الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة17 ديسمبر 2020 05:46
للمشاركة:

صحيفة “جهان صنعت” الاقتصادية – مخاطر إعادة الميزانية للحكومة

تطرقت صحيفة "جهان صنعت" الاقتصادية إلى الموازنة واحتمالية إعادتها من قبل البرلمان إلى الحكومة. حيث أجرت الصحيفة مقابلات مع ثلاثة نواب سابقين، أكدوا فيها خطورة اتخاذ البرلمان هذا الإجراء، نظراً لانعكاساته السلبية على البلاد، والتي قد تصل بالأمور إلى مرحلة من عدم الانضباط المالي بشكل كبير، حسب تعبيرهم.

على عكس حكومة أحمدي نجاد التي حطمت سجلها في التأخير بتقديم مشاريع قوانين الميزانية إلى البرلمان كل عام حتى أصبحت الحكومة الأكثر فوضى في حقبة ما بعد الثورة، فإن حكومة حسن روحاني منضبطة جيدًا في صياغة الميزانيات وتقديمها. ولكن بسبب تشديد العقوبات وتراجع صادرات النفط، كان نقاش البرلمانيين دائمًا حول توقعات الحكومة لمبيعات النفط اليومية. لهذا السبب رفض البرلمان الماضي الميزانية الإجمالية في الميزانية السابقة، ومنع علي لاريجاني عودتها للحكومة. لكن يبدو أن تصعيد الخلافات بين الحكومة والبرلمان هذا العام قد علّق موازنة 2021 والنواب يعتزمون إعادة مشروع الموازنة للحكومة، في إجراء، رغم عدم فعاليته لأن الحكومة لن تتمكن من تعديل الملاحظات في غضون 72 ساعة، سيهدئ قلوب البرلمانيين ليخبروا المجتمع والرأي العام أن البرلمان قد أخذ ميزانية الحكومة وأجبرها على إصلاحها.

وعلى الرغم من أن تعديل الموازنة وإقرارها من واجبات وصلاحيات البرلمان، ويمكن له وفق القانون تغيير وتعديل مشروع قانون الموازنة الحكومية المقترح وفقًا لرغباتهم وأذواقهم، لكن يبدو أنهم وأصدقاؤهم خارج البرلمان يريدون مواصلة تنافسهم السياسي وقمع الحكومة ويظهرون لروحاني أن لديهم المزيد من السلطة ويجب عليه الاستسلام لإرادتهم. لهذا السبب سمع ذات يوم صوت إعادة الميزانية الإجمالية من حنجرة جريدة “كيهان”، كما سمع ذات الصوت من حنجرة رئيس مركز البحوث الذي يدعي عجزا قدره 344 ألف مليار تومان (1$= 26100 تومان بسعر السوق) في الميزانية محذراً من التضخم معتبراً موازنة 2021 “كارثة وطنية”.

ربما لهذا السبب يريدون التعويض عن عودة الميزانية في حكومة أحمدي نجاد إلى الحكومة حتى لا تكون حكومتهم الحبيبة هي الحكومة الوحيدة التي لديها سجل من التجاوزات والتأخيرات في تقديم الميزانيات.

على الرغم من أن محمد باقر نوبخت رئيس منظمة البرنامج والميزانية قال إنهم يوافقون على أن ميزانية الحكومة ليست كاملة وسأل النواب عما إذا كان لديهم أي اعتراضات على هذه الميزانية، وأكد أن الحكومة ستتابع تنفيذ القرار النهائي لمجلس النواب. لكن يبدو أن البرلمان متردد في إنهاء هذه القضايا وتركيز كل اهتمامها على المكايدات السياسية بدلاً من حل المشكلات الاقتصادية والمعيشية للشعب.

في هذا السياق، أوضح النائب السابق، وعضو لجنة الموازنة النيابية السابق، غلام علي جعفر زاده في حديث مع الصحيفة، أن “البرلمان الحادي عشر يجب أن يعرف عواقب أي إجراء، ويجب أن يكون بعيد النظر في إعادة الميزانية إلى الحكومة. على سبيل المثال ما هي التغييرات التي تعتقد الحكومة أنها يمكن أن تجريها في غضون 72 ساعة؟ حتى لو كان هناك إصلاح فماذا سيفعلون إذا لم يعجب البرلمان مرة أخرى؟ يريدون إعادة الميزانية إلى الحكومة؟ ماذا سيحدث للناس في وسط هذا؟”.

وفي إشارة إلى تصريحات باقر نوبخت قال جعفر زاده “أعلن رئيس منظمة البرنامج والميزانية أن البرلمان لديه سلطة إجراء أي تعديلات على الميزانية وأن الحكومة ستقبل هذه التغييرات فلماذا هذا الإصرار والعناد للبرلمان على إعادة الميزانية للحكومة؟ على سبيل المثال هل يريدون أن يضيقوا على الحكومة من خلال القيام بذلك؟ لا هذا سيقضي على حياة الناس. ما ذنب الناس في أنهم عالقون بين عناد البرلمان والحكومة؟”، متمنياً أن “يوضح البرلمان ما هو الغرض من إعادة الميزانية إلى الحكومة وما هي المشكلة التي سيتم حلها من خلال القيام بذلك؟”.

واعتبر جعفر زاده أن “عودة موازنة 2021 للحكومة سيكون لها انعكاسات سلبية على البلاد”، مضيفاً “من أهم عواقب ذلك تقليص طاولة الشعب الغذائية ونقص الخدمات للشعب والارتباك بين العمال والموظفين الذين لا يتقاضون رواتبهم وعدم اليقين بشأن الإعانات وعدم اليقين في موارد النفط، مما سيؤدي بالبلاد إلى حالة من عدم الانضباط المالي الكبير”، ناصحًا النواب بتعديل موازنة 2021 وإقرارها حسب رغباتهم حتى لا تواجه البلاد أي مشاكل.

من جهة أخرى، لا يعتقد النائب السابق مهرداد لاهوتي أن “المجلس سيعيد الميزانية إلى الحكومة وهذا رأي شخصي لبعض النواب والأشخاص خارج المجلس، ولا ينبغي تعميمه على المجلس لأنه من خلال القيام بذلك فإن البرلمان يحرم نفسه من حق دستوري”، مضيفاً أن “مشروع قانون الحكومة هو اقتراح موازنة والبرلمان له السلطة الكاملة بموجب القانون لتعديل المشروع ولم تقل الحكومة إنها لن تمتثل لقرار مجلس النواب لذلك على سبيل المثال إذا توقعت الحكومة مبيعات يومية تبلغ 2.3 مليون برميل من النفط ولم يعتبر البرلمان هذه الكمية من مبيعات النفط حقيقية فيمكنه ببساطة تقليل هذا الرقم.”

وقال لاهوتي إن “واقع موازنة 2021 هو أن الحكومة شهدت اتجاهًا أكثر بروزًا في سبل عيش الناس في هذه الموازنة ودفع الإعانات وزيادة رواتب الموظفين بنسبة 25٪  ومضاعفة ميزانية الصحة سمة من سمات موازنة 2021″، مضيفاً “بما أن مجلس النواب والحكومة قد توصلوا إلى اتفاق حول سبل عيش الشعب فيمكنهم التفاهم في أقسام أخرى أيضًا ولا أرى أي مشكلة في إقرار الموازنة العامة”.

ووصف لاهوتي أهم تبعات إعادة الميزانية على النحو التالي “إذا أراد مجلس النواب إعادة الميزانية إلى الحكومة للإصلاح فإن موازنة الإصلاح الحكومية ستذهب مباشرة إلى مجلس النواب ويحرم النواب من الحق الذي يمنحه لهم القانون في تعديل الميزانية. لذا فمن غير المرجح أن يرغب البرلمان في اتخاذ مثل هذا الإجراء”.

كما أجرت الصحيفة مقابلة مع النائب السابق عزة الله يوسفيان، الذي أوضح أن “إعادة الميزانية حدثت مرة واحدة في حكومة احمدي نجاد وأعاد البرلمان الميزانية للحكومة”، مضيفاً “طبعا بعض النواب المبتدئين الذين ليسوا على دراية بالموازنة يعتقدون أن إعادة الميزانية للحكومة أو رفضها هو على حساب الحكومة في حين أن الأمر ليس كذلك.”

بالطبع في بعض الدول مثل الولايات المتحدة إذا كان لدى البرلمان مشكلة مع الميزانية، فإن الحكومة تعلق بشكل مؤقتً لحل مشكلة الميزانية في البرلمان لكن الفرق بين ميزانية بلادنا والولايات المتحدة هو أنه في إيران  يتم تدوين ميزانية العام المقبل في الأشهر الستة الثانية للعام السابق وتتم مراجعته والموافقة عليه.  وبذلك فإن الحكومة لن تواجه مشكلة في موازنة العام المقبل ما لم يتم إعادة الميزانية للحكومة، لأن ذلك سيضطر البرلمان إلى الموافقة على ميزانية شهرين من السنة وهذه القضية ستؤدي إلى عدم الانضباط في الإنفاق المالي للبلاد وتعطل عمل الحكومة.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “جهان صنعت” الاقتصادية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: