الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة14 ديسمبر 2020 07:43
للمشاركة:

صحيفة “رسالت” الأصولية – بحث في التكهنات حول فعالية لقاح كورونا

تناولت صحيفة "رسالت" الأصولية، في مقابلة مع رئيس مركز أبحاث الفيروسات بجامعة شهيد بهشتي للعلوم الطبية سيد علي رضا ناجي، تفاصيل لقاحات كورونا المنتجة في العالم، حيث رأى رضا ناجي أن اللقاحات المنتجة محلياً يمكن أن تكون دعماً لإيران لكن البلاد بحاجة الآن إلى تخطيط مناسب وسريع فيما يتعلق بوصول اللقاحات الأجنبية من قبل الحكومة

يعلم الجميع أن كورونا هو فيروس خطير لديه آلاف الأشكال. ولكن ما يُضر الناس وحياتهم أكثر من الفيروس هو الشائعات والبحوث غير العلمية وغير الموثوقة التي تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي مما يربك المجتمع ويحبطه. وفي خضمّ ذلك فإن الدفاع يكون بالوعي بالبيانات العلمية حتى إيجاد حل نهائي والذي سيحمي حياة الناس وصحتهم. وهناك أيضاً أسئلة مطروحة وأهمها التي تتعلق بلقاح كورونا وما إذا كان المتعافون بحاجة إلى التطعيم أم لا وما إذا كانوا محصنين ضد المرض بعد صنع الأجسام المضادة في جهاز المناعة.

تُظهر النتائج التي توصلنا إليها أنه في حالة لقاحي Pfizer و Biontech لم يحدد العلماء فيما إذا كان أولئك الذين يتعافون من الفيروس يجب أن يتلقوا اللقاح أم لا. حيث يقول المنطق أن أجهزتهم المناعية تقاوم الفيروس مما يعني أنهم ليسوا بحاجة إلى التطعيم. وقد تأكدت هذه الفكرة من خلال دراسة أجراها باحثون في جامعة روكفلر بالولايات المتحدة. ووفقاً لنتائج هذه الدراسة فإن المتعافين من كورونا لديهم دفاع سريع وفعال في حالة إعادة التعرض لهذا المرض. ومع ذلك قال المتحدث باسم وزارة الصحة البريطانية لموقع هافينغتون بوست الإلكتروني فإن الوزارة تشجع أيضاً الأشخاص الذين تعافوا من كورونا على التطعيم. حيث تُركز تجارب لقاح كورونا على الأشخاص الذين لم يتعرضوا للفيروس من قبل لذلك لم تتضح بعد ردة الفعل من اللقاح للذين تعافوا من الفيروس.

قدّم سيد علي رضا ناجي، رئيس مركز أبحاث الفيروسات بجامعة شهيد بهشتي للعلوم الطبية، عبر صحيفة “رسالت”، وجهة نظره حول هذا الموضوع:

هناك حديث هذه الأيام عن المناعة الطبيعية والمناعة من اللقاحات وما إذا كانت المناعة الناتجة عن العدوى الطبيعية أفضل من الناتجة عن اللقاح أم لا، أو ما إذا كنّا بحاجة إلى لقاح أم لا في حال أصبنا بكورونا. أولئك الذين يعتقدون أن المناعة الطبيعية أفضل من اللقاح لديهم مشكلة في هذا المنطق وذلك لأننا لا نستطيع التنبؤ بمن سيتخلص من مرض كورونا دون تعرضه للضرر. وذلك بالنظر إلى أنه لا يزال هناك الكثير من الأمور المجهولة حول الفيروس وكما أننا نواجه قيوداً في قدرة المستشفيات وكذلك قدرة الاستجابات المناعية المختلفة لدى الأشخاص.

وبناءً على ذلك فإن اختيار وتفضيل العدوى الطبيعية على اللقاح هو تفكير خطير للغاية وناتج عن عدم فهم طبيعة المرض وتفاعل جهاز المناعة في الجسم معه وتنوع الفيروس بين مختلف الأشخاص. وتعود الميزة الرئيسية للقاح في إمكانية التنبؤ والأمان من خلال التصميم الأمثل الذي ابتكروه في اللقاح والذي سيؤدي إلى استجابة مناعية فعالة للغاية.

ولكن السؤال الذي يعترضنا هو بما نعرفه عن الأمراض المعدية السابقة مقارنة بمناعة اللقاحات الجديدة وما إذا كان من الممكن والمفيد تطعيم شخص قد أُصيب بالفيروس وأيهما الأقوى في الاستجابة المناعية، العدوى طبيعية أم اللقاح؟ والجواب هو أنه ليس لدينا معلومات كافية حتى الآن ولكننا نعلم على الأقل أن لقاحات كورونا المتوفرة حالياً تمنع الإصابة بالمرض بشكل غير متوقع وتوفر مناعة أقوى من العدوى الطبيعية. وتشير الدلائل الأولية إلى أن لقاحات كورونا تستجيب بشكل أفضل من العدوى الطبيعية وتظهر الاختبارات التي أجريت على المتطوعين الذين تلقوا تجارب لقاح حديثة أن مستويات الأجسام المضادة والاستجابة المناعية لديهم أقوى بكثير من الأشخاص الذين أُصيبوا بالفيروس.

ولكن في بعض الأمراض المعدية قد تكون المناعة الطبيعية أكثر فاعلية من اللقاح وعلى سبيل المثال في حالة النكاف والتي نادراً ما تؤدي إلى العقم عند الرجال حيث تبقى المناعة الناتجة عن العدوى الطبيعية مدى الحياة ولكنها شوهدت عند بعض الأشخاص الذين كانوا قد تلقوا جرعة أو جرعتين من اللقاح فقد يبقون عرضة للإصابة بالمرض. لكن في حالة كورونا، إن الأشخاص الذين أصيبوا بعوارض خفيفة فإن مستوى المناعة لديهم قد يكون عرضة للعدوى مرة أخرى بعد شهرين إلى ثلاثة أشهر ويمكن القول أن هؤلاء الأشخاص يستفيدون أكثر من تلقي اللقاح مقارنة بالآخرين.

لكن في حالة اللقاح حيث يتلقى الجميع كمية مناسبة وموحّدة منه، فعلى الأقل نعلم أن كمية اللقاح يمكن أن توفر استجابة مناعية قوية وفعالة للجميع وبالتالي يتم القضاء على المعدل المتغير للفيروس.

ولكن هنالك مسألة أخرى وهي أن البعض يعتقدون أنه نظراً لأنهم شباب، فإن لديهم مخاطر منخفضة من كورونا ومن الأفضل تجربة حظهم عن طريق أخذ الفيروس وتجربة العدوى الطبيعية ضمن الجسم بدلاً من انتظار اللقاح. وردّاً على ذلك يجب القول بأنه يجب أن نقبل أن الاختيار بين اللقاح والعدوى الطبيعية هو خيار خطير للغاية لأن المضاعفات الناتجة عنه لا تزال مرتفعة للغاية أكثر من اللقاح. الأشخاص الذين يعانون من البدانة ويعانون من الأمراض الناتجة عن ذلك مثل أمراض الخلل الاستقلابي والسكري وكافة الأمراض الأخرى المتعلقة بالبدانة، هم أكثر عرضة للإصابة بكورونا. بشكل عام يبدو أن الفيروس أقل خطورة بالنسبة للشباب وما زلنا لا نستطيع تفسير سبب إصابة بعض الأشخاص بالمرض الشديد وموتهم بينما لا تظهر أعراض على آخرين.

ومن ناحية أخرى يعاني بعض المتعافين من مشاكل في مجال المناعة الذاتية والأمراض المناعية ومضاعفات عصبية مثل الذئبة والتهاب المفاصل الروماتويدي والاكتئاب والباركنسون وغيرها من الحالات التي يعاني من مشاكلها المتعافون من فيروس كورونا. ولكن مواجهة لقاحات كوفيد لديها خطر أقل بكثير من الإصابة بالعدوى الطبيعية. وحتى الآن تم اختبار هذه اللقاحات على عشرات الآلاف من الأشخاص ولم تظهر عليهم أي من الآثار الجانبية الخطيرة التي نراها لدى الأشخاص المصابين بعدوى طبيعية أو كانت لها آثار جانبية نادرة جداً ولا يمكن مقارنتها على الإطلاق بتلك الخاصة بالعدوى الطبيعية.

ولكن السؤال المهم التالي هو، في حال كان شخص ما مصاباً بكوفيد فهل يحتاج إلى التطعيم؟ وفي حال كانت الإجابة نعم، في أي مرحلة يجب أن يتخذ هذا الإجراء؟ الجواب هو أن اللقاح آمن للغاية ومفيد للأشخاص الذين أصيبوا بمرض كورونا من قبل ولا داعي للقلق بشأن الأشخاص الذين قد أصيبوا بكورونا سابقاً من أخذ وتلقي اللقاح وكما أنه من الجيد تعزيز المناعة باللقاح. ومن الملفت للنظر ويجب أن تعلموه هو أن حوالي 10% من الأشخاص الذين شاركوا في التجربة السريرية للقاح سبق لهم أن أصيبوا بالفيروس، لذلك يمكنك الحصول على اللقاح حتى لو كان لديك تاريخ من الإصابة بالفيروس وكما ينصح بذلك. ولكن بالنظر إلى أن اللقاح لم يتم إنتاجه حتى الآن بالعدد المطلوب في العالم فلا يجب على الأشخاص الذين تعرضوا بالفعل لكوفيد التسرع في أخذ اللقاح ويجب إعطاء هذه الأولوية لأولئك المعرضين للخطر وتأجيل اللقاح إلى الوقت المناسب.

ولكن أحذر زملائي الأعزاء الذين من المحتمل أن يعارضوا التطعيم ويبالغون في سلامة العدوى الطبيعية ويؤمنون بمناعة القطيع، عليهم أن يكونوا مثالاً للمجتمع، وذلك لأن أولئك الذين يصابون ويعانون منه أو الذين يفقدون حياتهم للأسف ليسوا مجرد أرقام يجب تضمينها في جدول أبحاثهم، لذلك يجب أن يكون لدينا منظور موجه نحو الصحة ويجب أن تكون هناك حساسية ضرورية وجادة في منع العدوى. وبالطبع من دواعي السرور أن تطوير اللقاح المحلي قد وصل إلى مرحلة الإنسان لكن لا يمكننا الانتظار 9 أشهر حتى ينجح منتجنا ويصل لنتيجة. وإن شاء الله فإن اللقاحات المنتجة محلياً يمكن أن تكون دعماً للسنوات القادمة في إيران ولكننا الآن بحاجة إلى تخطيط مناسب وسريع فيما يتعلق بوصول اللقاحات من قبل الحكومة الموقّرة.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “رسالت” الأصولية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: