الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة22 ديسمبر 2020 07:40
للمشاركة:

صحيفة “شرق” الإصلاحية – مصلحة إيران تقتضي الانضمام إلى FATF

تطرقت صحيفة "شرق" الإصلاحية، في مقال للدبلوماسي المتقاعد "جاويد قربان اوغلي"، إلى مناقشة مجمع تشخيص مصلحة النظام لبنود مجموعة العمل المالي بناء على طلب المرشد الأعلى. حيث رأى قربان أوغلي أن هذا الاهتمام بالبنود ينبع من ضرورة أنه لا يمكن إنكار تلك الاتفاقية في طريق الخروج من الموقف الاقتصادي الحالي.

بعد الإعلان عن موافقة المرشد الأعلى علي خامنئي على إعادة النظر ببنود مجموعة العمل المالي في مجمع تشخيص مصلحة النظام استجابة لطلب الرئيس حسن روحاني منه، بدأت موجة من المعارضة في التأثير على عملية المراجعة في المجلس، وهذه الموجة في حالة ازدياد والجميع يتحدث عن شكوكهم دون مراعاة ظروف البلاد ووضع الناس المتدهور.

هذه الموافقة أتت في وضع مر عليه قرابة عام على عودة إيران إلى القائمة السوداء لهذه المجموعة المالية الدولية، بالتزامن مع العقوبات القمعية الأشد وغير المسبوقة من قبل الولايات المتحدة. هذان الأمران شكلا ضغوطًا مزدوجة لعدم الوصول إلى النظام المالي والنقدي العالمي. وبحسب خبراء مطّلعين فحتى لو أعيد إحياء الاتفاق النووي ورفعت العقوبات، لا يمكن العودة إلى التفاعل المالي العالمي وبالتالي إضافة المزيد من المآسي على مائدة الناس الفقيرة.

في 20 شباط/ فبراير من العام الماضي، عادت إيران إلى القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي، بعد حوالي ثلاث سنوات ونصف من انسحاب إيران المشروط من اتفاقية مجموعة العمل المالي وتمديد الموعد النهائي للموافقة على 6 مشاريع قوانين. من المفارقات أن بيان مجموعة العمل الذي صدر خلال رئاسة الصين، أكبر شريك تجاري وإحدى القوتين العالميتين، دعا البلدان في جميع أنحاء العالم إلى حماية أنظمتها المصرفية من مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وحذر خبراء اقتصاديون من “اتخاذ القرار السياسي” في هذا الصدد، ووصفوا عواقب عودة إيران إلى القائمة السوداء بأنها مدمرة وتضر بالبلاد. ومن وجهة نظرهم  في حالة إدراج إيران على القائمة السوداء  فإن حتى الدول الموالية لإيران ظاهريًا سترفض التعاون معنا ولا يخفى على أحد أن الصين وروسيا دعت إيران مرارًا وتكرارًا إلى انضمام إيران إلى FATF وحذرت من أنه بخلاف ذلك لن يشاركوا في المبادلات المالية والنقدية مع إيران.

في وقت النظر في هذين المشروعين  كان التوقع الطبيعي من مجلس تشخيص مصلحة النظام هو الموافقة على مشاريع القوانين المتبقية ولا سيما اتفاقية “باليرمو” للجريمة المنظمة والاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب “CFT” وتمهيد الطريق لشطب إيران نهائيًا من القائمة السوداء.

وصف سيد محمد صدر عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام “الضغوط الخارجية” بأنها أحد العوامل المؤثرة في سلوك المجلس (التصويت) وقال في مقابلة إن “هناك مؤشرات خطيرة على تدخل سياسي خارجي في المجمع”. في كل مرة أردنا مراجعة هذه البنود في اللجنة بدأ تهديدنا بالرسائل النصية.

مجموعة العمل المالي لمكافحة غسل الأموال أو FATF باختصار هي منظمة حكومية دولية تم إنشاؤها بهدف تطوير سياسات مكافحة غسل الأموال، على عكس وجهات النظر التي تعتبرها “أداة جديدة لنظام الهيمنة”. تهدف المجموعة إلى وضع معايير وتعزيز تنفيذ الإجراءات القانونية والتنظيمية والتشغيلية بشكل فعال لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والتهديدات الأخرى لسلامة النظام المالي الدولي. في الوقت الحالي  قبلت أكثر من 180 دولة العضوية وتخضع معاملاتها المالية للإشراف المستمر لمجموعة العمل المالي، ولا يتم استبعاد سوى عدد قليل من البلدان  بما في ذلك إيران وكوريا الشمالية  من هذه المجموعة.

من الواضح أن الموافقة على البنود لا يعني الموافقة المطلقة لهذه المؤسسة الدولية، إذ إن الساحة العالمية وعلاقاتها لا يمكن (ولا ينبغي) الدخول فيها بموقف من القبول المطلق أو الرفض. بلدنا عضو في الأمم المتحدة والعديد من المنظمات الدولية بغض النظر عن أهداف ونوايا مؤسسيها أو أعضائها. هذا هو هيكل النظام الدولي بكل نقاط ضعفه وقوته، ونحن أعضاء في نفس النظام إلى جانب ما يقرب من 200 دولة.

قررت حكومة روحاني الخروج من القائمة السوداء وتسهيل التبادلات مع النظام المصرفي والمالي العالمي وتمت الموافقة على قانون مكافحة غسل الأموال للحكومة التاسعة، وبعد ذلك  تمت الموافقة على قانون مكافحة تمويل الإرهاب من قبل الحكومة الحادية عشرة. لذا لتوضيح الأمر بشكل أوضح فإن عملية التعاون مع المجموعة المالية الخاصة  والخروج من القائمة السوداء والتمتع بمزايا الانضمام، قد بدأت من قبل الحكومة السابقة وليس لها علاقة بهذا الفصيل السياسي أو ذاك.

يبدو أن قلق الرئيس من استمرار هذا الوضع، ومساعدة المرشد الأعلى وموافقته على إعادة النظر في مشاريع القوانين المذكورة، ينبع من ضرورة أنه لا يمكن إنكارها للخروج من الموقف الذي حتى مع افتراض رفع العقوبات في ظل عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي، يحرمك من أي احتمال في التبادلات النقدية.

إن اتخاذ قرار في “مصلحة النظام” وهي الفلسفة الوجودية لتأسيس مثل هذه المؤسسة، وهو حق الشعب الذي حسب الإمام الخميني هم الحكام ودعموا هذا البلد والثورة طوال العقود الأربعة الماضية بحياتهم وممتلكاتهم وأطفالهم.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “شرق” الإصلاحية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: