلفتها.

كشف أحد المصادر لراديو زمانه أن “جامعة كولومبيا تعتمد على المكتب القانوني للجامعة، وأن تكلفة الدعوى القضائية في كولومبيا لا تأتي من الأموال التي تم التبرع بها لايرانيكا. في المقابل، الأموال المدفوعة من قبل المؤسسة مصدرها التبرعات المقدمة للموسوعة لتطوير ايرانيكا”.

ورداً على هذه الاتهامات، أوضح روحاني أن “المؤسسة تواجه منظمتين قويتين، دار النشر “بريل” وجامعة كولومبيا، ولكن فيما يتعلق بمواردنا، فقد خصصنا ما يكفي من المال لمواصلة ذلك حتى النهاية ونقف أمام تنمر كولومبيا وبريل”. لم يرد روحاني على سؤالنا حول المبلغ المحدد الذي أنفقوه، لكنه أضاف أنهم ينفقون مواردهم بناءً على قواعدهم، وبيانات مهمتهم تنص بوضوح على أنه يتعين عليهم الدفاع عن نزاهة ايرانيكا.

في ظل الدعاوى القضائية ونتيجة لسوء العلاقة بين مجلس إدارة مؤسسة موسوعة ايرانيكا وجامعة كولومبيا، ليس من الواضح ما هو احتمال التعاون المستقبلي بين المؤسسة والجامعة.

بناءً على التقرير السنوي لعام 2018، تبلغ أصول الموسوعة حوالي 20 مليون دولار. إذا قررت المؤسسة عدم المساهمة في مركز يارشتر، ماذا سيحدث لهذه الأموال؟

أوضح رامين روحاني لـ “زمانه” أنه “بينما لا يستبعد إمكانية التعاون المستقبلي بين المؤسسة والمركز، إلا أنه يعتقد أن ذلك مستبعد للغاية”، مضيفاً “ستعمل المؤسسة مع المؤسسات البحثية والجامعات لتطوير الموسوعة”.

يزعم روحاني أن جامعة كولومبيا كانت متأخرة في السنوات الأخيرة في مجال الدراسات الإيرانية عند مقارنتها بالجامعات الرائدة الأخرى في أميركا الشمالية وأوروبا.

تمتلك جامعة كولومبيا، وهي إحدى جامعات IVY league، واحدة من أقدم تقاليد الدراسات الإيرانية في الولايات المتحدة، حيث يعود تاريخها إلى عام 1895 عندما تم تعيين “أ. في. وليامز جاكسون” أستاذا للغات الهندو إيرانية. في ما بعد، بدأ البروفيسور يارشتر بإدارة العمل في الموسوعة في كولومبيا، وكانت سمعة كولومبيا ممتازة لجذب التمويل وتعزيز مكانة المشروع”.

لقد تم تشابك يارشتر وكولومبيا والموسوعة لأكثر من 40 عامًا، لكن مجلس إدارة المؤسسة، وفقًا لرئيس المجلس، لا يرى أن هذا التاريخ مهم لاستمرار ايرانيكا.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ راديو “زمانه”

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: