الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة23 ديسمبر 2020 09:00
للمشاركة:

صحيفة “شرق” الإصلاحية – مشاركة العسكريين في الانتخابات الرئاسية تضر بأمن إيران القومي

تناول الدبلوماسي السابق محمد سلامتي، في مقابلة مع صحيفة "شرق" الإصلاحية، موضوع الانتخابات الرئاسية المقبلة في إيران والانقسام الموجود بين الإصلاحيين والأصوليين، معتبراً أن تحسن الوضع الاقتصادي من الناحية النفسية يمكنه أن يُهدئ الناس ليكونوا أكثر استعداداً للذهاب إلى صناديق الاقتراع.

كلما اقتربنا من نهاية ولاية الرئيس حسن روحاني، أصبح المستقبل السياسي لإيران أكثر غموضاً. فمن ناحية، أقرّ البرلمان الإيراني قانوناً، في حال وافق الرئيس على تنفيذه، فليس من الواضح ما هو الموقف الذي سيتخذه الفريق الدبلوماسي-الأمني لجو بايدن لمواجهته. ومن ناحية أخرى، يعتبر الجو السياسي في إيران عشية الانتخابات المُقبلة بارداً نسبياً، وذلك لأن هناك احتمالية عدم منح الأهلية للخيارات الإصلاحية كما حصل في الانتخابات النيابية السابقة. ليس مستبعداً أن يكون للمرشح وحتى المرشحين العسكريين حضوراً جدّياً لمنافسة الإصلاحيين والمحافظين في السباق للانتخابات الرئاسية الثالثة عشرة. وبالطبع ووفقاً للاجتماع الأخير للمجلس الأعلى لرسم سياسات الإصلاحيين مع أحزاب هذا التيار، يبدو أن الإصلاحيين حازمون على المشاركة في الانتخابات من خلال مرشح إصلاحي فقط. لدراسة هذا الواقع، أجرينا مقابلة مع محمد سلامتي، الدبلوماسي السابق الذي لا يعرّف نفسه على أنه إصلاحي لكنه على استعداد لقبول هذه الشروط.

  • بعد قرار البرلمان الأخير بشأن رفع العقوبات، لم نلحظ إرسال إشارة سلبية للتفاوض. على الرغم من بعض عمليات وضع العصي بالدواليب التي أصبحت مصدر قلق عام هذه الأيام، فهل يمكننا أن نأمل في تحسن الظروف؟

ليس من السيئ الإشارة أولاً إلى هيكل وطريقة التخطيط وصنع القرار على المستوى العام في أميركا. في الولايات المتحدة يتم تأمين معظم الأمور الاستراتيجية والأساسية من قبل هيئات استشارية مثل “مؤسسة راند (مؤسسة الأبحاث والتطوير)” و”مجلس العلاقات الخارجية”، وعادة ما تعمل الحكومات ضمن ذات الإطار. وإحدى الاستراتيجيات في السياسة الخارجية الأميركية هي الدعم غير المشروط للكيان الصهيوني. وبالإضافة إلى ذلك، فإن أعضاء البرلمان وأعضاء مجلس الشيوخ ملزمون بتقديم دعم جاد للنظام لأنهم يأتون إلى هذا المنصب بمساعدة ودعم اللوبيات الصهيونية. لذلك فإن هذا دائماً على أجندة جميع الحكومات الأميركية، الجمهوريين والديمقراطيين؛ ومع ذلك، فقد تتبنى هذه الأحزاب أساليب مختلفة لتنفيذ هذه السياسة، أو قد يكون الرئيس ذاته أكثر أو أقل حساسية تجاهها. كما هو الحال في إدارة أوباما، حيث تعرّض نتنياهو لانتقادات متكررة، وفي إدارة ترامب كانت ذروة دعم المصالح الإسرائيلية، بحيث أن نتنياهو أشاد بها مراراً وتكراراً. ومسألة الاتفاق النووي ليست مجرد مسألة تتعلق بالمصالح والأمن القومي للولايات المتحدة؛ بل هي قضية يربطها الصهاينة بأمنهم. ولهذا السبب، يستخدمون كل نفوذهم ووسائل ضغطهم في الولايات المتحدة وأوروبا وأماكن أخرى في هذا الصدد للقضاء عليه. ولكنني أعتقد أن بايدن لديه الدافع للعودة إلى الاتفاق من أجل استعادة هيبة أميركا وموازنة التطرّف الذي كان بعهد ترامب. لذا فمن المحتمل مع أخذ ذلك في الاعتبار أنه سيتخذ خطوات فعّالة في هذا الاتجاه.

  • في حال تم حل مسألة الاتفاق النووي وتحسن الوضع الاقتصادي للشعب، إلى أي مدى يمكن أن نأمل في انتخابات تنافسية بين الإصلاحيين والمحافظين؟

في رأيي، لا علاقة للانتخابات التنافسية بالاتفاق النووي والقضايا الخارجية، بل تتعلق بشكل أكبر بخلق أو عدم تهيئة ظروف المنافسة. وبالطبع، تحسن الوضع الاقتصادي من الناحية النفسية يمكنه أن يُهدئ الناس ليكونوا أكثر استعداداً للذهاب إلى صناديق الاقتراع.

  • يُصرّح بعض المعنيين من داخل حزب كاركزاران أن المَخرج الوحيد من المشاكل هو عدم التفات الناس للتيارين السياسيين؛ إلى أي مدى تتوافق هذه العبارة مع الواقع؟

إن للتيارين المتواجدين جذوراً ضمن جسد المجتمع؛ واحد أقل، وآخر أكثر. لذلك لا يمكن تجاهلها بسهولة. حيث أن كل من التيارين السياسيين الإصلاحي والمحافظ هما المتحدثان باسم شرائح واسعة من المجتمع. وبالتالي، فإن مثل هذه التصريحات تنبع من عدم الإلمام بالواقع الاجتماعي.

  • إن المسألة في ما إذا كان موضوع الصراع الإيراني الأميركي يتجه نحو المفاوضات، هل نأمل أن يكون هناك أقصى حضور للشعب واستعادة ثقة الجمهور من قبل الإصلاحيين في الانتخابات المقبلة؟

أصبح الصراع بين إيران والولايات المتحدة أكثر تعقيداً بشكل تدريجي. وهذا المسار، بالإضافة إلى الملف النووي الذي كان محل اهتمام خاص للولايات المتحدة وإسرائيل، قد اتسع الآن ليشمل مسألة القدرة الصاروخية والتواجد الإقليمي لإيران. ويمكن ملاحظة ذلك في تصريحات جو بايدن وبعض المعينين الآخرين. وهو ما دفع بعض الدول الأخرى إلى السعي للاستغلال والحصول على تنازلات بموجب هذه الذريعة. حيث تشير التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية الألماني، وحتى قبل فترة بالاتفاق البريطاني الفرنسي، وكذلك التصريحات الأخيرة لمسؤولي الدول الرجعية في المنطقة في هذا الصدد، حيث أنهم يضعون العصي في الدواليب بشأن حل المشكلة. لذلك، فإن الأمل بنسبة 100% في حل كامل للصراع بين إيران والولايات المتحدة على المدى القصير بعيد عن الواقع. ومع ذلك في حال تحرّك الموقف نحو حل مشكلة العقوبات والتي يُتوقع أن تكون نسبية، فعلى الأقل من الناحية النفسية سيكون دافعاً لمشاركة أكبر في الانتخابات.

  • إذا خاض الإصلاحيون الانتخابات من خلال ممثلهم، فهل سيحظون بشعبية أكبر أم من خلال شخصية دبلوماسية حيث أن المتشددين اتخذوا موقفاً عملياً ضده هذه الأيام؟

في رأيي أن الإصلاحيين يجب أن يرشحوا من يعتبر نفسه مسؤولاً مسؤولية كاملة عن برامجه وأفعاله، وعليهم أن يكونوا مسؤولين أمام الشعب في هذا الصدد، ومن ناحية أخرى فإن مرشحهم ملزم باتباع البرنامج الإصلاحي ويكون مسؤولاً أمامهم. وتوافر هذين الأمرين المهمين يعني أن المرشح الإصلاحي يجب أن يكون إصلاحياً.

  • بالنظر إلى موقف البرلمان من الاتفاق النووي، ما الذي يجب أن يفعله الإصلاحيون حتى لا يضحي المتشددون بالمصالح الوطنية من أجل أهدافهم السياسية؟

لا ينبغي التسليم بأن أي شخص يخالف موقفنا هو متطرف ويسعى للسلطة ولا يأخذ المصالح الوطنية في الاعتبار. فقد يكون البعض صادقاً في هذا الأمر ويرون المصالح الوطنية بطريقتهم الخاصة. وبالطبع، صحيح أن البعض قد يتصرف بشكل انتهازي. ومع ذلك، فإن الطريقة الوحيدة للإصلاحيين هي تحليل القضايا بأمانة وشمولية ومناقشتها مع الناس. حيث أن الناس على دراية جيدة باهتماماتهم.

  • يجادل البعض بأن الإصلاحيين يجب أن يعلنوا من أجل المصلحة الوطنية أنه ليس لديهم مرشح في الانتخابات المقبلة حتى لا يتم استغلال قضية الاتفاق النووي سياسياً من قبل المتشددين في البرلمان؛ ألا يعني هذا العمل عرض المشهد الانتخابي على المتشددين؟

نعم هذا صحيح. النهج السلبي للإصلاحيين لن يعالج الألم.

  • إذا لم يشارك الإصلاحيون في الانتخابات القادمة لسبب ما، مثل عرقلة البرلمان لحل قضية الاتفاق وعدم تحسن سبل العيش، فهل نشهد تواجد للعسكريين في الانتخابات المُقبلة؟

في رأيي، يستند الإصلاحيون في مشاركتهم على الانتخابات ويعتبرون أن من واجبهم القيام بدور فعال في الانتخابات. ولكن إذا مُنعوا من الظهور فلن يفعلوا شيئاً سوى الاحتجاج. ولكن عدم تحسن سبل عيش الناس في الوقت الحالي، والأمر الذي لا علاقة له بالإصلاحيين وكذلك بالمتشددين، وبالمناسبة تزيد من عزم الإصلاحيين على خوض الانتخابات. ولكن تواجد العسكريين في الانتخابات كما في السابق، لا علاقة له بوجود الإصلاحيين أو بغيابهم. لذلك، يبدو أنه في هذه الفترة، كما في فترات ما قبل الفصائل، سيعمل العسكريين بالتوازي مع المرشحين المدنيين.

  • لماذا يحاول الإصلاحيون، كلما كان هناك حديث عن خيار العسكريين، تأكيد عزمهم على الرغم من احتمال خسارة الانتخابات للتأثير على نتيجة الانتخابات؟

على الرغم من أن الإصلاحيين لا يرون أن خيار العسكريين مناسب للرئاسة، بحجة أن مثل هذا الخيار يؤدي عموماً إلى المزيد من العراقيل السياسية والقيود المدنية إلا أنهم لم يكونوا أبداً أكثر حساسية تجاه ترشيحهم مما كانوا عليه تجاه المرشحين المنافسين الآخرين. وذلك لأنه تبيّن أن مرشحي الفصيل المنافس لا يختلفون كثيراً من حيث الرؤية السياسية. ولكن المشكلة المهمة التي يطرحها تواجد العسكريين في ساحة المنافسة السياسية، بما في ذلك الانتخابات، هي جر الانقسامات السياسية لداخل القوات العسكرية، وهو ما يتعارض مع الأمن القومي من حيث الأمن. فيجب على القوات العسكرية والشرطة الابتعاد عن المنافسات السياسية ويجب أن تكون وجهة نظرهم أبعد من الفصائل حتى يعرفها الجميع. ولكن إذا تسللت الانقسامات الفئوية إلى القوات المسلحة، فسيضعفون. وهذا هو سبب منع تواجود العسكريين في مجال المنافسة السياسية في جميع أنحاء العالم.

  • في وقت سابق، أصيب المجتمع الإيراني بخيبة أمل من خيار ترديد الشعارات المدنية والتواصل مع العالم بسبب الوضع الحالي. إلى أي مدى قد يفضلون خيار العسكري في الانتخابات المقبلة؟

حتى الآن لم يؤيد الناس الخيارات العسكرية. ولا أعلم فيما إذا كانوا سيفعلون خلاف ذلك في الانتخابات الرئاسية الثالثة عشرة. خاصة إذا كان الإصلاحيون يخوضون الانتخابات بخيار صحيح وخطة شاملة وعملية. ولكن شعار المجتمع المدني والتفاعل مع العالم ليس شيئاً تنفرد به حكومة واحدة. حيث أن ضرورة الظروف في العالم اليوم هي الاعتراف بمعايير المجتمع المدني؛ وبدونها، لا يمكن لأي حكومة البقاء والاستمرار. الحرية والديمقراطية والانتخابات الحرة والمساواة بين الجميع أمام القانون وسيادة القانون وما إلى ذلك ليست أشياء يمكن للناس أن يمروا بها بسهولة ولهذا السبب قاموا بالثورة.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “شرق” الإصلاحية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: