الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة15 ديسمبر 2020 04:27
للمشاركة:

صحيفة “جهان صنعت” الاقتصادية – التناقضات في النظام الإحصائي الحكومي

تناولت صحيفة "جهان صنعت" الاقتصادية، في تقرير لها، موضوع الأرقام الصادرة عن المجلس الأعلى للإحصاء في البلاد، والتناقضات في الأرقام الصادرة عنه وعن المصرف المركزي، حيث دعت الصحيفة الرئيس حسن روحاني للتدخل لإنهاء هذه الظاهرة قبل أن تفقد المؤسسات الرسمية ثقة الناس.

مرَّ 485 يوماً على الاجتماع الأخير للمجلس الأعلى للإحصاء الذي عقد في 13 آب/ أغسطس من العام الماضي، بحضور أعضائه ورئيس المجلس الأعلى للإحصاء ورئيس منظمة التخطيط والميزانية السيد محمد باقر نوبخت، حيث تم نشر المعلومات المتعلقة بالمؤشرين الرئيسيين للاقتصاد خلال هذه المدة للرأي العام والمؤشران هما معدل النمو الاقتصادي ومعدل التضخم من قبل المصرف المركزي ومركز الإحصاء الإيراني. وبعد أشهر من الاجتماع السابق صرّح رئيس المجلس الأعلى للإحصاء رداً على انتقادات وقال: “الموضوع واضح لدرجة أن تكراره تفسير للأمور الواضحة. وخلال العامين أو الثلاثة أعوام الماضية كان هناك نوع من الانتقاد والشك حول دقّة الإحصائيات الرسمية.

إن الإحصائيات الرسمية للبلاد موضع تساؤل فقط لأنها تختلف عن الإحصاءات الأخرى. يقوم مركز الإحصاء الإيراني بنشر إحصاءات الأسعار والتضخم في اليوم الأول من كل شهر ويقوم المصرف المركزي بالإعلان عن إحصائيات التضخم بتأخير يومين أو ثلاثة أيام. لذلك يتم تقديم رقمين خلال شهر واحد، وهذا الفارق ملحوظ بشكل كبير وله دلالة مهمة من الناحية الإحصائية. اعلموا أن هذه القضية قد أثيرت مرات عديدة في الحكومة وقد أثارت غضب رئيس الجمهورية. وقرر الفريق الاقتصادي أن الإحصاءات الخاصة بالتضخم والنمو الاقتصادي يجب أن يتم إعدادها والإعلان عنها فقط من قبل مركز الإحصاء الإيراني وهو ما لا يخالف القانون. حيث يعترف القانون بأن مركز الإحصاء الرسمي هو مركز الإحصاء الإيراني. والقرار الآن هو إصدار الإحصائيات الرسمية وإعلانها من قبل مركز الإحصاء الإيراني وهو أمر لا ينفي أو يُلغي الإمكانات والقدرات الحالية للمصرف المركزي كمركز الأموال والقوة”.

الآن وبعد 480 يوماً أعلن مركز الإحصاء والمصرف المركزي عن إحصائيتين مختلفتين حول معدل نمو الاقتصاد الإيراني في غضون أيام قليلة. وهذا الأمر يدل على أن السيد نوبخت رئيس المجلس الأعلى للإحصاء لا يكلّف نفسه عناء قضاء ساعتين في السنة لهذا المجلس وفي الحقيقة فإن إحصائيات النمو والتضخم ليست مهمة بالنسبة له. فهل هو كمدير كبير ينسى ولا يتذكر حقاً أنه مضّطر إلى إنهاء هذا الوضع المؤسف كرئيس للمجلس الأعلى للإحصاء الأمر الذي أدى بلا شك إلى ارتباك على مستوى العالم وفي الداخل أيضاً؟ وهل هذه القضية مهمة للخبراء فقط وهل هي أمر تافه بالنسبة لرئيس المجلس الأعلى للإحصاء؟ أتمنى أن يجيب. من ناحية أخرى في حال كان نوبخت ناسياً أو غير مكترث ولا يهتم على الإطلاق بأي مؤسسة تكشف الإحصائيات الرئيسية للاقتصاد وما هو الاختلاف فهذه القضية مهمة ومتابعة من قبل حاكم المصرف المركزي عبدالناصر همتي.

وتبقى الثقة خيطاً يكون فيه أحد طرفيه بيد المواطنين والآخر بيد المؤسسات الرسمية وخاصة الحكومة. وهاتان الظاهرتان ومن خلال الحفاظ على هذا الخيط يمنع كل منهما الآخر من السقوط. وإن أي عمل غير متوازن وغير متعادل وغير مسؤول من أي طرف سيؤدي إلى إضعاف وتمزق هذا الخيط ويزيد من احتمالية عدم التوازن العام. ومن ناحية أخرى بالنظر إلى حصة ودور ومدى سلطة الحكومة أمام المواطنين وخاصة في مجتمعات مثل إيران فإن مؤسسة الحكومة هي التي يجب أن تسعى جاهدة للحفاظ على خيط الثقة وطمأنة المواطنين. ومن علامات السلوك المسؤول والتي هي بالطبع جزء من واجبات الحكومة هو توفير إحصاءات حول الاقتصاد الكلي والمؤشرات السياسية والاجتماعية للمواطنين.

وفي حال امتنعت أو رفضت الحكومات لأي سبب من الأسباب تقديم الإحصاءات في الوقت المناسب فسوف تتضرر سلسلة الثقة وتضعف وأي تأخير في تقديم الإحصاءات أو أن الإحصاءات المُقدّمة بشأن قضية محددة من قبل عدّة مكونات من الحكومة كانت مجزأة ومختلفة بشكل كبير فإن سلسلة الثقة ستضعف وتصل إلى نقطة الانهيار. والحقيقة أن الحكومة قد تأخرت في عرض الإحصائيات حول بعض المؤشرات الكلية خلال السنوات الأخيرة ولهذا السبب فإن ثقة الجمهور في الأرقام المُقدّمة ليست قوية ومُستدامة.

من ناحية أخرى وعلى الرغم من وضوح القانون لا تزال هناك إحصائيات مزدوجة مع وجود اختلافات كبيرة. ولا شك أن ما حدث الآن والإحصائيات المزدوجة لنمو الناتج المحلي الإجمالي الذي تم تقديمه سيُقابل بالدهشة من قبل مراكز البحث العلمي المعتبرة في العالم وستتضرر مصداقية مؤسستي الخبراء الإيرانية القديمة. فهل يجب أن نعرض هاتين المؤسستين القديمتين لفقدان الثقة العالمية لمجرد أننا متناسون أو لأننا أصبحنا مخدرين للغاية تجاه هذه القضية المهمة للغاية؟ وفي حال كان رئيس الجمهورية ورئيس منظمة التخطيط والميزانية وحاكم المصرف المركزي يتجاهلون عدم الثقة ويريدون الاهتمام بمصالحهم التنظيمية من خلال تقديم إحصائيات مختلفة تماماً فلماذا يصر كبار مديري معاهد البحث العلمي والمؤسسات ذات الشهرة العالمية على إحضار تقارير إيران إلى العالم دون معرفة المؤسسة التي يجب الاعتماد عليها.

العواقب السلبية والمدمرة لهذه الطريقة غير الفعالة والمفاجئة التي نتجت من عناد النظام الإحصائي للدولة وإخفاء الإحصاءات الاقتصادية المتعلقة بالقضايا المهمة وعرض الثنائيات الغريبة، إلى متى ستستمر؟ يبدو أن أقل ما يمكن فعله هو دعوة رئيس الجمهورية للمؤسستين المهمتين إذا كان لديه الرغبة وإذا كان ذلك مهماً بالنسبة له ويريد التخلي عن هذا العناد التنظيمي بحزم وتصميم. فهل يجب أن تفقد مصداقية النظام الإحصائي الإيراني ببساطة؟ هل يمكن لمؤسسة أن تعلن عن معدل نمو يصل إلى سالب 2% ومؤسسة أخرى تعلن أنه إيجابي بنسبة 1%؟ هل يجب وضع خطة التنمية السابعة بالاعتماد على إحصاءات المصرف المركزي أو مركز الإحصاء؟ وهل نسبة زيادة الأجور مبنية على معدل التضخم للمصرف المركزي أو لمركز الإحصاء؟ يا للغرابة.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “جهان صنعت” الاقتصادية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: